هل بدأت الحرب على اقليم كوردستان؟


جان كورد 
 ‏  
ربما يتساءل البعض عما إذا الحربٌ  قد بدأت على اقليم جنوب كوردستان، وأنا أقول بأن الحرب لم تتوقف أبداً حتى تبدأ من جديد، إذ أن الهجمات الإرهابية على الاقليم لم تنقطع منذ اعتراف الدستور العراقي به كمنطقة ذات وضعٍ مميّز ضمن الدولة العراقية، وهذه الهجمات التي تكللت بالاحتلال العسكري لمدينة كركوك “قلب كوردستان” و “قدس الأكراد” في أواخر عهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وذلك بالتواطؤ مع الجيل الأخير من (الجاش)، وجاءت هذه الهجمات بالترافق مع  الهجوم الواسع لتنظيم الدولة الإرهابي (داعش)، كما ترافقت مع هجمات لا زالت مستمرة من قبل حزب الآبوجيين الذي وضع الأمريكان ثلاثة من قادته الكبار في قائمة المطلوبين بسبب “الإرهاب”… 
كما أن انتقال ساحة الحرب بين هذا الحزب والحكومة التركية من الداخل التركي إلى الاقليم قد منح الحرب إطاراً غير الإطار الذي عهدناه أثناء حرب الأنفال الصدامية، ولذلك يمكن القول بأن شكل الحرب قد تغيّر أو تطوّر، إلاّ أن الهدف واحد وثابت،  ألا وهو إزالة كل شكلٍ من أشكال الإدارة الكوردية في الإقليم، وعلى هذا يتفق الفرس والأتراك وجزء كبير جداً من أتباع الملالي العراقيين وكذلك البعثيون الذين جلّهم من العرب السنة. وهذا يذكرنا باتفاقيات ثنائية وثلاثية بين إيران وتركيا والعراق لطمس الوجود الكوردي السياسي، ولكن أليس مثيراً للسؤال والنقاش أن يتفق مع هذه الأطراف حزبٌ يزعم أنه يكافح بالسلاح من أجل الأمة الكوردية، كما فعل ويفعل حزب الآبوجيين (ولدينا وثائق تثبت تحالفه سابقاً مع  نظام صدام حسين ضد الحزب الديموقراطي الكوردستاني)، كما رأينا تحالفه العلني مع الحشد الشيعي في محاولةٍ يائسة للسيطرة التامة على منطقة (شنكال) الكوردستانية، ومن ثم فضح (بافل طالباني) نجل الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني توقيع عدة مسؤولين من الحزب الأوجلاني على وثيقة التعاون بين مجموعة من قيادات الاتحاد الوطني الكوردستاني وبين الحشد الشيعي لاحتلال مدينة كركوك، ومن ثم الكشف من قبل حكومة الاقليم في هولير مؤخراً عن خلايا إرهابية حاولت  أو قامت بأعمال إرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار في الاقليم، ثبت لدى التحقيق أنها تابعة للحزب الأوجلاني، في الوقت الذي يتحالف الأمريكان والأوربيون مع الكورد ومع الديموقراطيين العرب للقضاء التام على إرهاب المنظمات المتطرفة في المنطقة وبعض الكتل القوية منها كحزب الله و الحوثي وحماس. 
لم يكتفِ الحزب الأوجلاني بالمآسي التي تسبب بها لشعبنا الكوردي في غرب كوردستان، وإنما سعى ويسعى منذ حين بكل ما لديه من امكاناتٍ إعلامية وسياسية وتربوية تشويه كل الحقائق على أرض الواقع الكوردستاني، وهذا يحدث عادةً قبل الانخراط في الحرب، فتشويه سمعة القيادات الأخرى والاستهانة بوجودها وقواها من أساليب الدعاية الغوبلزية النازية، والحزب الأوجلاني معروف بعدائه السياسي الصارخ للاقليم وتسخيره لإعلامه المبتذل من أجل بث خطاب الكراهية والحقد على  قيادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني، وهو مستعدٌ للتحالف دائماً مع الحشد الشيعي والقوميين العنصريين الأتراك ومع خونة 16 أوكتوبر  للنيل من كل من لا يصدّق إعلامه الذي شعار الباطني: من ليس معنا ولا يتبعنا فهو العدو. وبحسب هذه السياسة الخرقاء، فإن عشرات الأحزاب الكوردستانية في محتلف الأنحاء “خائنة”، وهذا أسلوبٌ من أساليب التنظيمات النازية والفاشية والشيوعية… 
وعليه، فمن الواضح نماماً أن الحزب الأوجلاني في حالة حرب على اقليم جنوب كوردستان، وما تودده لطرفٍ من الاتحاد الوطني الكوردستاني إلا بسبب العلاقة المتينة للطرفين مع الحرس الثوري الإيراني الذي يجد في الديموقراطي الكوردستاني عائقاً متيناً امام توغلّه في الاقليم ومن ثم باتجاه الغرب صوب غرب كوردستان.  
وهكذا يبدو التساءل عما إذا كانت الحرب ستبدأ ضد الاقليم غير واقعي، حيث أن الحرب مستمرة ضده وتتكاتف جهاتٌ عدة في توسيع دائرة النار، إلاّ أن البعض من الكورد المخلصين والوطنيين يغطون رؤوسهم في الرمال كما تفعل النعامة عندما يقترب منها الخطر، أو يتجاهلون ما يجري حقاً من حولهم. وهنا تكمن المشكلة.
فلنتحرك وفق إحداثيات الواقع  التي تحدد لنا مواطن الضعف في حراكنا السياسي عامةً. 
 
29.10.2020    

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…