القسم التاسع يضم مساهمات كل من السيدات والسادة:
– عبدالباقي حسيني
– جميل ابراهيم
– زهرة أحمد
– م. محفوظ رشيد «1/3»
– فائق اليوسف «1/2»
– قهرمان مرعان آغا «2/2»
17 عاما و مازالت الحركة السياسية الكردية مشتتة
عبدالباقي حسيني
مقدمة لابد منها:
عندما سقط الدكتاتور صدام حسين، ونظامه، عام 2003، أمام اجتياح قوات التحالف الدولي و بقيادة أمريكا، التي اتخذت من الكويت، و إقليم كردستان قواعد عسكرية لها للهجوم على بغداد، استشاط بعض العروبيين غضبا على زعيهم “العروبي، أبي عدي”. و فسروا الأمر كالتالي:
إن هجوم قوات التحالف على العراق و إسقاط رئيسه، كان بسبب التمرد الكردي، فهم من “أماطوا اللثام “عن صورة صدام حسين دولياً، وأن الكورد، بسقوطه، نالوا حقوقهم و بالتالي جعلوا من العراق دولة فيدرالية.
وقتها، أرعب النظام في دمشق ما جرى في الدولة الجارة، و خاف من المصير نفسه، بعد أن رأى أن هناك تعاطف كردي – سوري مع أخوانهم كورد العراق، و فرحتهم في سقوط صدام. فكان له “الحرب الاستباقية”، استدعى مخابراته لكبح جماح الكورد السوريين، ولعدم التطلع إلى الأمام و تقليد ما جرى في العراق. فاستعان ببعض العرب المتعاطفين مع صدام في مناطق شرق الفرات، وتحديداً سكان مدينة ديرالزور، الأكثر تعاطفا مع صدام، لخلق فتنة بين هؤلاء و الكورد. آنذاك، قدم مخابرات بشار الأسد لهؤلاء العرب دعما غير محدود، للانتقام من الكورد السوريين، الذين فرحوا لسقوط ” ملهم العرب” صدام حسين، على حد قول العنصريين، من أزلامه.
اتخذ النظام حجة مباراة كرة القدم، التي كانت ستقام في ملعب القامشلي بين فريقي الفتوة و الجهاد، ذريعة لاستفزاز أهالي القامشلي، و ذلك بدفع بعضهم لرفع صور المقبور صدام في شوارع القامشلي، و شتم القيادات الكردية- العراقية، وبالتحديد شتم الرئيس كاك مسعود البارزاني و الرئيس مام جلال الطالباني، فما كان على الكورد في المدينة إلا الرد على جمهور فريق دير الزور القادم إلى المناطق الكردية لخلق الفتنة. فكانت الشرارة الأولى في الملعب البلدي، حيث أسقط أزلام النظام عدد من شهداء الكورد و بالرصاص الحي. فأثار الجمهور الكردي بعدها و في اليوم الثاني أرادوا أن يدفنوا شهداءهم، و بنوع من التحدي و الغضب ضد تصرفات النظام و أزلامه. فواجهت جميع الأجهزة الأمنية وكذلك محافظ الحسكة وقتها (سليم كبول)، الجماهير الكردية بهمجية عالية، و بموقف لا وطني، فرقت الجماهير مرة أخرى بالرصاص الحي، (أتذكر وقتها، كنت أسمع صوت الرصاص من خلال هاتف صديقي إبراهيم اليوسف، الذي كان متابعا لمجريات الانتفاضة بكل تفاصيلها). لقد واجه النظام المواطنين العزل بالرصاص الحي من دون وجه حق، بعدها لم يتحمل شعبنا غبن و ظلم هذا النظام، فانتفض في قامشلو، و امتدت هذه الانتفاضة في جميع المدن الكردية في الجزيرة و كوباني و عفرين و حلب و في زور آفا إحدى ضواحي دمشق. كون حقهم مغتصبا، وأن انتصار أخوانهم في إقليم كردستان هو انتصار لهم.
وقتها، كان هناك اعتقاد عند كوردنا في سوريا، بأن قوات التحالف الدولي ستسند كورد سورية أيضا ضد نظام بشار الأسد، إذا ما أثاروا.
بعد الانتفاضة الكردية الشعبية في عموم البلاد، أدرك النظام الخطأ الذي وقع فيه، حاول من جهة لملمت الموضوع ومن جهة أخرى الانتقام من الكورد بطرق شتى و لسنوات عديدة إلى عام 2011 ، حيث كانت انطلاقة الثورة السورية. انتقم النظام من الكورد وقتها لأنهم تمردوا على نظامه و حطموا تماثيل حافظ الأسد و باسل الأسد في عدة مناطق كردية. هنا تدخل الرئيس مسعود البارزاني و طلب من الأمريكان أن يضعوا حدا للنظام السوري في استخدامه للعنف المفرط اتجاه الكورد السوريين. و بالفعل لولا التدخل الأمريكي، لفعل نظام بشار الأسد مجازر بحق الكورد، كما فعل أبيه في حماه.
انتفاضة الكورد في عموم سوريا، جاء كرد فعل من الشعب على الظلم والغبن الذي لقيه خلال أكثر من 60 عاما من حكم البعث و حكم الأسدين. هنا لعبت الحركة السياسية الكردية و ضمن إمكاناتها المتواضعة الاستفادة من هذا الحدث الكبير، و إيصالها صوت كوردها إلى المنظمات الانسانية و الدولية و التحرك بشكل أكبر مع القوى الوطنية السورية لتهدئة الوضع و توقف النظام عن ملاحقة النشطاء و الإفراج عن الآلاف السجناء الكورد في عموم سوريا.
انتفاضة قامشلو أو انتفاضة 12 آذار ، كان درسا كبيرا للكورد و النظام على حد سواء. كان على الحركة الكردية السورية، الاستفادة بشكل أكبر من هذا الحدث و مراجعة الذات و الوقوف على جميع تفاصيل هذا المنعطف التاريخي في حياة الكورد السوريين، و مراجعة سياساتها اتجاه النظام، الذي لم يتوقف أبدا في إيصال الأذى بالكورد. كان عليهم توحيد الصف الكوردي، لتكون كلمتهم واحدة، قوية، أمام النظام، و خاصة عندما يطالبون بحقوقهم القومية في البلاد.
في الذكرى ال 17 على انتفاضة قامشلو، وبالرغم من التغيرات العالمية الكبيرة وأزمة سوريا بعد 2011 و حتى اليوم، يبدو أن الحركة السياسية الكردية لم تستفد من تجربة 2004 و مازالت تعيش التشتت و عدم وحدة الصف الكردي، لذا تبقى كلتا القوتين (الإدارة الذاتية و المجلس الوطني السوري) خارج حسابات السياسة السورية، سواء من قبل المعارضة أو من قبل النظام.
أوسلو 17.03.2021
=====================
تشكيل لجنة قانونية من المحامين المتطوعين للدفاع عن معتقلي انتفاضة 12آذار2004
جميل إبراهيم
سأتناول في هذا المقال الجانب المتعلق بعمل المحامين في دعاوى معتقلي انتفاضة 12آذار 2004، فقد شكلت الحادثة المروعة والمخطط لها مسبقاً، التي وقعت في الملعب البلدي في مدينة قامشلو يوم 12.04.2004، منطلقاً قوياً لهبة جماهيرية واسعة في اليوم التالي في قامشلو أثناء تشييع الشهداء الذين استشهدوا برصاص قوات الأمن والشرطة، سرعان ما تحولت إلى انتفاضة عارمة انتشرت في كل المدن والبلدات الكردية في غربي كردستان، وفي كل أماكن التواجد الكردي في باقي المناطق السورية، ونتيجة مواجهة السلطة القمعية لهذه الإنتفاضة، سقط عدد آخر من الشهداء، بلغ مجموعهم قرابة الأربعين شهيداً، إضافة إلى مئات الجرحى وآلاف المعتقلين الذين أفرج عن الكثير منهم بعد عدة أيام من التعذيب القاسي والعنف الشديد، بينما قدم المئات من الباقين منهم إلى المحاكم العسكرية والاستثنائية بتهم شتى لم يقترفوها ….
في البداية كان عدد المعتقلين كبيراً، ليس هناك رقم محدد، ولكن الكثيرين كان يقدره من 3000إلى 4000 معتقلاً، وبعد عدة أيام أطلق سراح الكثيرين، وأحيل البقية إلى القضاء، فكان لمعتقلي كل مدينة ملف أو دعوى، وإزاء ذلك قامت الحركة الكردية(مجموع الأحزاب) بتشكيل لجنة من المحامين للدفاع عن المعتقلين في الدعاوى المقامة ضدهم، على أن يقدم كل حزب محامياً متطوعاً يعمل بدون تقاضي أية أتعاب، وكنت من بين أوائل من عرض الأمر عليهم، فوافقت دون تردد، إلا أن تسعة أحزاب فقط هم من قدموا أسماء ممثليهم من المحامين، وتناوب اثنان من المحامين عن زملائهم من نفس الحزب، إضافة إلى الأستاذ عبدالعزيز أيو الذي انضم إلينا كونه من مدينة سري كانيي (رأس العين)، وهكذا تشكلت اللجنة من اثني عشر محامياً، وهم الأساتذة:
1_ جميل حسين إبراهيم 2- تركي سلي
3_ إبراهيم أحمد 4_ عبدالعزيز أيو
5_ فتحي فارس 6_ محمود عمر
7_ حسن مشو 8_ فيصل بدر
9_رضوان سيدو 10_ عبدالسلام أحمد
11_ مصطفى أوسو 12_ فارس سيد علو .
كما شكلت لجنة أخرى في منطقتي عفرين وكوباني، وكانت الدعاوى منظورة لدى القضاء العسكري بدمشق ومحكمة أمن الدولة العليا بدمشق والقضاء العسكري بحلب ومحاكم الأحداث في قامشلو وغيرها، وقد بلغ العدد الإجمالي للموقوفين أمام هذه المحاكم(238) موقوفاً، موزعين على دعاوى لكل مدينة على الشكل التالي:
1_ قامشلو (66) 2_ عامودا (24) 3_ ديريك (21) 4_ درباسية (20) 5_ سري كانيي (22) 6_ مختلط(بما فيهم موقوفي الحسكة) (30) 7_ عفرين (16) 8_ دمشق (35) من ضمنهم عدد من الموقوفين من المناطق الأخرى كونهم كلهم موقوفين لصالح محكمة أمن الدولة العليا ….
عدا الموقوفين الذين لم يقدموا للمحاكم بعد، عدد كبير منهم كانوا موقوفين في سجن صيدنايا سيء الصيت، لم يتم الإعلان عن عددهم ….
في أول اجتماع للجنة، شرفني زملائي بانتخابي رئيساً لها ومسؤولاً عن ماليتها، فقد قدم لنا مجموع الأحزاب الأموال اللازمة لكافة نفقات الدعاوى، ونفقات السفر والإقامة لكل الزملاء العاملين في هذه الدعاوى، وكانت اجتماعات اللجنة كلها تعقد في مكتبي، حيث كنا نوزع العمل فيما بيننا، ونناقش أمور عملنا وما يجب أن نقوم به في كل دعوى علة حدة، وفي مجمل عملنا ودعاوينا ….
لقد كان عدد اللجنة(عشرة محامين دائمين) قليلاً بالنسبة للعمل، خاصة وأن العمل كله كان في دمشق، فقد بلغ عدد المعتقلين المدعى عليهم(238)، منهم(184) لدى محاكم دمشق، نزورهم في السجن، ونحضر معهم جلسات الاستجواب فرداً فرداً، ثم جلسات المحاكم، ونعد مذكرات الدفاع عنهم إثر مناقشات مستفيضة، نرسل من أجل ذلك في كل اسبوع مجموعة منا لاتقل عن أربعة في كل مرة، فكان أن انضم إلينا عدد آخر من المحامين، عارضين تعاونهم معنا من تلقاء أنفسهم، أذكر منهم الأساتذة: عماد موسى، درويش ميركان، حسن الأومري، حسين يوسف، عبدالمجيد حاج محمد، حسين أحمد، جلال خانو، وآخرون لا تحضرني أسماؤهم، فليعذروني، فكنا نشركهم معنا في العمل بشكل متناوب، ورغم أن باب التطوع للعمل معنا كان مفتوحاً فقد آثر الكثير من المحامين الكرد الآخرين الصمت، حتى أن أغلبهم لم يسأل عن الموضوع برمته، وما آلت وتؤول إليه الأمور ….
أذكر أن عدداً من المحامين العرب في دمشق وافقوا على إضافة أسمائهم في الوكالات التي كنا ننظمها لموكلينا المعتقلين، مثل: أنور البني، خليل معتوق، رزان زيتونة، لكنهم كانوا أحياناً يتسببون لنا في بعض الإشكالات، حيث كانوا يؤثرون على البعض منا في اتخاذ مواقف أو تبني أفكار لا تخدم مصلحة موكلينا بالدرجة الأولى، فتنشب بيننا بعض الخلافات سرعان ما كنا نتجاوزها ….
قبل استجواب كل معتقل بيوم، كنا نقوم بزيارته في السجن، ونناقش معه ماذا سيقول للمحقق، ونبين له ما قد يضره من أقوال ومعلومات يدلي بها، ونرشده إلى الأقوال المفيدة له منها، كما كنا نسأل عن احتياجاتهم، ونقدم لهم ما نقدر عليه منها، وفي إحدى المرات قدمنا لهم مساعدة مادية، فقد جاء إلى دمشق شاب كردي من الذين كانوا يعملون في السعودية، و قدم لنا مبلغاً من المال جمعه عدد من العاملين الكرد السوريين هناك لتوزيعه على المعتقلين، فأصاب كل معتقل ألف ليرة سورية، وزعناه على الجميع، ومما لا يغيب عن ذاكرتي أنه عندما أردت أن أوزع هذا المبلغ على الموقوفين لدى محكمة أمن الدولة العليا، منعني عناصر الأمن السياسي من ذلك، وطلبوا مني تسليم المبلغ لهم ليسلموه للموقوفين فيما بعد، فرفضت وشكوتهم لرئيس المحكمة، فأجابني على طلبي ولكن بعد أن يتفحصوا الأوراق النقدية بحجة أنه قد نكون قد كتبنا شيئاً عليها!!، لقد آلمني ذلك كثيراً، وبقيت تلك اللحظات في ذاكرتي لا تفارقها، فهكذا كانوا يتعاملون معنا؛ إن قانون المحاكمات السوري يعطي الحق للمحامي الوكيل في مقابلة موكله متى شاء، وبعيداً عن أي رقيب، لكنهم لم يكونوا ملتزمين بأية قوانين، وكانوا يتصرفون معنا بفظاظة، ومع الموقوفين بأشد من ذلك، على هواهم أو حسبما يتلقونه من تعليمات من رؤسائهم، ولذلك كنا نواجه صعوبات كثيرة في الحصول على موافقات الزيارات في السجن، ما عدا الموقوفين لصالح محكمة أمن الدولة العليا، فقد كانوا موقوفين عند الأمن السياسي، وهناك لم يسمحوا لنا بزيارتهم ولا مرة واحدة، بداعي أننا يمكن أن نلتقيهم في المحكمة، تحت رقابة لصيقة، مانعين الموقوفين من التحدث باللغة الكردية، وفي المحكمة الجنائية العسكرية أيضاً، كان يتم التضييق علينا قدر ما يستطيعون، متجاهلين مطالبنا بالإلتزام بقانون أصول المحاكمات بداعي أن محكمتهم محكمة استثنائية!! ….
حدثني أحد الموقوفين عن كيفية إعتقاله قائلاً أنهم بعد أن قبضوا عليه، بعد الأحداث بعدة أيام (قبل عيد النوروز)، وضعوه في غرفة مرحاض وجردوه من كل ثيابه، وكل ساعة أو أقل كانوا يرشقونه بسطل من المياه الباردة، بينما كان الجو شديد البرودة، استمر ذلك يومين كاملين!!؛ في التحقيقات الأمنية، وقبل تقديمهم للقضاء، اعترف كل الموقوفين بما طلب منهم الإعتراف به، تحت وطأة التعذيب العنيف والتهديدات الأخرى، خاصة ما يتعلق منها بالشرف، فقد أفادني عدد من الموقوفين بأنهم، بعد أن قاوم كل التعذيب الذي مارسوه دون الحصول منه على الإعتراف المطلوب، هددوه بجلب أمه وأخته، ويفعلوا بهن كذا وكذا أمام عينيه حتى يعترف، بعضهم أحضروهن أمامهم، يتوسلنهم للإعتراف، وبعضهم أسمعوه أصواتهن، فما كان منهم سوى الإعتراف، إنقاذاً لشرفه من تلويثهم وقذاراتهم؛ إلا أنهم جميعاً، عند قضاة التحقيق، ولدى المخكمة أيضاً، أنكروا ما اعترفوا به لدى السلطات الأمنية، وكنا نشرح لهم أهمية ذلك عندما كنا نزورهم في السجن قبيل التحقيق وحلسات المحاكمة؛ ففي الفروع الأمنية لايسمحون بتدخل المحامين أو الحضور مع الموقوف، أو حتى التوكل عنه، طالما بقي موقوفاً عندهم ….
في بداية شهر شباط2005، طرحت على زملائي في اللجنة فكرة توجيه نداء، باسم المحامين، إلى رئيس الجمهورية نطلب فيه إصدار عفو عام عن موقوفينا، لكونهم تعرضوا للكثير من الظلم والإجحاف والعنف، وأن التهم الموجهة لهم والمسندة إليهم، لا أساس قانوني لها، وأنهم لم يرتكبوا الأفعال المنسوبة لهم، وأن الاستمرار في محاكمتهم والحكم عليهم سيتسبب في شرخ مؤلم على صعيد المواطنة السورية، وفي المساواة بين مواطني البلد الواحد، وبعد مناقشات مستفيضة وصعبة فيما بيننا، تمت الموافقة على هذا الإقتراح بالأغلبية، وتمت صياغة النداء وعرضه على المحامين للتوقيع عليه، فحصلنا على توقيع ثمانية وثلاثين محامياً، كلهم أكراد، لامتناع المحامين من الفئات الأخرى(العرب والسريان وغيرهم) على التوقيع معنا، وتمكننا من إيصال هذا النداء إلى يد رئيس الجمهورية بواسطة الدكتور محمود كفتارو الذي لم يتردد في قبول ذلك عندما التقيناه وعرضنا عليه الفكرة، بل ورحب بها، وكان تسليم مذكرة ندائنا من قبله أثناء صلاة العيد في الجامع الأموي بدمشق، وهكذا، وفي يوم 30.03.2005، صدر العفو بإغلاق كافة ملفات الدعاوى، سمعنا بذلك بعد يوم شاق وطويل من المحاكمات والمناقشات القانونية المتوترة من جانب رئيس المحكمة تجاه طروحاتنا القانونية في ذلك اليوم، حيث حضرنا عدة دعاوى، وقد حضر تلك الجلسات في ذلك اليوم عدد كبير من الصحفيين الأجانب وأعضاء من السلك الدبلوماسي، من سفارات الدول الغربية بدمشق، كنا قد وجهنا لهم دعوات للحضور معنا، وهذه كانت المرة الأولى التي يحضر فيها هذا العدد من الصحافيين والسلك الديبلوماسي، فربما حضر بعض الصحفيين بشكل متخف جلسات أخرى سابقاً، لكن ذلك لم يكن ملحوظاً ….
ورغم صدور العفو المذكور، فإن عملنا لم يتوقف، بل استمر لسنتين أخريين، بسبب إشكالات متعمدة خلقتها بعض المحاكم، أثناء تطبيق العفو المذكور بحجج وأعذار واهية وغير قانونية، بهدف الالتفاف على العفو وتطبيقه بشكل قانوني سليم، وذلك برفع دعاوى تعويض أضرار على بعض القاصرين المشمولين بالعفو المذكور، والإبقاء على ثلاثة أو أربعة من الموقوفين الآخرين بحجة عدم شمولهم بالعفو، وإسناد جرائم القتل العمد إليهم ….
=====================
آذار ينتفض للحرية
زهرة أحمد
إنه آذار.
شهر الكورد بامتياز، تبدو،
بين تقاويمه صفحات من الألم، وأخرى، مشرقة تنبض بالأمل، ليدون آذار خصوصيته الكوردية.
يحمل آذار في ثناياه تاريخ شعب أصيل، يعشق الحرية، ويناضل من أجل حقوقه القومية المشروعة.
لقد كانت الانتفاضات الكوردية، ليكون في المقابل، آذار، ربيعاً، أبديا. ربيعا للحرية، تتشكل ملامحه المعاصرة من انتفاضة إقليم كوردستان. إلى انتفاضة قامشلو، كي تشمخ ملحمة وتاريخ ، نضال رسخ خلوده في وجدان الشعب الكوردي.
انتفاضة 12 آذار : في ذاتها تاريخ، تاريخ انتفاضة الشعب الكوردي ضد كل أشكال الاستبداد من قبل الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم في سوريا، بل الديكتاتوريات التي مارست سياسات التمييز العرقي والاضطهاد القومي بحق الشعب الكوردي، حرمته من جميع حقوقه المشروعة، كما طبقت بحقه مشاريع عنصرية وإجراءات وقرارات استثنائية، وفق سياسة ممنهجة هدفت إلى طمس الهوية الكردية وصهر الكرد في بوتقة القومية العربية
فكانت انتفاضة 12 آذار التي شكلت اللبنة الأساسية للثورة السورية، قبل انحراف مسارها.
لم يكن 12 آذار يوماً عادياً، كان تاريخاً للحرية.
إنه رد فعل لتراكم جبال من الاستبداد والقهر والحرمان، خرجت الكلمة من بين سياج الخوف، من بين أنياب الاستبداد، فكانت صرخة الحرية، تلك التي أطلقها كاوا حداد، ولايزال صداها يغيم في الذاكرة. في سجلات التاريخ، لتخرج كما كانت قوية ومدوية.
كان الخوف من انتقال الانتصار الكوردي في جنوبي كوردستان إلى غربي كوردستان، فكانت رصاصات الغدر، من قبل مهندسي المجزرة.
هنا في الملعب البلدي في قامشلو، حيث كانت المؤامرة، كان التخطيط المسبق، وكانت للشعارات المسيئة للرموز الكوردية في شوارع قامشلو من قبل مشجعي فريق الفتوة، مصطحبين معهم كل أدوات العنف إلى الملعب.
ليكون آذار مخضباً بالدم، أصوات الرصاص تتسابق مع صدى الملعب وأثناء الخروج مع جثامين الشهداء إلى مقبرة قامشلو.
لتكون الانتفاضة، في كل بقعة تنطق بالكوردية،
الانتفاضة التي بدأت من مدينة قامشلو، وسرعان ما انتشر لهيبها في كل المدن والقرى الكوردية، من عين ديوار إلى عفرين، إلى المدن السورية الكبرى في حلب ودمشق.
لتكون الانتفاضة الأولى التي اهتز عرش الاستبداد بسببها، وحطمت جدار الخوف والطوق الأمني الخانق والدموي لكل نفس كوردي ينطق بالحرية.
كان الشهداء بالعشرات والجرحى والمعتقلين بالآلاف.
لم تتوان القوات الأمنية السورية عن استخدام أعنف أساليب التعذيب ضد المعتقلين، مخترقة بذلك كل القوانين المناهضة للعنف وتعذيب المعتقلين، منهم من استشهد تحت التعذيب ومنهم من أصبح معاقاً، وما أكثرهم، وا أسفاه.
حاول النظام وبأساليب خبيثة أن يحور الأحداث إلى صراع بين العرب والكورد، ضارباُ بذلك كل قيم التعاييش السلمي بين الشعب الكوردي وباقي المكونات في الجزيرة الكوردية.
لا زلت أتذكر كيف كانت الضغوط الأمنية المتشددة في مدينة رميلان، حيث كنت أسكن مع عائلتي، وكيف خرجت النسوة في تلك المظاهرة الصغيرة بالرغم من الطوق الأمني.
كما لاتزال أصوت الرصاص ترن في أذني وأنا أتصل مع أخي بوساطة الهاتف المحمول هو في قامشلو أثناء تشييع جثامين شهداء ١٢ آذار إلى مثواهم الأخير.
صور الشهداء والجرحى في ديرك أثناء خروجهم في مظاهرة ديرك خالدة لاتزال، وستظل كذلك، في الوجدان الكوردي.
كان لابد من أرشفة كل ذلك كما تبني كل أرشفة الانتفاضة من قبل مؤسسة خاصة بذلك.
استطاعت انتفاضة 12 آذار أن توحد الكورد جميعاً تحت عنوان الانتفاضة فكانت انتفاضة الشعب الكوردي.
لذلك، ووفاءاً لدماء الشهداء لابد من أن تنتهي الحوارات الكوردية – الكوردية إلى اتفاق شامل من كافة النواحي السياسية والادارية والعسكرية.
بالرغم من التوقيع على ثلاث اتفاقيات لترتيب البيت الكوردي وتوحيد خطابه، في إقليم كوردستان وبرعاية مشرفة من الرئيس مسعود بارزاني، إلا إنها لم تر النور، وجف حبر التوقيع عليها قبل الوصول إلى قامشلو.
إنها المسؤولية التاريخية، التي تتطلب تغليب المصلحة القومية على المصالح الحزبية، والعمل الجاد من أجل تجاوز مسببات عدم تطبيق الاتفاقيات السابقة لخلق أرضية مشتركة من التفاهمات، ومنطقة مشتركة بين مناطق الاختلاف بين طرفي التفاوض للبناء عليها .
لأن الوصول إلى الاتفاق الشامل هو الذي سيحمي المصالح المشتركة العليا والحقوق القومية للشعب الكوردي.
ليكون الاتفاق النهائي بمثابة المخرج الوحيد لحل القضية الكوردية في مرحلة الاستحقاقات، والعمل من أجل أن تتبنى امريكا مخرجات الاتفاق لدعم حقوق الشعب الكوردي وتثبيتها في الدستور السوري الجديد.
هنا لابد من الإشارة، بل الثناء على تلك الجهود الجبارة التي بذلت من قبل الكتاب والنشطاء الكورد لتوثيق وأرشفة أحداث انتفاضة آذار،
كما لابد من تبني مثل تلك المشاريع ودعمها ” بعضها قيد الإنجاز وتجهز للطباعة ” قبل أن يشوه الأعداء كما كل مرة تاريخنا المشرق.
المجد والخلود لأرواح الشهداء الذين رسموا خارطة الطريق للحرية والكرامة الانسانية
الخلود لأرواح شهداء الكورد وكوردستان
=====================
في أحداث 12 آذار كان لنا موقفاً… «1/3»
(*)م.محفوظ رشيد
أحداث 12 آذار 2004 أثارت الكثير من التساؤلات : من أشعلها ؟ ومن هدأها ؟ من خسر فيها ؟ ومن ربحها ؟ وما هي الدروس والعبر المستخلصة منها ؟
إن الكوردي الذي يعاني الحرمان من جميع حقوقه القومية والوطنية والإنسانية، ويتعرض للتشويه والتحريف والتعريب في لغته وثقافته وتاريخه، ويتهم بالخطر على أمن الدولة، وتحت هذا الاتهام يرتكب بحقه كل أشكال القهر والتمييز والظلم… بالرغم من حضوره القوي في معارك الاستقلال والتحرير، وفي ساحات البناء والتعمير باعتباره جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني والتاريخي كما أشار إليه السيد رئيس الجمهورية في مقابلته مع قناة الجزيرة القطرية أيار2004.
فماذا يتوقع من هذا الكوردي ؟ وما عساه أن يفعل ؟! سوف يواجه بصدره العاري الرصاصات التي تطلقها بنادق الشوفينين الحاقدين بأمر من رأس السلطة التنفيذية في المحافظة ”سليم كبول” ، وسوف يحقد ويغضب من كل ما يرمز إلى هذا المحافظ ورجالاته من الشرطة والأمن، الذين هدروا دمه بهذه الصورة السافرة والفظيعة.. فإلى متى يعيش مداناً ومتهماً تحت الطلب ؟ فالآلام المتراكمة والاحتقانات المزمنة خلال عقود من الكبت والحرمان، لا بد أن تنفجر تحت ضغوط كهذه، مرسلة إشارات صريحة، بمثابة دعوات رسمية للاعتراف بهويته القومية ومساواته في الحقوق والواجبات ضمن حدود الوطن الواحد، وغضباً وسخطاً على كل من أساء ويسيء إلى رموزه ومعالمه القومية المقدسة، وشجباً وتأنيباً لمن يضع خطوطاً حمراء أمام تحرره وتقدمه، ونداء بل انذاراً للاحرار في العالم، لمناصرته ومؤازرة قضيته التي لم تعد تتحمل التأخير أوالتأجيل أكثر مما عليه.
إن استبباب السلم والاستقرار في المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام، بات مرهوناً بحل قضايا الشعوب المظلومة والمضطهدة، ومنهم الكورد الذين يعتبرون أكبر شعب في العالم لا يزال محروماً من حقوقه القومية المشروعة في تقرير مصيره.
إذاً، لم تكن أحداث 12 آذار وليدة تواريخ حددتها انفجارات 11 أيلول بأمريكا، ولا دخول قوات الحلفاء إلى العراق، إنمّا الظروف والمعطيات التي تمخضت عنها كان محرّضة ومسرّعة لنضوج ثمرة النضال الطويل التي غرست في 1957 تاريخ تأسيس أول تنظيم سياسي كوردي في سوريا، ومرت خلال نموها وتطورها بمراحل ومحطات عديدة، واتخذت أشكالاً متعددة من النضال، فكانت الاعتصامات والاحتجاجات أثناء استقدام العرب وتوطينهم في القرى الكوردية بداية السبعينات من القرن السابق، ثم الكتب والعرائض والرسائل المفتوحة التي قدمت لأعلى المستويات في السلطة، ثم الملصقات 1993، مروراً بالاعتصامات والمظاهرات السلمية في يوم الطفل العالمي واليوم العالمي لحقوق الإنسان… وغيرها أمام البرلمان ومجلس الوزراء والقصر العدلي… والتي أعتقل على إثرها المناضلون والقياديون الكرد ونفذوا الأحكام الجائرة، التي صدرت بحقهم من محاكم أمن الدولة العليا، وتوجّت القائمة الطويلة من النضالات بعرس الشهداء الذين سطروا بدمائهم ملحمة البطولة، وسمت أرواحهم في سماء الحرية لترسم على الأرض خارطتها، وتحدد معالمها وخصائصها بعد أن عجزت أقلام الساسة والأدباء من التعبير عنها أوالإشارة إليها، وليقولوا للأصدقاء والأعداء معاً: نحن هنا باقون.. لنا تاريخ وحاضر ومستقبل..، وظلت وصيتهم مدويّة في كل بيت وفي كل حيّ وفي كل وقت، توقظ الضمائر وتشحذ الهمم للسير على دروب الكفاح التي دشنوها.. دون هوادة أوتهاون.
أحداث 12 آذار منعطف حاسم في تاريخ سوريا الحديث، فقد أخرجت الملف الكوردي من الرفوف ووضعتها على الطاولة أمام السلطة والمعارضة معاً، وجعلته أساساً للبحث والدراسة، ومحكاً حقيقياً لاتخاذ المواقف والرؤى، وثقلاً مؤثراً في التوازنات والمعادلات المحلية والأقليمية، وفاصلاً بين زمنين وشكلين من الحكم والنظام من حيث النهج والأداء…
فكانت 12 آذار رسالة واضحة للأشقاء والأصدقاء والأعداء على حد سواء، بأن رياح التغيير وما تحمله من أفكار ومفاهيم قد هبت على أكراد سوريا، وأظهرتهم على حقيقتهم في المكانة والحضور والخصوصية… والتي كانت قيد الإهمال والاغفال والاعتقال.
منذ يومين مرت الذكرى السنوية لأحداث 12 آذار، وللأسف ما زالت التيارات المتشنجة في السلطة تتجنب حديث العقلاء، وتصر على قراءتها الخاصة للأسباب والنتائج من منظارها الأمني ومنطقها الشمولي التسلطي وأسلوبها القمعي، وتضع حلولاً عقيمة ومؤجلة لا تدفع بالبلاد إلا للمزيد من الأزمات والاستننزاف والمخاطر.
وتلك التيارات هي نفسها التي أخطأت في تقييم الظروف الدولية والمعطيات الجديدة للنظام العالمي الجديد، وتصرفت بتشنج وارتجال… في معالجة الأمور والقضايا المصيرية التي تتعلق بالبلاد سياسياً واقتصادياً وعلى جميع الأصعدة الداخلية والخارجية، وأساءت كثيراً لشعارات الاصلاح والتحديث التي رفعها السيد الرئيس، وأضرت بمصالح الوطن وأمنه عندما خططت من غرفها الأمنية المظلمة لأحداث 12 آذار بتقديرات وحسابات خاطئة.
فانقلب السحر على الساحر في بداية الأحداث، وذهبت الأحداث إلى أبعد ما تصورته تلك الغرف، عندما خرجت عن سيطرة أجهزتها الأمنية والمخابراتية، وحطمت جدار الخوف وجاوزت التوقعات فارتبكت تلك الجهات في مواجهتها، ولم تجد الحل سوى التدخل أمنياً وعسكرياً، وهذا ما زاد في الوضع اضطراباً وأصبح مرشحاً لأسوء الاحتمالات.. وفعلاً زاد الغضب الشعبي في الداخل والخارج، وزادت الانتقادات والادانات من مؤسسات ومنظمات دولية، وصار مبرراً للاعداء للتدخل وفرصة للانتهازيين وقوى الظلام للعبث بأمن الوطن وتدمير مؤسسات الدولة الاقتصادية والعمرانية والحكومية، وكل حسب أجندته وأهدافه ومصالحه، فانتهز الرعاع والمجرمون الأحداث للتهجم على الأكراد ونهبوا أموالهم وخربوا ممتلكاتهم، والأسوء والأبشع من هذا كله، هوابتزاز الأكراد وتهديدهم بالاعتقال لقاء مبالغ مالية ضخمة، من قبل بعض المسيئين من رجال الأمن والحزب، كما استغل ضعاف النفوس والمتعطشون للثأر والانتقام، والمتأصلة فيهم روح الغزو والنهب من بعض شيوخ العشائر العربية،( أسوة بصدام حسين بطل المقابر الجماعية والأنفال.. ) حينما طلبوا من السلطة تسليحهم لإبادة الأكراد واجتثاثهم من سوريا، كما جاء على لسان بعضهم جهاراً نهاراً (محمد الفارس أحد زعماء عشائر الطي العربية).
ولكن عندما أخذت الأحداث مساراً آخر وبعداً وطنياً ودولياً، وارتفعت الأصوات الخيرة من الداخل والخارج، لاظهار حقيقة الأحداث وكشف أسرارها ودوافعها، حيث كان يرمي مدبروها ومثيروها إلى ترهيب الأكراد في سوريا وعدم محاولتهم التفكير والتحمس لما أنجزه أشقاؤهم في العراق، وتأديب السوريين الآخرين من خلال الأكراد، وعدم التمادي والتجاوز للخطوط الحمراء والتي أكدت عليها السلطات بعد ربيع دمشق… ! والسعي لتفريق مكونات الشعب السوري وقواها السياسية والديمقراطية والحقوقية وعدم توحدها وذلك من خلال خلق النزعات الطائفية والنعرات القومية.. وزعزعة الوضع الداخلي.. حتى يبقى هؤلاء المرجع والملاذ والحاكم بأجهزتهم ومؤسساتهم الأمنية والعسكرية، وكذلك العمل على تأليب الرأي العام العربي على الكورد بإتهامهم بالعداء للقومية العربية وبالنزعة الانفصالية وسعيهم لاقتطاع جزء من سوريا والحاقه باحدى الدول المجاورة (!؟) واثارة الاضطرابات والقلاقل، كل هذه الاجراءات لاعطاء المبرر لعسكرة المناطق الكردية.. وتوكيل إدارة القضايا وحلها للعسكر والمخابرات، في الوقت الذي يتطلب من سوريا تحسين سجلها في مجال حقوق الانسان وبناء مؤسسات المجتمع المدني واشاعة الديموقراطية وتقليص دور الجيش والأجهزة الأمنية في إدارة الدولة، تمهيدا لتوقيع عقد الشراكة الأوربية، وتوفير مستلزمات تقوية الموقف السوري في أية مفاوضات أوحوارات إقليمية ودولية.
وعندما ازدادت الضغوط على السلطة السورية وبدأت الأمور تتجه نحوالاستفحال والتفاقم، تدخل الرئيس بشار الأسد لتهدئة النفوس والحد من التوتير والتصعيد فنفى الاتهامات الموجهة للأكراد في مقابلته مع قناة الجزيرة الفضائية : (( إن القومية الكردية جزء أساسي من النسيج الوطني والتاريخ الوطني في سوريا…. والتحقيقات أثبتت عدم وجود أيادي خارجية في الأحداث….)) كانت هذه أول شهادة اعتراف بالكورد حيث قطعت الطريق على المؤامرات والتصارعات على الساحة السورية ووضعت حداً للتقولات والإتهامات والإدعاءات.. سعياً منه لسحب البساط من تحت أقدام التيارات اليمينية المتعصبة في السلطة والتي تقف ضد توجهاته ولعدم الانجرار إلى مصيدة قوى الشر والعدوان التي نصبتها الدوائر والجهات المعادية.
=====================
انتفاضة قامشلو 2004 وغرفة عمليات الأخبار .. حقائق تذكر للمرة الأولى «1/2»
فائق اليوسف
بحكم علاقتي الشخصية مع المرحوم الملا عبدالله ملا رشيد حضرت خطبته يوم الجمعة 12 آذار 2004، وما إن أوصلناه أنا وطالبه الصديق عبدالرحيم مقصود إلى منزله وبعد حديث عام، خلال الطريق، استودعتهما، لأعود إلى البيت، وكان أخي كرم وأحد أعمامي و بعض أبناء الحي قد توجهوا إلى الملعب البلدي في المدينة والذي كان يسمى بملعب “7 نيسان” لحضور المباراة فريق مدينة قامشلو “الجهاد” مع منافسه “الفتوة” القادم من دير الزور.
بعد وصولي إلى البيت وجدت نساء ورجال الحي وشبابه، ممن لم يحضروا المباراة في حالة ذعر وقلق وارتباك، بعد سماعهم خبر مقتل طفلين في ملعب قامشلو، أذاعه الراديو السوري الرسمي ، وأن ذلك تم، نتيجة أحداث شغب” كما أسماه هذا المصدر الإعلامي.
كانت والدتي من بين أهالي الحي الذين هرعوا إلى الشارع للاستماع إلى أحد العائدين من الملعب يخبرهم عما حدث في الملعب، ووقائع مجريات أحداث الملعب- وكانت في بدايتها- وراحت النسوة، ومنهن أمي تستفسرن عن أبنائهن، وفجأة بدا أحد جيراننا عائداً من سوق المدينة إلى بيته وهو يبتسم – الرجل من أصول كردية لكنه لا يتحدث الكردية في بيته- وقال بصوت عال ما إن وصل إلى المكان: إنهم يتعاركون في داخل الملعب ….، وسيول الدماء تجري في الشوارع.
هرعت صوب والدتي لأستفسر منها ما الذي قد حدث؟، وعندما وصلتني أطراف الحديث حول فحوى ما يجري، هرعت لآخذ دراجة هوائية من أحد الجيران، متوجهاً بها إلى الملعب، لأبدأ بالبحث عن أخي و عمي، وأتقصى ما جرى ويجري..
في الطريق، وجدت أفواجاً من الناس تتوجه إلى الملعب وهم في حالٍ يشبه حالتي، بالإضافة إلى آخرين كانوا يحثون خطا العودة إلى بيوتهم، بينما أنا أوزع نظراتي يميناً ويساراً، فلم أجد أحداً ممن أبحث عنهم، حتى وصلت إلى داخل الملعب، وكان رجال الأمن قد أدخلوا جمهور نادي الفتوة إلى داخل المنطقة المحددة للعب المباريات والمحاطة بسياج حديدي.
وما إن وصلت إلى منتصف ساحة الملعب، وأنا أقود الدراجة وكنت وحيداً في تلك المنطقة حتى بدأ الأهالي من الخارج ممن جرحوا أو شاهدوا بعيونهم هؤلاء الذين أصيبوا بجراح بليغة من قبل جمهور الفتوة الذي قد أعد العدة مصطحباً معه حجارته وسكاكينه، لاسيما أن رجال الأمن قد أوعزوا إليهم بضرورة الاستعداد لمواجهة الجمهور المحلي، ما جعلهم يملؤون الأكياس بالحجارة، وهو ما أعلمني به صديق لي من دير الزور هو “م س”، ولذلك فإن الشباب الغاضب بدأ هو الآخر برمي عناصر الأمن وجمهور الفتوة، من خارج الملعب، بالحجارة التي رميوا بها من قبل جمهور الفتوة.
أثناء ذلك بدأ عناصر الأمن وبإيعاز مباشر من المحافظ سليم كبول وهو من أهالي محافظة السويداء الذي أطلق الرصاصة الأولى بإطلاق الرصاص على المتجمهرين من أهالي المدينة، ما أدى إلى استشهاد وجرح عدد من الشباب. بعيد ذلك وبفضل الله تمكنت من الوصول إلى الجانب الآخر من الملعب، وخرجت، والتقيت بأخي وعمي، و أعلمتهما بأن والدتي قلقة عليهما، لكننا بقينا في المكان، لنبدأ بإطلاق الشعارات مع الآخرين ، ضد النظام، إلى أن غادرنا الملعب بعد ذلك، لنبدأ بالتجول في شوارع المدينة مع صديق لي، ونحن على الدراجة التي أقودها، وليشتم صديقي “بشار الأسد ونظامه المجرم.
عملية التصوير الأولى:
ما أن انتهينا من التجوال في شوارع المدينة، حتى سارعت آنذاك إلى الصديق “باز” أو كما كان يسمى “بازو” شقيق الدكتور فاروق إسماعيل لأطلب منه “كاميرته” ونقوم بالتصوير ليخبرني بأن بعض الأصدقاء قد سبقوني إليها، لاحقاً، علمت بأن الصديق سعود حسين وبعيد الهجمة على الشباب الكرد قد حمل” كاميرته” و صعد أعلى إحدى الأبنية المحيطة بالملعب مع بعض الأصدقاء، ليقوم بتصوير الأهالي خارج الملعب وهم يتجمهرون ويتظاهرون، إلى أن سقط البعض منهم بين جريح وشهيد، حتى لحظات خروج عناصر الأمن من الملعب وإطلاق النار على المارة، وكانت كاميرته الأولى التي خصصت لخدمة الانتفاضة.
وما أن تم الانتهاء من التصوير حتى قام سعود وبالتنسيق مع نصرالدين وبعض الأصدقاء بتحويل الفيديو أو المقطع المسجل من الكاسيت العادي إلى سيدي وإرساله مع حسن زكي أو كما يعرف بـ حسن خاني صوري إلى بيتنا، والذي ظل يتردد إلى منزلنا لمدنا بالمعلومات والمقاطع مع نصرالدين أحمه، و بدونه أحياناً لإنشغال الأخير بنشاطه الفني والميداني.
كثيرون- في الحقيقة- صوروا الكثير من المشاهد التي تمت، لكن ما قدم منه لوسائل الإعلام عبرنا فقد كانت عبارة عن مشاهد تتراوح بين النصف دقيقة أو الدقيقة أو الدقائق، وربما من بين اللقطات التي أخفيت أو أتلفت لقطة إطلاق محافظ الحسكة المدعو سليم كبول أول رصاصة على الجمهور، وأعلمنا في منزلنا عضو في أحد الأحزاب الكردية أنه سيؤمن اللقطة المصورة، وحديث المحافظ إلخ، لكنه لم يف بوعده، ربما لتهرب مصور اللقطات أو لغير ذلك من أسباب، وكان أحد أصحاب الاستديوهات صور بعض اللقطات، ولكن يبدو أن الإعلان عنها تأخر، كما أن هناك من قام بالتصوير الفعلي، ولكنه أخفى ما عنده، بل قيل إن أحدهم كسر كاميرته خوفاً.
أول مداخلة إعلامية مع فضائية الثورة Roj TV و الإعلان عن أن محافظ الحسكة وهو من السويداء أمر بإطلاق الرصاصة الأولى على العزّل:
عندما عدت إلى المنزل لأبدأ بنشر الخبر في موقع “كسكه سور” أي قوس قزح بالكردية “أول موقع الكتروني سياسي شامل كردي قد أسّس في سوريا أواخر العام 2001″ والذي كان يدار من قبل أفراد العائلة “: أخوتي: كرم، أيهم، آراس و أنا” وكذلك في موقع عامودا.كوم الذي كان يدار من قبل الصحفي سيروان حجي بركو الذي مدير راديو آرتا حالياً، وبينما نتناقش وإذ بفضائية ” Roj ” فضائية الانتفاضة آنذاك، تتواصل مع والدي وتعلمه بأن أحد معتمديهم في قامشلو لم يجب على مكالمتهم بل وقام بإغلاق هاتفه.
كان تواصلي مع أغلب إعلاميي فضائية Roj وتحديداً مع نواف خليل و طارق حمو، وذات مرة -قبيل إرسال القرص إليهم- قاموا بإعطائي مفتاح الموقع لتحميل مقطع فيديو من المقاطع المصورة لدينا على موقعهم، إلا أننا لم نتمكن من القيام بذلك بسبب بطء خطوط الانترنت الـ Dial up وعدم توافر خطوط ال DSL السريعة آنذاك.
في ذلك المساء تواصلنا ” أنا و إعلاميي فضائية Roj منهم الإعلامي حليم يوسف و آخرون مطولا، حيث بدأ الاتصال بيننا الساعة 9 مساءً وانتهت المكالمة الساعة 12 و ربع بعد منتصف الليل، تخلل ذلك فقط انقطاع لمدة اقل من دقيقة.
=====================
انتفاضة قامشلو 12آذار2004 بين الفعل الشعبي والاستدلال السياسي «2/2»
قهرمان مرعان آغا
تسويف النظام المجرم للقضية مع لجنة مجموع الأحزاب الكوردية :
لا شك إن عناصر النظام الذين اجتمعوا مع لجنة مجموع الأحزاب الكوردية (المصطلح الذي أُطلق على أحزاب الحركة في حينه) كانوا من ضمن اللجنة الأمنية في المحافظة التي كانت تتشكل من فروع الأمن والمخابرات وفرع حزب البعث وقيادة شرطة المحافظة برئاسة المحافظ، إضافة إلى المسؤولين العسكريين والأمنيين الذين وصلوا من دمشق لتقييم الأوضاع واحتواء الأمر والتصدي للمنتفضين بالعنف المفرط لإعادة هيبة أجهزة ومؤسسات النظام، بالتأكيد ركز جانب النظام على مسألة إحراق بعض المؤسسات وتكسير واجهات بعضها الآخر، (حيث جاء ذلك نتيجة رد فعل طبيعية على قتل المحتجين المدنيين )، لكن في قرارات أنفسهم جلَّ الأمر كان يتعلق بتحطيم الصنم وتحقير صاحبه مؤسس جمهورية الوراثة، والجانبين بكل الأحوال يدينون إحراق تلك المؤسسات والتعدي على حرمة الرموز (الوطنية) (حسب تعبيرات الدعاية الرسمية ) أو تبرير ما حصل بأن طرف ثالث (مندس) قد دخل بين المحتجين …إلى آخر الكلام ولم يكن وعود النظام بتسوية الأوضاع وإطلاق سراح المعتقلين وتعويض الشهداء والمصابين (حسبما أشيع في حينه) سوى تسويف للقضية برمتها وبالنتيجة لم يترتب على تلك اللقاءات، أي انفراج سياسي لصالح قضية الشعب الكوردي العادلة ولا لصالح تسوية الأوضاع بالنسبة للشهداء والجرحى والمعتقلين، بل أزداد استبداد النظام وأساليبه القذرة، وبدأت الحواجز المنصوبة في مداخل المدن بالتضييق على الناس والتعامل الفظ معهم ، بحيث كان يخيَّل لكل من يمر من تلك الحواجز بأن سلطات دولة محتلة دخلت البلاد وهي تواجه شعب أعزل بآلتها العسكرية والأمنية .
12آذار2004 انتفاضة أم أحداث :
حظي مصطلح الانتفاضة بإجماع شعبي في كوردستان ـ سوريا لتلك الواقعة ـ المأثرة التي صادفت 12آذار 2004 في قامشلو، بمن فيهم أغلبية النخب الثقافية والسياسية والاجتماعية فيما اختلفت الأحزاب الكوردية في توصيفها، بين الانتفاضة والأحداث، كلٌ من خلال خطابه السياسي ورؤيته لقضية الشعب الكوردي القومية (دون ذكر أسماء الأحزاب)، باعتقادي لم يأتي هذا الاختلاف من فراغ بمقدار ما كان للطرح السياسي والفكري لكل حزب في مواجهة النظام من تأثير على تكييف مصطلح الواقعة مع نهجه المتبع ومع سيرة شخوصه الذاتية. لكن في المآل شاعت مصطلح الانتفاضة في الشارع الكوردي في عموم كوردستان وفي أدبيات بعض الأحزاب و في نتاجات أغلب المثقفين والكتاب، حتى أضحت الانتفاضة الكوردية علامة ثورية فارقة، ذات دلالات سياسية سابقة على الثورة في عموم سوريا.
صدى الانتفاضة وتداعياتها :
منذ أن ألحقت جزء عزيز من ولايات كوردستان من تركة السلطنة العثمانية بدولة سوريا الناشئة بفعل الانتداب الفرنسي ـ الأوروبي وتقسيم الشرق الأوسط إلى دول ومناطق نفوذ و تجاوز حقوق شعب كوردستان الكبرى في تشكيل كيانه الذاتي المستقل ، بموجب قرارات عصبة الأمم، لم يحدث أن جرى واقعة شعبية، ثورية بهذا الحجم من حيث نطاق شمولها ، بحيث غطت جميع المدن في كوردستان ـ سوريا وأماكن التواجد الكوردي في المدن السورية و بقيّة المدن الكبرى في أجزاء كوردستان الأخرى والمهاجر الأوروبية، كان للناشطين دور كبير في توصيل الصورة اللحظية إلى قنوات التلفزيون الإخبارية الكردية سواء في إقليم كوردستان الفيدرالي أو في أوروبا بفضل ( الانفوميديا ـ وسائط المعلوماتية) و بفضل نقل الصورة والخبر، حصل تعاطف واهتمام دولي بهدف حماية الكورد في سوريا من تعسف وإجرام النظام الشمولي، وحصل اهتمام بحقوق الشعب الكوردي العادلة في سوريا، مما حدا بالنظام التراجع عن ارتكاب مزيد من الإجراءات الأمنية المعتادة في أزمان سابقة مع قضايا داخلية سورية، التي كانت تعالج من خلال الحصار والقتل والتدمير، لكن في الواقع رافق ذلك التردد والتوجس من قبله اتخاذ مزيد من الإجراءات العنصرية التي أصبحت تستهدف الكورد بذواتهم الشخصية من خلال التضييق عليهم بالنقل والفصل والحرمان سواء في الوظائف العامة والمراكز التعليمية و ارتكاب جرائم القتل والمعاملة السيئة بحق الشباب في الخدمة الإلزامية ومحاولة سد جميع مناحي الحياة في وجوه الكورد، وكانت من جملة التداعيات التي أعقبت الانتفاضة ـ استقدام و تمركز قوات من جيش الأسد المسمى بـ( الجيش العربي السوري ) في معظم المدن الكوردية، كما حصل في الجزيرة وبشكل دائم وأصبح فعل القتل العمد بحق الكورد ظاهرة تتكرر في مناسبات أحياء عيد نوروز وفي الجيش و في السجون تحت التعذيب، كما حدث لشهداء نوروز وشهداء الخدمة الإلزامية والشهداء المعتقلين ـ إحياء ثقافة الغزو في البيئات العشائرية العربية البائسة ودفع الغوغاء بالتعدي على الأحياء الكوردية في المدن وسرقة ممتلكتهم وحرقها لتعميق الشرخ المجتمعي بين المكونات التي تتعايش بسلام وأمان ـ إصدار (سندات تمليك) تم بموجبه نقل ملكية أراضي الاستيلاء من ملكية الدولة إلى ملكية المستوطنين العرب (الغمر) حسب حيازة كل فرد السابقة من أراضي الانتفاع التي تعود ملكيتها الأصلية إلى الملاكين والفلاحين الكورد، تم ذلك في نهاية عام 2004 عند تولي قائد شرطة محافظة الحسكة السابق، العنصري (اللواء نمور النمور) سلطة المحافظ خلفاً للمحافظ السابق المجرم سليم كبول ـ إصدار قانون 48/2008 لمنع البناء في الأماكن المبنية خارج المخططات التنظيمية واعتبار محافظة الحسكة بالكامل ومناطق كوباني ومناطق عفرين، مناطق حدودية يمنع فيها تثبيت الملكية وما ويترتب عليها من منع النقل والبيع والرهن والشراء . حدث نوع من التباطؤ في تنفيذ السياسات الإجرامية لنظام الأسد بحق الكورد في شباط 2005 بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، خوفاً من استغلال الحدث بعد الاتهام المباشر لرأس النظام وحلفائه حزب الله بالجريمة وتشكيل لجنة تحقيق خاصة دولية، خوفاً من تداعيات تلك الجريمة الإرهابية على الأوضاع الداخلية في سوريا وعلى إثر ذلك تم إطلاق سراح أغلبية المعتقلين في ربيع/2005، حيث استقبلوا من قبل الشعب الكوردي والحركة السياسية استقبال الأبطال واستمرت المهادنة لحين تاريخ اغتيال شيخ الشهداء معشوق الخزنوي، حيث أعلن خبر الغدر من قبل أعلام النظام في 1/حزيران/2005 .
الوفاء للشهداء :
وفاء الشعب الكوردي ليس له حدود في الاحتفاء بقدسية الشهداء و إحياء ذكراهم في كل عام، حيث ظلت أرواحهم المقدسة تسمو دائماً فوق كل الاعتبارات، لكن الاختلافات السياسية بين الأحزاب على اعتبار أنَّهم يتصدرون الجهد الكوردي المنَّظم، حالَ دون تكامل الموقف من هذه الملحمة الشعبية واستكشاف دلالاتها السياسية والفكرية ودراستها من كافة الأوجه واستخلاص المُحفِزات من هذه الظاهرة الاجتماعية العفوية في المجتمعات الحية، التي تسحق مرتكزات الاستبداد في زمن قياسي خارج تصورات الطغاة وحساباتهم، ثم لا تلبث أنْ تنطفئ لتعود بأشكال وآليات نضالية مختلفة في مواجهة الظلم والطغيان و بالتالي اعتماد تجربة الانتفاضة كمنصة للعمل الميداني السلمي في مواجهة النظام المجرم، حيث أضحت بحق وقبل الثورة السورية/2011 تشكل علامة مضيئة في التاريخ السياسي والاجتماعي للشعب الكوردي في سوريا وفي عموم كوردستان .
و رغم وجود تحالفات سياسية في حينه بين أحزاب الحركة، مثل التحالف الديمقراطي الكوردي في سوريا و وجود حزب يكيتي الكوردي خارج هذا التحالف وفيما بعد، تشكيل لجنة التنسيق الكوردية /2006 وكذلك حزب الاتحاد الديمقراطي، إلا إنه لم يحصل أن اجتمعت ما كان يسمى بمجموع الأحزاب الكوردية في موقف واحد، فيما يتعلق بذكرى الانتفاضة أو ألتزمت بشكل فعلي في إحيائها، وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى تجربة حزب يكيتي الكوردي في سوريا في هذا المجال، حزب يكيتي كان وفياً و رائداّ في إحياء انتفاضة 12آذار2014 في موعد ذكراها دون تسويف ومماطلة والبحث عن المبررات وفيما بعد تمت المشاركة في إطار لجنة التنسيق الكوردية، معتمداً على إرادة الأخيار من أبناء وبنات الشعب الكوردي وهو مدرك في حينه، بأن البناء على هذا الإرث النضالي المجبول بدماء الشهداء وآلام الجرحى وعذابات المعتقلين يجب أن يُستكمل في كل الاتجاهات السياسية والفكرية والاجتماعية و أنَّ قوة الشعب الكوردي لا يُستهان بها وأنّ السياسة يجب أن لا تتخلّفْ عن مواكبة هذا العنوان المقدس ومضامينه، وكان الخطاب السياسي لحزب يكيتي الكوردي يصب في هذا الاتجاه في جريدته المركزية الشهرية (يكيتـــي) حيث تتصدر صفحتها الأولى أيقونة الانتفاضة مشتملةَ لمستطيلات طولية على شكل نوافذ وأبواب متداخلة تفضي بالنظر في نهاية الفتحات إلى فضاء الحرية، مرسوم عليها في الأعلى 12 آذار وفي الأسفل 2004 وكذلك خصصت الصفحة الأخيرة من الجريدة لسيرة شهداء الانتفاضة الأبرار تحت عنوان بارز، كما هو لسان حال أبناء وبنات الشعب الكوردي دائما وأبداَ (لن ننسى شهداءنا) والخلود لذكراهم والعزّة لأهاليهم ولشعب كوردستان . في 7 آذار 2021 .
=====================
القسم العاشر يضم مساهمات كل من السيدات والسادة:
– خورشيد شوزي «1/2»
– كومان حسين
– نجاح هوفاك
– هيفارون شريف
– م. محفوظ رشيد «2/3»
– فائق اليوسف «2/2»
=====================