أحمد عبدالقادر محمود
في أواخر سنة 2011 م أمسك صديقي لي تاجر من تجار حلب المدينة التي أقمت فيها أكثر من ربع قرن من يدي وجذبني إلى غرفة أخرى من غرف شركته ، وقال لي : هون لن يسمعنا أحد ، قول لي هل سيسقط هذا المعلاق ؟ هذا المصطلح يستخدمه الحلبي بكثرة وصفا للمقرف وثقيل الدم ، قلت له : أي ما بدها كل هذا الحذر يا صديقي الدنيا قايمة قاعدة وعلى كف عفريت . حقيقة حينها لم تكن حلب قد دخلت الحراك بعد وهذا كان محل نقدي ولكن أحداث السبعينات كانت ماثلة أمامهم مما جعلهم يحجمون عن اتخاذ موقف من الانخراط فيها ، ومن أقام حلب هو ريفها .
لقربه مني كان يثق بأرائي، أي سقوط يا رجل النظام هذا معشش وتكاد جذوره تظهر في أسيا وأفريقيا وأوربا وحتى في امريكا المرتبطة عضويا مع إسرائيل ولن يسقط قبل أن يُسقط سوريا برمتها ، مع شدة استغرابه وقوله : كيف وأغلب الدول تقف الأن مع مطالب الثوار ! فسرت له الأمر ببساطة شديدة وكتبت ذلك في صفحتي سنة 2013 م
أولا هذا النظام الديكتاتوري العنفي المجرم لن يستجيب لمطالب الشعب مهما صغر سقفها ، وقد بدء فعلا بالقمع من اليوم الأول وهذا مؤشر إنه لن يرضخ لحثالة من الناس كما سماها النظام ونشرتها وسائل إعلامه وتبنتها .
ثانيا : الدول التي ذكرتها لها مصالح وأجندات مختلفة بالمنطقة وستراعي مصالحها هذه عبر مراقبتها عن كثب إلاما سيؤل إليه حال الحراك وإلى أي مدى تحت قاعدة لا ضرر ولا ضرار ، وحينها ستدير الأمر وفق منظورها ورؤيتها .ثالثا : الصراع بين القوى الكبرى الفاعلة صاحبة الأجندات في المنطقة سيظهر للعلن وتيدأ المساومات وخاصة بين الروس والأمريكان من جهة وبين الروس والأوربين من جهة أخرى ويجب أن لا ننسى كيف تنظر إسرائيل إلى هذا الحدث وأيضا دول الجوار ( الحدودية ) .
رابعا : النظام السوري يدرك كل ذلك ويدرك أيضا أن تدويل الحدث يصب في مصلحته ويطيل من عمره ، فهو يمتلك كل أوراق اللعب في الداخل والجواكر الدولية أيضا ، فروسيا والصين سيستخدمان الفيتو ضد أي قرارٍ مقدم لمجلس الأمن الدولي ليس حبا للنظام إنما مراعاتهما للعبة الصراع والمنافسة على المصالح .
خامسا : وهو الأهم داخليا سرعان ما ينقسم الثوار بين قوسين فيما بينهم تبعا للتجاذب الذي سيحصل وهوالصدى المنبعث من الدول المتصارعة ذات الأجندات مما قد يؤدي إلى حد التناحر فيما بينهم وخاصة إذا ما علمنا أن الحراك شعبي ليس له قيادة موحدة تقوده ، مما يسهّل على الداعمين التحكم بهم ولا سيما عندما تفرد الحقائب المتخمة بالدولار أمامهم .
حقيقة لم يستسغ كلامي هذا وقال لي أنك في وادي والأمر في واديٍ أخر . هي عدة أشهر وسنراه بين أيدينا مذلولا وسنفعل به الفعايل هذا المعلاق الأبله .
عقدٌ مر بكل المرار الذي لعقه السوريين بكل مكوناتهم بين شهيدٍ ومعتقل ومفقود ومهجر ونازج ومكلوم إلى جانب الدمار المذهل الذي شمل أغلب المناطق السورية ، كانت ثورة وبريئة فتحولت لدى البعض إلى ثورٍ هائج وعند البعض الأخر ثروة، وعند البعض المسالم والرافض للتسليح كارثة جعلته كعصف مأكول .
الثورات الحقيقية هي الثورات التي تؤدي إلى تغير حقيقي اعتمادا على بنية صالحة ومتماسكة لها مشروع ورؤية وبرنامج ، إنما هذه الثورة بين هلالين غيرت المجتمع السوري برمته من تعاسة إلى تعاسة أعمق وأشد ويل والشكل الجغرافي للدولة إلى حطام دولة وذلك من خلال بنى فاسدة كان همهم الأوحد ليس تغير النظام بقدر همهم الجلوس على عرشه والتمتع بسلطاته وسلطانه . لم يكن همهم السيطرة على الأرض واستخراج ثرواته من أجل توزيعها العادل بين الشعب إنما من أجل النهب والسلب . تحت شعار الحرية والكرامة استعبدوا الناس وهدرُ كرامتهم واستباحوا أعراضهم .
هولير