إيران .. بلد الإعدامات والسجون المروعة! نظرة على حركة التقاضي لمجزرة السجناء السياسيين عام 1988 في إيران – الجزء الثاني

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
تحدث خلال إحدی جلسات المؤتمر العالمي للمقاومة الإیرانیة، هنري لوکلیر، المحامي الفرنسي البارز والرئيس الفخري لرابطة حقوق الإنسان، حیث قال:
«عندما نتحدث عن إيران، فإن الحدیث یدور حول الجرائم ضد الإنسانية علی شکل سلسلة من عمليات الإعدام. القضية ليست مجرد عملیات إعدام. فقد اختفى الكثير. لا نعرف حتی مكان دفنهم. هذه الجرائم لم تتوقف ولا تزال مستمرة حتی الآن».
وقالت المجاهدة، دامونا تعاوني، عن تجربتها في سجون الملالي: «أُعدم والدي في مجزرة عام 1988. بسبب أنشطة والدتي السياسية، تم اعتقالي مرتين معها عندما كنت طفلة وجربت السجن. المرة الثانية، عندما كان عمري 6 سنوات. عندما كنت في العاشرة من عمري، قالت لي والدتي ذات يوم إن والدك قد أُعدم. عندما کبرت، کنت أبحث عن مزيد من التفاصيل حول كيفية إعدام والدي. كتب لي شخص كان أفضل صديق لوالدي في العنبر أن «كل سجين في المحكمة سئل لمدة دقيقة واحدة عما إذا كان مجاهداً أم لا. كل من دافع عن اسم المجاهدين أعدم. أبي دافع بشجاعة عن اسم المجاهدین وأعدم!».
وقال كاظم بناهي، مجاهد آخر من أشرف الثالث تمکن من الهرب من السجن قبل ساعات من إعدامه: «بعد ساعات قليلة من هروبي من السجن، قاموا بإعدام 35 من أعز أصدقائي الذين تم اعتقالهم معي في نفس الوقت تقريباً، وکان المقرر أن أكون واحداً منهم».
مضیفاً: «مثل هذا النظام الإجرامي، بإنفاقه مليارات الدولارات وشراء بعض الصحفيين واستخدام لوبیاته خارج إيران وعناصر باعت نفسها تحت اسم أعضاء سابقين في مجاهدي خلق، يشن حملة شيطنة ضد المجاهدين الذين هم أول ضحايا جرائمه.
النظام بحملة الشيطنة ضد مجاهدي خلق يريد أن يظهر للعالم أنه لا بديل ديمقراطي له وأنه من الأفضل لكم أن تتعاملوا معي، لأنه یعلم جیداً أن مجاهدي خلق لن يتراجعوا عن هدف الإطاحة به. الأبطال الذین أعدموا عام 1988 خير دليل علی ذلك. لذلك يجب على العالم اليوم أن يتلقی رسالة واضحة مفادها أن مصیر هذا النظام هو السقوط لا غیر. هذا مؤكد وسوف نحققه مع شعبنا».
وقالت هما جابري، وهي امرأة مجاهدة جربت التعذيب داخل سجون نظام الملالي لسنوات عديدة: «فقدت النساء المحتجزات في السجن لأكثر من عام توازنهن العقلي بسبب تعرضهن لظروف غير إنسانية لدرجة أنهن لم يستطعن ​​حتى شرح ما حدث لهن. بعض اللواتي كن بحال أفضل ینقلن أنه طلب منهن تقلید أصوات الحيوانات. وأُجبرن على المشي مثل الحیوانات على الأطراف الأربعة، وکان الجلادون یرکبون ظهورهن، واغتصبوا بعضهن. هذا هو نتاج أيديولوجية الملالي القذرة، وبعض المساومین الغربيين يبحثون بینهم عن المعتدل».
وفي إشارة إلى بعض وسائل الإعلام الأجنبية مثل مجلة شبيغل، وصحیفة فرانكفورتر ألجماينه وصحیفة نيويورك تايمز، والتي تنشر الخزعبلات ضد المقاومة ومجاهدي خلق وتقول إن الناس یتعرضون للتعذیب في أشرف الثالث تماشیاً مع نظام الملالي الدموي، قالت جابري:
«أسأل نفسي هل أنا من يعلم حزّ الرقاب والتعذیب؟ هل يمكنكم أن تتخيلوا كيف سيشعر سجين سابق مرّ بكل أنواع التعذيب على يد النظام، أمام مثل هذه القصص المزيفة وفي الأجواء الديمقراطية للغرب؟»
لا أحد یعلم حتی الآن بما حدث عام 1988 في السجون الإيرانية طیلة شهرين إلى ثلاثة أشهر! لكن المذبحة التي راح ضحيتها أكثر من 30 ألف سجين سياسي في تلك الأيام، معظمهم من المجاهدين، أمر مؤكد. وقد تم توثيق فتوى خميني التي أمر فیها بارتکاب هذه المجزرة وتنفیذها علی ید “لجنة الموت المكونة من ثلاثة أفراد”، أحد أعضائها هو إبراهيم رئيسي، الرئيس الحالي للقضاء الملالي.
أما السکوت إزاء هذه القضیة الهامة لحقوق الإنسان وإهمالها حتى يومنا هذا، ما هو إلا نتاج سياسة الاسترضاء والمساومة الغربیة إزاء هذا النظام، السیاسة التي أخذت كل سياسات واستراتيجيات الحكومات الغربية كرهائن من أجل الحصول على امتيازات نفطية من الملالي!
ما يميز الإبادة الجماعیة للسجناء السياسيين عام 1988 باعتبارها “جريمة ضد الإنسانية” عن إبادة “الهولوكوست” هو أن جمیع ضحایا مجزرة 1988 كانوا سجناء سياسيين، أو بعبارة أخرى، کانوا شباباً أرادوا لشعبهم الحرية ولوطنهم الازدهار، کما أرادوا إرساء حكومة وطنية ودیمقراطیة متقدمة بعد الإطاحة بديكتاتورية الشاه في عام 1979.
أولئك السجناء ضحایا بقوا صامدین وقد أصبحوا خالدین في قلوب شعبهم وذاکرة وطنهم. لقد أرادوا مستقبلاً مشرقاً لشعبهم وحضارة إنسانية متقدمة لوطنهم. واختاروا “الجهاد” والوفاء بعهدهم لشعبهم بعيداً عن دیكتاتورية الشاه والملالي، على أمل أن يكون لطريقهم أنصار ولمُثلهم عشاق.
واليوم تحمل المقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق، رسالتهم السامیة التي حظیت بمزید من المساندة والدعم من قبل المجتمع البشري المعاصر.
نعم، في الوقت الحاضر، تحظی عبارة “نحن لن ننسی ولن نغفر” بمزید من الحماة والأصوات الداعمة. يوم محاسبة ومقاضاة مرتكبي ومسؤولي هذه الجريمة الكبرى قادم. وسیمتثل لصوت العدالة کافة قادة نظام الملالي وکذلك المطالبون الکذبة والعملاء المخادعون الذين یتظاهرون نفاقاً بالتقاضي لدماء ضحایا مذبحة عام 1988!
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…