على مدى نصف قرن اعتبرت حقوق الأقليات من الحقوق المحمية بموجب مقتضيات بروتوكولات وقوانين دولية، التي تضمن مواثيق ومعاهدات خاصة ، كما حرَمت تلك العهود والصكوك التمييز بين المواطنين في أي دولة على أساس عرقي أو قومي أو ديني، ومن جهة أخرى، أقرت لتلك الأقليات بحقوقها، إن على صعيد الحقوق التي يجب أن يتمتع بها مواطنو الدولة المعنية كافة، أو على صعيد الحقوق المنبثقة من الخصوصية الثقافية، والتاريخية التي تتمتع بها تلك القوميات والأقليات.
كما ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الحق لكل فرد التمتع بجنسية ما، ولا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفا أو إنكار حقه في تغييرها، هذا الإعلان الذي يعد ملزما أدبيا وأخلاقيا لجميع دول العالم، ومن الواجب تطبيقه واحترام بنوده.
ومع ذلك مازال عشرات الألوف من الكرد السوريين يعتبرون أجانب ومكتومين في وطنهم، رغم سعيهم الدائم لإعادة تجنيسهم بكافة الطرق حتى الملتوية منها، والتي نجح العشرات في الفوز بها.
مازلت الحكومة مستمرة في تعسفها ولم تغير ساكناً في سبيل حل أزمة إنسانية لخمسة أجيال.
يعرف الشخص عديم الجنسية “أي شخص لا يعتبر مواطناً لأي دولة وفقاً لقانونها” وفق ميثاق عام /1961/ المتعلق بالحد من حالات عديمي الجنسية ويؤكد على أنه “لا يمكن للدولة أن تجرد شخصاً، أو جماعة من جنسيتهم لأسباب عرقية أو دينية أو سياسية”.
في حين مازال السجال دائراً حول ما إذا كان الكرد المجردون من الجنسية موجودون في محافظة الحسكة في سوريا منذ مئات السنين، أم أنهم أتوا من تركيا بعد موجات الاضطهاد التي لحقت بهم هناك.
فأي منطق عقلاني يقبل هذا الهراء حيث أنه ومن منطق حقوقي وقانوني هذا السجال لا يؤثر على حقوق الكرد في المواطنة والجنسية، حتى وفق قانون الجنسية السوري حيث ينص على أنه يجوز منح الأجنبي الجنسية بمرسوم إذا كان مقيماً في القطر إقامة متتالية مدة خمس سنوات على الأقل، في حين مرت على هؤلاء الكرد خمسة وأربعون سنة.
إذاً تحق لهم الجنسية السورية ثماني مرات ونصف، فلماذا لا يطبق القانون؟؟؟
رغم طرح هذه الأزمة مئات المرات على القيادة السورية بشكل رسمي، كانت إحداها أن التقت الدكتورة نجاح العطار نائبة رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية، بممثلين من الأحزاب الكردية، وتباحثوا معها حول ضرورة حل هذه الأزمة الإنسانية، إلا أن القيادة آثرت نبذ الموضوع، وترك السنين تمضي عليه، بالإضافة كان حل هذه المشكلة في سلسلة توصيات المؤتمر العاشر لحزب البعث التي أقرها في صيف عام /2005/ لكن أيضاً تلك الوعود، والآمال تحطمت على شواطئ الكلمات، ووئدت تلك الأحلام.
ليستمر بذلك مسلسل مأساة المجردين من الجنسية، والذي قارب اليوم النصف قرن من الزمن، فإلى متى الإحصاء الاستثنائي الجائر؟؟؟ وإلى متى تستمر المأساة؟؟؟