خورشيد محمد ملا سعيد
لا ريب في أن منطقة الشرق الأوسط تعيش ظروفاً صعبةً وحساسةً جداً. فنيرانُ الحروب ما زالت مستعرةً على الجماعات الإرهابية المتشدّدة في أماكن متفرقة منها، و ضاق و يضيق الخناقُ عليها هنا و هناك أكثر فأكثر.
و دولٌ عديدة ما تزال في جولات من الحرب الداخلية التي أحرقت الأخضرَ و اليابس .
و المنطقة بانتظار ترسيم خريطة جيو سياسية جديدة . و اعتقد جازماً : إنّ ما يجري قائم على نظريتين علميتين، الأولى اسمها نظرية تأثير الفراشة Butterfly Effect (إن حدثاً بسيطاً صغيراً في مكان ما قد يسبّب إعصاراً أو بركاناً في مكان آخر من الأرض، و لكن بعد فترة زمنية، قد تطول لسنوات). فحادث مصادرة عربة الشاب التونسي محمد البوعزيزي من قبل السلطات البلدية في مدينة سيدي بو زيد التونسية، ثم إضرامُه النارَ في جسمه أمام مقر الولاية تطوّر و أدّى إلى سقوط حكم الرئيس التونسي و فرارِه إلى خارج البلاد.
أمّا النظرية الثانية فهي نظرية الفوضى chaos theory(ما يبدو بالمجمل غير مترابط، هو في الأصل مترابط جداً و متسلسل الأحداث، و البحث في التفاصيل هو الذي يظهر هذا الترابط). مثلما جرى، وما زال يجري في تونس و مصر و ليبيا و العراق و سوريا و اليمن… إلخ. و اَستنتجُ من هاتين النظريتين ما يلي: إنّ الدول الإقليمية التي وقفت ضد استقلال إقليم كردستان خاصةً، و وقفت ضد حقوق الشعب الكردي في المنطقة عامةً سوف تدفع الثمن غالياً، و سوف تتحول إلى دويلات بعد سنوات. نعم، سوف تُدمَّر كياناتُها في مراحل لاحقة. و اَعتقدُ جازماً : إنّ تفكُّكَ البلدين اللذين أحدهما يرفع شعار الدفاع عن سنّة المنطقة، و الآخر يرفع شعار الدفاع عن شيعة المنطقة – جزءٌ من الفوضى الخلاّقة creative chaos، فوضى السيدة كوندوليزا رايس ، التي ستؤدي في نهاية المطاف إلى نشر الحريات و الديمقراطية في دول الشرق الأوسط الجديد.
و أنا متيقّن من أن الدول الكبرى متفقةٌ تماماً فيما بينها على أن اتفاقية (سايكس، و بيكو، و سيرغي سازونوف ممثل روسيا آنذاك) سنة ١٩١٦ م قد انتهت مدتها. وهي بصدد عقد اتفاقية شرق أوسطية جديدة. ولن تتخلّى الدول الكبرى عن مصالحها الوطنية العليا من أجل هذه الدولة العتيقة أو تلك. تلك المصالح التي تقتضي توثيقَ العلاقة مع القُوى و الأطراف الكُردستانية الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط. وهذا بدوره يتطلب أولاً تضامناً وتكاتفاً واتحاداً بين القُوى و الأطراف الكُردستانية الرئيسةِ نفسِها، و يتطلّب ثانياً مرونةً و تعاوناً و حنكةً سياسية و تجاوباً مع تلك الدول الكبرى الفاعلة .
و دمتم بخير .