ثورة التحرر

عباس عباس
طبعاً لكل كاتب شاطر رأي في مفهوم الثورة، ثورة التحرر الوطني أو لنقل القومي، وهذه هي الأقرب إلى الفكرة التي أود طرحها هنا.
تحرر وطني، أي تحرير كوردستان بالنسبة لنا، أي تحرير الأراضي التي هي سكن الكورد اليوم وليس كما كانت قبل قرون عدة، فكما نعلم توسعت بنا الدنيا كلما أزداد عدد الخلفة من المصانع الليلية التي يتقنها الكوردي العاشق أبداً، بل الفحل أبداَ.
أما تحرر القومي، فلا تعني بالضرورة تحرير الكورد من نير الاستعمار، ولأننا لم ندرك حقيقة هذا المفهوم جيداً دفعنا ثمن كل محاولة تحررية على مدى قرون طوال.
قد يخالفني الرأي أحدهم، بل أنا على يقين أن الغالبية ستخالفني الرأي، مع ذلك سأقدم هذا المفهوم بخلاف ما نحن نعتقد، قد أصيب.
كما نعلم، كوردستان كانت منذ فجر الحضارات مركزاً للحروب بين الجيوش الغازية، اليونان والمقدونيين والرومان والفراعنة والأشوريين والفرس بل حتى المغول والتتار والعرب المسلمة، وكنتيجة حتمية لهذا الواقع المفروض على الكورد المسالمة، هي أنها دفعت في كل مواجهة دماء وأموال لا يمكن حصرها، وبخلاف ذلك أنها كانت السبب الأساس في تشرذم الكورد، مع الغازين أو ضد، وهذه بحد ذاته كانت أشد وطأة على الكورد من أي أمر آخر.
هناك من ذمّ أو يذم أصحاب الثورات في عموم الوطن، طبعاً وأنا من بينهم، ويصفون كل محاولة تحررية فاشلة بالكارثية، حتى دون أي اعتبار للسبب الأساس الواقعي أو الدوافع الحقيقية لهذه الثورة أو تلك.
الحقيقة إلقاء نظرة متأنية لمجمل التاريخ لهذه المنطقة، كوردستان، سندرك أمرأ واحداً، وهو أن العديد من القوميات التي كانت تشارك الكورد في السكن أو مجاورة لها دفعت ثمناً باهظاً جداً بخلاف الكورد، فهي دفعت نتيجة هذه الغزوات المستمرة لألاف السنين ليس فقط مال ودماء كالكورد، بل إلغاءها كقوميات كلياً عن الوجود، كالسريان والكلدان والأشوريين والأرمن، أي بما معناه، أن الأمة الوحيدة التي دافعت عن وجودها ونجحت حتى اللحظة من بين كل تلك القوميات هم الكورد.
بهذا المعنى، يمكنني القول، أن منذ عهد كاوا الحداد وحتى اللحظة، لم تقم ثورة تحررية واحدة، لا من أجل تحرير الوطن ولا من أجل تحرير القوم، إنما صراع من أجل البقاء.
التتريك والتفريس والتعريب، هي ليست وليدة اليوم، إنما كانت وماتزال مستمرة، وهذه هي التي أفنت القوميات وألغت وجودهم، والسريان في سورية والكلدان والأشوريين في العراق والمارونيين في لبنان لخير أمثلة.
البرازاني مصطفى، وعبد الله أوجلان وكذلك عبد الرحمن قاسملو، منذ البدء كانت محاولاتهم ضد التعريب والتتريك
والتفريس قبل كل شيء، وبفضل الوعي القومي الصاعد اليوم، يمكنني القول، أنه من الممكن أن نقول بأنها قد تحولت نوعاً ما نحو التحرر الوطني أو القومي.
ولأن الكوردي اليوم وقد أصبح عصياً على التتريك أو التعريب، يمكنني أن أبشر بأننا نسير نحو التحرر وإن كانت بخطى بطيْة جداً، وهي تعود بالأساس للظروف وللتدخلات الدولية في الأمر وليس للكورد حيلة.
آخن-ألمانيا
29/12/2020م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…