عفرين الخاصرة الرخوة

عباس عباس
كما كانت شنكال خاصرتنا الرخوة، وتسللت من بوابتها الواسعة قطعان الغدر من أبناء آوى، ودفعنا الثمن في لحظتها أغلى مما يقدرونه البسطاء من الكورد، وهم على حجج واهية كانت هي أقرب للخيانة، لتتكرر هذه المرة في خاصرتنا الرخوة الثانية، حين تسللت قطعان من الذئاب وهي أشد شراسة من أخواتها في شنكال، ذلك بمباركة من دول الغدر، وبقيادة الفاشية التركية، ألد أعداء الكورد عبر التاريخ، والمؤسف له أن يضاف للتبريك من الدول ولفعل الفاشية التركية، ترحيبٌ خسيس من البعض من الكورد، وهم كذلك على حجج هي أقرب للخيانة إن لم تكن الخيانة نفسها . 
لن يفيدنا مهما أرتفع عواءنا ولن أقول صراخنا، لا في شنكال التي تصدرت واجهة الخبر في حينها، ثوب فتاة بكر مزقه داعشي فاجر، ولن يصد اليوم بكائنا على عفرين ابن عاهرة وهو يحمل فاساً يقطع جذع شجرة زيتون.
وأنا على يقين، أن الجرح في شنكال كما في عفرين اليوم، ومن قبلهما في جزرة ونصيبين أو في قامشلو وحلبجة، لهو أعمق من أن ترطبه دمعة ساخنة، أو تخفف من وجعه كلمة عابرة، إلا أننا وقد تعودنا أن نواسي أرواحنا المنهكة بالأمل، وإن كانت هي نفسها تحمل من الخيبة الكثير، كما هي العادة. 
الفعل وليس الأمل، هو ما نحتاجه، نحن على أمل أن نفعل ما بوسعنا، أو ما كان بوسعنا أن نفعله بعد أول لدغة تلقيناها من عقرب صحراوي، ليس في شنكال إنما في حلبجة، ذلك بردّ فعلٍ معتبر، تكون عبرة يدفع بالظالم أن يسأل نفسه قبل أن يخطو نحونا بالسوء مرة أخرى.
بكينا وتبكبكنا وذرفنا أدمعاً كانت كافية أن تجف على الأولى، إلا أننا لم نثبت للعالم أجمع ولا للإعداء بشكلٍ خاص، أن لحمنا مرٌّ بمرارة العلقم، ذلك لو أننا أقدمنا على محاسبة المسيء مهما كان وبكل الطرق المتاحة وعلى شوارعهم وأزقتهم، وليس الاكتفاء بالاختفاء وراء حجج أصبحت غير مقنعة للصغير قبل الكبير من الكورد.
الكوردي ينسى، ينسى جرحه وهو ما يزال ينزف، والكوردي مسامح، يسامح العدو وخنجره مغروس في ظهره، والكوردي شجاع، شجاعٌ للدرجة أنه يقاتل بدون كللٍ أو مللٍ حتى بدون أن ينتصر.
ونصدق كل هذه الترهات، حتى بتنا حقاً ننسى ونسامح ونقاتل بدون كللٍ أو مللٍ على كل الجبهات، ولكن منفردين، ذاك في شنكال وهذا في عفرين، كما السيد رضا في ديرسم والشيخ سعيد في بالو وكينجو، فالتاريخ لابد أن يعاد، وأحياناً مع العدو ضد كوردي مثله أو ضد الأعداء، فلا فرق، المهم أن أننا نقاتل ونثور ونتمرد حتى نعطي ما يبرر للعدو لقتلنا، وسبي نساءنا، وقطع أشجار زيتوننا.
أغرسوا ثقافة الانتقام، عمقوا ثقافة الحساب بالمقابل، ضعوا التراب في المُقل حتى لا تذرف دمعاً بعد اليوم، واهمسوا في أذان الأحفاد تاريخ العار، وأوقفوا الكذب على الذقون وأنتم تنفخون في عظام الأجداد، وهم كما تعلمون علم اليقين، لم يكونوا حقيقة سوى بسطاء لا حول لهم ولا قوة، ولن أقول أسوأ من هذه .
آخن-ألمانيا
27/2/2021م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…