الكورد… وفكا كماشة وأكثر

عزالدين ملا

ها قد انتهى عام آخر دون أمل، نحصي الأعوام على أمل أن يأتي ذاك العام الذي ينتظره جميع السوريين كي تنهي مأساته الذي لا ينتهي بكلمة أو بعبارة، ولا حتى مجلدات بحجم الجبال.
السوريون ومنذ السنة الأولى من المأساة ينتظرون نهايتها، مرت عشرة أعوام ملؤها سواد، الحرية التي إنتظرها السوريون تحوّلت إلى بحر عميق يبتلعهم.
منذ ان خرجت الثورة السورية عن مسارها، وتحولت الثورة بأيادي العملاء والخونة وبمساعدة النظام المجرم وأعوانه وحلفائه إلى كارثة خطيرة لحق بالسوريين، أصبحت أرض سوريا مكان لا يمكن العيش فيها، لا أمان ولا استقرار،
 الخوف اخترق جدران المنازل وانتشر في الشوارع والأزقة، فما كان من المواطن السوري إلا ان يبحث عن طريقة للهروب من هذا المستنقع إلى مكان أكثر أمانا، ولو إلى حين، وحتى الهروب لم يكن بتلك البساطة، فكان بحاجة إلى دفع الكثير، لم يكن أمامه سوى بيع كل ما يملك- المنزل، الأثاث، مصوغات،… إلخ-، وحتى دفع حياته ثمناً لنجاته، وهذا كله لم يشفع له، بل زاده إنهاكا وهلاكا.
ان ما حدث خلال السنوات الماضية ضرب جميع القيم والمبادئ الانسانية عرض الحائط، خرج النظام العالمي كـ الوحش المفترس ينهش في جسم الانسانية دون رادع اخلاقي لـ لجم القتل والتدمير في بقعة كان يعتبر من أكثر بقاع العالم أمانا إذا ما قورنت بالوضع الحالي، صحيح أن النظام الأسد الدموي المجرم اغتصب حريات وممتلكات السوريين وحياتهم، ولكن أثبتت التجارب والكوارث اللاحقة أن النظام العالمي أكثر دمويةً وشراسةً وإجراماً، فقد اغتصب كل شيء.
 ولكن في الخفاء مقايضات ومتاجرات بين الدول الكبرى على حريات السوريين، لم يهنأ المواطن السوري لا في الداخل السوري حيث الخوف من المناورات التي تحدث بين هذه الدول، ولا في الخارج حيث أصبح المواطن السوري سلعة للضغط والمتاجر، وبين هذا وذاك أيضا لم يسلم السوري، فقد هلك الآلاف تحت رحمة صواريخ وقذائف المليشيات والفصائل المسلحة التي تنتشر في كل زاوية وبقعة من الأرض السورية، وكما غرق الآلاف في بحار العالم والموت في الغابات والشاحنات، ومن الملاحظ أن هذا كله وأكثر لم يرتوي الضمير العالمي من الفظائع والدمار والقتل التي تقشعر لها الأبدان.
وبين هذا المحتوى الفظيع، يظهر الوضع الكوردي في شكل أفظع، لأن السوريين بين فكي الكماشة، أي بين الدمار والقتل والتهجير وبين المقايضات الدولية والصمت العالمي، أما الكورد بين هذا وذاك ويزيد، أي أن الشعب الكوردي في كوردستان سورية بين ما يحصل للسوريين وبين ما يضمره السوريون تجاه الكورد، فوق كل ما لحق بالسوريين من انتهاكات، هم أي السوريين ينتهكون حياة الكورد من خلال العقلية العنصرية الشوفينية تجاه أخاه الكوردي، هذه العقلية الذي لا يقبل تحاور والتكاتف والتسامح مع الغير. 
لذا من الأجدر على السوريين التكاتف والتحاور وعدم إلغاء الآخر من أجل تشكيل جبهة سورية موحدة للمطالبة بمستقبلهم، وهنا أيضا سيقف العالم مع الحل السوري الشامل، بدون ذلك سيكون مصيرنا في كل عام كـ سابقه. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…