نحن نعاني من خلل بنيوي في التفكير والقيم فلن نحصد سوى الفشل

دلكش مرعي

من يدقق النظر في واقع الشعب الكوردي في غربي كوردستان سيلاحظ بأن كل الأحزاب الكوردية هي أحزاب فاشلة والشعب أيضا أثبت بأنه شعب فاشل والمثقف هو الآخر أثبت بأنه  فاشل والغريب بأن كل طرف يضع أسباب فشله على عاتق  الطرف الآخر أو في نظرية المؤامرة بينما الخلل وأسباب كل تلك الفشل كامن في البنية الفكرية والقيمية لهذا الشعب أي كامن في مجموعة العادات والعقائد والمفاهيم المتخلفة التي لا تنتج لهذا الشعب سوى التخلف والتخليف على مختلف الصعد  علميا لا يأتي أي ظاهرة اجتماعية من العدم إن كانت متطورة أو متخلفة بل هناك أسباب تنتجها فقبل الميلاد بعدة قرون لاحظ – سقراط – هذه الظاهرة وقال : بأن أي خلل في سلوك البشر هناك خلل في تفكيرهم – فالإنسان يولد كصفحة بيضاء وكل تصرفاته وسلوكه سيرتبط بعد ذلك وبشكل عضوي بما ينهله من قيم وعقائد ومفاهيم من محيطه الاجتماعي
 فإذا كان المنهل الفكري والقيمي للإنسان متخلف وغير صحيح سينتج على الدوام شخصية متخلفة وبائسة ومأزومة اختصار فإن البشر جميعا هم من نفس الفصيلة البشرية ويملكون نفس كتلة الدماغ ولا يوجد طفرات بشرية متميزة تميز بعضهم عن البعض أي لا يولد الإنسان بالفطرة متخلفا أو ظالما أو مستبدا بل كل سلوكه وتصرفاته في الحياة هو نتاج مورثوه الفكري والقيمي والعقائدي أي إن واقع الشعب الكردي هو نتاج طبيعي لقيم وعقائد وفكر هذا الشعب         
فلو دققنا النظر في نتاج الأحزاب الكلاسيكية ومن بينها أحزاب الأنكسة خلال أكثر من ستين سنة وبسبب تلك الميراث الموبوء سنلاحظ  بأنها لم تتمكن خلال كل تلك الفترة الطويلة من توحيد صف الشعب الكوردي بل بالعكس من ذلك شرذموا الشعب وكان عددهم في بداية الثورة ستة عشر حزباً والآن وصل عددهم إلى المائة بالإضافة إلى ذلك فهم لم يتمكنوا من من تكريس القيم الوطنية والإنسانية ليرتبط الشعب بترابه الوطني والدفاع عن تلك التراب بشكل موحد ولم يتمكنوا من قيادة الشارع وإدارة الأزمة بالرغم من أن أكثر من ثمانين بالمائة من الشعب كان من أنصار تلك الأحزاب ولم  يتمكنوا حتى من تأسيس منصة كوردية مستقلة تمثل الكورد فوضعوا أنفسهم داخل إتلاف إخواني داعشي متخم بالفصائل الإرهابية يقودهم أردوغان بالإضافة إلى هروب معظم قيادات هذه الأحزاب من غربي كوردستان إلى الخارج بالرغم من تغلفهم بعباءة الوطنية وهذا يدل بأن هدفهم كان مصلحتهم الشخصية ولم يكن الدفاع عن حقوق هذا الشعب مع احترامنا الشديد لقلة شريفة كان تعمل بنزاهة وشرف داخل هذه الأحزاب والغريب في الأمر بأنهم قد وضعوا كل تلك الفشل برقبة الأبوجية علما الأبوجية لم يكن يتجاوز عددهم مع أنصارهم في بداية الأزمة السورية بأكثر من خمسة بالمائة من الشارع الكوردي
أما الأبوجية فهم حزب عقائدي ماركسي يؤمن بفكرة الصراع الطبقي والتعايش ألأممي بين الشعوب علما الصراع الحقيقي في هذه العالم هو فكري قيمي ولم يكن يوما صراع بين الأغنياء والفقراء ولم يكن صراعا بين الشعوب وقد فشل نظرية ماركس في دول المنظومة الاشتراكية ولم تنتج سوى الدكتاتورية والفساد والجمود الفكري والحضاري …. لأن العقائدي يعتقد بأنه وحده يمتلك الحق والحقيقة والنهج القويم ولا يقبل بالمختلف بل المختلف لدى العقائدي هو مجرد خائن وعميل يستوجب محاسبته واستئصاله وبسبب تلك العقيدة أو لنقل الوصفة الماركسية المستوردة والخاطئة زاد حدة الانقسام والصراع داخل الشارع الكوردي وأنتجت الاستبداد وحالة اقتصادية متردية وسلبيات عديدة أخرى لسنا بصدد تناول جميعها
أما الشعب المسكين بتراثه الموبوء الخالي من الحصانة الفكرية والحصانة الوطنية فضل أكثر من سبعين بالملئة الهجرة ليذوب في براثن الغربة بدل من أن يتوحد ويستغل الفرصة التاريخية للأحداث السورية كي يحصل على حقوقه
والمثقف هو الآخر انقسم إلى تيارين  قسم أصبح من أنصار الأحزاب الكلاسيكية وقسم مع الأبوجية والقسم الآخر يبحث عن الشهرة وعلو شأنه الشخصي وقلة منهم كان يعمل بإخلاص علماً إن وظيفة المثقف هو تحرير العقل البشري من الأفكار والعقائد المتخلفة ومن ثقافة الحقد والكراهية والصراع مع تكريس المنهج العلمي في التفكير وتكريس القيم الإنسانية النبيلة داخل المجتمع مثل احترام الإنسان واحترام حقوقه وحريته وخدمته ومحبته

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…