للسياسة فسحتها

حزني كدو
اليوم بدأت دورة جديدة لتعليم اللغة الانجليزية لمجموعة من الكوادر الجامعية العليا في تخصصات مختلفة و من الجنسين و من جنسيات مختلفة عربية ،أسيوية وأفريقية ، وفي بداية اليوم ولعدم توفر الكتب و جاهزية السبورة الذكية ، وحيث كانت المجموعة من المستوى الأول ، بدأت بتقديم نفسي لهم بالغة الانجليزية ،
وهنا لفت أنتباه أحدهم إلى بلدتي “القامشلي “فرفع يده قائلا ، ممكن أسال سؤالا ….فقلت حسنا …تفضل …فقال هل أنت كوردي ؟ وهنا ساد السكون والهدوء ….نظرت ميمنة وميسرة …..فقلت حسنا …هل مكتوب على جبيني كلمة كوردي ….ضحك البعض، ثم قال السائل … نعم ملامحك ملاح الكورد ..فقلت نعم انا كوردي …وبعدها بدأنا بالتدريب و كيف تقدم نفسك للاخرين باللغة الانجليزية 
واستمر التدريب حتى وصلنا الى أخر شخص وقدم نفسه …وبالصدفة كان إسمه طه جانكير ….وبحركة لا إرادية قال نفس الشخص ….كويس صرتم اثنان …..اي صرتم كورديان ……لكن الشخص بالرغم من ملامحه القريبة للكردية …….قال و بكل أدب لست كورديا وانما هنديا ، ثم أضاف بأن هند هي الام لثلاث دول فقلت حسنا …قف لبرهة …ثم سألت المجموعة ، ما هي الدول التي انفصلت عن الهند ؟ والغريب ، وبالرغم من شهاداتهم العليا لم يفدني أحدا بالجواب ….فقلت ، حسنا باكستان انفصلت عن الهند ، وبنغلاديش إنفصلت عن باكستان …والسؤال لماذا انفصلوا عن الهند؟ .فقال الجميع حسنا هكذا أحسن ….. لكن الهندي رد …لا ..الاول كانت الهند أقوى و أفضل ،ثم وجه كلامه الى زملاءه بالفصل ، وأغلبهم من العرب السوريين …هل تسمحون بتقسيم دولكم ؟ طبعا كان الجواب بلا …وهنا غيرت الموضوع وطلبت من الطالب الهندي ان يقدم نفسه للفصل ، وهكذا دواليك حتى قدم كل طالب نفسه ….وبعدها علق طالب أخر حسنا ….ياستاذ ..انت عرفت رأينا جميعا واننا ضد تقسيم أية دولة عربية ومهما كانت الاسباب ، فما رأيك ؟هل انت مع التقسيم ….طبعا تفاديت الجواب…وقلت سأعطيكم جوابي في الفسحة …وكملت درسي ….ثم جاءت الفسحة وجلسنا في حوار هادىء ونحن نتناول الشاي والقهوة …فسالني نفس الطالب ….نريد جوابك ياستاذ …..اوك…. عزيزي ….أنتم مع تقسيم الهند ، وهل انتم مع تقسيم تركيا ؟ فقالوا نعم ، تركيا عدوة تاريخية ومحتلة أراضي سوريا ونحن مع تقسيمها ومع تقسيم أيران  الفرس المجوس….لكننا ضد تقسيم العراق وسوريا ….فقلت حتى لو احتلت داعش العراق كله ……سكت الجميع ولكن الجواب كان باديا على وجوههم ..فقلت حسنا نحن الكورد عانينا كثيرا من أخوتنا في الوطن الواحد والدين ، ولم يطالب احدا بالانفصال عن سوريا ، وانما نريد الاعتراف الدستوري والمواطنة المتساوية ضمن نظام فيدرالي ، أما بالنسبة للعراق ، أرى بان أفضل حل للعراقين وللعراق ،تقسيمها إلى ثلاث دول مستقلة ،و بعد ذلك يمكن ان يتم بينهم إتحاد كونفدرالي ،كما هوالحال في عديد من دول العالم ، ثم أضفت إن داعش خطرعلى الإنسانية جمعاء ، وهي الظلام الدامس للحضارة الانسانية ….هنا قاطاعني أحدهم قائلا …ومن يضمن انكم لن تبنوا علاقة مع إسرائيل ، خاصة انتم جلبتم أمريكا ….وها هي تقصف المسلمين في العراق ….ولماذا لا تقصف قوات النظام السوري ….هذا نفاق وكيل بمكيالين ,أليس هذا صحيحا ؟حسنا ..جزء منه صحيح ، ولكننا لم نجلب أمريكا ، وانما فارسكم المغوار …صدام ..هوالسبب في كل ما يحدث للمنطقة ..وهذا صحيح ، ولكن انتم أيضا تكيلون بمكيالين ….تريدون تقسيم تركيا و ايران والهند ،،وتقيمون العلاقات مع إسرائيل في السر والعلانية ، ولكنكم ترفضون تقسيم العراق أو أية دولة عربية ،حتى و لو كانت ظالمة ومستبدة ، صدامية أم أسدية، وداعش خير مثال …أليس هذا صحيحا ؟ ثم فلنذهب الى المحاضرة الثانية وللحديث بقية  …..
هذه صورة مصغرة عن حال الكورد بين أيدي النخبة المثقفة من شعوب مغتصبيها ، ولكن الأمر اكبر بكثير من هذا النقاش العارض البسيط ، فالعربي والفارسي والتركي برمج عقله ،بل رسخت حكوماتهم على مر التاريخ بانهم السادة وان الكورد طبقة دونية يجب التحكم في مصيرهم كيفما شاءوا ، وأينما شاءوا، والشواهد كثيرة على ذلك ، وسكوت الكرد وبعض سادات الكورد  الدينية والقبلية وحتى النخب المثقفة على ذلك عزز من هذا الشعور لدى الشعوب والدول التي تغتصب كردستان .
هناك حقيقة واحدة ولا ثانية او ثلاثة ، نحن أمة الكورد نعيش وسط غالبية من الرعاع الذين لا يفهمون سوى لغة القوة ، أما الديمقراطية والأخوة والدين و الجيرة ، كلها شعارات و أبر مخدرة إستخدمتها العقول التي تتحكم فيي مصيرنا ومصير هذه الشعوب الضعيفة ،ولابد للكورد ان يسلكوا جميع الطرق لتقوية انفسهم على أرضهم و التشبث بها ،وبناء وحدتهم الداخلية في سائر كردستان ومد يد العون والبناء على المضي قدما نحو تقرير المصير في كردستان العراق مثلما دعا اليها السروك البارزاني ، فاستقلال جزء معين من كردستان يعد استرجاعا لكرامة الانسان الكردي و هويته كأمة وتقوية لشعوره بالندية والمساواة ، والظروف الدولية مساعدة في مثل هذا التوجه خاصة بعدما جرى من مجازر للكورد في شنكال وللمسيحيين في سهل نينوى .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…