المنهل الوحيد لهذه الشعوب هي من إرث العبودية

دلكش مرعي

  لقد تناول الكاتب الفرنسي – إتيان دو لا بوسي –  هذه الظاهرة  في كتابه – العبودية المختارة – في القرن السادس عشر // وحسب الكاتب هناك عاملين أساسيين تنتجان العبودية وهما الدين والخرافات // وقبل الميلاد بثلاثة قرون تناول أفلاطون أيضاً هذه الظاهرة عبر تصنيفه لشعوب هذه المنطقة وقال // بأنها شعوب شهوانية وتقبل على نفسها العبودية //  ومن يلقي نظرة دقيقة إلى تاريخ هذه الشعوب سيلاحظ بأن – لابوسي – كان على حق وبأن الدين كان المصدر الرئيسي للعبودية فالعقيدة الدينية هي التي جعل الشعوب تعبد الفراعنة وكل الملوك الذين جعلوا من أنفسهم آلهة مثل ملوك السومريين وملوك العموريين ومن ثم عبدوا من كان يدعي بأنه من سلالة الآلهة مثل – سركون الأكادي – وحمورابي العموري – وقوروش الفارسي – وبعد ذلك ظهر الأنبياء وخلفائهم ومن ثم ظهر الرئيس الدكتاتور والطغاة والمستبدون والشعوب تقول لهم بالروح بالدم نفديكم ولا حياة بدون القائد وشعوب هذه المنطقة كما هو معروف كانت تؤمن وتطيع وتعبد بكل ما جاء به هؤلاء 
إضافة إلى ذلك فمن يدقق النظر سيلاحظ بأن – الدين – والسلطان أو – الملك – كانا عبر تاريخ هذه المنطقة كانا توأمين متحالفين مثل الحامل والمحمول كل واحداً منهما يكرس هيمنة الآخر على الشعوب والآية القرآنية التي تقول // يا أيها اللذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم // تأكد هذه الظاهرة فالدين يكرس العبودية ويجعل معظم اهتمام الإنسان معني فيما بعد الموت وليس معني بالحياة – والآية التي تقول : وما حياة الدنيا إلا متاع الغرور – تؤكد هذا التوجه أي إن الدين يجعل الإنسان قدريا مسلوب الإرادة لأنه يعتقد بأن كل ما يحصل له في حياته هو مقدر له من السماء ويستسلم لذلك القدر وهناك العديد من الآيات تأكد تلك الاعتقاد مثل الآيات التالية – إن الله يعزّ من يشاء ويزل من يشاء – يهدي من يشاء ويضل من يشاء – يغني من يشاء وينزع الملك لمن يشاء – قل لن يصيبك إلا ما كتب الله لكم – فمثل هذه الآيات تعطل ملكات العقل وتجعله متيبساً مخدراً لا وظيفة له فكل ما يحصل للإنسان حسب هذه الآيات مقدر له من السماء أي يبقى الإنسان بدون حصانة فكرية وعبر ذلك يصبح التحكم بمصيره من قبل الحكام وقيادات الأحزاب سهلا وميسراً ومن المؤسف القول بأن الدين هو السبب الرئيسي الذي جعل الكورد متخلفين تاريخيا وهو الذي سهل للمحتل أن يتحكم فيهم فعلى سبيل المثال هناك أكثر من عشرين مليون كوردي في شمالي كوردستان من الذين خدرهم اردوغان بالعقيدة الدينية يصوتون له ولحزبه وكانوا يقرؤون له آية الفتح عندما كان يحتل عصاباته الإرهابية عفرين ويقتل أخوانهم الكورد ويشردهم من أرضهم  …. وللتذكير فقد ظهر الدين بمفهومه الشمولي الواسع مع الكهنة والمعابد والملك الإله ظهر لدى الشعب السومري وكان لديهم خمسون إلهاً ونحن ما نزال نؤمن بطقوسهم مثل قصة الخلق أي قصة حاو وآدم والطوفان والوصايا العشر كلها من انتاج الديانة السومرية ومعتقداتهم والمسلمون والمسيحيون واليهود ما يزالون يؤمنون بتلك المعتقدات وتلك الطقوس 
 أما أطلاق صفة الشهوانية من قبل أفلاطون على هذه الشعوب فقد كان على حق فحسب الكاتب العراقي علي الوردي وفي كتابه – مهزلة العقل البشري – كان للخليفة العباسي المتوكل خمسة آلاف جارية وعلى ذمة الكاتب فقد كان المتوكل يطأهن جميعاً وكان لهارون الرشيد ثلاثة آلاف وسبعمائة جارية زد على ذلك فأن معظم المسلمين غايتهم من تأدية الفرائض الدينية هو الدخول إلى الجنة والظفر بالحوريات وممارسة الجنس معهن وكان من بين الأهداف الأساسية للغزوات الإسلامية الظفر بالنساء وجعلهن سبايا وجواري وزوجات . والآية القرآنية – وما ملكت أيمانكم – تؤكد تلك التوجه وحسب نوال السعداوي كان للنبي محمد صلى الله عليه وسلم اثنا وسبعين من الجواري والسبايا والسراري والزوجات وسبب هذا السلوك كامن في القيم الاجتماعية السائدة التي تنتج الكبت الجنسي
صفوة القول هو أن أي ظاهرة أن كانت عبودية أو ارتقاء لا تأتي من العدم بل هناك أفكار وعقائد وقيم تنتجها

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…