كنا بفكر داعش فابتلينا بفكر ماركس

دلكش مرعي
إذا كان أساس البناء غير سليم وغير متين وهش فالبناء ستصيبه التصدع والانهيار والتهشم وفكر وقيم وعقائد الشعوب تشبه إلى حد كبير تلك الأساس الخاطئ للبناء فعندما تتربى الشعوب وتنهل من قيم ومفاهيم وعقائد غير صحيحة وغير سليمة فلن تحصد إلا التخلف والفقر والجهل والتبعثر ومن المستحيل أن ترتقي وتزدهر وستعيش داخل الأزمات والصرعات والتخلف الحضاري والظلم والاستبداد والفساد فلكل فكر وعقيدة وعادة نتاج في واقع الشعوب أختصارا لا يمكن فصل القيم والمفاهيم من واقع الشعوب إن كان يسير نحو التطور والأرتقاء أو نحو التخلف والإنحدار فمن المستحيل أن يأتي التخلف الحضاري من العدم أو من الفراغ أو أن يولد الكوردي متخلفا عن أقرانه من البشر في هذا العالم دون سبب بنيوي ينتج واقعه المأزوم 
 ومن يلقي نظرة تحليلية على الواقع الكوردي والفكر والقيم والعقيدة الكوردية سيلاحظ بأنها قد تعرضت لهيمنة العقيدة الإسلامية عبر ألف واربعمائة سنة وهذه العقيدة عبر تلك الفترة الطويلة لم تتمكن  من أن تحقق للكورد تحررا سياسيا ولا تطورا اقتصاديا ولا تقدما علميا ولم تتكمن حتى من توحيد الكورد فمنذ ألف واربعمائة سنة والكورد تحت راية هذه العقيدة يعانون من الفقر والجهل والتشرذم والظلم والاستبداد واضطهاد المحتلين فالعقل الكوردي كان ومايزال في معظمه يخضع للشريعة الإسلامية لأن النص الشرعي في الدين هو المرجع والمنهل وهو الحاكم في حياة المسلمين والعقل البشري مجرد مصدر  تابع له ولا دور له سوى الإذعان والخضوع للنصوص الدينية والأعتماد على العقل حسب هذه النصوص هو كفر وإلحاد وزندقة وتآمر على الدين — فمن تمنطق تزندق  — وان سألت أحد رجال الدين هل نتبع الشريعة أم العقل فسيقول لك دون تردد يجب أن نتبع الشريعة أختصارا الفكر الديني عبر تاريخه لم يبني حضارة متمدنة ولا مجتمعا يسوده العدل والمساواة وكان على الدوام مصدر التخلف والجهل والفقر والحروب 
ليس هدفنا الإساءة إلى عقائد الناس أو أفكارهم أو توجههم السياسي ولكن أعتقد بأن أي فكر أو عقيدة لا تنتج سوى الضرر  والتخلف والأزمات للبشر ولا ترتقي بهم في هذا المجال أو تلك أعتقد يستوجب إعادة النظر في مكونات تلك الفكر أو العقيدة وغربلتها لإزالة ماهو ضار والتخلص منه والإبقاء على ماهو نافع وتطويره والعقيدة الماركسية التي تبناها معظم الأحزاب الكلاسيكية في بداية تأسيسهم وحتى معظم المثقفين بينما البيدا تبناها كمذهب وعقيدة وهذه العقيدة لا تختلف نتائجها من حيث الجوهر من العقيدة الدينية فهي الأخرى تدعي الحقيقة والصواب المطلق وتجعل من أعضائها خدما لعقيدتها السياسية ومن يخالفها فهو خائن وعميل يجب محاسبتهم أو تصفيتهم  والاخطر من كل ذلك  بأن هذه الفلسفة خلقت عدوا وهميا للبشرية عبر نظريتها التي تدعي بأن الصراع في هذا العالم هو صراع طبقي تجري بين الفقراء والأغنياء وبأن كل التطور والأرتقاء التي تحصل وحصلت في هذا العالم هو نتاج تلك الصراع بينما أصل الصراع وجذرها هو صراع فكري وقيمي تجري بين الفكر والقيم الإنسانية التي تخدم وترتقي بالبشرية والقيم والعقائد اللا إنسانية التي تنتج التخلف والجهل والحروب للبشرية وأهم نتائج هذه الفلسفة كانت في انهيار المنظومة الأشتراكية التي كانت تترأسها الأتحاد السوفيتي السابق ومن يقارن بين واقع الكوريا الشمالية التي تعيش شعبها حياة الفقر والتخلف والاستبداد في ظل الفلسفة الماركسية وبين كوريا الجنوبية التي أصبحت ميزانيتها تفوق ميزانية روسية الأتحادية سيلاحظ الفرق الشاسع بين النظامين 
ختاما نقول بأن العلة في تراثنا الفكري والقيمي والعقائدي  وبأن الفكر العلمي مع القيم الإنسانية النبيلة مع النهج الديمقراطي قد حقق كل هذا التطور والإرتقاء للبشرية وليس الفكر العقائدي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…