عبداللطيف الحسيني
ما كنتُ أظنُّ يوماً أنّي سأقرأُ خبَراً عن اعتقال صديقي الأهدأ “طالب أسعد” مدرّس الرياضيات في ثانويات محافظة الحسكة المُعتقَل منذ أيام من قِبل حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يحكم المناطق الكرديّة السورية كحزب واحد أوحد منذ حوالي عشر سنوات، والحجّة في اعتقاله أنّه يعطي دروساً لطلّاب المرحلة الإعدادية والثانوية، والجهة التي اعتقلته (الإدارةُ الذاتية وتوابعُها من التسميات الغريبة العجيبة) هذه الجهةُ لا تمنحُه راتباً ليعيش منه هو وأسرته، ومادّة الرياضيات هي باللغة العربية، والطلاب الذين يتلقَون دروسَهم من هذه المادّة تخوّلهم للدراسة في المعاهد والجامعات السوريّة (وهي مادّة راسبة لطلاب الشهادة الثانوية -الفرع العلمي) الرجلُ يحملُ طيبةَ ملاكٍ وخفّةَ مَن يخدمُ أبناءَ بلدِه (إن بأَجرٍ أو بدونِه) لأنّه يعلمُ قبلَ الجميع أنّ المنطقةَ تمرُّ بظروفٍ سيّئة للغاية (منطقة الثروة الباطنية والزراعية الأشهر في سوريا). من حقّي أن أشمئزَ لاعتقاله، وأرفعَ الصوتَ صارخاً: الرجلُ لم يرتكب جرماً ولا إرهاباً حتى تعتقلوه (فهو مثلي يخافُ من أدوات المطبخ كالشوكة والسكين والملعقة).
تضامني معَه ومعَ زملائه المُعتقلين يكونُ على شكل صرخة لخاطِفِيه عبرَ الإلكترون (الصرخة التي تنفعُ ولا تنفع بنفس الآن).الرجلُ مخلصٌ لقوميته الكرديّة، ومخلصٌ لمادّتِه ومخلصٌ لطلابه وصامدٌ في مدينته (عامودا التي هربتُ منها).
ارفعوا يدَكم عن أهدأ رجل في مدينتي، ارفعوا يدَكم عن رجل يخدمُ مدينتَه وطلّابَه، ارفعوا يدَكم عن أستاذ الأجيال طالب أسعد.
لستُ عبداللطيف الحسيني، بل أنا غوركي أتيتُ إلى هذا العالم لأحتجّ.