من المرجعية .. الى المسرحية

رأي الديمقراطي 

بعد تشكيل التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا ، والذي يضم أربعة أحزاب وكذلك الجبهة الديمقراطية الكردية في سوريا والتي تضم ثلاثة أحزاب ، تفاءلت الجماهير الكردية خيرا من حيث ان تشكيل هذين الإطارين وضع حدا لحالة المهاترات والتشتت السياسي ،وأفرزت حالة تتسم بالموضوعية وتراجع فكرة رفض الآخر واستعيض عنها بقبول الأحزاب لبعضها البعض ، بل وأكثر من ذلك فقد تمت مشاركة الشخصيات الوطنية المستقلة  كما حدث في التحالف وإنشائه ( الجلس العام للتحالف ) الذي يضم الى جانب الأحزاب المنضوية فيه ممثلي شرائح المجتمع من خارج التنظيمات الحزبية من فعاليات اجتماعية وثقافية..
ثم تلى ذلك انبثاق  الهيئة المشتركة للتحالف والجبهة واتفاقهما على (رؤية سياسية مشتركة) لحل القضية الكردية ،وهذه بدورها كانت موضع تأييد ومساندة الجميع.
وبعد أن أثبتت هذه الخطوات فاعليتها السياسية ونالت ثقة الجماهير ، طرحت (الهيئة المشتركة للتحالف والجبهة) فكرة تطوير هذه الأطر فطرحت موضوع عقد مؤتمر وطني كردي ،تنبثق منه مرجعية سياسية كردية في سوريا ، تحدد مطالب الكرد وتصيغ خطابه السياسي وأدوات وأشكال نضاله اليومي ..

لكن ومع الأسف فان هذه المبادرة قوبلت من قبل (لجنة التنسيق الكردية) بوضع شروط تبدلت وتغيرت وازدادت كلما أبدى كل من (التحالف والجبهة) مرونة في التعامل معها حرصا على المضي قدما في عقد المؤتمر مع بقاء أمرين ثابتين في هذه الشروط ، أولهما عدم رغبة (لجنة التنسيق) في الذهاب الى المؤتمر ، وثانيهما محاولة فرض رؤيتها على الجبهة والتحالف والأحزاب الأخرى خارجهما، واشتراط القبول بهذه الرؤية كمرجعية سياسية قبل أي حوار حزبي أو أي مؤتمر ، وهذا يعني إلغاء دور المؤتمر تماما ، فالمرجعية والتي لها أسسها ومقوماتها وأهدافها الوطنية والتي لا بد لها أن تنبثق من مؤتمر تشارك فيه الأحزاب والفعاليات الاجتماعية ، عبر تصويت ديمقراطي ، تنال فيه رأي الأكثرية..
لقد تبين خلال السنتين الماضيتين أن الأسلوب التسويفي والمماطلة ووضع الشروط ، قد حول المسألة من تشكيل مرجعية ، الى مجرد مسرحية لن تنتهي فصولها كلما استمر ذلك التسويف ، كما أن إكثارالشروط له جوانب ما زالت خلف الستار وهي تتحين الفرص لإجهاض أي بصيص نور وأي أمل يمكن أن يفتح الطريق أمام عقد المؤتمر المنشود.
فاذا كنا كأحزاب سياسية وفعاليات ثقافية واجتماعية جادين ومقتنعين بأهمية انشاء مرجعية كردية ، فلا بد لنا أن نبتعد عن تلك المسرحية، ولا بد لنا من وقفة جادة على ما تحمله من أفكار ترفض المؤتمر وترفض المرجعية جملة وتفصيلا ، فالثابتين لدى (لجنة التنسيق) هما الفصلين الأساسيين في المسرحية ، ففي الفصل الأول محاولة رفض عقد المؤتمر وإقناع الآخرين بذلك، والإكتفاء بـ(حوار حزبي) ضيق، ورفض إشراك الجماهير الكردية غير الحزبية في الحياة السياسية الكردية، تلك الجماهير التي كانت ولا تزال وسيلة النضال الأساسية وهي جزء هام من الحركة السياسية ، والهدف هو عزل الحركة السياسية الكردية عن الجماهير، ومحاولة اضعافها لتكون هدفا سهل المنال من قبل خصومها.
ثم يأتي الفصل الثاني :  ليطرح فرض رؤية (لجنة التنسيق) على مجمل الحركة الكردية بعد ابعاد الجماهير عن القرار السياسي ، أي رفض حتى مرجعية حزبية ، فهي لا توافق على اجتماع الأحزاب والتصويت على رؤية تصبح مرجعية سياسية ، بل تطالب من خلال تشبثها بشروطها أن تصبح (لجنة التنسيق) ذاتها هي مرجعية للكرد في سوريا ..!!
وأخيرا ، اذا كانت المسرحية مكشوفة الى هذه الدرجة ، فان الاسراع في عقد المؤتمر الوطني الكردي، بمن يرغب في المشاركة بدون شروط ، يصبح ضرورة وطنية وقومية ، لا يقبل التأجيل.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…