القضية تبدأ بـ حمُّل المسؤولية.. حسكة تستغيث!!

عزالدين ملا
منذ أكثر من شهرين والطرفان الكورديان يجلسان على طاولة المفاوضات وبرعاية أمريكية، ومازالت الجولة في مرحلتها الثانية، والجدال والنقاش مستمر حول النقاط الخلافية، ولكن كلّ ذلك يجري والشعب الكوردستاني يرزخ تحت وطأة الفقر والجشع والاستغلال، جميعنا تحمَّل الألم والأمل بأن تفضي تلك المفاوضات إلى ما يطمح إليه متطلبات الشعب الكوردستاني.
منذ بداية الصيف المفاوضات بدأت بين الطرفين الكورديين، والشعب الكوردستاني في مدينة الحسكة ومدن أخرى يموت عطشاً جراء قطع العدو التركي ومرنزقته لمياه محطة علوك.
المدينة عطشى والطرفان الكورديان يفاوضان فيما بينهما، ولا أحد منهما يطالب الآخر بدفع البلاء الموت عطشا عن الشعب بأنه الأهم، وحتى اللامبالاة الأمريكية يدفع الجميع إلى القول أن أمريكا غير مهتمة بأرواح آلاف من المواطنين عطشا، وغير جادة بوحدة الصف الكوردي، سوى أن تكون ذلك لمآربها سياسية، لو كان غير ذلك لَعمل بجد للضغط على تركية التي بدورها قادرة بالضغط على فصائل مرتزقته المسلحة لعدم قطع المياه، ولكن عبثاً، الجميع يلتهون بالمفاوضات وتحت شعارات الدفاع عن القضية وحمايتها هو الأهم، ولكن ما أهمية الدفاع عن القضية من دون شعب حي؟
 يجدر بالجميع تحمل مسؤولياتهم والعمل بكل طاقاتهم لإيجاد البديل، ألا يجدر بـ الطرف المفاوض “أحزاب الوحدة الوطنية”، ” لو”، من بدل حفر آلاف الكيلو مترات من الأنفاق، بالقيام على مد قنوات مائية من المناطق الغزيرة المياه إلى مدن العطشى كـ الحسكة وتل تمر وغيرها، ألا تكون تكلفة هذه القنوات أقل من تكلفة الأنفاق، أو القيام بحفر آبار بحرية بالقرب من المدن العطشى، لًكانَ خلال شهر المشروع جاهز والمدن إرتوت من عطشها، وأيضا ومن جانب آخر، المجلس الوطني الكوردي ألا يجدر به الطلب على الجانب الأمريكي ضمن المفاوضات ليقوم بدورها للضغط على تركيا لمنع قطع المياه، وأيضا للضغط على الإدارة الذاتية للقيام بدورها كـ مسؤول عن المناطق الكوردية لإيجاد البدائل.
علماً، المناطق الكوردية في كوردستان سوريا، غنية بالمياه الجوفية الصالحة للشرب، إن كانت سطحية أو جوفية، فقط بحاجة إلى إرادة قوية وتكاتف وإصرار من قبل الأطراف الكوردية على حفر الآبار، وأيضا نقل المياه عن طريق قنوات من مناطق غزيرة بالمياه السطحية العذبة الصالحة للشرب إلى المدن العطشى، فقط بحاجة إلى إرادة ومال، هناك مال فقط يحتاج الوضع إلى إرادة، فهناك دول قامت بمد أنهار صناعية عبر الصحراء.
أين المنظمات الإنسانية التي إزدحمت كوردستان سوريا بعددها، معظم مقرات تلك المنظمات في المناطق الكوردية، وثلثي موظفيها من أبناء المنطقة، حيث يتنقلون من مناطق الجزيرة إلى مدن الرقة وديرالزور، حيث ينفذون جميع المشاريع التنموية والإغاثية هناك، ألا يجدر بـ هذه المنظمات العمل في المناطق الكوردية، وهل هذه المناطق إكتفت من مشاريعهم؟، ولم يبقى بحاجة إلى مساعداتهم!!، يا للعجب!، كيف يكون المنطق لديكم، شعب كامل يموت عطشاً وأنتم ملتهون بمدن رقة وديرالزور، ومن المعلوم هذه المدينتين من أغنى المناطق مياهاً في سوريا.
كيف لنا أن نبني وطناً؟، إن لم نكن على قدر المسؤولية، والمسؤولية التاريخية تظهر في هذه المرحلة الحرجة، حيث مدن عطشى، ولا أحد يبالي، فالنكن على قدر أمل وظن الشعب، ونقدم جزءاً يسير مما عاناه خلال سنوات الماضية، فالنعطي الأمل والطمأنينة أن المستقبل القادم هو الأفضل. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…