عزالدين ملا
الشعب الكوردي في كوردستان سوريا الذي يعاني من تدهورٍ في الوضع الاقتصادي والمعيشي، وقد وصل به الى حد عدم تحمل الأعباء المعيشية، ترى لسان حال المواطنين عن الماء والخبز والكهرباء، لم يعد يهتم بما يجري في دهاليز السياسة، كما يردد معظمهم، بأنهم إذا صح لهم المجال بالسفر، سيتركون كل شيء الذي أصلاً لم يبق له شيء في الوطن على حدِّ قولهم، ويهاجرون بحثاً عن حياة كريمة لهم ومستقبل جيد لأولادهم.
هذا الكوردي الذي أصبح سلعة في سوق المصالح، كلٌّ يُسَيّره على هوى مصالحه، الشعارات الرنانة والبراقة لم تعد تفيده، حيث وصل إلى حقيقة مفاده لا الوطن ولا الأرض له أهمية إذا إنهار مستقبل أولاده والأجيال القادمة.
عندما كان الشعب الكوردي يرزح تحت وطأة الاضطهاد والظلم والاستبداد من قبل الدول الغاصبة لكوردستان، فأنه تحمّل بروح ومعنويات عالية، لأنه يعلم ان العدو والمضطهد سيزول مهما طال الزمن، ولكن ما يحدث الآن وبعد معاناة طويلة في ظل النظام الأسدي الديكتاتوري، فأنه وصل إلى حد عدم تقبل هذا الواقع، حيث يُظلَم على يد أبناء جلدته، رغم الضغوطات والتهديدات الخطيرة من قبل العدو التركي التاريخي وفصائل مرتزقته، اصبح محروما من أبسط حقوقه، لا ماء ولا كهرباء ولا خبز.
- ما رأيك بهذا الواقع الذي يمر به الشعب الكوردي في كوردستان سوريا؟
- هل هناك ما يبعث الأمل والانفراج لدى الكورد في الفترة القصيرة القادمة؟
- ما المطلوب من الحركة السياسية لكي يسرع في إنهاء معاناة الشعب الكوردي في كوردستان سوريا؟، وما المطلوب من الشعب المنهك أصلا لكي يصارع معاناته المتدهورة؟
- ما هي الحلول والبدائل لكي يخرج كورد سوريا من أزمتهم؟
نجاح الحوارات الكوردية يعزز دور الكورد في المشروع الوطني السوري التغييري
تحدث عضو اللجنة المركزية لحزب PDK-S شاهين أحمد، بالقول: «بدايةً علينا جميعاً أن ندرك بأن الأزمة السورية تحولت إلى أزمة إقليمية ـ دولية نتيجة إطالة أمدها والتدخل السلبي في شؤونها، وصراع الأجندات الدولية والإقليمية المتداخلة على سوريا، وعلينا أيضاً الإقرار بأن السوريين الذين قاموا بثورتهم قبل نحو عشر سنوات قد فقدوا إرادة التحكم في كل مايجري في بلدهم، وأصبح مصيرهم بأيدي أصحاب الأجندات المذكورة، وذهبت أحلامهم في التخلص من الدكتاتورية وتحقيق الانتقال إلى نظام ديمقراطي أدراج الرياح، ولم تعد تشكل معاناتهم جزءاً مؤثراً من مواقف واهتمامات الدول الفاعلة والمؤثرة في الملف السوري. والواقع الكوردي هو في المحصلة جزء من الواقع السوري العام، وهو واقع مأساوي نتيجة سلسلة مستمرة من الحروب المركبة التي لم تنقطع، هذه الحروب التي منها ماتتعلق بالصراع العام في سوريا، ومنها ماتتعلق بصراع حزب العمال الكوردستاني مع الدولة التركية، تلك الحروب التي مزقت النسيج المجتمعي، وأدت إلى تشتيت الأسرة، وتفريغ كوردستان سوريا من طاقاتها الشبابية والعلمية والاقتصادية، وإغلاق مجالات العمل، ووقف عجلة التنمية والتطور، وبروز مافيات الحرب، وظهور طبقة برجوازية جديدة تتحكم بكافة مصادر الدخل ومفاصل الحياة، وتسيطر على اقتصاد الحرب وإدارته من خلال مافياتها، مما جعلت غالبية شرائح الشعب تعيش حالة مزرية نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة، وضعف الخدمات بشكل عام، وغيابها الكلي في الكثير من الأحيان والمواقع، وتفشي جائحة كورونا. وكذلك الشعور العام السائد لدى من تبقى من أهلنا بالقلق وعدم الاستقرار والخوف من تكرار التجارب الكارثية التي حصلت لبعض مناطق كوردستان سوريا كما حصل في عفرين وتل أبيض (كري سبي) ورأس العين (سري كاني). وهنا من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن سلطات حزب الاتحاد الديمقراطي pyd تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، سواءً لجهة غياب الخدمات، أو لجهة القلق الدائم السائد نتيجة ولائها وإرتباطها بحزب العمال الكوردستاني pkk ومايترتب على ذلك من نقل الصراع بين تركيا و pkk إلى داخل كوردستان سوريا ودوام حالة الحرب والنزوح».
ويتابع أحمد: «نعم هناك أمل وتفاؤل ولكنهما مشوبان بالحذر نتيجة التجارب السابقة الفاشلة، والأمل معقود على الحوار الكوردي– الكوردي بين المجلس الوطني الكوردي ENKS من جهة، وأحزاب الوحدة الوطنية الكوردية بقيادة pyd من جهة أخرى، وبدعم الأشقاء في قيادة إقليم كوردستان وخاصة فخامة الرئيس مسعود البارزاني، وكذلك التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبإشرافها ورعايتها المباشرة للحوارات، وخاصة أن الحوارات قطعت أشواطاً مهمة بالرغم من عرقلتها من قبل التوجه المرتبط بـ “قنديل” والمناهض للفصل بين pyd و pkk، والمحاولات المتواصلة لأصحاب هذا التوجه بوضع العوائق والعراقيل أمام الحوارات بغية إفشالها من خلال إصدار بعض القرارات الإشكالية مثل القرار الخاص بأملاك المهجرين واللاجئين والمغتربين، ودوام حملات خطف القصر من الشباب والبنات بغرض تجنيدهم لصالح أجندات قنديل، وكذلك من خلال تصرفات وأعمال وممارسات ماتسمى بمنظمة “جوانين شورشكر”، وماحصل مؤخراً من هجوم على مكتب حزبنا الديمقراطي الكوردستاني – سوريا في قامشلو يأتي في هذا الجانب. ولكن المجلس الوطني الكوردي مدرك تماماً للتحديات التي تواجه مشروع وحدة الصف، لذلك يتعامل مع المشهد بكل هدوء ومسؤولية، ولا يتخذ من ردود الفعل منهجاً لعمله، ويحاول أن يمنح فرصة كافية للخيرين من أنصار التوجه المؤيد للفصل بين pyd و pkk والشامل لغالبية كوادر حزب الاتحاد الديمقراطي المنحدرين من كوردستان سوريا بقيادة قائد “قسد” السيد مظلوم عبدي، وكذلك يعلق المجلس الوطني الكوردي آمالاً كبيرة على الراعي الأمريكي والأشقاء في قياد إقليم كوردستان، وهنا لا ننسى وجود أكثر من جهة لا تريد الخير للكورد وفي مقدمتهم البعث والميليشيات المتحالفة معه».
يردف أحمد: «ان الحركة السياسية الكوردية مطالبة بالترفع عن الخلافات الجزئية الجانبية والإسراع في التوصل إلى إتفاق كوردي – كوردي شامل ساسياً وإدارياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً …إلخ، ولكامل مساحة كوردستان سوريا من عفرين وحتى ديريك حيث الحدود الإدارية والسياسية بين العراق وسوريا. اتفاق قابل للعيش والتطبيق من خلال ضوابط وضمانات، وإعادة قوات لشكري روج إلى الوطن، ومن ثم العمل على التوصل إلى إتفاق بين كافة مكونات المنطقة، وإعادة تشكيل الإدارات على أساس عقد اجتماعي مكوناتي جديد، ووفق نسب كل مكون لكل موقع، وإخراج كافة الكوادر العسكرية والسياسية والأمنية والإدارية التابعة لحزب العمال الكوردستاني والمنحدرين من بقية أجزاء كوردستان من كوردستان سوريا، وإعلان فك الإرتباط العضوي بين pyd و pkk، والتأكيد على الخصوصية الكوردية السورية، وان كل مايتم الاتفاق عليه يأتي في إطار المشروع الوطني السوري التغييري الشامل والهادف لإعادة إنتاج جمهورية سورية اتحادية ونظام ديمقراطي على مسافة واحدة من كافة مكونات الشعب السوري القومية والدينية والمذهبية، وعدم التدخل في شؤون الجوار، والعمل على فتح المنافذ والمعابر التجارية مع الجوار الإقليمي، وكذلك وضع خطة عمل لتأمين الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وصحة، وتصحيح مناهج التعليم ومسار العملية التعليمية. ومن جهة أخرى على الحركة السياسية وكإجراء إسعافي أن تشكل لجنة مشتركة من طرفي الحوار الكوردي – الكوردي ومن ممثلي جبهة الحرية والسلام ومختلف مكونات المنطقة والتواصل مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات العاملة في المجال الإغاثي لتأمين مساعدات فورية غذائية وطبية للشعب، وكذلك التواصل مع أبناء شعبنا في أوربا لجمع التبرعات وإرسالها للداخل لتخفيف المعاناة».
يختم أحمد: «في ظل غياب رؤية أمريكية واضحة لمستقبل قضية الشعب الكوردي في كوردستان سوريا، تبقى كافة الحلول والمبادرات مؤقتة إن لم يحصل هناك تغيير عام شامل على المستوى الوطني السوري في إطار الحل السياسي وفق مرجعية ” جنيف 1 ” حزيران عام 2012 وكذلك القرارات الأممية ذات الصلة وخاصة القراران 2118 و 2254، ونظراً لغياب الإرادة الدولية في إسقاط النظام بكل شخوصه ومرتكزاته الأمنية والعسكرية والفكرية، وبالتالي استحالة تحقيق الحل السياسي الشامل دفعة واحدة ، كان لابد من إيجاد صيغة معينة للدخول في مسار الحل من خلال العملية الدستورية، بحيث يشكل الدستور التوافقي الذي يجري العمل عليه من خلال اللجنة الدستورية المشكلة مدخلاً للحل السياسي الممكن. ولكن نجاح الحوارات الكوردية – الكوردية وكذلك المكوناتية وتعزيز دور الكورد في المشروع الوطني السوري التغييري المذكور، من خلال العملية الدستورية والتفاوضية، ستخفف إلى حدٍ كبير من معانات وآلام شعبنا، وستعطي دفعاً للصامدين القابضين على الجمر على البقاء والتحمل والاستمرار».
الاتفاق الكوردي.. بصيص أمل يلوح في الأفق
تحدث الكاتب والناشط السياسي، محمود مصطفى، بالقول: « ان غياب الدستور عن الحياة السياسية في البلاد او الامتناع عن تطبيق نصوصه الواردة بفصل السلطات الثلاث، تجعل الدولة مفككة وعرضة لعدم الاستقرار، والدولة التي لا تمارس فعلياً العملية السياسية من خلال تطبيق نصوص الدستور، وتعمل على فصل السلطات الثلاث تسمى بالدولة التي لا يحكمها الدستور (بدون دستور)، وهنا يستفرد الحاكم بإدارة البلاد بقبضة حديدة، عبر ادواته القمعية التي تتمثل في المؤسسات الأمنية المتعددة والجيش من خلال حزب واحد يقود الدولة والشعب، وفق قانون الطوارئ أي عملياً القضاء على الحياة السياسية في البلاد وهذا ما حدث في سوريا منذ العام 1963. لكن النزاع على السلطة في سوريا تخطى جميع المفردات السياسية، بسبب التشعبات الفكرية والثقافية وحضور التاريخ كـ “سيد وحكم”. هذا النزاع ومنذ ما يقارب عشر سنوات نال صفة الحرب، لا بل تعدت حتى تلك الصفة، لانها اثبتت منذ اليوم الأول ان جميع فرقاء النزاع ما هم إلا حلفاء لدول اقليمية وعظمى، وهذا سبب كاف يجعلنا نطلق عليها، اقذر حروب القرن الجديد لبشاعتها وبشاعة الجرائم التي ارتكبت فيها، وقد يستطيع أي مؤرخ أن يصنف هذا النزاع أيضاً ضمن مسميات تاريخية متصلة ومتسلسلة لحروب دارت رحاها لعشرات القرون دون منتصر او خاسر.
يتابع مصطفى: «في هذه الحرب دافعت جميع الدول المشاركة عبر وكلائها المحليين عن مصالحها وأهدافها فكانت النتائج أيضاً رهيبة، فهناك ملايين المهجرين والنازحين وقد يصل عدد ضحايا الحرب الى قرابة المليون. هذه الأرقام وحدها كافية أن نتأمل هول الفاجعة والمأساة التي يعانيها المواطن السوري اليوم. والمواطن الكوردي ليس استثناء في هذا الإحصاء واخص الذكر الذي بقيَّ الى اللحظة صامدا على أرض الوطن وصام عن الهجرة، ليواجه وحيدا بشاعة المعيشة وغلاء الاسعار وغياب الخدمات، أمورٌ وجهته الى الندم على فعل الصمود الاسطوري، بعد ان اكتشف هذا المواطن انهيار منظومة التعليم وضياع الأجيال بمقصلة ثقافية وفلسفية غريبة عن طباعه. وزاد الطين بلة قطع الكهرباء ورداءة الخبز وأُكمل بتجفيف منابع المياه، في سياسة واضحة لإذلال الشعب ومحاربته في أبسط حقوق اسرى الحرب. لا يستطيع احد أن يتخيل حجم الكارثة إلا من يعيش الكارثة، اليوم جميع الآراء وتوجهات ممن يعانون ذل العيش هو هدف واحد، الهجرة والخلاص من أهوال الحرب، على الرغم من أن جميع الشعوب تكره الحرب، إلا أنه في مجتمعاتنا تعد ظاهرة وموروث ثقافي لكن دون أخذ العِبر من تاريخ دموي. عمليا دارت جميع أنواع الحروب على الجغرافية الكوردستانية بمسميات مختلفة لطول مدة النزاع بين الخصوم في سوريا، والتحالفات التي تعرضت للتغيير بين الفرقاء الإقليميين وخصوم الداخل، فكانت الأضرار أيضا كبيرة وذات تأثير مباشر على حياة المواطن الكوردي، الحياة الاجتماعية اصابتها حالة هدرٌ في الموارد البشرية ومنع التقدم على مختلف الأصعدة فكثرت الجريمة وزادت نسبة البطالة والعنوسة وغابت الأخلاق عن السلع الاستهلاكية لصالح تجار الأزمة
يضيف مصطفى: «المُلفت في الآونة الأخيرة، الحرب النفسية او (حرب العصر) التي تتبعها تركيا من خلال مرتزقتها لتغيير السلوكيات والقناعات وميدان حربهم، هذه المرة الأفراد المدنيين، وذلك بمنع وصول المياه الى مدينة الحسكة التي يسكنها قرابة المليون نسمة، هذا الفعل يُعتبر من أخطر الاسلحة التي يستخدمها العدو، وتصل الى مستويات الجرائم ضد الإنسانية (جرائم حرب)، لأنها تقوم على إضعاف الخصم وتحطم إرادته بعد ان تتأكد بعدم مقدرتها على تحمل تكاليف الحرب العسكرية المباشرة طوال 10 سنوات وتواجد قوات أخرى تمنع تقدمها لإحتلال المزيد من الأراضي. الممارسات التركية التي تنتهجها على المدنيين جزء من إتفاق إقليمي سابق برعاية روسية، هدفها زرع الفتنة بين المكونات المنطقة والترصد والتضليل ونشر الشائعات عبر بث مقاطع فيديو تحض على الثأر كهدف رئيسي ومحتمل لحدوث انقلاب لصالح الحكومة المركزية في مناطق سيطرة قسد. وهذا ما يسمى بحرب الأفكار او الحرب الدعائية الذي هو شكل من اشكال الصراع، هدفه التأثير على الخصم بإحلال أفكار أخرى تكون في خدمة مصالحه بدون أي ضجيج. كما نص الاتفاق برفع العلم السوري على كامل الجغرافية السورية العام 2016. إنما الوجود الأمريكي عائق حتى الآن. المنطقة بأكملها ستتعرض لتداعيات حرب القرن (حرب المياه) مستقبلا، فقد اصدر حلف الناتو قبل عامين 2018. بيانا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقية قد تتعرض لإضطرابات سياسية مزلزلة ليس بسبب جفاف الأنهار وبناء السدود في تركيا وإيران وأثيوبيا فقط، لكن البلاد العربية شحيحة في الاصل. وبحسب اللجنة الدولية للتغييرات المناخية فإن المنطقة هي الأكثر ندرة للمياه على مستوى العالم، وأكدت على ذلك الإدارة الوطنية الأمريكية من خلال 3 سجلات لدراسات منفصلة لهطول الأمطار خلال مئة عام مضى. لهذه الاسباب يعتقد بعض الباحثين ان الاضطرابات التي حدثت في سوريا بداية 2011. كانت ذات علاقة بالجفاف الذي سبق هذا التاريخ بخمس سنوات، الجفاف الذي تسبب في إضطرابات إجتماعية شديدة وهجرات سكانية كبيرة داخل البلاد، وهذا ما حدث بالفعل وطبق على الكورد مُلحقة بمراسيم أنهت الحياة الإقتصادية في مناطقه».
يؤكد مصطفى: «ان ما يمر به المواطن الكوردي نتيجة حتمية لصراع دام لعقد من الزمن بعد ان تُرك وحيداً أمام مواجهات مجهولة ومصيرية، فكان خداعه سهلا وتهجيره اسهل على الخصوم من خلال أدوات باتت مكشوفة أمام الشعب، حتى لا يستغبي أحد هذا الشعب فهو يدرك جيدا ما يقوم به العدو.
اليوم جميع القراءات لا تبشر بالخير فالتضحيات كانت كبيرة عكس الواقع المهزوز، الشعب الكوردي منهك بعد ان خاض أربع حروب منذ جلاء الفرنسيين عن سوريا، حربه (مع دمشق لتثبيت الحقوق الدستورية قبل 2011- الصراع السوري السوري 2011 وما تعرض له الشعب من حرب إبادة من قوات المعارضة “غصن الزيتون، نبع السلام”- حرب العصر “حرب المياه” التي تشنها تركيا على المدنيين- والحروب الاقتصادية التي رافقت الحروب الثلاث)».
المنطقة الكوردية بحاجة إلى حلول إسعافية سريعة ومن ثم العمل على توفير حلول دائمة
تحدثت الكاتبة والناشطة السياسية، فدوى حسين، بالقول: «إن كان الحديث قد كُثر حول تجنب المناطق الكوردية وتحييدهاعن الصراع السوري، وإبقائها بعيدة عن مدافع وبراميل النظام. لكن استلام حزب الاتحاد الديمقراطي- الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني- لزمام الأمور. كان السبب في تدمير كوباني، واحتلال عفرين، وسري كانييه، وكري سبيه. أما باقي المناطق. وإن بقيت شوارعها وأبنيتها دون تدمير. إلا أن دماراً آخر أشد وطأة أصابها. أكثر من ثلثي الأهالي هُجروا بسبب انهيار التعليم، والتجنيد الإجباري، ومعارك لا ناقة للكوردي فيها ولا جمل، وتفجيرات تحصد الأرواح بين الحين والآخر. فتغيرت ديمغرافية المنطقة، وأصبحت نسبة الوافدين والنازحين إليها أكثر من أهلها. أما من تبقّى منهم، فهو يصارع الموت في كل لحظة. مأساة لا تنتهي من أزمات متتالية انقطاع متواصل للكهرباء. توقف معظم المولدات عن العمل. انقطاع الماء. أزمة الخبز. أزمة الغاز. غلاء الأسعار الفاحش. الانتشار الانشطاري لجائحة الكورونا. خطف القاصرات وتجنيدهن. والكثير الكثير من صور الموت البطيء.وللأسف في الوقت الراهن ومن خلال قراءة الواقع وما يحدث من إهمال متعمد. وغض الطرف من القوى المتحكمة والمسيطرة على الأرض، وعلى رأسها أميركا وروسيا. وخير مثال إيقاف تركيا والفصائل المدعومة من طرفها، ضخ المياه عن مدينة الحسكة، وترك الأهالي عرضة للموت عطشاً دون ردعها. دليل أن حلول ولا آمال بغدٍ أفضل تلوح في نهاية النفق».
أكدت حسين: «أنه على الحركة الكوردية، والأطراف الكوردية، عدم المماطلة في توحيد الصف الكوردي. ويكون التفاوض جاداً والحوار مبنياً على توزيع المهام والواجبات، وليس الحصص والمناصب. فمن يمثل الشعب يجب أن يتمثل همومهم ومعاناتهم، ويبحث بكل السبل عن علاجها، وضع حد لجرحهم النازف.
والتقصير الحاصل يقع على الجميع إن كانت على الإدارة الذاتية التي فشلت في إدارة المنطقة وتحقيق الطمأنينة والراحة لأهلها أو الأحزاب الكوردية خارج الإدارة الذاتية».
تطرقت حسين: «إلى أزمة الماء في الحسكة وحملات هاشتاغ التي ظهرت على عالمنا الافتراضي والمتضامن معها- والكل يعلم أنها لا تغني أو تسمن من جوع – لو قامت الأحزاب الكوردية والتي تدعي تمثيل الشارع ويفوق عددها المئة، بتأمين صهاريج ماء تتجول بين الأحياء وتمدهم بأقل قدر ممكن من حاجتهم اليومية وعندها فقط كان يمكن للأهالي أن يعتبروها ممثلة لهم تحاول ضمن إمكاناتها التخفيف من معاناتهم».
تتابع حسين: «الإدارة الذاتية عليها يقع الواجب الأكبر. واللوم الأكبر فحين تولَّت إدارة المنطقة واستفردت بها عليها تأمين الاحتياجات الأساسية للأهالي كونها المتحكمة بكل مفاصل الاقتصاد وواردات المنطقة. فالمنطقة برمتها بحاجة لحلول إسعافية سريعة ومن ثم العمل على توفير حلول دائمة لمعاناة المنطقة التي ستواجه إن استمر الوضع على كارثة إنسانية حادة».
الخاتمة:
ان ما يمرُّ به الشعب الكوردي نتيجة حتمية لإفرازات الصراعات بين الدول الكبرى والإقليمية وأدواتها، يتطلب من الحركة السياسية الكوردية تحليل الواقع بشكل جيد، ومعرفة مكامن الحلول، والعمل بجد وبروح المسؤولية والتكاتف من أجل إخراج الشعب الكوردستاني من هذا المأزق الخطير.