القسم الثامن يضم مساهمات كل من السيدات والسادة:
– أحمد رستم
– بنية جكرخوين
– فدوى حسين
– قهرمان مرعان آغا «1/2»
– نذير عجو
– زاكروس عثمان «5/5»
انتفاضة الثاني عشر من آذار بعد سبع عشرة سنة
المحامي أحمد رستم
انتفاضة آذار ١٢/٣/٢٠٠٤ يوم الشهيد الكردي وبعد سبعة عشر عاماً نجد أنه كان المفصل التاريخي، لإرادة الشعب الكردي. حيث حطم الكردي جدار الصمت وحاجز الخوف، ليقول للطاغية كفى للمشاريع التمييزية العنصرية والسياسات الاستثنائية بحق الشعب الكردي . فبدأت شرارة الانتفاضة من الملعب البلدي في قامشلو وانتشرت في كامل الجغرافية السورية عامةً، والمناطق الكردية خاصةً ، عَبرَ الشعب الكردي عبرها عن طموحه بالحرية والتحرر من قيود الظلم والاستبداد، وبصوت واحد متجاوزاً الأجندات الحزبية التقليدية، رغم أن البعض من الأحزاب كانت لها مواقف سلبية من الانتفاضة ! وقد ساهم” بعض” شذاذ المكونات والطوائف السورية من ذوي النفوس الضعيفة في جرائم تندى لها الجبين في تحطيم وحرق ونهب المحلات التجارية العائدة ملكيتها للكرد وبمؤازرة من الأمن السوري، ووجدنا البعض منهم نصبوا أنفسهم شهود الحق العام لإدانة المعتقلين زوراً وبهتاناً.
وعندما نتذكر تلك الانتفاضة العفوية ووحدة الصوت والكلمة حيث أثبت أن الشعب الكردي في جميع أماكن إنتشارهم من جغرافيا سوريا الحالية جسداً واحداً من مدينة ديريك وصولاً إلى دمشق ، ونتأسف مما آلت إليه حالة شعبنا بعد الثورة السورية وهذا كان نتيجة إدراك النظام بالخطر الذي يهدد كيانه ومنذ الانتفاضة أستثمر النظام جميع طاقاته في الأحزاب الكردية لتفريق الشارع الكردي، وخير دليل ما نشاهده اليوم على مدى عشر سنوات من الثورة السورية أن الحركة الكردية لم تتوصل إلى موقف واحد بعد، فالبعض ينادي بإخوة الشعوب، والآخر يسمي نفسه بالخط الثالث، سوى أن تأسيس المجلس الوطني الكردي كان أول هيئة سياسية كردية تضم كافة أطياف المجتمع الكردي. طبعاً، في بدايته، وقبل أن يحتكره بعض الأحزاب لمصالحها وأجنداتها الحزبية ؟ وبالتالي، نقول للسوريين الذين يتساءلون عن كردستان الجزء الملحق بسوريا يا جاري العربي إن مصالح الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى اقتضت أن يُقَسِموا كردستان، إلى أربعة أجزاء.
لسنا بصدد ذكر السبب ولكن لتعلم أننا وجدنا أنفسنا ضمن هذه الحدود الحالية المسماة بسوريا، دون أخذ رأينا نحن الكرد ولا أي اعتبار لرأيكم أنتم العرب لذلك حول تساؤلكم عن حدودنا الجغرافية، نقول: إن خريطة كردستان سوريا رسمتها دماء انتفاضة آذار ٢٠٠٤، وقد عرفتها وحفظتها الدولة السورية وحتى الدول الإقليمية والعالمية . وهذه الخريطة هي جغرافيا كردستان الجزء الملحق بسوريا الذين يتكلمون الكردية ناهيك عن الذين هم في جبل الكرد بالساحل وحماة ودمشق وحلب والجولان الذين فقدوا لغتهم الأم .
للعلم أن حافظ الأسد دائماً كان يردد أنه لا يخشى من الديمقراطية للكرد الذين يتكلمون الكردية، وإنما هناك كرد ضمن جغرافيا القسم العربي السوري .؟؟
الرحمة على أرواح الشهداء .
وألف تحية للذين عانوا الاعتقال ونهب أموالهم .
الْخِزْي والعار للقتلة والمجرمين .
=====================
في ذكرى انتفاضة ١٢آذار الكردية
بونيا جكرخوين
تمر علينا الذكرى السابعة عشرة لانتفاضة الثاني عشر من آذار والتي انطلقت من قامشلو الحبيبة فكانت الشرارة الأولى لتحدي وصمود الشعب الكردي والشعب السوري بأكمله وسرعان ما امتدت نيران تلك الشرارة إلى المناطق الأخرى من سوريا. وإن دلت هذه الانتفاضة على شيء فهي لتدل على مدى الكبت الذي عاناه ومازال يعانيه الشعب السوري بأكمله والكردي بشكل خاص اتجاه الاضطهاد والظلم وسياسات التمييز العنصري الذي فرضه نظام الأسد الجائر والذي سكت عنه الشعب سنوات طويلة.
لكن الشباب الصاعد لم يتمالك نفسه ولا كان بإمكانه السكوت عن تلك المظالم والإساءات، فكانت الشرارة الأولى في أحداث الملعب البلدي عندما قدم فريق الفتوة من دير الزور ليواجه فريق الجهاد في قامشلي في مباراة كرة القدم، فكانت استفزازات بعضهم من جمهور فريق الفتوة لفريق الجهاد، وترديدهم شعارات التمجيد بحياة المقبور صدام حسين، وهم في باصاته التي قدموا بها إلى قامشلو، واستمرارهم في ذلك حتى بعد دخولهم الملعب وهم محملون بالحجارة يقذفونها على لاعبي فريق الجهاد ومشجعيه، ويشتمون رموز الكرد، بوقاحة وكراهية، وذلك أمام أنظار رجال الأمن الذين كان من المفروض أن يفتشوهم قبل دخولهم الملعب، كما فتشوا جمهور القامشلي.
هذا ما يعيد إلى أذهاننا أن السلطة تعاونت معهم وخططت لذلك ليكسروا شوكة الكرد، ويفرضوا عليهم قوانين جديدة، تثير غضبهم وتحول دون إمكانهم من استعمال حقهم في الحياة العادية، من شراء وتمليك.
ولاشك أنهم يرون في مدينة قامشلو خطورة كبيرة، لكونها تنسب إلى الكرد، فهاهم يحاولون بشتى الوسائل خلق المشاكل والفوضى لفرض الأحكام الجائرة على أهلها ، لينتزعوا منها أصالتها، ويشوهوها…
أثارت تلك التصرفات التي قام بها فريق الفتوة غضب أبناء المنطقة فكان نتيجة ذلك أن يرد مشجعو الجهاد عليهم بالرد، والاشتباك معهم ولم تمر ثوان إلا وأمطرت السماء بالحجارة في كل مكان من أرض الملعب، فكان لابد من تدخل قوات الأمن، ولكن عوضاً أن يدافعوا عن المظلومين الذين تضرجوا بالدماء أطلقوا الرصاص الحي وأرعبوا من في الملعب، و أحرقوا قلوب الأمهات والآباء الذين هرولوا الى الملعب ليستفقدوا فلذات أكبادهم فوقفت لهم قوات الأمن بالمرصاد، وأصابوهم في مقتل، فكان هناك في البداية ستة شهداء ومن ثم زاد العدد عندما لاحقت أجهزة الأمن الناس، وهم يشيعون الشهداء فأصبح العدد أكبر وأكبر وانتشر الخبر في العالم بأسره وعبر القنوات التلفزيونية .
ثار الشعب في كل مكان من مدننا وهاجم الشباب جميع المراكز الأمنية وأسقط أبناء عامودة البطلة تمثال الأسد المقبور، وانتفض الشعب في كل مكان، ووصلت موجة الانتفاضة إلى حلب ودمشق، وبدأ ت السرقة تنال المحلات التجارية للكرد في الحسكة، وعمت الفوضى في كل مكان.
وهكذا وبحجة أن الكرد خرجوا عن القانون استطاعوا أن يقتلوا ويدمروا ويشتتوا وقد قبضوا على الكثير ين من الشباب الكرد ليزجوا بهم في غياهب السجون، وسارت الدبابات في الشوارع تدخل الرعب بين أبناء المنطقة فكان ما كان، لكن الشيء الملفت للنظر أن الكرد كسروا جدار الصمت والخوف، وأثبتوا للسلطة وللعالم كله، بأنهم جديرون بالحياة والعيش الحر ودامت هذه الإنتفاضة عدة أيام بعد أن راح ضحيتها أكثر من ٤٠ شهيدا ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين ساقوهم إلى زنازين السلطة الغاشمة .
وفر الكثيرون إلى خارج البلاد، وإلى كوردستاننا الجنوبية
كان لهذه الانتفاضة صدى كبير فقد هبت أبناء جالياتنا الكردية في كل مكان، من خارج البلاد إلى الشوارع متضامنين مع الانتفاضة الكردية في قامشلو، وأسمعوا صوتهم إلى العالم أجمع .
لربما لم ترق الأقلام الكردية آنذاك إلى مستوى الحدث، وبقي دون المطلوب، وذلك لأن الحدث كان أكبر من الأقلام، وكان صوت الرصاص أعلى، وبلا شك اختلطت المشاعر ببعضها ولم يفك طلاسمها إلا بعد هدوء العاصفة.
لابد لنا جميعاً أن ندون مشاعرنا ونتركها للتاريخ وللأجيال القادمة، وليعرف العالم بأسره أن شعباً يناضل بضراوة منذ أجيال ولابد أن ينال حريته، لأن إرادة الشعوب أقوى من رصاص العدوان
رحم الله شهداءنا وأسكنهم فسيح جناته والشفاء العاجل للذين مازالوا يعانون من الإصابات
نشارك أهاليهم بمصابهم ونتقاسم معهم آلامهم
المجد للكرد ولكوردستان
=====================
الربيع الكردي سيزهر وإن طال.
فدوى حسين
كانت المرة الأولى التي رأيت فيها مدرعات عسكرية، ورجال مدججين بالسلاح، يجوبون شوارعنا البائسة، في أحيائنا المنفية على أطراف مدينة قامشلو. المدينة الكردية المهمشة من الخدمات، والاهتمام، ودعم المشاريع. المحرومة من أبسط حقوقها العمرانية، والتطويرية، والتعليمة. ولأنها فقط (مدينة كردية) رغم إنكار كرديتها. رجال أمنٍ يصوبون أسلحتهم نحو صدر كل من يخرج رأسه من باب داره. أيام عصيبة، وسحبٌ سوداء غطت سماء المدينة، وحصارٌ ضُرب على روحها وأنفاسها .مازالت أحداث تلك الأيام تدق في عمق الذاكرة، وتقرع طبول الثأر لكل نقطة دمٍ سالت من أرواحٍ بريئةٍ. شرارة ثورةٍ انطلقت من قامشلو بعد أحداثٍ داميةٍ في ملعبها البلدي، و الأمر بإطلاق النار على كل من يرفع رأسه. موكب جنازات شهداءٍ سلميةٍ تحول الى معركةٍ حقيقةٍ، من جهة واحدة
. جهة النظام، طالت كل المدينة. مدينةٌ خرجت عن بكرة أبيها شيباً وشباباً، ينادون ويطالبون بحقوقهم القومية الكردية بشكل دستوري فقوبلت انتفاضتهم بالموت والرصاص. غصت المشافي بالجرحى وامتلأت الشوارع بالجنائز، واكتظت السجون بالمعتقلين، توقفت حركة الحياة إلا حركة القمع، والقتل، والتنكيل والضرب بيدٍ من حديد على كل من يحاول التنفس. تم استقدام قواتٍ عسكريةٍ لتطويق المدينة وقمع الثورة .
رأيت يومها كيف اخترقت رصاصات الغدر قلوباً ورؤوساً كانت مرفوعة تهتف للحرية!. وكيف امتلأت الساحات بفوارغ الرصاص! .كيف كان الرجال والنساء يقفون في وجه الموت، يتحدونه. فجدار الخوف الحديدي تم خرقه، وسلاسل الرعب التي قيدت الحناجر تحطمت، وتمثال الإله الأوحد بعثياً أسقطه أبطال عامودا البطلة. ماعاد الموت يخيف، لم يعد أحد يأبه لصوت الرصاص. وحده هتاف الحرية كان صداحاً. أغلقت المدن، وشابها السواد. حارب رجالات الأمن ألوان الحرية، اعتقلوا كل من يحملها، ازالوها من واجهات السيارات ومعاصم الشبان والشابات، ولفائف الرضع، وحدائق المدينة. واختفت ألوان العلم الكردستاني، ألوان الربيع مع بدء فصل الربيع، و شرارة الربيع الكردي، الذي سبق الربيع السوري بسبع سنوات. ثورةٌ كرديةٌ تنكر لها معارضو اليوم، وشاركوا في وأدها، و حاربوها، ووقفوا إلى جانب الجلاد ضد الضحية. سيف الجلاد المسلط على رقابهم أيضا. لكن ما أن يكون الحق الكردي طرفاً في المعادلة، حتى يتبادل هؤلاء الأدوار و الاصطفافات، ولا يقلون عن جلاوزة النظام في حقدهم، وإنكارهم، وإقصائهم، لمن يدعون شراكة الوطن معهم.
في الثاني عشر من آذار أوقد الكرد شعلة الثورة ولا زالت. ثورةٌ بدأت في قامشلو هب لها كل كردي، في كل مكان، في كل مدينة. في كل ركن وزاوية. على قلب رجلٍ واحد، وبصوتٍ واحد، وصرخة ألمٍ واحدة، تصدح للحرية. رغم كم الحزن والمرار الهائل على من سقطوا بين شهيدٍ وجريحٍ ومعتقلٍ ومنفي. إلا أن حجم السعادة كان كبيراً ونحن نرى كيف لمت الآلام منا شملنا، ووحدتنا في كل مكان داخل الوطن أو خارجه حيث الجاليات الكردية التى لم توفر جهداً لإيصال الصوت الكردي للمنابر الدولية، وتقديم ما يمكن تقديمه من الدعم والمساعدة. كيف انبرى الأطباء لفتح المشافي وعياداتهم، وتقديم العلاج للمصابين والجرحى، وتحمل مسؤولياتهم، كيف صرخت أقلام الحق اقلام المخلصين لتسطر الملاحم وتنشر ما يحدث وكان أولهم الأستاذان القديران إبراهيم محمود وإبراهيم يوسف الذي تحول منزله لغرفة عمليات لإيصال صوت الحق لأنحاء العالم. كيف تسلل الشيب والشباب للمشافي لإنقاذ المصابين والتبرع بالدم .كيف هبت كل المدن لنصرة قامشلو وفك حصارها والمطالبة بالحقوق القومية الكردية العادلة! كما لم ولن ننسى كيف تكالبت بعض العشائر العربية مطالبةً النظام بتسليحها للوقوف في وجه الثورة الكردية ودعم النظام! وكيف هاجم الكثيرون منهم على محال و بيوت وأملاك جيرانهم الكرد وسلبوا ونهبوا ما فيها! والبعض الٱخر فتح بيوته للشباب للاختباء عن أعين رجالات الأمن وعيونهم المدسوسة آنذاك!… أحداث وصور تتزاحم أمامي الآن وأنا أكتب عنها. وتبقى الصورة الأنصع شرارة الربيع الكردي الذي سيزهر يوماً، واتمنى٣ أن يكون قريباً……لأرواح الشهداء المجد والخلود.
=====================
انتفاضة قامشلو 12آذار2004 بين الفعل الشعبي والاستدلال السياسي «1/2»
قهرمان مرعان آغا
عندما تغيَّر العالم في بداية التسعينات من القرن الماضي، بسقوط الإتحاد السوفييتي ومنظومته الاشتراكية في أوروبا الشرقية، أزداد توجس الأنظمة الشمولية في الشرق الأوسط وخاصة نظام الدكتاتور حافظ أسد، وأصبح يتحسس من مجرد أي تحرك شعبي قد يؤدي إلى إزالة بعض (التابوهات) التي كبَّل بها إرادة السوريين و بسبب التطورات السياسية المتلاحقة في الشرق الأوسط، وتشكيل محور دول إعلان دمشق بين (سوريا الأسد) وكل من مصر والسعودية، استعاد النظام دوره الوظيفي من جديد بسبب الدعم المالي الخليجي، كنظام مارق في المنطقة، لهذا استمرت القبضة الأمنية بوتيرتها المعهودة، مع استمرار حالة الخوف والرعب بين السوريين، فيما ازدادت معدلات البطالة و تدهورت حالة الاقتصاد و بالنتيجة بدأت الأزمة المعيشية بالتفاقم من خلال استئثار الدائرة الضيقة للنظام بالثروة والسلطة، إلا إن تعثر مشروع التوريث الأول لأسباب قدَرية، خارجة عن إرادة الدكتاتور الأب، جعله يؤجل كل شيئ يتعلق بالإصلاح وهوامشه، ناهيك عن الحريات التي غابت عن بال السوريين لعقود مضت وأصبحت الكرامة بحكم المراثي في الذاكرة الشعبية، فأضحت الحياة في البلد رتيبة، موبوءة بالخواء السياسي وازدادت معاناة الناس في كافة المجالات، لحين موت الدكتاتور، نعم هكذا صاح السجين السياسي رياض الترك ومعه أحرار سوريا، بعد خروجه من معتقله ( لقد مات الدكتاتور)، لكن بَقيتْ أصنامه وصوره بتعبيراتها و بحجمها وكتلها (الكونكريتية) تخدش المنظر العام وهي تتصدر الساحات والميادين في عموم سوريا .
تحطيم صنم الدكتاتور المجرم حافظ أسد :
عند إتمام إجراءات التوريث بمباركة أمريكية، أوروبية، عربية وإسرائيلية، ( وعلى سبيل التذكير) كنت قد قرأت لافتة في دمشق بالقرب من رابطة الحقوقيين السوريين من أقوال الوريث بشار الأسد، عند جلوسه على كرسي أبيه، بما معناه ( سنستكمل ما بناه الأب القائد الخالد من إنجازات.. ومن يفكر بإزالة ما أنجز أو بالتغيير سنسحقه ..)، هذا الكلام قد قطع الشك باليقين بأن ما كان يشاع من صراع بين الحرس القديم والقيادة الجديدة الشابة ويثار في الإعلام كانت مجرد شائعات أمنية و أن النسخة الثانية من دكتاتورية الابن، ستكون أسوء بكثير من دورة الأب وبعد أحداث 11/ سبتمبر/2001 وبروز ظاهرة الإرهاب وسقوط بغداد /2003، وكما هو عَهدْ النظام من ذي قَبل، عمل على تشخيص عدو داخلي مفترض في هذه المرة من خلال إثارة عواطف سكان بعض البيئات العشائرية العربية المؤيدة لدعاية البعث الصدامي و نشر البلبلة لإلهاء العامة من الناس، لحماية نفسه من المؤثرات الخارجية بسبب تطورات الوضع السياسي في العراق وإقليم كوردستان الفيدرالي، إضافة إلى ذلك ساهمت عدة أسباب على اندلاع الانتفاضة الشعبية في عموم كوردستان ـ سوريا تعود في معظمها إلى السياسات الاستثنائية لنظام البعث الأسدي التي استهدفت الشعب الكوردي في وجوده وكينونته كشعب أصيل يعيش على أرضه التاريخية ، إضافة إلى الشعور والإحساس الدائمَين بالغبن وبالتفرقة العنصرية لدى معظم الأفراد مما زاد من معدلات النقمة عليه وقطع الأمل بأية بادرة قد تساهم في الانفراج ولو جزئياً من معاناة شعب له تمايزه الثقافي و الاثني، فأضحت ممارسات منظومات الدولة الأمنية تخِّيم بجبروتها على مفاصل الحياة وهي تستبيح كل شيء، تكاد تبتلع الدولة عموماً، حيث أصبح الفساد و الابتزاز سمتا المرحلة بامتياز، بينما هنا في الجزيرة و كوباني و عفرين وأماكن التواجد الكوردي، الأمر مختلف تماماً، لسان حال أفراد السلطة التنفيذية و الأمنية المنفلتة، نحن هنا في بلد آخر وبين شعب مختلف، علينا خلق أكثر من مبرر لممارسة أكبر قدر من العنف وبث الخوف والقلق وبالتالي كسب مزيد من المال والحظوة والجاه وهم في حقيقتهم وضمن مجتمعاتهم كانوا من حثالات البشر و من الجدير ذكره إنّ الحركة الكوردية في كوردستان ـ سوريا، من خلال بعض الأحزاب (حزب يكيـتي الكوردي) حاول أحداث ثغرة في جدار الخوف في سوريا عموماً وفي وقت سابق وخلال الأعوام 2002 و2003 من خلال القيام بالإعتصامات والنشاطات الميدانية في العاصمة دمشق، حيث جرت اعتقالات للمشاركين، فجاء الحدث الرياضي في ملعب قامشلو، الذي دفع به النظام الأسدي الأمني والذي يبدو انه كان مدبراً لإثارة الغرائز العنصرية العابرة للحدود والتي تعود للجاهلية الأولى، بين مكونات الشعب السوري، لكسر إرادة الشعب الكوردي المسالم، لهذا كان الرد الجماهيري عنيفاً وحاسماً و يمكن تأكيد القول بأنَّ الإرهاصات الأولى للثورة السورية قد بدأت من قامشلو، بانتفاضة الشعب الكوردي في 12 آذار 2004 من خلال تحطيم أصنام الدكتاتور المجرم حافظ أسد في معظم المدن، لهذا فإن صور الصنم الساقط مادياً تحت أقدام المنتفضين الكورد الأبطال على الأعلام، كان له انعكاسات نفسية في عموم سوريا، لإحداث شرخ ولو بسيط في قدسية الصنم (التأليه البشري) في مُعتَقد السوريين وكسر إحدى حلقات القيد المكبِّل للإرادة السويَّة الحرة لديهم و الأمل باستعادة كرامة الحياة لهم .
دور النظام في توحيد الجماهير الكوردية :
لا شك انَّ النظام الأسدي ساهم بشكل غير مباشر في توحيد صفوف الجماهير في كوردستان ـ سوريا من خلال تخلِّيه عن العلاقة البنيوية مع (ب.ك.ك) وتسليم كوادره لتركيا و حظر نشاطاته و التضييق على الناشطين منهم وسجنهم وخاصةً الذين تأثروا برَدة الفعل من غدر النظام بعد استسلامه للتهديدات التركية بموجب (اتفاق أضنه 1999)، فلم يعد هناك جهة حزبية من الممكن أن تنحاز إلى النظام، في حين أن جماهير الانتفاضة في حقيقة الأمر قد تجاوز السلوك القطيعي الحزبي الملتزم والمشتت للجهد النضالي وأصبح يقود نفسه بعيداً عن وصاية الأحزاب وخلافاتها التي أبقتها في حالة العطالة السياسية .
الفعل الجماهيري وتدارك الأحزاب للموقف :
لا يمكن تجزئة الفعل الجماهيري الثوري لدى المحتجين وهم في حالة العنفوان وفي الوقت ذاته لا يمكن إرجاع عناصره الفاعلة، على مستوى الأفراد والأدوات إلى نفس السوية النضالية، فبمقدار ما لدى البعض من جسارة وتضحية يقابله لدى البعض الآخر مجرد حضور ومشاركة، فمثلما يلتفت المقدام نحو الوراء، ليرى جماهير الشعب خلفه، داعماً له يسند ظهره، كذلك السائرون في الخلف يزداد إحساسهم بالاستقواء من هم في الأمام ومع الحركة تستكمل الصورة والمشهد وفي المحصلة يتحول الفعل الثوري إلى التكامل، فيمكننا تصوّر فعل الذين أسقطوا الأصنام وحرقوا صور ومظاهر التأليه التي زاحمت المناظر الطبيعية وشوَّهت الميادين والساحات وأصبحت كابوساً على صدور أهل البلد، و كذلك دور كل شخص، شهيداً بقدسيته، حاضناً للشهيد بنكران ذاته أو حاملاً نعشاً، أو رافعاً راية أو لافتة أو مردداً لنشيد وهتاف أو مسعفاً، سائقاً، طبيباً ومساعداً، رجل، امرأة، فتاةً، شاباً، فتىً، طفلة وطفل، فكانت المسيرات يد واحدة و هممٍ عالية و صوت واحد وإرادة حرة لا تلين .
تداركت الأحزاب الأمر في اليوم الثاني من الانتفاضة، عند تشييع الشهداء في مسعى للقيام بالدور المطلوب منهم لقيادة الشارع، على أمل الاستثمار السياسي الذي قد ينعكس إيجاباً لصالح القضية والوضع السياسي للشعب الكوردي و نظراً لجسامة الفعل الثوري الشعبي، تقدمت بعض القيادات الجموع ولم يكن هناك إدراك بأن اللجنة الأمنية في المحافظة وبأمر مباشر من المحافظ ممثل رئيس جمهورية سوريا الأسد، الذي أمر بإطلاق النار على المتواجدين السلميين في الملعب البلدي و سقوط شهداء وجرحى بسبب تعديات جمهور الفريق الضيف في اليوم الأول و بالتالي ما لحق إثر ذلك برمزية السلطة الهشة في حقيقتها، في مدينة قامشلو من انكسار و أنّ النظام بجاهزيته العسكرية والأمنية بصدد استعادة هيبته بالمكيدة والإجرام من خلال القتل العمد وبسابق إصرار وترصد، وبالرغم من كل ما حدث، فإنَّ الأوفياء من أبناء الشعب الكوردي الحاملين لنعوش الشهداء أكملوا مسيرة التشييع الطويلة إلى مثواهم الأخير، بالرغم من وقوع المزيد من الشهداء والجرحى، فأصبحت المدينة كلها منكوبة، في الوقت الذي تناقلت فيه الأخبار بدأت المدن الكوردية وأماكن التواجد الكوردي بالاحتجاجات والتظاهر وكانت الهبَّة الجماهيرية في كل مكان عامة، لهذا حازت بحق على تسمية الانتفاضة مصطلحاً ومعنىً .
…يتبع
=====================
انتفاضة 12 آذار الكوردية الخالصة:
الصرخة التي وئدت في مهدها سورياً
م. نذير عجو
بداية لابد من شكر نافذة «ولاتي مه» الإلكترونية وجريدة القلم الجديد (الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا) لمبادرتهما في تناول انتفاضة 12 آذار كتجربة من التجارب الكوردية الخالصة, والمشرّقة وذي المفخرة لكل كوردي يبحث عن هويته, من حيث تلاحم وتكاتف الشعب الكوردي في سوريا على امتداد تواجده على الخارطة السورية من ديريك إلى عفرين وصولاً لكل بعقة وجد فيها ذاك الشعب الموصوف بشعب المآسي والآهات والمجازر والإبادات.
بدأت شعلة تلك الانتفاضة من مدينة الحب قامشلو لتمتد عبر أراضي الجزيرة مروراً بكوباني مدينة الملاحم وعفرين مدينة التضحية وزيتونة السلام وليس وقوفاً عند أحياء حلب ودمشق الكوردية وغيرها من المدن السورية وصولاً لكل بقعة من بقاع العالم احتضنت الكوردي اللاجئ والباحث عن أمنه وأمانه من غدر الأعداء والزمان.
نعم لقد كانت تجربة شعبية قل نظيرها, ليس على مستوى التحركات أو الحركات الكوردية بل تعداها للمستوى الإقليمي وحتى العالمي وتحت مسميات ثورات الشعوب, لتكون استثنائية بامتياز من حيث زخمها البشري على امتداد تواجد ذلك الشعب (بملايين شبابها وشيابها, نساءاً ورجالاً) من ناحية, وواقع وظروف الأجواء المكانية والزمانية للقيام بهكذا انتفاضة عفوية تحت ظل نظام ديكتاتوري بإمتياز, حيث خرج الكورد عن بكرة أبيهم ليعبروا عن سخطهم وغضبهم المكبوت عقوداُ طوال عن واقع حالهم الاضطهادي الإلغائي الإبادي, والتي كانت ملامح التدبير المسبق والممنهج لغزو جنجويد مدينة دير الزور (مشجعي فريق الفتوة) على مسالمي مدينة الحب قامشلو (مشجعي نادي الجهاد) تطغى على تحركات الضيوف الغزاة عبر طرقات وشوارع قامشلو, وفي الساعات الأولية من يوم 12 آذار 2004, والتي فجرتها جريمة القتل العمد للشباب الكورد في ملعب قامشلو على يد أزلام الطغمة الحاكمة وجنجويدها, تلك المقتلة التي كانت شعلة الانتفاضة الشعبية على الطغمة الحاكمة والسلطة الديكتاتورية التي جعلت من سوريا مملكة للرعب والخنوع والخضوع لقوى السلطة الإذلالية والمتحكمة بكل مفاصل حياة السوريين عامة والكورد خاصة, حيث لايتجرأ أحد في التعبير عن أي ظلم أو قهر بل إرهاب سلطوي يلاحقه, وحيث السياسات الممنهجة في القضاء على التواجد الكوردي على أرضهم التاريخية والتي شاءت أرادة الأقوياء في بداية القرن الماضي في أن تقع وفق معاهدة سايكس بيكو ضمن الخارطة السورية الناشئة, فكانت السياسات الممنهجة بحق الشعب الكوردي بغاية تبعثر وإلغاء وجودهم على أرضهم التاريخية التي ألحقت بالخارطة السورية دون إرادتهم وذلك عبر قوانين ومراسيم وتشريعات (الإحصاء, الحزام العربي, المستوطنات, التعريب, التشتيت, الملاحقات, الاعتقالات, القتل الفردي والجماعي)، وهنا لابد ان نتذكر في حينه (الانتفاضة), الموقف العام التنظيمي أو الشعبي في سوريا بعيداً عن موقف النظام التسلطي, والذي يمكن وصفة بالسلبي لابل وصل الحد بالبعض بالوقوف لابل بمشاركة النظام بمقتلة الكورد أو تأييده بما ذهب إليه في قمع وإرهاب الشعب الكوردي, ولن تغيب صورة الجحافل الشعبية بقوافل سياراتهم عبر أحياء وشوارع المدن الكوردية كنوع من التحدي وكسر إرادة الشعب الكوردي كما لاتنسى صورة الجنجويد اللذين غزو وسطوا على المتاجر والمحلات الكوردية وفي كل المدن الكوردية, ليفرّغوها كما عادة غزواتهم, من محتوياتها تحت أنظار رجال السلطة والنظام.
أما دور التنظيمات والأحزاب الكوردية فقد كان خوف القيادات من تحمل مسؤولياتهم التي أقسموا عليها في تنظيماتهم امام سلطة الرعب في سوريا, سيد الموقف, ولذلك كانت أكثر القيادات تختبئ وراء عباءة الجماهير الشعبية المنتفضة حيث يذهبون بحياء وراء تلك الانتفاضة ولم يُسمع عن جرح أصبع أي قيادي أمام استشهاد العشرات ومئات الجرحى وألوف المعتقلات والمعتقلين, وأثبتت الأحداث مدى تطور الوعي الجماهيري والشعبي وتعاطفه مع بعضهم البعض على أساس الهوية ووحدة المصير, مقابل إفتقار أكثر القيادات الحزبية لذلك الوعي بل يمكن توصيفهم بالانتهازيين وقادة الوجاهة الغير مُكلفة الثمن, حيث اختبائهم وراء الجماهير لابل رضوخ بعضهم لأوامر أولياء أمورهم من رجالات النظام الأمنية. ولابد من ذكر الدور الجبار لأبناء الشعب الكوردي في ديار الهجرة واللجوء حيث بصماتهم المؤثرة في نقل ماحدث من جرائم بحق المنتفضين الكورد للجهات الدولية المسؤولة إضافة لتحركاتهم السلمية في شوارع ومدن تواجدهم وأمام السفارات والهيئات الدولية والتي كانت ذي تأثير كبير في الفرملة النسبية لحسابات النظام السوري وتصرفاته اتجاه المنتفضين, حيث عدم ارتقاء جرائم النظام لمستوى الإبادة الجماعية والتي له مهارة مشهودة في هكذا تحركات.
وهكذا لشعب الكوردي ملحمته وانتفاضته الآذارية بحروف من الدماء التي سالت على يد رجالات النظام الديكتاتوري القابع على صدر سوريا منذ عقود وعقود, وكذلك سطرها بالآهات اتجاه موقف السوريين بالمجمل حيث وقوفهم بجانب النظام السوري الجلاد المتوحش وتوجسهم لكليشة الانظمة المغتصبة للحق الكوردي أرضاً وشعباً، وذلك أن أي تحرك كوردي والانتفاضة الكوردية واحدة منهم, بأنها تعبير أولي عن ذهاب الكورد نحو تقسيم البلاد وأنهم الخنجر في الخاصرة السورية أو العربية, وأنهم إسرائيل الثانية، وأنهم وأنهم و…,
ما ذكر آنفاً ليس باتهامات وإنما بمواقف معلنة من قبل الكثيرين من المحسوبين من الشريحة العليا من المؤمنين بالديمقراطية والحقوق المتعلقة بالأفراد والمجموعات، كما يجب أن لا ننسى الدور المتعامي لمحطات الإعلام بشكل عام والعربية بشكل خاص حيث عدم الاكتراث والاقتراب من تلك الانتفاضة المليونية الكوردية بضحاياها الكثر (عشرات الشهداء، مئات الجرحى، آلاف المعتقلين) مقابل الوقوف الدقيق والتحليل العميق للكثير من الأحداث الفردية من هذا البلد أو ذاك وأخبار دهس قطة هنا أو كلب هناك.
وما ذكر من أسطر آهات الكورد أمام موقف الكثير من السوريين المتخاذلين عموماً اتجاه الشعب الكوردي في سوريا، ظهرت آثارها في الأحداث التي سميت في بدايتها بالثورة السورية والتي بدأت في عموم سوريا عام 2011 والتي مازالت مستمرة لحينه، والتي يمكن التعليق عليها بأن ماحدث ويحدث الآن في سوريا إنما هو ثمن لتخاذل السوريين مع الشعب الكوردي ووقوفهم مع النظام الذي فتك بالكل، حيث أنه لو وقف السوريون مع الشعب الكوردي في يوم انتفاضتهم على الديكتاتور لكانت الحسابات غير تلك التي حدثت في عام 2011 حيث أن النظام أخذ احتياطاته الكاملة من تجارب ماسميت بالربيع العربي في الدول الأخرى (مثل تونس وليبيا واليمن)، حيث هيأ الخطة الإخوانية لأخذ دورهم لتحويل ماسمي بالثورة السورية إلى تصدي الدولة السورية لقوى إرهابية عابرة للدول والتي كانت سبباً في إجهاض ماسمي بالثورة لصالح النظامم الديكتاتوري الحاكم، بينما في 2004 كان الزخم الجماهيري ولاسيما الكوردي قادراً على القضاء على أية خطة من قبل النظام من أجل تحويل توجهات الجماهير للخلاص من الديكتانورية الأسدية نحو الإرهاب الإخواني، وكانت شروط الانتصار أقرب إلى الواقع والحقيقة.
بالنهاية لابد لنا من ترجي وتوسل الهدوء والسكينة والإجلال لأرواح شهداء انتفاضة آذار الكوردية الخالصة والمباركة، وألف شكر وعرفان وإكبار لضحايا التعذيب الوحشي في أقبية النظام المتسلط على رقاب السوريين نتيجة مشاركتهم في تلك الملحمة التاريخية، وألف باقة ورد لكل من شارك في تلك الانتفاضة وهو يتحدى أكبر إمبراطورية للقهر والإذلال والتوحش.
=====================
الأسباب المباشرة لانتفاضة 12آذار «5/5»
زاكروس عثمان
ماذا جرى في ملعب نادي الجهاد، من قتل الشبان المحتجين، يعرف عن الشارع الرياضي في قامشلو بانه اكثر جمهور رياضي في سوريا يمتاز بوعي عال وثقافة رياضية راقية وروح متسامحة وجمهور مسالم، ونادرا ما يقوم بأعمال شغب في ملعبه أو ملعب الخصم، ولم يحدث انه ارتكب تجاوزات بحق النادي الضيف والمشجعين المرافقين له، في 12 آذار 2004 حضر جمهور نادي الجهاد إلى الملعب كما يحضر أية مباراة للمتعة و الإثارة وتشجيع ناديه، وكالعادة احضر الناس معهم أطفالهم، ولو كانت لدى الكورد نية مبيتة لإثارة أعمال شغب ما كانوا غامروا باصطحاب صغارهم إلى ساحة يعرفون إنها سوف تتحول إلى ارض معركة هذا من جانب، ومن جانب آخر لو كانت في نية الكورد اشعال معركة ما كانوا دخلوا الملعب وهم عزل من السلاح، ولهذا فأن محاولات توجيه الاتهام إلى الكورد بأنهم من بدأ بإثارة أعمال الشغب وإشعال فتيل الأحداث هي محاولة مضحكة، الغرض منها التستر على المجرمين الفعليين اللذين خططوا للجريمة مسبقـًا، واستطيع الجزم أنه في الساعات الأولى من الأحداث لم يكن لأي جهة سياسية كوردية علاقة بالأمر، بدليل ان احزاب الحركة الكوردية دون استثناء تفاجأت واصيبت بالاضطراب والذهول ولم تدرك كيف تتعامل مع حدث ضخم لم تكن تتوقعه، بكلام آخر الاحزاب كانت آخر من يعلم، فلو كانت الانتفاضة من تخطيط الاحزاب لكانت مستعدة لها وتعمل على قياداتها منذ البداية، ولكن لم اجد حزبا انبرى ليتولى القيادة، وهذا يعني ان الاحتقان والتوتر في الملعب لم يكن مصدره الجمهور الرياضي لنادي الجهاد ولا الكورد ولا الأحزاب الكوردية.
ما حدث هو ان جمهور قامشلو الرياضي فوجئ بانه يتعرض دون سبب لاعتداءات سافرة داخل ملعبه، ما ادى إلى تسارع الأحداث التي لم تترك للكوردي خيارات كثيرة بل فرضت عليه أن يتحول من موقع المفعول به إلى موقع الفاعل، ربما لان الحدس الشعبي احس بشيء غير طبيعي يجري على الارض، وما ان تحرك الكوردي للدفاع عن نفسه أفصح المجرمون القادمون من دير الزور عن نواياهم وأهدافهم، وتبين انهم تحت حماية شرطة النظام، لم يبقى أمام الكورد سوى الرضوخ للأمر الواقع وخوض معركة فرضت عليهم فرضا، للدفاع عن أنفسهم وحماية أطفالهم وصون كرامتهم القومية، الجميع قرروا التحدي، توحدت الإرادة المشاعر والمواقف لدى كافة فئات الشعب الكوردي، من نساء ورجال وكبار و صغار و أحزاب إلى زعامات اجتماعية، وما يثير الاهتمام أن البعض من المواطنين الكورد اللذين كانوا محسوبين على النظام قد استيقظ ضميرهم ودبت في عروقهم دماء الكوردايتي ليقفوا إلى جانب أبناء جلدتهم متضامنين قولا ًو فعلا، الطعنة الآثمة ايقظت الحجر فكيف لا تحرك نخوة البشر، انخرطت هذه الفئة في حركة شعبها ونسيت امتيازاتها ومصالحها الخاصة التي نالتها من وراء تبعيتها للسلطة، لتشارك في رفض الظلم و القهر بعد ان طفح الكيل وما عاد بوسع الكوردي تحمل المظالم أكثر، رفض الكوردي مهما كان اتجاهه انتمائه فظاعة الجريمة، حيث طغت عاطفته القومية والإنسانية على الاعتبارات الأخرى، وهذا يفسر كيفية تحولت الأحداث بسرعة كبيرة إلى فيضان بشري يجري في شوارع قامشلو.
في المساء انتزع الكورد زمام المبادرة من العصابات الشوفينية والعنصرية، وشعر النظام انه اخطأ الحساب ودخل في ورطة لا يعرف الخروج منها، وتأكد له ذلك في صباح 13 آذار حين خرج الكورد في كل مكان للتضامن مع قامشلو، وعبر الشعب عن إرادته فيما عجزت سلطات النظام عن التحكم في سير الأحداث، إذ كان جواب الكورد قويا سريعا وغير متوقع، أربك الجهات التي دبرت جريمة ملعب قامشلو فلم تعرف كيف تخرج نفسها من ورطة اكبر من حجمها دون أن تدفع ثمناً باهظاً لمغامرة غير مدروسة.
من هي الجهات المجرمة التي قتلت إخواننا في محيط ملعب قامشلو و زرعت الأسى في قلوب أمهاتنا وذكريات قاتمة لن تفارق مخيلة كل طفل كوردي كان موجودا في الملعب، الاجابة تحتاج إلى لجنة تحقيق دولية، ولا اظن ان النظام سوف يسمح بذلك، ولكن استنتجت ـ بتحفظ ـ من مشاهدات مباشرة ومعلومات واحاديث سمعتها من عشرات الشبان في محيط الملعب ومن موظفي بشركة النفط والغاز جنوب مدينة الحسكة، ان النظام السوري اوجد شبكة إجرامية خصوصا لتنفيذ هذه العملية:
ـ جهات في السلطة السورية بمحافظة الحسكة وبالعاصمة دمشق، مسؤولين سياسيين و إداريين و أمنيين.
ـ عناصر موالين لصدام حسين من العرب السوريين من سكان محافظة دير الزور بالإضافة إلى عراقيين من فلول فدائيي صدام الهاربين من الفلوجة إلى سوريا.
ـ عناصر إرهابية مجهولة الهوية
تقاسمت أطراف العصابة الأدوار، عناصر من النظام السوري تولوا عمليات التخطيط وتوفير الظروف المناسبة للمنفذين للقيام بالعملية دون عراقيل “دعم اللوجستي” من تسهيل حركة المجرمين للتنقل مع أسلحتهم من مواقعهم إلى قامشلو وتسهيل دخولهم الملعب دون تفتيشهم، ومن التدخل الميداني لمساعدتهم إن كشف أمرهم أو فشلوا في القيام بالمهمة، أو إنقاذهم في حال الضرورة و الطوارئ .
أما المنفذون فهم العصابة التي جاءت مع جمهور نادي الفتوة من دير الزور و تسللت إلى الملعب تحت قميص الرياضة وهم شراذم الصدامين العراقيين و السوريين، وكانت الخطة أن يقوم هؤلاء باستفزاز جمهور قامشلو من خلال التحرش بالمواطن الكوردي والاعتداء عليه والإساءة إلى رموزه القومية لافتعال مشاجرات وأعمال شغب توفر ذريعة لتنفيذ الجريمة الحقيقية التي كلفوا للقيام بها لتكون مبررا لارتكاب أجهزة النظام عمليات قتل بحق الشبان الكورد.
=====================
القسم التاسع يضم مساهمات كل من السيدات والسادة:
– عبدالباقي حسيني
– جميل ابراهيم
– زهرة أحمد
– م. محفوظ رشيد «1/2»
– فائق اليوسف «1/2»
– قهرمان مرعان آغا «2/2»
=====================