التعازي في ظل الغلاء وانتشار وباء كورونا.

خالد بهلوي
ما جرى في سوريا منذ أكثر من عشر سنوات لم تسلم من ويلاتها وتأثيراتها بنسب متفاوتة أسرة واحدة دمار- قتل – تشريد- إعاقة- موت تحت التعذيب -هجرة طوعية – هجرة قسرية.  واكتملت بغلاء المعيشة وبانتشار جرثوم ما سمي بكوفيد 19 (كورونا) ودخولها تقريبا كل بيت ولم يسلم من ضيافته الا القليل.  مع اشراقة كل شمس نتفقد أهلنا واصدقائنا ومعارفنا فنتفاجأ بأعداد من التعازي ورحيل الكثير من الاهل والأصدقاء والمعارف.
في سنوات ما قبل الحرب عند أي وفاة كان يعم مشاعر الحزن والوجوم على وجوه سكان الحي، فيبدؤون بزيارة أهل الميت للتخفيف من حزنهم ومصابهم ومساعدتهم في مراسم التشييع والتي كانت تمتد ثلاثة أيام متواصلة، وأحيانا أكثر..”. مع وجبات الطعام التي كانت تكلف كثيرا على اهل الفقيد وخاصة ما يسمى بطعام الفقيد اخر يوم التعزية. 
الانسان السوري بطبيعته يسعى للحفاظ على العادات والتقاليد الموروثة عبر الزمن ومنها التعازي التي كانت سهلة وميسرة قبل الغلاء الفاحش وانتشار كورونا. لتضامن وتكاتف الكثير من الأهل وأبناء البلد في تخفيف تكاليف التعزية والخدمة. اما الآن حتى الاهل والجوار لم يعد يملكون القدرة على مساعدة أي صديق في تحمل تكاليف التعزية. ولم يبقى شباب للقيام بخدمة الخيمة والقيام بواجب المعزين. 
لهذا نجد ان الكثير من التعازي: اسر المتوفين بحاجة الى مساعدة او يعيش على المساعدات التي كانت تصله من فاعلي الخير.  في التعزية رغم فقدهم المعيل للأسرة يضطرون تحت حكم العادات والتقاليد تقديم طعام الفقيد، فيلجؤون الى التدين من الاخرين حتى يقومون بهذا الواجب بتقديم وجبة غذاء لضيوف المرحوم والحقيقة اسرة المرحوم وأولاده أكثر الناس بحاجة الى تلك اللقمة لقمة الرحمة.
ناهيك ان فتح التعازي وتنصيب الخيم في ظل انتشار كورونا أدى الى نقل العدوى وصارت سببا مباشرا لكثير من حالات الوفيات بين المعزين الذين يصابون بهذا المرض دون اني يعرفوا ذلك الا بعد فوات الأوان.  وخاصة مع استمرار حالات المصافحة والتقبيل التي كانت تعبر عن التضامن ومشاركة الحزن مع اهل الفقيد. 
نأمل ان يعلن كل حالة وفاة بمرض الكورونا حتى لا يكون سببا في نقل العدوى للأخرين ليس معيبا ولا نقصا كشف وباء الكورونا عند أي أصابه. رؤوسا يصابون بهذا الوباء ويعلنون مباشرة ويعملون حجر صحي حتى عن اسرهم لكي ليكونوا سببا في نقل الجرثومة فتكون الخسائر والمصيبة مضاعفة. 
 نرجوا ان يكتفي أهلنا بالتعازي عن طريق التواصل الاجتماعي (الاتصال الهاتفي + برقيات التعازي – الكتابة بالفيس بوك او على الماسنجر) حفاظا وحرصا على عدم انتشار كورونا بين من نحبهم والتقليل ما أمكن من ضحايا هذا الوباء ولا يكتشف خطورته الا من يصاب به. حتى لو قاوم المرض وتعافى.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…