اختُتمت، مساء الأحد 17 كانون الثاني/ يناير 2021، أعمال “المؤتمر الأول للباحثين السوريين في العلوم الاجتماعية“، الذي نظمه مركز حرمون للدراسات المعاصرة والجمعية السورية للعلوم الاجتماعية، بالاشتراك مع مجلة قلمون، تحت شعار “الحرية الأكاديمية الكاملة للباحثين الاجتماعيين“.
وعُقدت خلال اليوم الثالث، وهو الأخير، ثلاث جلسات تناولت مواضيع وقضايا عدة منها: قضايا الجندرة، الدولة والهوية، التحول الديمقراطي والعدالة الانتقالية في سورية.
الجلسة الخامسة: “القضايا الجندرية”
سلّطت الجلسة الضوء على قضايا المرأة وحقوقها، وعلى أثر الحرب السورية على حياة المرأة، والتغيرات التي طرأت على دور المرأة في الحرب السورية، وأدارتها مريم برغل، ماجستير في العمل الاجتماعي من معهد الدوحة.
وفي دراسةٍ بعنوان “حقوق المرأة في سورية بين الواقع والمأمول“، أشار فراس حاج يحيى، طالب ماجستير في كلية الحقوق جامعة ليموج بفرنسا، إلى أن الورقة البحثية تتناول قضية المرأة في سورية، وتوليها للوظائف القيادية ومشاركتها السياسية، والواقع العملي لتولي المرأة الوظائف القيادية في سورية، وقوانين المشاركة السياسية، ومظاهر التمييز ضد المرأة، سواء في المشاركة السياسية أو في قانون العمل والوظائف العامة، والمواد الموجودة في قانون العقوبات التي تحوي نصوصًا تمييزية ضد المرأة، والضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية للمرأة كحق من حقوق الإنسان، وحقوق العاملات في المنازل. وفي الختام، تضمنت الورقة البحثية مسألة المرأة السورية في قانون الأحوال الشخصية.
وسلّط حاج يحيى الضوء على نضال المرأة السورية، وقال إن “نضالها اليوم ينقسم إلى مرحلتين متمايزتين: قبل ثورة عام 2011، وبعد ثورة 2011، وهذا النضال يختلف، كمًا ونوعًا، إذ قدمت المرأة السورية بعد ثورة 2011 أروع الأمثلة في التضحيات والعطاء، وتعرضت لكل صنوف الانتهاكات، كالاعتقال والتعذيب والقتل والاختفاء القسري، وباعتقادي من دفع الثمن الأكبر في الثورة السورية، بعد الشهداء، هي المرأة السورية”.
وفي دراسةٍ بعنوان “التغيّرات التي طرأت على أدوار المرأة في الحرب السورية“، لـ طلال المصطفى وحسام السعد. أوضح المصطفى،أستاذ علم الاجتماع في جامعة دمشق سابقًا، أن البحث أُنجز ضمن الخطة البحثية لمركز حرمون، أواخر عام 2019، وأن الدراسة تتضمن ثلاثة فصول: الجانب المنهجي للدراسة، الإطار النظري والدراسات السابقة، ونتائج الدراسة.
وأضاف أن مشكلة الدراسة حُدّدت بالتساؤلات الرئيسية التالية: ما التغييرات التي طرأت على أدوار المرأة خلال الحرب السورية في ميدان الأسرة والعمل والمؤسسات، وفي مناطق الدراسة؟ وما تبعات تغيّر أدوار المرأة على كل من المرأة والأسرة والمجتمع؟ وما الأدوار الاجتماعية الجديدة التي تمارسها المرأة ولم يسبق القيام بها ما قبل الثورة أو الحرب؟ وهل أدى تغير أدوار المرأة إلى ظهور قيم اجتماعية جديدة تتعلق بالمرأة؟
وقال المصطفى، الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة: “استطعنا أن نحدد أهداف الدراسة، بالتعرف إلى الأدوار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الجديدة للمرأة السورية في فترة الحرب، في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، وهذه المناطق هي: مناطق سيطرة المعارضة الراديكالية بمعنى (جبهة النصرة) وغيرها، مناطق سيطرة المعارضة (الجيش الوطني)، مناطق سيطرة القوات الكردية أو الإدارة الذاتية، ومناطق سيطرة تنظيم (داعش) سابقًا”.
وأضاف أن “المنهجية التي استخدمت في الدراسة هي منهج البحث النوعي الكيفي، أما طرائق وأدوات الدراسة، فقد استخدمنا طريقة دراسة الحالة، من خلال المقابلات المعمقة لأفراد عينة الدراسة من النساء السوريات، واستخدمنا طريقة مجموعة الجلسات المركزة، إذ بلغت عينة الدراسة 200 مفردة من النساء في المناطق المذكورة، في كل منطقة 50 امرأة”.
وأشار إلى بعض نتائج الدراسة، ومنها:
– فيما يتعلّق بطرق الزواج: استمرّ الزواج التقليدي، ولم يحدث أيّ تغيير في طريقة تزويج الفتيات في المناطق الأربع، بل إن ظروف الحرب عززت الزواج التقليدي، وأفرزت أشكالًا جديدة من الزواج، كزواج الأخ من زوجة أخيه بعد استشهاده، أو زواج أحد المقاتلين من زوجة زميل له قُتل في الحرب، وبشكل عام بقي الزواج تقليديًا، وهو ما كان موجودًا قبل الحرب واستمر، خاصة في مناطق سيطرة (داعش)”.
– طرأ بعض التغيير في أدوار النساء نتيجة هذه الحرب، إذ أخذت كثير من النساء دور الرجل في الأسرة والمجتمع، بعد استشهاده أو اعتقاله أو فقدانه، ولم تعد مهماتها تقتصر على المنزل.
– من حيث موقع المرأة في الأسرة، من ناحية اتخاذ القرارات المتعلقة بتربية الأبناء ومتابعة شؤونهم، بقيت الأمور على حالها، في كل المناطق التي تناولتها الدراسة.
– تحملت المرأة مهمات أُسرية ومجتمعية جديدة، خاصة بالنسبة إلى الأسر التي لديها رجال عاطلون عن العمل أو معتقلون أو مفقودون، وقامت ببعض المهمات الجديدة في البيئات الموجودة فيها، بمعنى القيام ببعض الأعمال للحصول على الجانب المعيشي للأسرة والأطفال.
– بعض النساء وجدْن في هذا التغيير شيئًا إيجابيًا، وبعضهن الآخر وجدَن فيه أعباءً جديدة.
– كان لمتغير الاستقرار والوضع الأمني دورٌ كبير، بالنسبة إلى حرية المرأة والتحرك في هذه المناطق.
وقال المصطفى: “أعتقد أنه سيحصل تغيير بشكل فعّال أكبر للمرأة، اقتصاديًا واجتماعيًا، وفي المستقبل سيكون هناك تغيير في بنية الثقافة التقليدية الناظمة لأدوار المرأة في المجتمع السوري، وذلك بناء على تجربة المرأة في الحرب السورية، وأعتقد أن المرأة السورية في المستقبل ستتمسك بهذه الأدوار الجديدة، أي أن النتائج الإيجابية ستظهر بعد الحرب وفي سورية المستقبل”.
وفي دراسةٍ بعنوان ” كيف توثر الحرب السورية على حياة المرأة السورية في إسطنبول“، أوضحت بتول الطويل، طالبة سنة ثالثة علم الاجتماع في جامعة ابن خلدون في تركيا، أن الورقة البحثية حَددت إسطنبول كبيئة اجتماعية جديدة أثرت على النساء، وطرحت أسئلة منها: ما هي الأمور التي وفرتها إسطنبول كبيئة اجتماعية للنساء السوريات؟ وكيف أثر هذا الشيء على حياتهم الاجتماعية؟ وكيف تنظر النسوة السوريات إلى أنفسهن قبل الحرب وبعد الحرب؟ وما هي الصعوبات التي واجهتهن؟ وكيف تمكنّ من التأقلم مع البيئة الاجتماعية الجديدة؟
وأضافت أن الورقة البحثية تتألف من ثلاثة فصول: مقدمة، الأهداف من البحث، وسبب اختيار هذا الموضوع، والتطرق إلى الأبحاث الموجودة سابقًا حول هذا الموضوع، والنتائج. ويهدف البحث إلى محاولة فهم كيف تأثرت حياة المرأة السورية في إسطنبول بالحرب السورية، وما هي التأثيرات المختلفة على نساء مختلفات. وتم التركيز على ماذا تعني الحرب لنساء مختلفات: الأم، الطالبة، الجدة، الأرملة؛ إذ تبيّن أن معنى الحرب لم يكن واحدًا عند كل الفئات.
وأوضحت الطويل سببَ التطرق إلى هذه الدراسة واختيار هذا الموضوع، وقالت: “في حال الحديث عن تأثير الحرب على المجتمع بشكل عام أو أقل، فإنه يتم تهميش المرأة، إضافة إلى أن دور المرأة الذي تلعبه في المجتمع هو دور رئيسي جدًا، كونها تربّي أجيالًا قادمة، ولكي نفهم كيف علينا معالجة كل هذه المشكلات في المجتمع، يجب أن نبدأ بالمرأة التي ستربي الأجيال القادمة للمجتمع”. وأشارت إلى أن الحرب السورية جعلت المرأة تعتمد على نفسها بشكل أكبر، بسبب الإحساس بالوحدة وضياع الأمان. ولفتت إلى أن إسطنبول كبيئة اجتماعية جديدة أثرت على النساء بشكل كبير، ولكنها كانت بالنسبة إلى كثير من النساء السوريات تجربة جديدة، جعلتهن يعتمدن على أنفسهن كثيرًا. وختمت قائلة إن “الحرب السورية أثرت بشكل سلبي على بعض النساء السوريات، وبشكل إيجابي على كثير منهن، وعلى اللواتي اعتمدن على أنفسهن بشكل أكبر، وهذا سيؤثر بشكل جيد على المجتمع مستقبلًا”.
وفي المحور الرابع من الجلسة الخامسة، تم تقديم دراسة بعنوان “مكان الحقوق الأساسية في النصوص الدستورية السورية“، أوضح فيها سليم سنديان، دكتور القانون الدولي العام، أنه “رغم كثرة التسويف والتمييع حول القضية السورية، فإننا نعلم أن السلام لن يعمّ إلا بعد إقامة دولة المواطنة والقانون، التي تضمن الحقوق الأساسية لمواطنيها وتصون كراماتهم”. وأضاف: بما أن وضع حقوق الإنسان في سورية كان وما زال سيئًا للغاية، فإن الدراسة تتمحور حول مدى ترسيخ الحقوق الأساسية والحريات العامة في الدستوريين الأخيرين: دستور 1973، ودستور 2012، ومدى توافقهما مع حقوق الإنسان بالشكل المعترف به عالميًا.
وأوضح أن “دستور 2012، تم اعتماده بعد حركة الاحتجاجات الشعبية واسعة النظاق التي عصفت في البلاد منذ آذار/ مارس 2011، بهدف تهدئة الضغوط الدولية المتزايدة، ولكن هذا الدستور لا يُعدّ ثوريًا، وليس إصلاحًا دستوريًا، حيث لم ينجح في تهدئة الحشود الغاضبة، ثم تبين أنه وسيلة أو مناورة تكتيكية هدفها الحفاظ على ديمومة النظام وبقائه في السلطة”. ورأى أن “صون وتوطيد الحقوق الأساسية في الدساتير أصبح في عصرنا الحاضر بمنزلة مؤشر على الثقل الديمقراطي للنظام السياسي”. ويهدف هذا البحث، بحسب سنديان، إلى تحديد مواضع النقص والتناقض الدستوري والتشريعي التي تمنع ضمان هذه الحقوق، واقتراح الإصلاحات التي يجب أن يتضمنها الدستور الديمقراطي المقبل للدولة السورية.
وأشار إلى أن حقوق المرأة كانت غائبة تمامًا، في كلا الدستورين، وبقيت القوانين تميزية ضد المرأة، وأكد ضرورة أن يتضمن النص الدستوري المقبل بنودًا تجعل المعاهدات الدولية أكثر قوة من القوانين، وأن يحدد الدستور مدة إلزامية يتم خلالها تعديل جميع القوانين التي لا تتفق مع مبادئه أو مع التزامات الدولة الخارجية، وأن يحدد الدستور دور السلطة التشريعية بتنظيم ممارسة هذا الحق بقصد ضمانه وتعزيزه، لا بقصد تقييده ومنعه.
الجلسة السادسة: “الدولة والهوية”
تناولت الجلسة السادسة موضوع “الدولة والهوية“، وأدراها طلال المصطفى، وركّزت على عناوين عريضة منها: الدولة وانعقاد الهوية، الأنماط القيادية السائدة لدى مديري المنظمات السورية وتأثيرها على تماسك فرق العمل، إصلاح القضاء الإداري السوري بالاستفادة من تجربة مجلس الدولة الفرنسي والبلجيكي، وإصلاح قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وفي الدراسة المعنونة “الدولة وانعقاد الهوية”، بدأ جمال الشوفي، الكاتب والباحث في الدراسات الفكرية والسياسية، الحديث بأن الموضوعات الفكرية والفلسفية والنظرية تبدو أنها تأخذ كفايتها النظرية حتى اليوم وأنها شبه متفاهم حولها، باستثناء بعض الحالات التنفيذية أو الإجرائية التي تتعلق بهذا المنهج أو ذاك. وأضاف: في موضوع العقد الاجتماعي والهوية الوطنية، هناك إشكاليات متعددة متداخلة، سواء كانت على المستوى النظري وهو مسار مفتوح غير محدود زمنيًا، أم على المستوى السياسي، حيث أصبحت المسألة السورية عقدة دولية ومعقدة جدًا، وإن وضع كل مسائلها على الطاولة يؤدي إلى إشكالية متعددة الجوانب.
وقَدّم الشوفي في دراسته خلاصة لثلاثة أبحاث سابقة متتالية: المجتمع المدني السوري، الثورة والصراع على السلطة… سورية مقاربات منهجية، والوطنية والمواطنة. وأضاف أن هذا البحث خلاصة فكرية سياسية في آن واحد، بغية محاولة مقاربة هذه المسألة من أوجه متعددة، على فرض أن المسـألة المعرفية مسألة مفتوحة على الدوام، ولم تحسم تاريخيًا، ولن تحسم في المستقبل. وقال إن “المسألة التاريخية الإنسانية تبدو ليست نظرية فقط، بقدر ما هي إجرائية وسياسية، وأن موضعة القوانين بطريقة أو بأخرى تحيل إلى قضايا مختلفة عن القضايا الفكرية النقية، وهذا ما أسميه (الألم الفكري)، وهو الانتقال من الحيّز الفكري الفلسفي إلى تموضعاته وتجسيداته التي تعانيها النفس البشرية الباحثة، لكن لا بد من خوض غمار هذه المسألة”.
بدأ الشوفي بتوطئة أولى: أن كلفة ثورات الربيع العربي والمسألة السورية باتت باهظة جدًا ومكلفة جدًا، وباتت كلفتها على المجتمع الدولي كبيرة، وإن كانت تدار عبر الأدوات، والسؤال المطروح: هل سنظلّ نكتفي إلى اليوم بتوصيف الدولة والعقد الاجتماعي، على صعيد نظري متفاهم عليه ومحدود بين مجموعة من المفكرين أو النخبة الثقافية؛ أم سننتقل إلى حيّز آخر هو حيز دراسة التموضعات الاجتماعية والسياسية في حالةٍ كالحالة السورية؟ وعندئذ سنكتفي بمدى التحالفات السياسية قصيرة الأجل والقابلة للانفكاك مع أي صدمة تتم خلال العشر سنوات الماضية، وعودة كل فريق سياسي أو أيديولوجي إلى تمترسه خلف أيديولوجيته وبداية تحميل المسؤولية للطرف الآخر، ونقول: لا بدّ من الدولة المدنية، الدولة الإسلامية، الدولة القومية، الوطنية، المواطنة، ونعود إلى حقل التجاذب نفسه وكأننا ندور في حلقة مفرغة.
ورأى أن العقد الاجتماعي الممكن على مستوى الدولة يمكن تقسيمه إلى ثلاثة مستويات: الأول عقد اجتماعي سياسي قصير المدى، يبدأ بإمكانية تنفيذ القرار الدولي 2254 وفق محاور دولية ومحلية متعددة؛ والثاني كيفية الانتقال من موضوع الوطنية إلى المواطنة؛ والثالث مستوى نهضوي بعيد الأمد على مستوى الحالة الفكرية وإمكانية خوض نقاشات على هذه الحالة بعيدة المدى، بغية الدخول إلى بوابة العصر الحديث، كما نطمح إليه بحقوق الإنسان، التسامح الديني، الحريات العامة، الحقوق.
وفي دراسة بعنوان “دور المبادئ فوق الدستورية في خلاص سورية“، بدأ نادر جبلي، الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، حديثه بتعريف المبادئ الدستورية على أنها قواعد دستورية تُعطى -بسبب أهميتها الخاصة وحساسيتها ودورها المفصلي- حصانة استثنائية خاصة في الدستور، تفوق الحصانة التي تعطى للقواعد الدستورية العادية.
وطرح جبلي سؤالًا: لماذا تلجأ الدول إلى هذه الأداة؟ وأجاب أن هذا الأمر شُرّع لطمأنة الجماعات ولطمأنة المكونات الوطنية إلى مستقبلها، ولجلبها إلى تسويات تعيد الاستقرار إلى البلاد وتفتح أبواب المستقبل. وأضاف أن الأمر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بمسألة الخوف والثقة، إذ إن الحالات الاستثنائية التي تمر بها البلاد تجعل مسألة العلاقة بين المكونات بأسوأ حالاتها، لذلك تكون الحاجة ماسة إلى مبادئ فوق دستورية، لكي تُطمئن المكونات والأقليات والجماعات السورية إلى مستقبلها، وإلى هذا الاتفاق والتسوية السياسية التي ستقوم في هذا البلد والتي ستكون دائمة، وهي مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمسألة الخوف والثقة، ومرتبطة إلى حد بعيد بظروف البلد الخاصة ومشكلاته.
وقال: نحن في سورية بأمس الحاجة إلى المبادئ فوق الدستورية، فهي الخطوة الأولى وهي خشبة الخلاص للسوريين، إذا أتيحت لنا الظروف أن نعمل مع بعضنا، إذا لم يأتِ الحل السياسي أو التسوية السياسية بالمظلة من الأعلى، لأن حُكمنا من قبل عصابة واستبداد من نوع خاص، بمعنى استبداد لصوص وقطاع طرق وليس استبدادًا وطنيًا. وأشار إلى أن الوضع أصبح بمنتهى السوء، وأصبح الشك هو سيد الموقف، وأصبح هناك مظلوميات كبيرة تتشكل هنا وهناك. “إذًا نحن لم نعد قادرين على العودة إلى الحياة الطبيعية، دون هذا المستوى من الضمانات”.
ورأى أن السوريين يحتاجون إلى مبادئ فوق دستورية، لخروجهم من هذا النفق الذي هم فيه، ولجلوسهم على طاولة واحدة من أجل مستقبلهم، ويحتاجون إلى تعزيز أسس الديمقراطية ومبادئ الديمقراطية، ويحتاجون إلى تحصين النظام السياسي ضد عودة الاستبداد، وهي مسألة جدًا مهمة، وإلى حماية أسس الميثاق الوطني في حال وجوده، وإلى ضمان الحريات والحقوق. وكل هذا يمكن أن يكون ضمن مبادئ فوق دستورية، ووثيقة المبادئ فوق الدستورية، وهي أول شيء يجب أن يتفق عليه السوريون. ولا خلاص للسوريين من دون وثيقة من هذا النوع.
وفي الدراسة التي حملت عنوان “إصلاح القضاء الإداري السوري بالاستفادة من تجربة مجلس الدولة“، أشار أحمد قضماني، دكتور القانون العام والعلوم السياسية، إلى أن عدم استقلال القضاء هو إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه السلطة القضائية في الدول العربية، لذلك أوليَ موضوع تطوير نظام العدالة أهمية كبرى في العديد من المبادرات المحلية والدولية، إلا أن جميع تلك المبادرات قد باءت بالفشل في سورية. وأشار إلى أن غياب الإصلاح كان السبب الرئيسي لثورة الشعب السوري، وأن إعادة تشكيل مؤسسات الدولة السورية وخصوصًا القضائية منها، لها أهمية كبرى. وأجرى البحث دراسة تحليلية نقدية لمجلس الدولة السوري، بقسميه الاستشاري والقضائي، من أجل تحديد المشكلات التي تواجهه، إضافة إلى اقتراح بعض الإصلاحات الأساسية المستوحاة من التجربتين الفرنسية والبلجيكية.
وأشار الباحث إلى أن عملية إصلاح مجلس الدولة السوري يجب أن تترافق مع مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى إيجاد وسائل بديلة لحل النزاعات الناشئة عن عمل الإدارة العامة، وتحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن. ورأى أن من الضروري تأسيس هيئة مستقلة في سورية يكون دورها استلام الشكاوى من أي شخص قد تضررت حقوقه نتيجة عمل الإدارة، وأن تقوم هذه الهيئة على حل المشكلة بين الإدارة والفرد، قبل اللجوء إلى القضاء، كما الحال في فرنسا وبلجيكا.
أما في الدراسة المعنونة “الأنماط القيادية السائدة لدى مديري المنظمات السورية وتأثيرها على تماسك فرق العمل“، فقال أحمد ناصيف، الباحث في مرحلة الدكتوراه في تركيا، خلال شرحه عن هذه الدراسة وأهميتها: إن “المجتمع المدني السوري شهد ولادة جديدة بعد عام 2011، حيث ظهرت العديد من منظمات العمل المدني في سورية ودول الجوار، ومنها تركيا، ومعظم هذه المنظمات عملت بدوافع ومحركات إنسانية ومجتمعية وتنموية، حيث عملت المنظمات السورية في ظروف أقل ما يمكن أن توصف به بالمعقدة والصعبة، فضلًا عن الحجم الكبير من المستفيدين الذي يفوق قدرة وطاقة هذه المنظمات”.
ورأى أن المنظمات، على اختلاف أحجامها وطبيعة نشاطها، تحتاج إلى قيادات يتحملون المسؤولية في تحقيق أهداف المنظمة وإنجاز أعمالها بكفاءة ومسؤولية. ومن دون هذه القيادات الواعية المسؤولة، ستتعرض المنظمات لهزات وتخبط في سعيها نحو تحقيق أهدافها.
وتأتي أهمية الدراسة من أهمية المنظمات أو العمل الإنساني، في ظل الصراع والأزمات، في تقديم العون والمساعدة للمجتمع، ومن أهمية الدور الذي تلعبه إدارة هذه المنظمات في دعم قدرات المنظمة ودعم قدرات الكوادر العاملة في هذه المنظمات، وزيادة قدرتها وفاعليتها في القيام بتنفيذ برامجها ومهماتها من خلال تحقيق بيئة عمل آمنة ومستقرة تخلق جوًا للابتكار والإبداع في العمل.
وذكر ناصيف، في سياق حديثه، أهمّ التوصيات التي تقدمها الدراسة، ومنها: على المديرين زيادة تماسك فريق العمل، وزيادة إشراك العاملين في اختيار أساليب إنجاز العمل والانفتاح على تقبل آرائهم؛ التشجيع المستمر للإبداع والمناقشة الجماعية للعمل؛ والخضوع لدورات تدريب في القيادة الإدارية ونظرياتها وأنماطها بشكل يزيد الوعي لديهم، لزيادة فاعليتهم في القيادة والإدارة، وهي من أهم التوصيات.
أما المحور الخامس من الجلسة السادسة، فتناول الدراسة المعنونة “إصلاح قانون أصول المحاكمات الجزائية“، وذكر فيها إياد مصطفى، المحامي المختص بالقضايا الجزائية والحريات الأساسية، أن هذا البحث متعلق مباشرة بالنفس البشرية والإنسان، وهو الأساس الذي تبنى عليه الحقوق العامة والحريات الأساسية.
وأضاف أن قانون أصول المحاكمات الجزائية مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعديد من القوانين والمعاهدات الدولية، وهو يحدد هوية الدولة. وأشار إلى أن الأهمّ في موضوع هذا القانون هو إيجاد المحكمة الدستورية لتطوير هذا القانون، وقال: “مع الأسف في سورية ما قبل عام 2014، لا يوجد ما يسمى المحكمة الدستورية”. وأوضح أن هذا القانون يسعى لتحقيق أمرين: توفير الضمانة القانونية لمحاكمة عادلة، وتقديم القواعد الإجرائية التي تمنع السلطة العامة من الاستبداد والتسلط، من خلال تقييدها بالإجراءات الأصولية التي تحمي الحقوق الأساسية للإنسان، وتكفل عدم خضوع المتهم لأي إجراء قسري أو تعذيب أو إكراه. وأكد أن هذا القانون لا يلامس الحريات العامة والحقوق الأساسية فقط، بل هو ضامن لديمقراطية الدولة وكبح السلطة عن استبدادها وتسلطها.
الجلسة السابعة: “التحول الديمقراطي والعدالة الانتقالية في سورية”
وجاءت الجلسة السابعة والأخيرة، بعنوان “التحوّل الديمقراطي والعدالة الانتقالية في سورية“، وناقشت العديد من العناوين العريضة، منها: “التحول الديمقراطي بين نظريات التحول الغربية وخصوصية التجربة العربية”، و”تكريس الطائفية في سورية من خلال قانون الأحوال الشخصية”، و”مرتكزات العدالة الانتقالية في سورية بعد التغيير”، و”آثار القرارات الأميركية على إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي في سورية”.
وفي دراسة بعنوان “التحول الديمقراطي بين نظريات التحول الغربية وخصوصية التجربة العربية“، لـ أمينة مامو ومحمد عارف نعمة، بدأت مامو، الباحثة في العلوم السياسية، بالتعريف بأهم وجهتي النظر في نظريات التحول الديمقراطي، وذكرت أن لهذه النظريات وجهتين أساسيتين: الأولى ترى أن الديمقراطية حق أساسي لأي شعوب، وأن أي تقسيم للشعوب، إلى شعوب تستحق الديمقراطية وشعوب لا تستحق الديمقراطية، هو قسمة ظالمة وقسمة محملة بالأيديولوجية وبمغالطات الإنثربولوجيا القديمة. والوجهة الثانية هي نظريات التحديث التي ترى أن الديمقراطية هي استحقاق، بمعنى أنه لا بد من توافر جملة من الشروط قبل حصول التحول الديمقراطي.
وبُنيت الدراسة على فكرة الاشتراط على الديمقراطية، التي طرحتها نظريات التحديث، ومن ثم الانتقال إلى ثورات الربيع العربي، وكيف قامت الأنظمة السلطوية العربية وبقايا اليسار العربي بنوع جديد من الاشتراط على الديمقراطية، ولكن بطريقة خاصة تبدو للوهلة الأولى أنها تحمل شيئًا من الحقيقة، وكانت تتم في أثناء ثورات الربيع العربي، بالاشتراط الذي كان يَعتبر أن الديمقراطية هي أساسًا برنامجٌ غير وطني.
وكانت هذه الأنظمة السلطوية العربية، في بدايات ثورات الربيع العربي، تحاول أن تؤكد أن معركتنا الأساسية هي ليست معركة ديمقراطية، وإنما هي معركة كيف نصون السيادة الوطنية، وأن الأولوية ليست للديمقراطية، وأن الأولوية هي للمشروع المقاومة والممانعة ضد الكيان الاسرائيلي المُهدد للمنطقة العربية كاملة، وأن الديمقراطية هي بوابة كبرى لعبور المؤامرات.
واختتمت الباحثة بالإشارة إلى أن التحول الديمقراطي والديمقراطية لا يمكن أن تُمنح، ولا يمكن أن تكون إلا مشروعًا وبرنامجًا يحتاج إلى ديمقراطيين ينظمون أنفسهم، ويطرحون برامج ديمقراطية، ويجب أن يكونوا هم أيضًا منظمين. وخلُصت إلى القول إن “الديمقراطية تؤخذ قهرًا ولا تمنح”، وأضافت: “لا يمكن الحديث عن تحول ديمقراطي من دون شروط، ولكن أريد أن أنسف فكرة الاشتراط على الديمقراطية، لكي نتحول إلى الاشتراط من أجل الديمقراطية”.
وفي دراسة بعنوان “تكريس الطائفية في سورية من خلال قانون الأحوال الشخصية“، قال خلدون النبواني، الباحث والمدرّس في معهد العلوم التشريعية والفلسفية في جامعة السوربون: “بالرغم من محاولتنا الخروج من هذا المستنقع الهوياتي والهويات المتقاتلة، يبدو أن مشكلة الهويات الطائفية والأقليات ما تزال قائمة. والسؤال كيف يمكن لنا الخروج من حالة الانتماء الطائفي القبلي غير الوطني؟ وهذا السؤال دائمًا موضوع بحث، لأننا فعلًا أصحاب هويات طائفية إلى الآن، حتى بصيغة المعارضة، وفي كثير من الأحيان بالصيغة الثقافية”.
وأضاف: انطلاقًا من هذا الهاجس، يجب “البحث عن أساس يقوم على المواطنة التي لا تلغي الانتماء الطائفي أو الديني أو الإثني، وهذا الهاجس في البحث عن مواطنة تضمن شيئًا من العدالة الاجتماعية هو ما دفعني إلى البحث في هذا الموضوع (قانون الأحوال الشخصية)، لأنه يقوم على شيء من التمايز وعلى التهميش وعدم المساواة الاجتماعية، بل على الاحتقار الاجتماعي، بالمعنى الذي يقدمه فيلسوف اجتماعي مثل (أكسيل هنث)”.
وحاول الباحث تتبع “بعض المواد التي قامت حول هذا الدستور، منذ نشأته وخاصة في فترة حكم الأسدين الأب والأب، للتأكيد أن هذا النظام حرص على إقامة حواجز ما بين الطوائف، وأنه أدرك منذ البداية أن بقاءه يقوم على اللعب بالورقة الطائفية، لتسويق نفسه عند الغرب بشكل أو بآخر”. كما حاول من خلال قانون الأحوال الشخصية أن يقول “إن هذا النظام ظلّ يعمل على منع تحقيق العَلمانية وعدم تكريسها، بالرغم من إمكانية قيام ذلك من قبل الدولة والسلطة”.
وقال النبواني: “لا أريد إلغاء القوانين الدينية ككل، ولكن لكي نخرج من حالة الاقتتال الهوياتي ولكي يكون لدينا حرية على الأقل في اختيار الشريك، يجب أن يكون هناك قانون مدني، لا يمنع أي شخص ينتمي إلى دين معين أن يقوم بالزواج على طريقته الدينية في كنيسة أو جامع وغير ذلك، وفق عادات وأعراف وتقاليد”. وأشار إلى أن “حافظ الأسد وابنه لم يفعلا أي شيء في هذه الخطوة العَلمانية”. وأضاف: “لو كان هناك نية وإرادة لتحقيق شيء نحو الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية والدولة العَلمانية، لكان يمكن تحقيقه”. وختم بالتأكيد أن نظام الأسد تلاعب بالطائفية وقام باستثمارها، ليس فقط في قانون الأحوال الشخصية، وإنما في استثمار الحكم وفي تأديب السلطة والتأكيد عليها، وأكد أيضًا أنه أراد الاستفادة في ورقته البحثية من بعض مواد الدستور التي تلاعب بها نظام الأسد أيضًا.
وفي دراسةٍ بعنوان “مرتكزات العدالة الانتقالية في سورية بعد التغيير“، لـ عبد الله تركماني، الدكتور في التاريخ المعاصر، تناول فيها خمسة محاور: التعريف بمفهوم العدالة الانتقالية، وتعداد أهم انتهاكات حقوق الإنسان في سورية، استخلاص أهم الدروس من تجارب العدالة الانتقالية، وأهداف العدالة في سورية المستقبل، وكيفية تطبيق العدالة الانتقالية في سورية المستقبل.
وأوضح أن العدالة الانتقالية هي خيار مهم جدًا، في مرحلة ما بعد الدول التسلطية وفي مرحلة التحول الديمقراطي، وأن سورية مطروح عليها هذه المسألة لمواجهة تَركتين رئيستيتن، فطوال ما يقرب من خمسة عقود ونحن نعاني انتهاكات حقوق الإنسان في سورية، ثم جاءت الثورة في العشر سنوات الأخيرة، لنرى فظاعات وصفتها الأمم المتحدة بأنها أكبر كارثة شهدتها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية. وأضاف أنه في مرحلة التحول في سورية المستقبل، ستشغلنا أسئلة عديدة جدًا من أهمها: ما نوعية الجرائم والانتهاكات التي يجب المساءلة عليها؟ وما هي مستويات المسؤولية؟
وختم تركماني حديثه بالقول: “نخطئ، إذا كنا نعتقد أن التحول الديمقراطي في سورية هو مجرد مخطط ذهني سهل التنفيذ. في المستقبل لن تقف الثورة عند حدود تغيير بنية النظام وإنما ستمتد وظيفتها للحديث عن توحيد المجتمع السوري المنتنوع في إطار دولة المواطنة الحقة”.
وفي ختام الجلسة السابعة، سلّط حسين جلبي، المحامي والكاتب، في دراسته المعنونة “آثار القرارات الأميركية على إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي في سورية“، الضوء على أهم القرارات اتخذتها الإدارة الأميركية (دونالد ترامب) تجاه إدارة حزب الاتحادالديمقراطي ومنها:
· – الاستعانة بوحدات الحزب لمحاربة تنظيم “داعش”؛ فالإدارة الأميركية كان هدفها واضحًا وهو محاربة التنظيم وليس غير ذلك، بينما كانت للحزب أهداف أخرى، وأراد دمج وضعه في المجتمع الدولي، وإزالة اسمه من لائحة الإرهاب، والاعتراف الأميركي بإدارة الحزب وربما بشكل ما من أشكال تجسيد الخصوصية الكردية. لكن لم يتحقق أي شيء من ذلك سوى الهدف الأميركي.
· – قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب قوات الأميركية من سورية: وكان قرارًا مفاجئًا للجميع، وهذا الأمر أدى إلى أن الحزب توجه أكثر نحو نظام الأسد وأراد الاحتماء به.
· – الدعم الأميركي لتركيا لإقامة منطقة آمنة شرقي الفرات: هذا الأمر أثّر في إدارة الحزب وكان بمثابة تمهيد لعملية عسكرية تركية جاءت فيما بعد، وعدّ الحزب القرارَ خيانة له.
· – القرار الأخطر الانسحاب الأميركي من المنطقة الحدودية (تل أبيض، رأس العين): وهذا الانسحاب أثر على إدارة الحزب، وسقطت إدارة الحزب في هذه المنطقة، وبعد ذلك توجه الحزب بشكل ملحوظ نحو نظام الأسد، حتى إنه استدعى نظام الأسد وسلمه بعض المناطق، ومنها مدينة عامودا بريف الحسكة، ومدينة كوباني/ عين العرب.
وأشار إلى أن هذه الأحداث تدل على أن الأميركيين أو القوى الإقليمية أو الدولية لم تهتم بمن يسيطر على الأرض، وكل ما اهتمت به هذه القوى هو تحقيق أجنداتها في سورية، وفي نهاية المطاف كانت هذه القوى عامل “صبّ الزيت على النار” بين السوريين أنفسهم. وأكد أن القرارات كان لها أثر عكسي على إدارة الحزب، وأن الكرد يدفعون ثمن تحالف هم غير مسؤولين عنه، أي تحالف بين حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني الذي يشكل منظمة لهذا الحزب وجميع مؤسساته، وبين القوات الأميركية التي نفذت تحالفًا مع حزب موجود على لوائح الإرهاب، ولم يكن لديها مانع من التحالف معه لتحقيق أهدافها، مثلما تحالفت روسيا مع نظام الأسد الذي ارتكب جرائم يصعب وصفها.
في ختام أعمال المؤتمر، توجّه سمير سعيفان، مدير مركز حرمون للدراسات المعاصرة، بالشكر لكل من شارك في هذا المؤتمر، وقال: “كان مؤتمرًا ناجحًا، شاركت فيه 34 ورقة بحثية، وهناك آلاف المتابعين عبر وسائل التواصل، والقيمة الإضافية أن المؤتمر جمع باحثين مخضرمين بباحثين شباب، وكانت هناك نسبة جيدة الشباب، وهذا هو أحد الأهداف”. وأضاف: “سنعلن قريبًا النسخة الثانية من المؤتمر، وغالبًا ستكون في تشرين الأول/ أكتوبر القادم”. وأشار إلى أن مركز حرمون يُرحّب بنشر أي ورقة بحثية، ويترك الخيار في ذلك للباحثين المشاركين أنفسهم.
وكانت أعمال “المؤتمر الأول للباحثين السوريين في العلوم الاجتماعية” قد انطلقت، الجمعة 15 كانون الثاني/ يناير الجاري، وافتتحت بكلمات ترحيبية من كلّ من سمير سعيفان، وخضر زكريا، ويوسف سلامة، وساري حنفي، كما شارك فرانسوا بورغا، بمحاضرة رئيسية بعنوان “عشرة (دروس) حول الربيع العربي”.
وجاءت الجلسة الأولى بعنوان: “الاقتصاد السياسي والنزاعات العسكرية”، وتضمنت العديد من المحاور منها: ” الاقتصاد السياسي تحت حكم العسكر الحالة السورية بين 1963 و2010″ لـ سمير سعيفان، و”التحولات داخل الفصائل الإسلامية السورية المسلحة (2011- 2021) أحرار الشام، جيش الإسلام، فيلق الشام”، لـ حمزة المصطفى، و”طرح الحل السياسي في سورية ومستقبل القوات العسكرية ما دون الدولة (نموذجًا قوات المعارضة السورية المسلحة)” لـ محمد بقاعي، و”الإصلاح القانوني لإدارة المالية العامة ضمن سياسات التنمية دراسة ناقدة للتجربة السورية” لـ لانا زباد.
أما الجلسة الثانية، فجاءت تحت عنوان “الحركات الدينية والطائفية”، وتضمنت محاور عدة منها: “التعليم الشرعي الجامعي السوري: التقليدية الفقهية بنتائج غير تقليدية” لـ ساري حنفي، و”بناء الثقة بين العرب والأكراد” لـ عبد الله النجار، و”الأقليات الدينية في المشرق العربي وصناعة الطائفية” لـ فايز القنطار، و”الثورة من الداخل: الحركة الاحتجاجية الطلابية في جامعة حلب بين عامي 2011 و2013″ لـ علي الجاسم.
وبدأت أعمال اليوم الثاني 16 كانون الثاني/ يناير الجاري، بمحاضرة رئيسية لـ برهان غليون، بعنوان “هل لا تزال الديمقراطية راهنة بعد ثورات الربيع العربي؟”. وجاءت الجلسة الثالثة بعنوان “الفلسفة والتراث… التجربة والنظرية”، وتناولت محاورة عدة منها: “معالم التجربة الفلسفية في سورية ومستقبلها” لـ يوسف سلامة، و”(سوء) فهم المفاهيم المعيارية الكثيفة: في تجاوز التقابل القطبي بين توصيف الواقع وتقييمه” لـ حسام الدين درويش، و”معركة السرديات… صورة تركيا في المسلسلات التلفزيونية العربية” لـ وسيم الشرقي، و”الأثر السوري في حكايات ألف ليلة وليلة دراسة دور القاص الحلبي حنا دياب” لـ فاطمة ياسين.
وكانت الجلسة الرابعة بعنوان “حياة اللجوء السوري”، وتطرقت إلى مواضيع عدة منها:”حياة اللجوء في مخيم الزعتري” لـ عزام أمين ومريم برغل، و”اندماج اللاجئين السوريين الاجتماعي في ألمانيا: التحديات والمقاربات” لـ عامر كاتبة، و”أثر برنامج تدريسي مبني على مجموعة من الطرائق التفاعلية في اكتساب التلامذة مهارات عمليات العلم الأساسية وتحصيلهم في مادة العلوم والتربية الصحية” لـ زرياف المقداد، و”موقف الباحث في قضايا الهجرة في ضوء تعدد الإثنيات” لـ يحيى العبد الله.
ولاقى “المؤتمر الأول للباحثين السوريين في العلوم الاجتماعية” صدًى واسعًا وإقبالًا كبيرًا من قبل المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، وقد بدا ذلك واضحًا، من خلال المشاركة الفعّالة والمتابعة عبر البث المباشر أو عبر التسجيلات اللاحقة، إضافة إلى طرح الأسئلة من قبل المتابعين للباحثين والمفكرين المشاركين في المؤتمر.
ويسعى مركز حرمون للدراسات المعاصرة والجمعية السورية للعلوم الاجتماعية إلى أن يتحول المؤتمر إلى تقليد سنوي، يجمع الباحثين السوريين المشتتين في أنحاء العالم المختلفة، كما يسعى إلى تحقيق رسالته بإتاحة الحرية الأكاديمية لجميع الباحثين في العلوم الاجتماعية، والتبادل الحر للآراء ووجهات النظر، ولا سيّما في ما يخص مستقبل سورية المنكوبة بالاستبداد والتدمير والاحتلالات المتعددة.
مريم برغل: حاصلة على شهادة ماجستير العمل الاجتماعي (تنمية مجتمعية) من معهد الدوحة للدراسات العليا لعام 2019. تتمحور اهتماماتها البحثية حول ثلاثي المرأة، الهجرة والصحة النفسية. تعمل حاليًا كباحث مشارك في معهد الدوحة ضمن دراسة طويلة عن التوجهات الاجتماعية والرفاه في المجتمع القطري.
فراس حاج يحيى: عضو نقابة محامين دمشق عام 2010، طالب ماجستير في كلية الحقوق جامعة ليموج بفرنسا، مدير سابق للمنتدى القانوني السوري وقسم حقوق الإنسان في المكتب القانوني للائتلاف السوري المعارض، لديه عدة أبحاث ومقالات قانونية منشورة بمواقع عربية وسورية.
طلال المصطفى: باحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أستاذ علم الاجتماع في جامعة دمشق سابقًا. له العديد من الكتب والدراسات في المجلات السورية والعربية المحكمة. وقد صدر له حديثًا كتاب بعنوان: “بعض من سوسيولوجيا الثورة السورية”.
حسام السعد: دكتور في علم الاجتماع، مدرس سابق في جامعة دمشق. له العديد من الدراسات والأبحاث مع المنظمات الدولية في سورية ومراكز الأبحاث في تركيا. يقيم في إسطنبول.
بتول الطويل: طالبة سنة ثالثة علم الاجتماع في جامعة ابن خلدون، مقیمة في تركیا منذ عشر سنوات.
سليم سنديان: دكتور بالقانون الدولي العام، باحث في قسم القانون العام بكلية الحقوق في جامعة بروكسل الحرة، مختص بقضايا دمقرطة العالم العربي المثال الليبي والسوري.
جمال الشوفي: دكتوراه في الفيزياء النووية، عضو الجمعية السورية للعلوم الاجتماعية ورابطة الكتاب السوريين، كاتب وباحث في الدراسات الفكرية والسياسية خاصة الابستمولوجيا والجيوبولتيك، حاصل على جائزة ياسين الحافظ في مركز حرمون للدراسات المعاصرة لعام 2017.
نادر جبلي: محام وناشط سياسي وحقوقي، خبير في نظم الإدارة، مدقق دولي في أنظمة إدارة الجودة، كاتب وباحث مختص بالشأن الدستوري في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، له العديد من مقالات الرأي والدراسات المنشورة.
أحمد ناصيف: باحث مرحلة دكتوراه في تركيا، مهتم بالدراسات والبحوث العلمية التي تتعلق بالقضايا الإدارية والاقتصادية والاجتماعية، وقضايا التعافي المجتمعي التي تهم على وجه الخصوص المجتمع السوري في الداخل ودول اللجوء، محاضر في جامعة الزهراء وعضو مجلة ريحان للنشر العلمي.
أحمد قضماني: دكتور في القانون العام والعلوم السياسية من جامعة انجية في فرنسا، عمل كباحث في مركز القانون العام بجامعة بروكسل الحرة في بلجيكا بين عامي 2016 و2018, مستشار قانوني في شؤون الهجرة واللجوء والاندماج في فرنسا، عضو بمركز أبحاث دول البحر المتوسط للقانون العام وعضو الجمعية السورية للعلوم الاجتماعية، ومحام سابق في دمشق.
إياد مصطفى: محام مختص بالقضايا الجزائية والحريات الأساسية والعدالة الأصولية، ماجستير قانون جزائي خاص وأصول المحاكمات وعلوم الإجرام – فرنسا، مستشار قانوني في اللجنة القانونية للائتلاف الوطني، عضو مشارك في العديد من ورشات العمل القانوني لتطوير القوانين والتشريعات السورية، له عدد من الأبحاث القانونية.
أمينة مامو: بكالوريوس فلسفة، حاليًا ماجستير سسيولوجيا في جامعة غازي عنتاب بتركيا، باحثة في العلوم السياسية، تعمل حاليًا بالمشاركة مع مجموعة باحثين في جامعة تركية (جامعة نجم الدين أربكان) على إعداد كتاب بعنوان: “صورة تركيا لدى العرب”.
محمد عارف نعمة: صحفي وباحث، ليسانس فلسفة من جامعة حلب 2011، ماجستير فلسفة جامعة حلب لم يكتمل بسبب الحرب، حاليًا ماجستير فلسفة جامعة غازي عنتاب مرحلة الإعداد.
خلدون النبواني: دكتور في الفلسفة الغربية المعاصرة حائز على شهادة ماجستير ودكتوراه من جامعة السوربون، باريس، باحث ومدرس في معهد العلوم التشريعية والفلسفية في جامعة السوربون. صاحب عدة كتب بالعربية والفرنسية.
عبد الله تركماني: دكتوراه في التاريخ المعاصر، باحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، نشر ثمانية كتب، آخرها: “مقدمات ربيع الثورات العربية ومآلاتها”، و”أنماط من بناء الدولة القومية في التاريخ الحديث”.
حسين جلبي: محام وكاتب صحفي متخصص في الشؤون الكردية السورية، كاتب مقالات رأي وأبحاث للعديد من المواقع والصحف والمراكز البحثية، صدر له كتاب بحثي بعنوان “روجآفا، خديعة الأسد الكُبرى”، وكتاب “عفرين، مدينة الزيتون بين إعصارين”، وهو يغطي الأوضاع في منطقة عفرين قبل بدء العملية العسكرية التركية وبعدها، وله تحت الطبع كتاب “روجآفا، سقوط الخديعة”.
يمكن لكم الاطلاع على جميع الجلسات على الرابط التالي:
——————————-
المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة