رابطة «كاوا» بين باب السياسة والثقافة .!

عنايت ديكو 
أردت هنا اقحام بعض جوانب الثقافة بالكياسة والسياسة، وإبداء الرأي حول موضوع افتتاح “رابطة كاوا” الثقافية وبعض الجمعيات المجتمعية الأخرى مكاتبها في مدينة قامشلو .!
من الطبيعي أن نسدل الستار عن فصلٍ من فصول الرعب الكوردي القاتل ونبحث في بطون الوجود عن التقاطعات والمشتركات مثل كل شعوب الأرض والأقوام والأمم الأخرىٰ، تلك الشعوب التي خرجت من رحم الصراعات والحروب الأهلية القاتلة والحارقة والجارفة، وأرادت العيش ثانية تحت ضياء الشمس مع بعضها البعض، بغض النظر عن حجم الجماجم وبيادر العظام والأشلاء، الى جانب المحاسبة والمكاشفة والاعتذار للشعب في الأخير … المانيا … النموذج البارز .!
فبناء على هذه المقدمة الصغيرة وفي استقراء لمفاهيم التاريخ، أردت التأكيد هنا، على أنه من الطبيعي أن تلقىٰ “رابطة كاوا” الثقافية وغيرها من الجمعيات والتجمعات الكوردية، ومَنْ في حكمها في الغربة والمغتربات، الدعم الشعبي والنفسي والمعنوي واللوجستي اللازم من الشارع المجتمعي والثقافي الكوردي بمناسبة افتتاح مكاتبها في مدينة قامشلو. 
فمن حيث المبدأ، لا يحق لأي سلطة أو لأحد أن يقف كمانعٍ وعائقٍ ضد إرادة الرجوع الى أرض الديار، ففي السابق كنا نعمل أيضاً في ظروف قاسية وعلى الأرض وفي ظلّ سلطة وحكمدارية النظام البعثي، وكنا متشبثين بالأرض والتراب، وذلك من منطلق “لا ثقافة بدون جغرافيا”. فالتشبث بالتراب خيرٌ من مليون برنامج حزبوي أو بيان سياسي هنا أو هناك. واليوم اذا قام البعثي بالسماح للكورد برفع العلم الكوردستاني أمام البرلمان كعلمٍ من أعلام الوطن السوري وفي شوارع مدننا السورية، مثله مثل باقي الاعلام والرموز الوطنية الأخرى، فما الضير من هذا.؟ وأعتقد بأنه لا مانع لدى الكورد وقتئذٍ بالعودة الى الديار، فصراعنا مع حزب البعث وغير البعث من الأحزاب والحركات، هو صراع ثقافي وحضاري وسياسي وليس صراع وجودي، إما أنا أو أنت.! وهذا الشيء ينطبق أيضاً على سلطة الـ PYD وأذرعها السياسية والأمنية. فإن كانت هذه السلطة تعترف بالكوردي الآخر المخالف والمختلف معها بالرؤى والسياسة كحالة نتاج فكري وثقافي وحضاري، وإن كانت تعترف بـ “آلا رنكين” وبيشمركة روج والمعارضين لها… فما أحلىٰ الرجوع الى أرض الوطن.؟
فلطالما الكوردوارية هي الميدان الأساسي المشترك والكبير بيننا وبين الفعاليات الثقافية والفكرية والسياسية، ولطالما أن بناء وتطوير الانسان والثقافة والمؤسسات المدنية الكوردية هي من أهم أهدافنا، سنبقى وبكل تأكيد داعمين لهذا المنحىٰ ولهذه الثقافة، ثقافة تقبل الآخر المختلف وثقافة الرجوع الى الوطن والعمل من هناك وعلى الأرض لمقارعة القهر والظلم والديكتاتورية، والمساهمة معاً في بناء الانسان والمؤسسات الثقافية والمدنية الكوردية، بالرغم من معرفتنا الكبيرة بوجود هذا الكم الهائل والمرعب من المعوقات والصعوبات، والتي تقف كعائقٍ كبيرٍ أمامنا وأمام إلتئام البيت الكوردي الداخلي وأمام الرأي الآخر والمختلف في البنية التفكيرية والسياسية. فنحن اليوم أمام تقاطعات تاريخية مهمة، لنعمل معاً بفتح الآفاق وبناء الجسور وقبول الآخر. 
فرجوع الفعاليات والشخصيات والتجمعات والأحزاب الكوردية الى داخل الوطن أمر محمود، وذلك من مبدأ العيش والصراع مع الظلم والظالم، خير من العيش في المخيمات المهترئة وبيوت القماش وصفائح التوتياء، و”عفرين” المثال الأبرز في الضياع الكوردي.
فالرجوع الى أرض الديار، هو ليس عيباً ولا نقيصة، فالعيب وكل العيب، هو أن تقوم هذه الجمعيات والمراكز الثقافية بطلاء جدار القهر والظلم والرعب بألوان السلام وبالزهور والورود البيضاء، وتنسىٰ ثقافة القتل والممارسات الديكتاتورية التي كانت سبباً رئيسياً لاقتلاع هذا الشعب من أرضه ومن جذوره، وأن تتستر على ممارسات وتصرفات هذه السلطات بحجة ترتيب البيت الكوردي.
بأسمي وبإسم زملائي في ” REWŞEN TV “نبارك افتتاح مركز “كاوا للثقافة الكوردية” بقامشلو , متمنيين لهم دوام النجاح والاستمرار، ونتمنىٰ أن يكون هذا الرجوع، مدخلاً وباباً عريضاً لعودة النشاط والنضال الكوردي الفكري والثقافي والأدبي والسياسي الى الداخل، وأن تكون راية ويافطة “الكورد والكوردوارية” فوق كل الاعتبارات السياسية والحزبية، وأن لا تنصاع ولا تخضع هذه المؤسسات والجمعيات للأجندات الغريبة والدخيلة، ونأمل أن نشاهد في قادمات الأيام افتتاح فرعٍ آخر لهذه الرابطة “كاوا للثقافة” وغيرها من التجمعات والجمعيات الثقافية الأخرىٰ في عفرين أيضاً. 
فشوارع عفرين اشتاقت اليكم ولنتاجاتكم كثيراً.
كورداغ … تنتظركم على أحرّ من الجمر .!
المانيا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي   تُعَدّ العلاقات الاجتماعية جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، إذ تلعب دورًا جوهريًا في بناء شخصيته وتشكيل نظرته إلى الحياة. فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين، مما يجعل هذه العلاقات ضرورية لتحقيق التوازن النفسي والعاطفي. ورغم دورها الإيجابي، فإن للعلاقات الاجتماعية جوانب سلبية قد تؤثر على الأفراد والمجتمعات بطرق مختلفة. في سوريا، تتميز…

عُقد يوم الثلاثاء الموافق ٢٢ نيسان ٢٠٢٥ لقاءٌ مشترك بين المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا برئاسة سكرتيره الدكتور صلاح درويش، ووفد من المكتب التنفيذي لحركة الإصلاح الكردي – سوريا برئاسة المنسق العام الأستاذ فيصل يوسف، وذلك في مقر الحزب بمدينة القامشلي. تناول اللقاء عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وكان أبرزها: ١. مناقشة آخر المستجدات على الساحة…

مصطفى منيغ / تطوان من الدولِ مَن صوتها يعلو وهي صامِتة ، تُسْمِعٌ عنها كلَّ أنباءٍ مُفْرِحة ، عملاقة لا تهتم بمن دونها مع الأفضل أفكارها مُعلَّقة ، متطلٍّعة للمزيد ما دام الرقي يُكتسَب عن إرادة غير مُصَنَّعَة ، حافظة أصلٍ بالابتكار الطبيعي المُباح نتائجه بالقبول الحسن مُشبَّعة ، مهما بلغ التطوُّر مِن تطَور به دوماً بجذوره مُشبَّهة ، وُجِدَت…

صلاح عمر لا أفهم، بل في الحقيقة، يصعب عليّ أن أستوعب هذا الإصرار العجيب – وهذا الإمعان في السخرية والتقزيم – من بعض أبناء جلدتنا، من أولئك الذين يتفاخرون بثقافتهم العالية و”نضجهم” السياسي على منصات التواصل الاجتماعي، تجاه أي خطوة تُحاول، ولو متعثرة، أن ترمّم البيت الكردي المتهالك… وآخرها، الهجوم المستغرب على محاولة انعقاد كونفرانس كردي موسع، يضم تحت مظلته…