الحشد الداعشي يتحرك ضد اتفاقية شنكال

زاكروس عثمان
 
بدأت إيران تحرك أدواتها القذرة في العراق بغية إفشال الاتفاق الذي وقع مؤخرا بين الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان الجنوب بخصوص تطبيع الاوضاع في منطقة شنكال جنوب غرب الإقليم، إذ أن الاتفاق سالف الذكر في حال تنفيذه سوف يبعثر مخططات طهران الخاصة بالسيطرة على شنكال وتطويقها لإقليم كوردستان.
وتكتسب منطقة شنكال اهمية أمنية وتجارية ليس بالنسبة لإقليم كوردستان والعراق فحسب بل كذلك للدول المجاورة التي لا ترغب باستقرار الاوضاع في شنكال خشية من تؤدي هذه الخطوة إلى عودة المنطقة إلى الإقليم الكوردي وكذلك تكون تمهيدا لخطوات مماثلة تتخذ بخصوص كركوك، ما يعني طرد الجماعات المسلحة المنفلتة الموالية لإيران “الحشد الداعشي” من المنطقة، 
من هنا جاء رفض هذه الجماعات للاتفاقية وعلى ما يبدو انها لن تكتفي  بإعلان مواقف بل بدأت بإرسال رسائل ساخنة إلى حكومتي هولير وبغداد وذلك بإقدام رعاع الحشد الداعشي على حرق مقر الحزب الديمقراطي الكوردستاني في بغداد أمس السبت، وخطف عدد من المدنيين في منطقة صلاح الدين وقتل ثمانية منهم بطريقة وحشية، وكأن طهران عبر اذرعها تهدد هولير وبغداد بمزيد من التصعيد في الاعمال الارهابية فيما لو قررتا المضي في عملية بسط سيطرة الدولة على المناطق الخاضعة حاليا لسيطرة جماعات مسلحة غير منضبطة تعمل لصالح أطراف خارجية. 
ورغم أن لكل طرف اسبابه الخاصة التي تدفعه إلى احتلال  المنطقة  إلا انها رغم التنافس فيما بينها تلتقي على قاسم مشترك وهو مكافحة اي منجز يخدم الكورد، حيث تعمل هذه القوى على  منع انضمام شنكال إلى الإقليم بغية محاصرته وتحجيم جغرافيته ومكانته وحرمانه من الميزات الاستراتيجية  والموارد التي تتوفر في هذه المنطقة، إضافة إلى ايجاد حساسية بين سكان المنطقة  من الكورد الإيزديين وسكان الاقليم من الكورد المسلمين. 
وتأتي إيران على رأس الاطراف الطامعة بالسيطرة على منطقة شنكال لأنها تشكل حلقة مهمة للربط بين إيران العراق سوريا ولبنان ضمن مشروع الهلال الشيعي، واستغلت طهران اجتياح تنظيم الدولة الارهابية للمنطقة 2014 لترسل ميليشياتها  العراقية للسيطرة عليها ومن ثم البقاء فيها مستفيدة من ولاء  الحكومات العراقية المتعاقبة لها، وما كادت إيران تحصل على موقع قدم حتى جاء الاتفاق سالف الذكر ليهدد بنسف ما خطط له الايرانيون خلال السنوات الماضية. 
ولا تقل الاطماع التركية في إقليم كوردستان وشمال العراق عن اطماع منافستها إيران، حيث تنظر أنقرة إلى شنكال  نظرة اكثر شمولية وذلك في سياق مشروع يهدف إلى احتلال كوردستان سوريا” روزافا” وفتح طريق التفافي يؤدي إلى شنكال  ومن ثم إلى العراق دون المرور بأراضي إقليم كوردستان، لضرب المعابر الحدودية التي تعتبر المنفذ الوحيد امام حركة التجارة ونقل البضائع بين تركيا من جهة والاقليم والعراق من جهة اخرى، ولكن أنقرة ليست سعيدة بتلقي هولير موارد مالية كبيرة تأتي إليها من عائدات المعابر، هذا من جهة ومن جهة اخرى تسعى تركيا إلى احتلال المنطقة بحجة تواجد مقاتلي حزب العمال الكوردستاني ـ التركي PKK فيها، وفي حال نجاحها بالسيطرة العسكرية على المنطقة تستطيع أنقرة ضرب عصافير كوردية عدة بحجرة واحدة. 
وكان مقاتلون من منظومة PKK دخلوا شنكال للدفاع عن سكانها عقب تعرضهم للإبادة  على يد عناصر تنظيم الخلافة الارهابية 2014،  وبعد طرد التنظيم من المنطقة بقي مقاتلو الـ PKK  فيها، وحيث ان الحزب مناوئ لهولير فقد أسس قوات محلية وحرض السكان المحليين على فك ارتباطهم القومي” الكوردي” بإقليم كوردستان وحاول ايجاد إدارة ذاتية خاصة بهم، ومن المفارقات ان الـ PKK  يشارك خصوم الكورد في طهران و أنقرة موقفهما من هذا الاتفاق، حيث تتهم اوساط كوردية الحزب بالتعاون مع ميليشيات الحشد الشعبي وإيران، ويتساءل آخرون عن جدوى عدم رضا الـ PKK  باتفاق شنكال،  إن كانت الحلول البديلة سيئة للغاية، طالما تركيا تهدد باجتياح المنطقة وفي حال حدوث تدخل عسكري فأن احتمالات تعرض سكان المنطقة لعمليات إبادة جديدة تبقى قائمة لان تركيا تستخدم فصائل سورية إرهابية في عملياتها الخارجية وقد تم برمجة هؤلاء المرتزقة على قتل الكوردي كونه انفصالي كافر، ولن يكون مصير سكان المنطقة افضل فيما لو احكمت الاذرع الإيرانية قبضتها عليها لأن فصائل الحشد  الشعبي” النسخة الشيعية” لتنظيم داعش لا تقل إرهابا عن تنظيم داعش الذي يخدم تركيا، نتيجة لهذه الظروف فان الـ PKK  لا يملك فرصة للسيطرة على شنكال وإدارة المنطقة، وليس من الحكمة ان يتوقع قادته دعم من طهران وحلفائها في العراق لان بغداد لن تقبل بسيطرة الـ PKK على ارض تعتبر من وجهة نظرها أراض عراقية، كما ان الرياح  في العراق آخذت تهب عكس ما تشتهي السفن الإيرانية، بكلمة اخرى احتمالات احتفاظ الـ PKK بالسيطرة على شنكال ضعيفة للغاية، لهذا من الافضل ان يساند هذا الحزب حكومة إقليم كوردستان في تطبيع الاوضاع في شنكال وإعادة أعمار المنطقة وعودة سكانها النازحين إليها. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…