ماذا لو ..؟

إبراهيم محمود
ماذا لو فاز جو بايدن، وذهب ترامب في حال سبيله، وبقي الكرد على حالهم، وفي حالهم ذاهبين في حال سبيل حساب غيرهم ؟ ماذا لو، قريباً، فاز أحمد داود أوغلو، و” سقط ” أردوغان، وبقي كرد القرن الحادي والعشرين، يستعرضون تفاهاتهم المكوكية فيما بينهم، دون أن يفوز أي منهم في انتخابات الحياة المبكَّرة والمتأخرة في الحسابات المشخصة والمجردة؟ ماذا لو فاز أي مغمور فرنسي، وهو مألوف في دول تؤمن بقيمة الفرد فيها دون اعتبار لعشيرته وحزبه وذيليته، كحال الكرد، وانتهى أمر ماكرون، وبقي الكرد معجونين معجنين في تنافراتهم ؟
ماذا لو فاز أي صديق حميم للكرد في بريطانيا، ليصبح رئيس حكومتها، بدلاً من هذا الأشقر المندفع والهادىء معاً، واستمر الكرد في تعاديهم وتزاحمهم في الظهور الاستعراضي فيما بينهم وعلى بعضهم بعضاً، كما لو أنهم قِبلة العالم أجمع ؟
ماذا لو فاز أي صديق للكرد واستلم رئاسة أي دولة من الدول التي تتقاسمهم جغرافياً، واستمروا، هم، أنفسهم، على أعلى درجة من الاستخفاف من بعضهم بعضاً، واستخفوا بكردهم، وباسمهم الكردي، وكل قطرة دم لكردي مخلص لقضيته، حيث يتاجَر باسمه في السراء والضراء، وكل كردي بسيط، لا يصله بالسياسة، إلا ما يعرفه عن كونه كردياً، ويحب كرديته، كما هو حال أي إنسان على وجه الأرض، وليس كما يضخ فيه دمه خارج شرايينه تحت راية هذا الحزب أو ذاك، هذه الجهة أو تلك، باسم الشهادة ، والكردية إلى وراء، والبؤس الكردي إلى الأمام، والوعد الكردي إلى المزيد من الضمور، والرعب الكردي من الكردي، ومن كل ما يصله بالكردية، حتى على مستوى الحي المهمش والمهمل، إلى المزيد من الاستفحال .
خمسون مليون كردياً، كما تقول الحسابات الشعبوية الكردية، خمسون مليون جرحاً كردياً، خمسون رصاصة حارقة محرقة، تقابل بعضها بعضاً، في الحساب اليومي الدقيق !
ذلك هو الفوز الكردي العظيم، وليخسأ كل من تم ذكرهم من زعماء العالم وقادته !

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…