في إعادة صياغة مصطلح الجندي الكردي المجهول!. إلى المربي نوري حاجي محمود

 

إبراهيم اليوسف

 
ليس الجندي من يذود عن حمى أهله، على حدود وطنه- فحسب- وإنما هو أيضاً ذلك الذي يبني الإنسان، ويحميه، ونحن هنا أمام مهمة جد حساسة، وجد خطيرة، وجد شاقة، ليندرج أكثرنا، إلا من شاء وشاء ربه أن يكون خارج هذا الإطار، لهذا السبب أو ذاك، وإن كان ضمن إطار هذه المهمة ذاتها ثمة درجات متفاوتة ما بين حدها العادي والمحلق نحو ذروتها التي لاتحد، وثمة من يمكننا أن ندرجهم- كل حسب عمله- مع هذا الصنف الأخير، وأخص هنا من لايكتفي أن يكون مربياً ناجحاً في بيته، بل يساهم في تربية أبناء سواه، لتظهر لنا هنا صورة- المعلم-  الذي يؤدي هذه المهمة، بعيداً عن حرفيتها، ومهنيتها، أو وظيفيتها- وما أكثر من رأيناهم وظيفيين لا أكثر وكان التعليم عنوان بعض هذا الصنف- إلا إن هناك من أحب المهنة. أخلص لها، وترك أثراً طيباً لدى الأجيال،
 ولعلي أصنف- هنا- المربي نوري حاجي محمود، ضمن هذا الأنموذج من خلال ما علمته عنه، في بعض مواقفه التي تناهت إلي، وإن كانت معرفتي به، عن بعد، حين كنا قريبين جغرافياً، وشاءت أن تتعمق، حين باعدتنا تخوم الجغرافيا، ليكون حمي أحد أبنائي، وتتعمق علاقتنا، ويكون أحد أعمدتها شقيقه. صديقي الراحل الطبيب عبدالوهاب حاجي. اللغوي. والكاتب، والوطني!
لا أكتب، الآن، عن الراحل أبي مسعود، بصفته شريكاً لي في جدودية أحفاد مشتركين فقط، وإنما لأن الرجل، وكما قرأت عنه، وبشهادات أقرب مقربيه، وحتى من لدن المختلفين مع رؤاه، كيساري، بل كمناضل، ضمن صفوف الرعيل الأول من اليساريين. كمناضل مخلص. شريف. معطاء، شجاع، حقق أهم صفة نضالية: الخسارة لا الربح، بعكس كثيرين ممن يختارون الحزبية كمدرة مكاسب، ومظلة حماية و ماكنة تمكين  منافع، بيد إنه- في المقابل-  هناك من يوسع دائرة: جنديته، أنى توافرت ظروف النضال، ليعمل خارج النطاقين المذكورين، وإن كنا هنا أيضاً، ضمن مدرج ما، أدنى مافيه: عال، لأنه نتاج غيرية.
هكذا أنظر إلى المناضلين، وأقف أمام أسمائهم، بكثير من التقدير، والراحل أبو مسعود، ضمن هذا التصنيف، كما الكثير من غيارانا. كل ضمن محيطه، ومجتمعه. إنه التصنيف الأثير لدي، ولطالما أحتفي بهم، وإن بيني ونفسي، ولكم وددت لو استطعت أن أفعل شيئاً ما لكل منهم.
إن مصطلح الجندي المجهول، المعروف كونياً، يتوسع، وفق هذا المفهوم، لطالما إن كل من سلك طريق النضال، ولو خطوة واحدة، قبل أن ينال منه التعب، أو اليأس، أو ردود الفعل تجاه مستثمري النضال- وهذا أمر عام متكرر في العمل الحزبي أياً كان ومتى وأينما كان. لطالما إنه كان في لحظة نضال مشروع شهيد غيري!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…