متلازمة المازوخية كرديا

تجمع الملاحظين: كاوار خضر
الاعتزاز بالنفس ونبذ إهانتها، وتحقيرها، وإذلالها… من الغرائز الطبيعية التي خص الخالق البشر بها، غير أن بعضا منا يتلذذون بالتعذيب، وبالأذية وبالإذلال وبالإهانة وأمثالها…، ويحدث هذا عندما تكون الشخصية مضطربة. وعرّف المختصون هذه الحالة بـ”المازوخية”.
كتاباتنا ما زالت وصفية وبعيدة عن دفع الشعب على التفكير في تحضير نفسه لمواجهة الأعداء. ما زلنا بكتاباتنا نحقن أنفسنا بحقن مخدرة؛ مركزين على توصيم العدو بالمجرم، دون أن نقابل ذلك بتسليح نفسنا للتغلب عليه، نحن مستمرون في إبراز جرائمه دون حض شعبنا أن يجهد، ويناضل لتطوير ذاته؛ كي ينتصر عليه. وما زلنا نحارب العدو بمداواة أنفسنا بالمواساة، بدلا من تحريض ذاتنا على تنميتها لننهي بها مصائبنا معه. إجبار ذاتنا على التطوير ضرورة لا مفر منها…، إلا أننا نستمتع ونتلذذ بالإيذاء، والألم، والإهانة لنفسنا…
إذا نظرنا إلى حُقَنِ مواساتنا، لا نجدها سوى أنها تقهقرنا يوما بعد آخر أمام العدو؟ لنحكم بضميرنا: هل قهقرت هذه الحقن (المقالات) العدوَ مليما واحدا؟ لماذا لا نسأل أنفسنا إنّ ما نكتبه لا يفيد سوى تهيج المشاعر والأحاسيس المفيدة لمن نواجهه؟ ألا نخجل من هذه المقالات المثيرة للعاطفة والمشاعر غير المفيدة، المطمئنة للقلب فتخدر الفهم والعقل، وتعمي البصر والبصيرة؟ 
نعم تهيج المشاعر والأحاسيس ضروري، لكن ليس أن نقتصر عليها فقط، ونتجاهل تطوير ذاتنا كي نكون قادرين على دحر عدونا. علينا كمثقفين وكتاب أن نأتي للقارئ بما تفكر به الدول حيالنا، بمعزل عن عواطفنا المريضة التي تعتبر كل من يسلم علينا أنه أصبح صديقا مخلصا، سينقذنا؟ علينا أن نحيط شعبنا بحقائق نوايا المتعاطفين معنا، وأن نحيطه علما بما عليها الدول من الروابط التي تدفع بعضها أن تتكتل ضد بعضها الآخر، ونبين علاقتها الصحيحة مع قضيتنا؟ علينا أن نبحر في دقائق وتفاصيل علاقات الدول فيما بينها، لندرك حقيقتهم، وليس أن نغرق القارئ بتهيج مشاعره وعواطفه ليتخدر.
ألم يصرح أحد أحزاب المجلس الكردي أن أميركا تسعى لمصلحتها، وتضرب الناس بعضها ببعض هنا وهناك لتستفيد من وراء ذلك؟ لماذا لم يطالب هذا الحزب، الأساسي في المجلس الكردي، أميركا أن الوحدة التي تطلبها منا مع خاطف بناتنا وأبنائنا القصر، وتعطيش سكاننا، وتجويعهم، وتغير ديمغرافيتنا، غير ممكن؟ فاستبدليه بالذي يطمئن إليه الشعب، ولا يؤذيه، ويسعى لمصلحته؟ أليس هذا عين المازوخية، أن نتأذى ونهان ونُحتقر على يد تنظيم هو أداة أوجدها مقتسمونا للقضاء علينا؟ ونقبل الوحدة معه طالما طالبتنا بها الحبيبة أميركا؟
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم ويوم على سقوط الأسد، لكن الواقع الذي يعيشه السوريون اليوم يتجاوز بكثير الساعات التي مضت. هذه الأشهر الماضية التي تنوف عن الثلاثة كانت مليئة بالتحولات السياسية غير المنتظرة، إلا أن الواقع الأمني والمعيشي للمواطن السوري لم يتحسن بل ازداد تدهورًا. إذ من المفترض أن يكون تأمين الحياة للمواطن السوري هو أولى الأولويات بعد السقوط،…

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…