روزآفا إبان الحقبة السوفيتية

تجمع الملاحظين: كاوار خضر
كان الاستيقاظ الحقيقي لحراك كرد روزآفا إبان الحقبة السوفيتية؛ حيث شهدت تلك الحقبة نشاطا فعالا لحراكنا الكردي. وفيه تشكل أول تنظيم كردي، ونشيطا بين الجماهير. استطاع التفافها حوله مؤملا إياها بتحقيق مطالبها؛ غير أن الأمور لم تجرِ كما شاءت الرغبات. وسرعان ما انشق الحزب على نفسه بين يمين ويسار، ومن ثم توالت الانشقاقات إلى يومنا الحاضر.
الخوض في الإنسان الكردي آنذاك أمر مهم -حسب تجمعنا- حيث موروث الماضي ما زال قائما بلُبُوْس مختلفة، ويؤثر بشكل مضر شادّاً إياه إلى الخلف.
كثير منا يظن أن عقيدة شعبنا الدينية كانت السبب في تخلفه؟ فالحقبة السوفيتية تبين إن طبيعتنا التربوية ميّالة إلى التفاعل مع الأفكار التي نعتنقها. هنا تكمن مشكلتنا، وليست في المعتقدات والأفكار التي تستوطن فينا.
تفاعل المتعلم، والمثقف، والسياسي، وحتى البسيط منا مع أفكار، تلك الحقبة -بما كانت تسمى آنذاك- التقدمية، وعكسها الرجعية، والأخيرة كانت منقصة للمتحلى بها- كان على أشده. والترويج السوفيتي للأول وذمه للثاني جعل الحراك الكردي يقفز من فوق مراحل عدة ويتبنى مرحلة المجتمع -التقدمي- المتقدم. فسياسيو مجتمعنا الإقطاعي الزراعي ساروا خلف برنامج المجتمع الصناعي المفعم بالطبقة العاملة، لكثرة مصانعه. هذه السيرورة لم تكن على أساس علمي مدروس؛ وإنما بسبب الترويج السوفيتي وأدواته له، قياما وقعودا.
ما الخطأ في هذه السيرورة؟
الذي أخطأ فيه الحراك الكردي، أن مجتمعه الزراعي الرعوي كان أقرب إلى الماوية منها إلى السوفيتية. فالماوية انطلقت من منشأها الزراعي الرعوي وليس الصناعي. فالعمال في المصانع أكثر استقراء واستنباطا للأمور من الزراعي. كون الآلة أعقد بكثير من العملية الزراعية. فزارعو الحبوب ومربو المواشي، وغارسو الأشجار ليسوا بحاجة إلى معلومات كثيرة ومعقدة كما هو الحال لدى عمال الآلة. 
فدورة الزراعة من البذار إلى الجني قصيرة وبسيطة. كل ما هنالك أن يفلح الأرض ويبذرها ويسقيها وفي النهاية يجنيها. هذه الدورة تأخذ بضعة أشهر أو عدة سنين في حالة غرس الأشجار المثمرة؛ بينما عمال المصانع عليهم أن يفهموا الآلة ومكوناتها، وترتيب تموضعها، وطريقة عملها ونوع وقودها… لذا تتجمع لديهم كم هائل من المعلومات؛ التي بحد ذاتها تعطيهم منطق الاستقراء والاستنباط المميز، لا كالذي لدى الزراعي. وهذا الزارع الذي لم يتجاوز حدود محيطه، ولم يعاشر الآلة، تخيل نفسه كعمال المصانع المعقدة، وظن أن تراكمه المعرفي كتراكمهم من الناحية السياسية، وعليه تصرف منطلقا منها، لينادي بالصراع الطبقي. 
لنا العودة إلى تتمة الموضوع، لكن بعنوان مشابه.
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…