الأسئلة كثيرة والإجابات غائبة

أمينة بيجو
لم يَعُد الدّول الكبرى تهتم كثيراً بالحلّ السوري الغائب، الذي غيّب السوريين في الفيافي والمنافي، فباتت أزمتها تحتلّ ترتيباً بعيداً في سلّم الاهتمامات الدولية، وخاصة الأميركية التي تبيّن أنّ اهتمامها ينصبّ على مواجهة الصّين.
تأجيل أو غياب الحل يترك أثراً سلبياً على استمرار معاناة السوريين ويعمقها في الداخل والخارج ويزيد من عدد الضحايا، ويُدرك السّوريون أنّ مصيرهم باتت في كفّ الخلافات الدولية، ولا يعيرون بالاً على ما يجري في كواليس الدول الإقليمية والدولية.
إحدى الخطوات الأميركية هي الانسحاب من الشرق الاوسط على غرار ما فعلته في أفغانستان، حيث ترى أنّ العمل على بناء استراتيجية لمواجهة التنين الصيني أكثر أهمية من المشاكل المتأزمة لشعوب سوريا والعراق التي تشتّت تركيزها وهكذا تركت سوريا وشعبها لمصير مجهول ومنحت لروسيا حرية التصرف بها، وكأنها مزرعة لها. 
يتضح من تصريحات قيادة قوات سوريا الديمقراطية (ق س د) بأنها تحاول إقناع الجانب الروسي بأن تتحوّل إلى جزءٍ تابع للجيش السوري مع الحفاظ على الإدارة الذاتية التي يراها النظام السوري بأنها صورة عن الإدارة المحلية المنصوص عليها في الدّستور «دستور النظام 2012»، لأنّها تشعر بأنّها ستفقد نفوذها في المناطق التي تسيطر عليها بعد الانسحاب الأمريكي، وبذلك يخرج (PKK)   الذي يدير فرعها السوري الإدارة العسكرية، من أزمته بسلاسة مع تحقيق امتيازات مالية واستمرار العلاقة مع حليفه الاسترتيجي النظام السوري، 
تبين فيما سبق أنّ محاولات قسد تهدف إلى إقناع روسيا على التسليم السهل لمناطقها للنظام السوري والخروج بسلاسة للحفاظ على ماء الوجه.
وبذلك تتبخر آمال الكورد مرة أخرى في الحصول على شيء من حقوقهم وأيضا إضاعة الفرصة التي ربما لا تتكرر بعد أربعين أو تسعين سنةـ فالدول الكبرى لاتشجع على زعزعة الأوضاع السياسية في الدول المجاورة الحليفة لها، فما أن ينال جزءٌ من كردستان على حقّها ككيان سياسي حتى تنفتح باب الجحيم على الدول الأخرى. لأن تلك الدول تشكل أهمية كبيرة لمصالح الغرب وأمريكا خاصة مقارنة مع الكورد علماً أنّ الغرب لا يثقّ كثيراً ببعض التظيمات المحسوبة على الكرد التي تراوغ بين الانتقال الى حضن النظام أو البقاء مع التحالف ضد داعش بفيادة الولايات المتحدة التي لن تُبقِي من وجودها في سوريا سوى قاعدة عسكرية قرب تنف لمواجهة إيران.
هنا يتبين أهمية توحيد القوى الكوردية التي ستكون الضمانة الأساسية لانتزاع بعض حقوق الكرد رغم أن منسوب التفاؤل يزداد انحداراً بسب عدم إيمان ب ي د ومسلحيه بالحقوق القومية وفق تصريحات قادته الذين انسلخوا من مفهوم الدولة القومية . إن قسد لاتعيير أهمية كبرى للحوار الكوردي -الكوردي لأنها لاتؤمن بالحقوق القومية الكوردية ولا تضحي من أجلها وكل مبتغاها أن تجرّ المجلس الوطني الكوردي، الطرف الشريك النّد، إلى ضفتها وتلميع صورتها غير المقبولة لدى الكورد والاستفادة من طاقات الشعب الكوردي لإمداد فصائلها المسلحة كخزان بشري ليس أكثر.
هناك سؤال جوهري إذا كانت عفرين وسرى كانية والمناطق الأخرى محتلة من قبل تركيا ألا يمكننا القول بأن ديار بكر ووان وشرناخ محتلة كذلك، وهل استعادة عفرين وإرجاعها للنظام السوري لاتعتبر محتلة؟ إذا كان الجواب نعم ألا يعني أنّ الكورد يعترفون باتفاقية سايكس بيكو من هذا المنظار؟
ماذا نسمي مواقف قسد من لواء أسكندرونة ومطالبتها بتحريرها من تركيا رغم أنها أُلحِقَت بتركيا وفق اتفاقيات دولية ومعترف بها والنظام السوري تنازل عنها في اتفاقية أضنة وأزالتها من الخريطة السياسية السورية؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…