حسين جلبي
يقدم حزب العمال الكُردستاني كل يوم أدلة جديدة على حقده المرضي على الكُرد، وعلى أنه مجرد أداة بأيدي أعدائهم، وعلى أن هؤلاء الأعداء إنما زرعوه جرثومةً قاتلة في الجسد الكُردي؛ بهدف تدمير مناعته واستنزافه وصولاً إلى القضاء عليه، ولا يتأخر من تلوث عقله بأيدولوجيا الحزب ولا يستطيع التحرر من العمل على تنفيذ خططه بصرامة، عن تقديم الأدلة على أنه سيبقى جندياً مطيعاً لديه، عصياً على التغيير مهما غير من لون جلده، وبأن حلاوة اللسان التي قد يظهرها أحياناً، إنما هي من متطلبات الدور المسند له ضمن لعبة توزيع أدوار كبرى، قد تتغير بعد قليل، فينقلب الممثل على دوره السابق عقباً على رأس، ويؤدي دوراً معاكساً له.
والمدعو مظلوم عبدي (قائد قوات سوريا الديمقراطية)، هو واحد من الممثلين الهامشيين في تمثيلية حزب العمال الكُردستاني الرديئة، التي يجري عرض فصولها المقرفة في المناطق الكُردية السورية؛ منذ استدعاء نظام الأسد للحزب قبل عقد من الزمان وتسليمها له. فهذا الممثل الحزبي عديم الموهبة، ليس في سيرته أو مظهره ما يلفت الانتباه، اللهم سوى دوره في الهزيمة التي لحقت بوحدات حماية الشعب أمام الجيش التركي في عفرين، ومسؤوليته بالتالي عن خسارة الكُرد لإحدى مناطقهم الرئيسية الثلاث في سوريا، ومسؤوليته كذلك عن خسارة منطقة سري كانيه وتقطيع أوصال المناطق الكُردية السورية؛ من خلال اشاعة الاطمئنان الكاذب للحلفاء ولغباء الخطط الدفاعية، وخاصةً في حفر الخنادق وتغطية شوارع المدن والبلدات الكُردية بألواح التوتياء، وتحمله كذلك مسؤولية مقتل عشرات آلاف الشبان الكُرد، في معركة عبثية ضد تنظيم داعش.
رغم ذلك، أباح ذلك الفاشل لنفسه، وبعد كل ذلك السجل الثقيل من الفشل والهزائم والخسائر؛ مناداته بالجنرال، رغم أنه لم يدخل كلية عسكرية يوماً ولم يربح معركةً أو يتمكن من تعلم نطق جملة مفيدة، وكل ما لديه من رصيد، هو كونه ممثلاً معيناً من قبل منظومة حزب العمال الكُردستاني، التي لها تاريخ حافل في الهزائم يمتد لأربعين عاماً. ورغم ذلك، استطاع ذلك الجنرال الخلبي أن يضحك على عقول البسطاء؛ الذين لديهم الاستعداد لصنع آلهة من الأوهام وعبادتها، من خلال تسويق نفسه راعي وحدة الصف الكُردي، وهي لعبة جديدة طرحها حزب العمال الكُردستاني في التداول بعد سلسلة الهزائم التي لحقت به؛ وانعكست خسائراً فادحة على الكُرد في سوريا، وذلك في محاولة منع اكتمال طوق العزلة عليه، والبحث عن شركاء لإلقاء عبء هزيمته على كاهلهم، وتطعيم نفسه بما لديهم من قبول وبالتالي صبغ جلده ببعض لونهم، لإدامة استمراره.
ولكي يبرهن (الجنرال العظيم) على أنه الابن البار لمنظومة حزب العمال الكُردستاني، فقد انخرط مؤخراً في معركة الحزب ضد إقليم كُردستان، متخذاً من المناطق الكُردية السورية منصةً لحربه، فأدان باسم الكُرد السوريين ـ باعتباره الحاكم المطلق عليهم ـ بيشمركة كُردستان، رغم أن حزبه هو من هاجمها غدراً في عقر دارها، وطالب البيشمركة بالابتعاد عن أراضي كُردستان وترك الحبل على الغارب لمسلحي حزبه، ليقدموا للجيش التركي خدمة تحويل إراضي إقليم كُردستان إلى أطلال، مثلما فعلوا بالمناطق الكُردية السورية، بعد أن أغلق الحزب ملف تحرير وتوحيد كُردستان تركيا، وتحول إلى حمامة سلام في سماء تركيا وكبير دعاة الديمقراطية لها، والمدافع عن وحدة أراضيها وحامي حدودها. لم يكتفِ الجنرال الخلبي بأخذ دور ممثل الكُرد في الهجوم على بيشمركة كُردستان، بل أرسل أبناء الكُرد السوريين الذين جندهم في صفوف وحدات حماية الشعب، تحت عنوان حماية الشعب، لقتال البيشمركة والاعتداء على أراضي إقليم كُردستان، وهو أمر شديد الخطورة، يجيب على السؤال الكبير حول التجنيد القسري للكُرد السوريين، الذي ينفذه الحزب دون هوادة، والوجهة المقبلة الممكنة لبندقية وحدات الحزب، من قسد ووحدات حماية الشعب والمرأة وغيرها.
ألم يسقط ما يجري تجاه إقليم كُردستان، بالإضافة إلى سلسلة الحرائق التي بدأ رفاق الجنرال الخلبي بإشعالها في مكاتب الأحزاب الكُردية تحت سمعه وبصره، القناع عن وجهه بعد؟ ثم ماذا يريد الجنرال الخلبي وحزبه من الكُرد السوريين هذه المرة، وهو يناطح بهم جبال كُردستان التي تحطمت عليها رؤوس كبيرة، أكبر بكثير من الرؤوس الفارغة التي تنطحها الآن، وعاد أصحابها يجرون أذيال الهزيمة؟ هل يريد أن يجري نهر دجلة الفاصل مع إقليم كُردستان بالدماء الكُردية بدلاً من الماء، وتعود جثث من تبقى من أبناء الكُرد في توابيت من هناك، ويبني لهم مقابر جديدة إلى جانب تلك المليئة بجثث العائدين من قتال داعش؟ إن ما يفعله حزب العمال الكُردستاني وجنراله بالكُرد السوريين، لم يفعله عدوٌ بعدوه، فقد ترك الأعداء مساحة لحفظ كرامة بعضهم البعض والحفاظ على بعضهم من الفناء، وهو ما لا يفعله الحزب، الذي يضرب الكُردي بالكُردي حد الفناء، خدمة للعدو الذي يخدمه.