هل ما نقراه عن التاريخ كله صحيح

خالد بهلوي 
عند ما تقرأ المواضيع وخاصة التاريخية، سواء أكان تاريخ الأمم والممالك والقوميات والملوك والثورات. او تاريخ الشعوب والطبقات المسحوقة بأشكال مختلفة تعتقد لأول مرة بان كل ما كتب صحيح وسليم بعد ان تتمعن وتتنوع لديك مصادر القراءة والبحث في أي موضوع تاريخي تجد انها كتبت بأشكال وأفكار مختلفة تختلف من مؤرخ ومن كاتب الى آخر.
 تكتشف ان الحقيقة نسبية بأشكال مختلفة بعضهم يقتربون من الحقيقة واخرون يبتعدون كليا، كل يكتب او كتب حسب سلطته أو موقفه وايمانه او مصلحة من ينتمي اليه المغلفة أحيانا بشيء من محاولة التقرب من المصداقية أحيانا تكون مثبته بشهود عيان. مع ذلك نفس شاهد العيان ينقل ويؤرخ الحدث حسبما تعليمات مسؤوله او قيادته او اجندات من يقدم له العون والدعم والامتيازات. 
نحن نعيش عصر الانترنيت والكاميرات ومتابعة الاحداث لحظة بلحظة بالصور والفيديوهات، مع ذلك هناك قصص مختلفة عن نفس الحدث الذي تابعناه جميعاً من ألفه الى يائه؟ مثلا الاحداث السورية منذ عشر سنوات نعيشها لحظة بلحظة ونتابعها كل من موقعه ومركزه والكل يحلل ويفسر الحدث حسب مصلحته وسياسته فتظهر المقالات والتحليلات بأشكال مختلفة.
أحدهم ينقل الحدث مغاير للواقع وينشرها وللأسف يأتي من يصدق ويصفق وينشر له ويراهن على صدق ما ينشر وهو يعلم انها بعيده عن الحقيقة والواقع.
 فبعد سنوات يأتي المواطن ليقرا ما حدث في سوريا سيجد حتما الكثير من المصادر والتنوع فيها المزيف وفيها الصادق وفيها من تهرب من مسؤولية قراءة الحدث، لعنوان وتاريخ ومكان واحد.
ويمكنك قياس ذلك على الكثير من الاحداث الأخرى قديماً وحديثاً، من تاريخ الشخصيات والثورات تاريخ والمدن والشعوب والقوميات.
الآن في بلادنا من يكتب التاريخ ثلاث فئات: السلطات السياسة الحاكمة بقوة الجيش والامن والقمع والسجون للمعارضين وتكتب على هواها وتغيًر التاريخ بلا رحمة لتحافظ على موقعها وتبيض صفحاتها للأجيال القادمة.
 بعض من أبواق معارضة تلك السلطات الأولوية عندها الهجوم على السلطة الحاكمة وتزييف الحقائق بشرط ان تكون تناسب مصلحتهم ولا يهم إن غيروا الحقيقة كلها او نصفها فقط، ليحافظوا على ما اكتسبوه من وراء استغلالهم لمطالبات الشعب بالحرية والكرامة.
المستقلين الذين ينحازون أحيانا لطرف. ومن ضمنهم كتاب الغفلة الذين ظهروا في السنوات القليلة الماضية او ما يسمون بجيل الانترنيت والتواصل الاجتماعي، بعضهم يحاول ان يكون حرا وصادقا في نقل الحدث وارشفة التاريخ بمنظوره الخاص لكن عددهم وتأثيرهم قليل على سير كتابة التاريخ فقط دورهم محصور بأرشفة الحوادث أيضا من وجهة نظره. وقسم من الوطنيين والمخلصين الشرفاء يكتبون للتاريخ لكن أحيانا تضيع مصداقيتهم بين اكوام المزيفين.
 نحن شهود عيان على كل هذه الاحداث السورية التي جرت من حولنا ومع وجود كل هذه الأدلة المرئية والمسموعة والمكتوبة أمامنا يأتي من لا يصدق ويسرد الحقيقة بشكل مغاير. وقسم يكتب ويزيف الحقائق ويأت من يصدقه ويعلن انها الحقيقة الكاملة.
 هل نكتب الحقيقة؟ حقيقة ما جرى معنا والتي تحدث وحدثت امامنا؟ الكل يحاول ان يقنع الكل بصحة أحداث حدثت في الامس او اليوم بانها ثابتة لا تقبل الشك؟ فخمسة مراسلين جالسين في غرفة واحدة او خمس شهود عيان للحادثة نفسها يكتبون خمس قصص مختلفة لنفس المشاهدة وكلها تنشر وتصبح تاريخا سوف يقرأها أحفادنا ويؤمنوا بها كحقائق لأنها كتبت وأرخت من قبل شهود عيان. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…