صلاح بدر الدين والهرج الاعلامي الذي صاحب مؤتمر جبهة الخلاص

صلاح الدين بلال *

أثبت الأعلام في السنوات الأخيرة تأثيره على أي حدث أو قضية من حيث ايصالها الى المتلقي وادراكها للهدف المرسوم لها والمعد لمبتغاها بعناية من خلال ما ينشر أو يبث وذلك عبر النوافذ الأعلامية المختلفة ـ جرائد ـ راديو ـ  تلفزيون ـ انترنت.

وقد استخدمت غالبية هذه المنابر الأعلامية  لصالح مؤسسات تابعة لدول أو مؤسسات خاصة أو حركات وأحزاب لها رسالتها وقضيتها ومصالحها.
ومايجري في الأعلام الكوردي فهي حقيقة تشكل ظاهرة تحمل التناقض والعجب, ومنها ما يشكل ممارسة سلبية تؤكد حق الأعلام من حمل رسالة لها خصوصيتها وحضورها ومشاركتها بالصراع السياسي والثقافي والفكري التي يخوض غمارها الشعب الكوردي, والتي لم تنتهي فصول المؤامرة عليها و وضع الحلول لها.


ولعل ما أثار حفيظتي حول موضوع هذه الكتابة هو ما أثار حفيظة الكثير من الأصدقاء الذين التقيتهم أو الذين اتصلو بي لسؤالي حول المشهد الأعلامي المتردي في الأونة الأخيرة, والتي طفت على سطح بعض المواقع الألكترونية – وهي الوسيلة الأكثر أستخداما والأسهل تناولا لايصال ما تشاء ولمن يرغب -.

فكثيرا ما تنشر بعض المواقع الألكترونية الكوردية هذه الايام حروب بلاغية  تتعجب في أهداف أصحابها ونبل كتابها, ومنها القضية المثارة أخيرا والتي أثارت حالة من الهيجان الموسمي !!! والهجوم اللاذع ضد الوفد الكوردي الذي حضر أجتماعات جبهة الخلاص في برلين وخاصة السياسي الكوردي السيد صلاح بدر الدين – وهذا ليس دفاعا عن السيد صلاح بدر الدين فهو قادر وعبر خمسون عاما من نضاله السياسي على الرد ومواجهة كل العواصف بحنكة وصبر وقدرة على الابحار والقيادة – .

ومحاولة ورغبة البعض عن قصد أو بدون دراية مغلفة بالجهل  السياسي, اخراج القضية المثارة من سكتها التحليلية وأعطاء نتائج وحلول لدراستها ومناقشتها, الى اثارة  لقضايا وتصفيات حسابات حزبية وشخصية لا محل لها من أي فكرة ناضجة تفوح منها غير تفريغ لشحنات سلبية بدون معرفة القطب الايجابي لها, وهذا ما يفرغ الصراع الذي يخوضه الكورد من اهدافه ليصب في بحر من المقالات والأهواء المنفلته من حدود أهدافها وجعلها ضد المصلحة الكوردية وابعادنا عن شواطئ الامان.


والطامة الكبرى هي أستخدام بعض االمواقع الكوردية كمعبر لها الى تصادم و شرخ الشارع الكوردي المنهك مسبقا, وبث حالة من الخلل السياسي والفكري والنفسي, وقد يشارك البعض في هذا الهرج بدون االأنتباه الى جعل الاجندة الشخصية فوق المصلحة العامة, وأظهار شطارات وفبركات أعلامية تتوافق مع طرف وتتعارض مع أخرين على حساب الهم العام.
ان فهم اللعبة الأعلامية وادراك أستخدامها وانعكاساتها يتطلب معرفة خطورة وجهي السكين القاطع والذي قد يستخدم بالنيابة عن الأخرين واللعب بمصير أكبر قضية نبيلة يحلم بها كل كوردي وطني  يحمل أرق وهموم قضيته, لوضع حد عادل وديمقراطي لها في البلاد, لذا فأن نشر مقالات وأفكار بشكل لا تخضع لقوانين مهنية أو تلتزم بشرف الصحافة هي كما من يريد زراعة الشوك بدل الورد,  أو كمن يريد أن يوهمنا بصداقة وتعايش الغزلان مع الأسود , في عالما غير مدرك لخطورة وحياة الغزال من مخالب الأسد في ظل قدرات غير متكافأة ضمن الغابة التي نعيش بها.
في عام 1983 وأثناء زيارتي لمنزل الخالد أوصمان صبري ( آبو ) طرحت عليه السؤال التالي: سيدي لماذا لا تكتب مذكراتك وتؤرخ لنا بدايات الحركة الكوردية وخفايا انقسماتها والمؤمرات التي حيكت من خارجها ومن داخلها لأجهاضها في ولادتها وفي مسيرتها وحال روادها ودورك التاريخي بها..

فرد ( آبو ) على بعد أن أخذ نفسا عميقا وقال:
 يا أبني انا لا أكتب مذكراتي فكتابة التاريخ شيء صعب وأذا كتبت عن مرحلة تأسيس أول حزب سياسي كوردي وما حصل بعدها فقد يفتح مشاكل لا محل لها الآن, وقد يتهمني الكثيرين بأشياء كثيرة وقد يلعن البعض هذا التاريخ ويحطم ارادات الكثير من الشباب, وأنا لن أشارك في ذلك فهذه قضية وسخة ولن أفعلها والتاريخ سينصفني وسينصف الجميع.
حينها لم أفهم المقصود في كلمات ( آبو ) هذا الرجل الذي كان يحمل عذاب عشرات السنين فوق  كتفيه وتاريخ ما زال محط نقاش لم ينتهي , و أعتبرت ذلك جبنا وضد التاريخ ولكني أدركت فيما بعد ان ما اراده ( آبو ) البوح به, أن القضية الكوردية لم تنتهي بعد وفتح دفاتر التاريخ من دون حسابات , ستكون جائزة لمن يريد ضرب الكورد في الخاصرة والهاء الشارع الكوردي عن  صراعه مع النظام.
فهل نستفيد من كلمات الخالد ( آبو ) لنطرح قضايانا بعيدا عن اثارة شهوة الانتقام وحب خلق الفوضى ونسف روح المبادرة وتحطيم معنويات وروح الكوردياتي.
ان نظرية المؤامرة هي أكثر الطرق المحببة لتوجيه التهم للغير في الوسط السياسي في الشرق خاصة, بما فيها الوسط الكوردي .

فهل نشد الاحزمة لعقولنا واقلامنا قبل أن نعطي العنان لها لتكتب ما تشاء وما تريد…..

لأثارة نزاعات هي هم وعمل النظام المدمر لقضيتنا, واذا كان تلك أهدافها فعلينا رجمها ورفضها وعلينا جميعا الشكك بها وألسعي لفضحها والانتباه أليها.
صلاح الدين بلال
المانيا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…

أزاد فتحي خليل*   لم تكن الثورة السورية مجرّد احتجاج شعبي ضد استبداد عمره عقود، بل كانت انفجاراً سياسياً واجتماعياً لأمة ظلت مقموعة تحت قبضة حكم الفرد الواحد منذ ولادة الدولة الحديثة. فمنذ تأسيس الجمهورية السورية بعد الاستقلال عام 1946، سُلب القرار من يد الشعب وتحوّلت الدولة إلى حلبة صراع بين الانقلابات والنخب العسكرية، قبل أن يستقر الحكم بيد…