هل حقا يفكر الساسة بهموم الشعب؟

خالد بهلوي 

تهتم وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بتصريحات الساسة الذين يتزعمون إدارة الأحزاب  او إدارة جمعيات ومنظمات والكل يعلن انه المنقذ الوحيد لمعاناة الشعب وسيحقق الرفاهية والسعادة  لهم ولأسرهم.  للأسف أكثر أوقاتهم التي يقضونها وتصريحاتهم يتركز بمتابعة المناورات والردود وردود الأفعال، والتعليقات والاتهامات المتبادلة ليثبت كل منهم احقيته في تصدر إدارة والدفاع عن الشعب وتمثيله في المحافل الرسمية، طبعا بالخطابات لا بالأفعال والمنجزات الميدانية بل الاستعراضية وأكثر خطاباتهم لجمع أكبر عدد من الأتباع.  
 وخاصة المجموعات التي يكون توجههم ونشاطهم ديني بحت يعلنون الدفاع ورفع راية الإسلام لكن بعملهم وممارساتهم اليومية يضرون الإسلام.  كل هذه الفنتازيا الإعلامية تستمر في وقت يستمر معاناة الشعب مع الفقر والجوع وفقدان المواد الأساسية حيث أصبح المواطن بطل السباقات… من الفرن الى الكازية! الى موزعي الغاز! الى موزعي صهريج المي الى….  
كل هذه المعاناة وفوقها الضغوط النفسية التي يمارس عليهم نتيجة تقلبات مزاج ومصالح الدول المتواجدة على ساحة البلد الباحثين عن مصالحهم وتشغيل شركاتهم وتجريب أسلحتهم ونشر عقائدهم الدينية والهيمنة على النفط والغاز وما تبقى من خيرات البلد.
 لكل هذا نجد ان الكادحين وعامة الشعب نسوا من ظلُمهم ومن أوصلهم الى هذه المرحلة رغم عدم المساواة وهدر الكرامة وانعدام العدالة الاجتماعيّة نتيجة القوانين الجائرة التي كانت سائدة التي دمرت جموع الشعب وبشكل خاص شرائح مختلفة من الشبّاب على مدار عشر سنوات من الحرب والدمار والتهجير وحالة اللااستقرار لعموم البلد وحرمانهم من التعليم والسير بخطى ثابته على الطريق نحو تحقيق الطموحات والأحلام ومستقبل امن مشرق مستقر لكل شاب.
هؤلاء الساسة الذين رسّخوا قاعدة البحث عن المصالح الخاصّة وثبتوا ثقافة أنا ومن بعدي الطوفان، بعكس الشرفاء والوطنيين المخلصين الذين تمسكوا بواقعهم الاجتماعيّ والاقتصاديّ، ودافعوا عن المبادئ الذي آمنوا بها، ولم يتحرّكوا دفاعا عن مصالح وقتية آنية، بل ناضلوا ودافعوا عن حقوق كل الشعب واعتبروا أنّ كلّ المطالب مشروعة طالما هدفها تحقيق العدالة والحرية والكرامة لكل مواطن أي كان موقعه وقناعاته.
 وقد نجم عن هذا الوعي السياسيّ والاجتماعيّ تضامن كل الوطنيين على امتداد ساحة الوطن والذين. اكتووا بنار الظلم والاضطهاد، عدا تواطؤ عدد من السياسيين ومن ادعوا قيادة الثورة  الذين ركبوا موجه الحراك الشعبي لتحقيق مصالحهم والاغتناء على حساب جموع الشعب ومن بينهم صغار الكسبة والطبقة الوسطى  الذين فقدوا القدرة على الصمود امام غلاء المعيشة والعيش بكرامة. وانضموا الى قافلة مواطني تحت خط الفقر المحدد عالميا بــ 60 يورو شهريا ولذلك ستصبح شعار المرحلة        (لا سيادة وطنية مع سيادة الفقر والجوع)
لاشكّ أنّ العالم العربي من حولنا قد تغيّر وتفاوت التفاعل مع هذه التحولات حسب المواقع والانتماءات ودرجة الوعي. هناك فئات اجتماعية انتبهت إلى هذا الواقع الجديد فانضمت الى الحركات الجماهيرية للدفاع عن حقوقها. وفي المقابل واصلت بعض النخب السياسيّة وغيرها في التصرّف وكأنّ شيئا لم يحدث، واصلت سياسات اللامبالاة والتجاهل وكأنّ ما يحدث لا يعنيها،لا الانتهاكات ولا سياسات التجويع ولا الدمار والتشريد والتهجير الذي حصل منذ عشر سنوات .
 امام هذه اللوحة للأسف تابع منظومة الفساد والفاسدين الهيمنة على القرار السياسي والاقتصادي على امتداد ساحة البلاد بالمقابل سيستمر نضال الوطنيين والشرفاء المخلصين الى الامام نحو مجتمع يتساوى فيها الجميع أمام قانون ودستور جديد، نظام ديموقراطي عادل يحفظ حقوق كل مكونات الشعب. ويعيد له حريته وكرامته التي افتقدها ولقمة خبزه ومستقبل اطفاله .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…

د. محمود عباس صرخة في وجه التكفير والخراب والإرهاب. من يهاجم المكون الدرزي في السويداء؟ من يحاصر مدنها، ويهدد شيوخها، ويحرّض على أبنائها بذريعة كلمة قيلت أو لم تُقَل؟ من نصب نفسه حاميًا للرسول الكريم وكأن الإسلام ملكيته الخاصة، وكأن نبي الرحمة جاء لقوم دون قوم، ولدين دون آخر، متناسين أن محمدًا عليه السلام نبي الإنسانية كلها، لا نبي التنظيمات…

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…