الجوعُ يفتكُ بأهلنا

عبداللطيف الحسيني
ليتني اشتغلتُ مع المغنّي الكردي سعيد كاباري حين دكّ المسامير في نعش المجلس الكردي.
لا أدري ما جرى لجمعيّة عامودا الخيرية التي كانت خيرَ زاد لأهل المنطقة ولكلّ النازحين إليها بعد خروجي من مدينتي عامودا قبلَ سبع سنوات. أسّس الجمعية تلك مجموعةٌ من شباب الحراك الثوري الذين تكفّلوا بعائلات ذوات “الفقر حال” والأيتام. الجمعية (وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وأَشارَ بالسَّبَّابَةِ والوُسْطَى) وبعدَها تأسست عدةُ جمعيات قامت بدورها, وبعضُها كانت للعرض والاستعراض والاستهتار بالفقراء وبحالهم مع التقاط صورهم معهم, والابتسامةُ الصفراء تعلو محيّاهم. كانت الجمعيات تلك للاستهلاك القميء في الفيسبوك, سلوكيّاتٌ لا يقوم بها إلا الشبيحةُ والزعران والحرافيش.
أعلمُ كما يعلمُ الجميع أنّ حزب الاتحاد الديمقراطي صاحب السلطة القمعية لا ولن تقدّم شيئاً لهؤلاء المساكين وأبناء السبيل الذين تفاقمت أوضاعُهم من الأسوأ إلى الاستجداء وسؤال الناس منذ استلم هذا الحزب قيادة المنطقة التي باتت منكوبة من كافة النواحي, وبخاصة المعيشية, ولأنّ الحزب يديرُ المنطقة فهو الوحيد الذي يتحمّل وزر ما جرى ويجري وسيجري للمنطقة.
ليتني اشتغلتُ مع المغني الكردي سعيد كاباري حين دكّ المسامير في نعش المجلس الكردي العائلي المريض الذي يصعبُ عليه أن يتبنّى العائلات الفقيرة, أو أن يغيّر جلدَه السميك ليصبح منظمة إغاثيّة.
في هذا الفيديو كلُّ شيء. وقد قلتُ شيئاً وغابت عنّي أشياءُ.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني في عالم تُرسم فيه الخرائط بدم الشعوب، لا تأتي التحوّلات العسكرية منفصلة عن الثمن الإنساني والسياسي. انسحاب نصف القوات الأمريكية من شرق الفرات ليس مجرد خطوة تكتيكية ضمن سياسة إعادة التموضع، بل مؤشر على مرحلة غامضة، قد تكون أكثر خطراً مما تبدو عليه. القرار الأميركي، الذي لم يُعلن بوضوح بل تسرب بهدوء كأنّه أمر واقع، يفتح الباب أمام…

لم يعد الثاني والعشرون من نيسان مجرّد يومٍ اعتيادي في الروزنامة الكوردستانية، بل غدا محطةً مفصلية في الذاكرة الجماعية لشعبنا الكردي، حيث يستحضر في هذا اليوم ميلاد أول صحيفة كردية، صحيفة «كردستان»، التي أبصرت النور في مثل هذا اليوم من عام 1898 في المنفى، على يد الرائد المقدام مقداد مدحت بدرخان باشا. تمرّ اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المئة…

د. محمود عباس قُتل محمد سعيد رمضان البوطي لأنه لم ينتمِ إلى أحد، ولأن عقله كان عصيًا على الاصطفاف، ولأن كلمته كانت أعمق من أن تُحتمل. ولذلك، فإنني لا أستعيد البوطي اليوم بوصفه شيخًا أو عالمًا فقط، بل شاهدًا شهيدًا، ضميرًا نادرًا قُطع صوته في لحظة كانت البلاد أحوج ما تكون إلى صوت عقلٍ يعلو فوق الضجيج، مع…

صديق ملا   إن قراءة سريعة ومتفحصة للتاريخ المعاصر في الشرق الأوسط يستنتج : أن هذا الشرق مقبل على تحولات كبرى ، فالدول التي أنتجتها إتفاقية (سايكس_بيكو)ستتفكك لا محالة ليس فقط بتأثير النظام العالمي الجديد ، بل بتأثير يقظة الوعي القومي للشعوب المستعمَرة أيضا… فالتطورات التي حدثت بعد ثورات الربيع العربي ابتداءاً بتونس ومصر وليبيا وأخيراً سورية قد أرعبت الدول…