صمت وسائل الإعلام االسويدي على جريمة القتل العنصرية البشعة في الدنمارك

شيروان عمر
في الدنمارك ، قُتل االشاب الاسود الافريقي  فيليب مبوجي على يد شابين دنماركيين من ذوي البشرة البيضاء، أثناء زيارته لحفلة  بحسب صحيفة نيويورك تايمز الامريكية. في وقت لاحق من المساء ، قيل إن الجناة المشتبه بهما استدراجاه إلى الغابة، وبعد ذلك قاما في ضربه وطعنه حتى الموت
في صباح اليوم التالي عثر على جثة الرجل  في مخيم بمنطقة غابات في بورنهولم، مقصد للاجازات في بحر البلطيق ويتمتع بشعبية واسعة
ووفقاً لوثائق المحكمة، قام الجناة بسحق رأس الضحية بضربه بلوح خشبي وزجاجة، وطعنه عدة مرات بسكين في مناطق مختلفة من جسمه ورقبته، كما تعرض للضغط بالركبة على عنقه، بطريقة لا تختلف كثيرا عن ما تعرض له جورج فلويد الأمريكي من أصول أفريقية الذي توفي في مينيابوليس بعدما ضغط شرطي بركبته على عنقه لعدة دقائق
بعد ظهر اليوم نفسه، تم القبض على الجناة ، شقيقان يبلغان من العمر 23 و 25 عامًا ، للاشتباه في قتل الشاب البالغ من العمر 28 عامًا. وأقرا بممارسة العنف، لكنهما لم يعترفا بالقتل وزعموا أن النية لم تكن القتل وخلصت نتائج الشرطة حتى الآن إلى أنها لم تكن جريمة قتل عنصرية
وفي تصريح لوسائل الاعلام قالت بينتى بيدرسون لوند ممثلة الادعاء التي تتولى القضية إنها كانت مسألة شخصية، ولا علاقة لها بالعنصرية
لكن المدهش للغاية هو الآراء السياسية للأخوة. أحد الأخوين لديه وشم صليب معقوف مكتوب عليه “القوة  البيضاء” والأخ الآخر ينتمي إلى حزب سترام كورس المعادي للأجانب، كما انه نشر على صفحته الخاصة على الفيسبوك شعار “حياة البيض مهمة”. وفي صورة أخرى ظهر مرتدياً قبعة ومشيرا بعلامة النصر التي ترتبط بأنصار اليمين المتطرف
استغرق الأمر ثلاثة أيام حتى استبعدت الشرطة والمدعي العام تمامًا أن تكون جريمة قتل بدوافع عنصرية ، على الرغم من كل الأدلة التي تشير إليها
استبعاد العنصرية بهذه السرعة يفتقر إلى المصداقية. هذا البيان صدر قبل خضوع الضحية لفحص الطب الشرعي وقبل مقابلة جميع الشهود 
قبلت وسائل الإعلام الدنماركية استنتاج الشرطة. تم طرح بعض الأسئلة وتم قبول استنتاج الشرطة بأن الشجار الذي انتهى بمقتل فيليب مبوجي كان فقط بسبب خلافات شخصية. من الواضح  تغاضي الشرطة والادعاء العام عن علاقة الأخوين باليمين المتطرف على المستوى السياسي
لنقلب القصة قليلاً. لنفترض أن رجلاً دنماركيًا أبيض ينتهي به المطاف في شجار مع رجلين آخرين ذوي لحية سوداء وينتهي االشجار بتعذيب الرجل الأبيض لساعات قبل قطع رأسه. ودعونا نقول أن الجناة ينتمون  لتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي وميول اسلامي متطرف. علاوة على ذلك: تحقق الشرطة وخلصت نتائجهم إلى أنه لم يكن لخلفية الجناة الأيديولوجي اي أثر على مجرى الأحداث ، بل نتيجة خلاف شخصي. هل قبلت وسائل الإعلام الدنماركية استنتاج الشرطة دون التشكيك في ذلك؟
اكاد اجزم بان ردة فعل وسائل الإعلام الغربية والسياسيين سيكون مختلفا، إذ إن ذلك سيعني الإدانة ونقاشا حول الإسلام وإصلاح المسلمين وتحميلهم مسؤولية جماعية عن ذلك، وسنشهد سلسلة من الهجمات على المساجد والمسلمين كما حدث في فرنسا بعد الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو
يمكن للمرء أن يسأل لماذا لم تكتب أي وسائل إعلام سويدية عن هذه القضية. باستثناء مقال صغير في جريدة كفلس بوستن, الاعلام السويدي كان هادئًا بشكل غريب. أليست جريمة قتل في بلدنا المجاور في الجنوب مهمة لنا أن نقرأ عنها؟ هل يجب عليك الاتصال بالنيويورك تايمز أو وسائل الإعلام الأخرى للحصول على معلومات حول القضية. هل ذلك لأن وسائل الإعلام خارج الدول الاسكندنافية ليست قلقة بشأن العلامة التجارية بشأن الدول الاسكندنافية المثالية التي لا تحتوي على عنصرية ، ولكن هل هي مجرد كلمات جوفاء؟
وقد تمت قراءة لائحة التهم خلال جلسة في 24 يونيو/ حزيران في مقر المحكمة في روني البلدة الرئيسية بجزيرة بورنهولم، واتهام الشقيقين بارتكاب جريمة قتل غير متعمدة واستبعاد شبهة العنصرية
إذا كانت جريمة قتل عنصرية، فستكون العقوبة أعلى بكثير. كما هو الحال الآن ، يمكن للأخوين الإفلات بعقوبة أخف
نعم كان مجرد حادث, مجرد شجار وخلاف ادى الى وفاة الافريقي الاسود. الافريقيين السود معروفين بيبيتهم الجسدية القوية, بالطبع لم يتمكن الشقيقين من معرفة أن هذا الرجل لا يستطيع تحمل الضربات والركلات والطعنات والتعذيب والضغط على ركبته على رقبته، حادث ، صحيح؟ هل كانت الركبة في العنق طريقة عشوائية للقتل أم أنها استلهمت عمداً من موت جورج فلويد؟
انه لامر سئ كون وسائل الإعلام في الدنمارك لا تشكك في هذا الموضوع, ولكن من المستهجن أيضًا عدم تناول وسائل إعلام سويدية هذا الأمر عندما تكون منشغلة بخلاف ذلك بقضايا أخرى مهمة وأقل أهمية في البلدان المجاورة لنا
يجب إنهاء العنصرية الخفية في الإعلام ، وبهذه الطريقة نضع الأساس لمجتمع يتسم بالمجتمع بدلاً الانقسام
السويد 
20.08.18

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…