رسالة جان كورد الى السيد فهد المصري

 
الأستاذ المحترم، السيد فهد المصري
تحيةً وبعد
من باب الصداقة، بل الأخوة العريقة ومعرفتي الجيدة بمساركم النضالي أتوجه إليكم بعد صدور البيان الأخير عنكم وعن الضباط السوريين الأحرار، بهذه الكلمات التي آمل أن تعتبرونها ملاحظاتٍ أخوية، ربما لن تغيّر شيئاً مما اتفقتم عليه من   مضامين وأهداف…
ولكن أجده واجباً عليّ بحكم هذه الصداقة العريقة أن أنبهّكم إلى أن العديد من المناضلين الكورد السوريين الذين لهم باعٌ طويل في النضال الوطني يتساءلون كيف يمكن لهذه الجبهة الكريمة التي نتمنى لها التوفيق والاتساع والانتصار أن تهمل في وثيقةٍ هامةٍ كهذه ذكر أي شيء عن المناطق المحتلة في شمال البلاد وهي مناطق هامة وذات كثافة سكانية وخيرات  
وكيف لا يتطرّق هكذا بيان إلى الوضع الشائن للتغيير الديموغرافي فيها، وبخاصة في منطقة عفرين الكردية التي تتعرّض الآن لبناء مستوطنات على غرار المستوطنات التي يعتبرها العرب جريمة بحق الشعب الفلسطيني، والأدهى من ذلك التغيير الديموغرافي عن طريق المستوطنات “العربية-التركمانية” في سبيل تقزيم الوجود القومي الكردي في المنطقة هو أن القائمين عليها والممولين هم (الإخوان المسلمون) في الكويت وسواها وليس الاسرائيليون، والغريب في الأمر أنها ستأوي الفلسطينيين المشردين من دمشق وغيرها ليسكنوا أراضي الكرد الذين أرغموا على النزوح إلى الشهباء، فهل ثمة أشنع من أن يعيش الكرد في المخيمات في حين يبني لهم الإخوان المسلمون ومن وراءهم مستوطناتٍ مدججة بكل ما هو آيديولوجي في منطقة كانت نسبة الكرد فيها قبل الأحداث السورية أكثر من 97% من السكان، وهل هناك ما هو أتعس وأشد على القلب من أن يهمل هكذا موضوعٌ من قبل من يريد اقناعنا بأنه البديل لكل ما كان سيئاً في البلاد؟
توجد عدة هيئات وتنظيمات كردية سورية مستعدة للعمل مع جبهتكم وهي تترفع عن التقسيمات الطائفية كما هو معلوم عن الكرد، ولكنها تقف مترددة بسبب سكوتكم عما يجري في هذه المساعي لإيواء الفلسطينيين وما يسمونهم بالسكان  الأصليين لمنطقة عفرين من “التركمان والعرب!!!” في تلك المستوطنات، أم أن هذه المسألة من خارج نطاق عملكم؟
آمل أن لا تنسوا التطرّق لمثل هذه المحاولات القذرة لتعميق “التغيير الديموغرافي” في شمال سوريا دعماً للأفكار الطورانية التي تصرّح الدوائر الحاكمة في أنقره علناً بأن شمال سوريا والعراق أراضٍ تركية، سيستعيدها الأتراك قبل حلول عام 2023 أي قبل الذكرى المئوية لقيام الجمهورية على أنقاض الدولة العثمانية، وهذه التصريحات علنية تلفزيونية وعلى أعلى المستويات، ومع الأسف فإن المعارضة السورية تخدم ذلك التوجه الاحتلالي وتسكت عليه، فهل أنتم ساكتون أيضاً؟
مع فائق الاحترام والتقدير
أخوكم المخلص
جان كورد
15/9/2021

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…