فـخ «الأغلـبيـة و الأقـليـة» الخطر الأكبر الذي يتهدد الكورد وحقوقهم دستورياً.

دلدار بدرخان*
– في خضم المحادثات الدستورية الجارية ، نشير لعدد من النقاط التي قد يغفل عنها كثير مِن مَن يتعاطون الشأن العام الكوردي ، كون عقلية الأحزاب التسلطية عندنا للآن لم تعِٖ أنه لا مجال من الإستغناء عن الخبرات القانونية والدستورية باعتبارها المرجع الأول في تحصيل أي حق  دستوري  ،
– ولعل أهم نقطة برأينا غفل عنها من أريد لهم عن قصد أن يتحدثوا بإسمنا هي أنه ليس المهم تكريس حقوق تتعلق بالفيدرالية بقدر ما نجد أن النقطة الأهم هي تعطيل أي مجهود يصل إلى الدستور في سوريا يكرّس ويشرعن 
 قاعدة الأغلبية و الأقلية .
– إذ لا يخفى على عاقل و متابع للأوضاع أن الفدرلة والمطالبة بها ليست مزاج ولا توفر فقط حق شعب ما حتى يتم تنفيذه ، بقدر ما هو ميزان قوى إقليمي ودولي يتعلق بقراءة واعية لأوضاع المنطقة في السنوات السابقة وما سيأتي لاحقاً ، ويستلهم تجارب دول الجوار ومثاليِّها القبيحين في الذاكرة الجمعية للسوريين ، وهي الطائفية السياسية اللبنانية والفدرلة العراقية المكرسة لدولة فاشلة , لا نظن أن هذان المثالان هما اللذين سَيُكرِّسان بسوريا لأسباب عديدة يمكن إفراد دراسة منفصلة عنها بعدها أهمها عدم توفر مزاج دولي ، وبنفس الوقت لا نعتقد أن طرف المطالبين بدولة شديدة المركزية والذين دأبوا على إيراد مثال الجمهورية الفرنسية قصداً قادرين أن يثبتوا أن بسوريا حجم القيّم والرموز النفسية والإجتماعية والإقتصادية والتحولات والبنى والتراكمات المعرفية القيمية والثقافية التي أوصلت لفرنسا لما هي عليه الآن موجودة بسوريا ؟ ، إلى جانب أنه أي حقوق دستورية مالم تغالب ذاكرة المظلومية لدى شعب ما من الشعوب فإن هذه المظلومية ستبقى بوابة رفض أي (عقد إجتماعي ) وستكون مجرد تبريد للمسألة الكوردية على الطريقة التركية لا أكثر والتي ربما تكون ناجحة لبعض الوقت ولكنها على المستوى الإستراتيجي لا نظن أن تستمر بصيغتها الواهية ،
إذ يجب أن يوضع بعين الإعتبار أن سوريا الآن دولة فاشلة  والأمور كما هو واضح تتجه ببقائها كدولة مركزية إتحادية بإتفاق من بأيديهم الملف السوري ،
– لذا نقترح كرابطة على من وكِل إليهم أمرنا بالمباحثات بدلاً من الخطب الرنانة عن الوجود و الأصالة والتي لا تسمن ولا تغن من جوع أن يلخصوا مطاليبنا بعدد من النقاط نورد بعضها ( على سبيل المثال لا الحصر ) مع الأخذ بعين الإعتبار أن أي حق لا تستطيع أن تنص عليه دستورياً لن تستطيع المطالبة به مستقبلاً  :
1- إدراج بنود دستورية تعترف بالكورد وغيرهم من الشعوب (الشعوب السورية) كقوميات تأسيسية في البلاد ، ضمن إتحاد يسمى جمهورية سوريا الإتحادية .
2- جعل اللغة الكوردية لغة التعليم ولغة رسمية في مناطق الأغلبية الكوردية فقط إلى جانب العربية طبعاً ، ومنح هذا الحق بنفس الوقت إلى كافة الشعوب السورية التأسيسة من الإخوة / تركمان الآشور والأرمن والسريان وغيرهم /
  
3- المطالبة بإدارات لامركزية حقيقية و بلديات تمنح لأبنائها صلاحيات واسعه للحكم ، أي إدارات لا مركزية مع ترك الأمور الخارجية والدفاع والتخطيط الإقتصادي للمركز .
4- العمل على تعطيل قاعدة الأغلبية و الأقلية بضمان حصول  الشعوب السورية الأقل عدداً على صلاحيات أوسع ونسب أكبر في نقض أي تشريع مركزي يتعلق بحق من حقوقهم  ،
ونشير إلى بعض التجارب التي تتطلب أغلبية أكبر من 50 ٪ بالمية بل أغلبية ( 60 ٪ بالمية كما في جمهورية إيرلندا ، أي أكثرية موزونة ) + توفر أغلبية ( 40 ٪ بالمية ) من المكون الذي يمس التشريع حق متعلق بحقوقه، ومن دون توفر هذا النصاب لا يمكن إعتبار التشريع سارياً. 
– هذا ويمكن الإستفادة بالطبع من تجارب برلمانات غير دول مما يتاح لأهل الإختصاص الدستوري الحصري ، على أمل أن نتحصل على أكبر مكاسب ضامنة لحقوقنا ككورد ضمن سوريا جديدة تكون الأغلبية والأكثرية فيها أغلبيات و أكثريات سياسية .
 
* رئيس رابطة بيه كه س ” Bêkes ” للدراسات في أوروبا 
كتب بتاريخ : 1 – 2 – 2021

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

  نظام مير محمدي * شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين. في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون،…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…