تنازع أحزابنا أولى من توائمهم

تجمع الملاحظين: كاوار خضر
في كل مجتمع لا بد من فيئة تتنازع مع فيئة أخرى في أمر ما أو على شيء ما أو على أشياء كثيرة. وهذا التنازع تقل حضارية أو تزيد؛ وذلك حسب تطور المجتمع. ويكون سلبيا أو إيجابيا، أيضا بحسب درجة رقيه. التنازع إيجابي، غالبا، في المجتمعات المتحضرة، في حين أنه يتسم بالسلبية، على الأغلب، عند المجتمعات المتخلفة.
كيف كانت نزاعاتنا الكردية؟
قد يكون أكثر وضوحا إذا أحطنا بنزاعاتنا خلال الحقبة السوفيتية. اعتبر الحراك الكردي، في معظمه، نفسه يساريا. رغم شيوع مصطلحي اليسار واليمين إلا أن الطرفين كانا يحملان في برنامجهما ما هو مدعوم سوفيتيا. وكان التنافس بارز وقتها على مدى التزام هذا الحراك بالماركسية اللينينية بين المُتَميْسِرِيْن، أما الموصوفين باليمين، أي المهادنين، كان معيار الديمقراطية والتقدمية هو الراجح في برامجهم، وهكذا تنازع المُتَمَيْسِرُوُن فيما بينهم ومن جهة مع منادي الديمقراطية والتقدمية، والمهادنون اتهموا بعضهم بالجمود والتسلط… هكذا كانت خلافاتنا؛ بل اختلافاتنا.
اشغلوا الشعب بما هو بعيد عما يدفعه في التفكير عن إيجاد الطرق الكفيلة لتخفيف وطأة الإحصاء والحزام عليه، علاوة على حرمان مكتوميه من أبسط الحقوق. وعقدوا آمال شعبهم على الاتحاد السوفيتي داعيا أنه سيحول النظام البعثي إلى نظام يساري حقيقي سيمنح الكرد حقوقهم. بينما كانت الوقائع العملية يوما بعد آخر تجبر الكرد على النزوح للداخل السوري بحثا عن لقمة العيش. وكان واضحا للجميع أن الفقر والحصار والقبضة الأمنية المشددة… كان كلها تطبيق لبنود محمد طلب هلال في مشروعه الرامي للقضاء على الكرد. 
لم نشأ التوسع في أكثر من هذا معتقدين أن تلك الحقبة ما زالت ماثلة لرعيلها. والرعيل الجديد إن أراد المزيد ليسأل من عاشها، كي يتبين له منطق أولئك الناس، في ذلك الحين. وجديدنا يعيشها بمنطق وتفكير تلك الفترة. يحمّل أحزابه مسؤولية الركود والفشل والإحباط الحاصل. هنا لا نختلف معه. إنهم حجر عثرة في طريق النجاح، وهم من يثابرون على المنوال القديم المهلك… إلا أن هذا لا يبرره أن يظل معاتبا هؤلاء الذين جبلوا، ورُوِضُوْا على هذا الطرز من النضال. فالجديد تطبع بطبعهم واختار لومهم دون استقراء حقبتهم واستنباط الدروس منها لينطلق انطلاقا سليما مواكبا لعصره، ويراه بدقائقه وتفاصليه، مستغلا التقاء مصالحه مع قضيته، ومتجنبا مضاره. 
تنويه: يلتزم تجمعنا بعدد الكلمات كيلا يمل القارئ الكريم، ويلتزم بالعناوين المختلفة لموضوع واحد عملا باتفاقية الموقع معه. وعليه سنتابع «تنازع أحزابنا…» هذا بعنوان آخر في العدد المقبل.
Rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…

نظام مير محمدي* في الغالب، فإن النظام الإيراني يبدو في حالة لا تمکنه من أن يصر على إن أوضاعه على ما يرام وإن ما حدث خلال العامين الماضيين الى جانب ما يحدث له حاليا على الاصعدة الداخلية والاقليمية والدولية، لم يٶثر عليه سلبا، ذلك إن الامر قد تعدى وتجاوز ذلك بکثير ولاسيما بعد أن تناقلت…