إبراهيم اليوسف
“خذ أيها العابر ماشئت من سقط متاع
ولكن إياك أن تترك سمومك وراءك”
-أحدهم-
عانى الشباب الكردي، على امتداد فترات صعود النظام العنصري في سوريا، بقيادة حزب البعث، والفكرالناصري- وهما لم ياتيا من فراغ طبعاً- من اغتراب عظيم، وكان جميعهم ضحايا هذا الاغتراب، وهي نقطة جد مهمة لابد من الوقوف عندها، واستقرائها، بعمق، وتأن، إذ إن الطفل ما إن يفتح عينيه على الحياة حتى يتفاجأ بصورة الشرطي، أو المخبراللذين يحذره أبواه منهما، بل من يعتي، وينتهك، أمام عينيه اللتين تشهدان عربدات أجهزة الأمن وسياراتهم التي تنهب الأرض، وتتم مداهمات بيوت كل من يشكل خطراً، ولو افتراضياً، على ديمومة أمن النظام، من قبلهم، ليتم استغلال ذلك وتكون عرقلة استمرارية سلطة أي عنصر ضمن إطار دورة العنف هذه، مدعاة للمحاسبة، أو حتى التغييب. أتذكر في ثمانينات القرن الماضي أن عنصر أمن في مدينة قامشلي أعد دورية لضرب شاب أمام بيته في الحي الغربي- وهو الآن كاتب وفنان كبير- لمجرد أنه كان يعرقل نزوات ذلك العنصر، أو يعرقل استعراضاته في الحي، ليهينه أمام مراهقة مصطادة، وتمت ملاحقته إلى هرب ذلك الشاب خارج الوطن!
أجل، يولد الطفل و-كما قلت- يفتح عينيه على مظاهر العنف. العنف في الشارع. العنف في التلفزيون، ولربما العنف في البيت. العنف في المدرسة. العنف في المؤسسة الرسمية. الخوف- كنتاج للعنف- في الجامع أو الكنيسة ” حيث عينا المخبرأو كاتب التقارير” العنف منذ دروس ومعسكرات الطلائع، والمعسكرات المدرسية، و بذاءات مدرب الفتوة، و ضباط المعسكرات الجامعية المعاقبين، أو المعاقين، مايجعل أعداداً كبيرة من الشباب أميل إلى أحد الخيارين: الضحية أو المستبد، حتى وإن كانت نظرته إلى ممارس العنف السلطوي نظرة احتقار، وإدانة، ورفض، إذ إن من يزج في موقع- الضحية- فهو الآخر قد ينخرط في ردود الفعل تجاه المستبد، لاسيما في ظل تهيئة الظروف: على صعيد الموقف أو الممارسة، باعتبار أن تأثيرات هذه الثنانية تظل مهيمنة على سلوكه، وإن كان أكثرية شبابنا ينجون خارج هذه الثنائية. القهر. المكابدة، ليفكروا على نحو جد سليم، على نحو معتدل، بفضل دفء أسر حكيمة، كفوءة، ولطالما كنت أتحدث عن هذه النقطة- تحديداً- مؤكداً عظمة تربية آبائنا لبناتهم وأبنائهم، فكان ثمة جيل معافى، إلا أنه- في المقابل- كان ثمة من هوأميل إلى إعادة تمثيل ما يشاهده في السينما، أو التلفزيون، لتصريف العنف المتولد في أعماقه، بسبب عامل الكبت، والقهر، والاضطهاد، لاسيما في ظل انتشارالبطالة، والتفقير، والتجويع، والإهمال!
الحزب الكردي أهمل جيل الشباب، وكانت شروط العضوية منصرفة إلى البالغين، ولم تكن أمامهم المؤسسات التي يمكن أن يمارسوا خلالها نشاطها، لاسيما إن أي انخراط في ماهو رسمي، في ظل غياب ماهو كردي، كان يتطلب درجة وعي لمعرفة حدود: الذات الآخر، خارج التلقين الببَّغاوي الذي تردده الأفواه منذ الاجتماع الصباحي في المدرسة، وإن كنا نعلم أن الأنتلجنسيا الثقافية في عهود مابعد تأسيس سوريا، وفي عهود ما قبل نضوج العنصرية القومجية إلى ما يتاخم- الفاشية- وظهور سوريا ذات الوجه التعددي الذي شارك فيه الكرد: الجمهورية السورية، وإن لم ينصرف السياسي الكردي المؤسس للاشتغال على إرساء قواعد وأسس ثقافته، وخصوصيته، ضمن ماهو عام، ولعل ذلك كان نتاج- معادلات ما- وامتدادات للثقافة المهيمنة، الإسلاموية، والقوموية المهيمنة، بعكس ما أرست له النخب الكردية في العراق- مثلاً- وإن كان-هنا- لابد من إنصاف كرد دمشق الذين أوجدوا جمعياتهم الشبابية، إلى أن تم استهدافها مع صعود الفكرالعفلقي الناصري، كما أن النويات التي أسسها الرواد- في عامودا- جديرة بالذكر، والإشادة، وتحتاج تلك الحالة إلى بحوث لدراستها، وإنصاف الرجالات العظام ممن كانوا وراءها!
عندما ظهر حزب العمال الكردستاني، في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت الأجواء في سوريا -عامة- وفي المناطق الكردية -خاصة- مهيأة- لانطلاقة من نوع آخر، استفاد منها هذا الحزب، نتيجة التعامل معه من قبل النظام الذي كان لايزال يواجه – الأخوان المسلمين- وبات يفكر باستثمارالكردي، كمجرد تابع، من دون توفير أية خصوصية له، ناهيك عن محاولة التلويح بقوة مواجهة لتركيا المتنمرة، لاسيما في ظل وجود ملفات حدودية متداخلة، وانسلاخ أجزاء من خريطة سوريا، وإن كان البلدان يحتلان جزءاً من خريطة كردستانية وهو ما يشغل النظم العنصرية الغاصبة لهذه الخريطة، فكان أن تمَّ احتضان- حزب العمال الكردستاني- عبرالهيمنة على قياداته- وتشجيعه ليكون البديل المجهض لأي نزوع سياسي من قبل كرد سوريا، وقدم هذا الحزب- عبرتلك القيادات لا قواعده المضحية والمستغلة والمغرربها- كل ما يلزم من أوراق وثبوتيات، إذ راح يشوه كل ماهو سياسي كردي، وكل ماهو تاريخي كردي، وكل ماهو نضالي كردي، في مكاننا، كما في مكانه،بل وكل الأجزاء الكردستانية، ولاتزال تلك الثقافة منتشرة في أوساط واسعة، تتذمرللتاريخ النضالي الكردي غيرالحزبي، ناهيك عن امتصاص ونزيف- الطاقات الشبابية- من قبل استمالة بعضها، لزجها في مشروع كردستاني، وتحت شعارات براقة، مخادعة، ولاستخدام جزء ولو جد قليل ، وضمن شروط عصاباتية،غه منهم لممارسة- البلطجة- بل خلق حالة الإرهاب في المجتمع الكردي: تصفيات جسدية- جدع الأنوف- خطف الشباب وحتى القاصرين- ممارسة القتل المعنوي تجاه أسماء ساسة وتيارات وأشخاص- نشرثقافة التخوين على مديات أوسع مما كانت عليه في ظل ثقافة البعث-نشرحالة الهلع والرعب- خطف بعضهم ممن لايزال مجهول المصيرحتى الآن، مانجم عن ذلك تخريب رباط الأسرة، وتفكيك عراها، إذ إن الكثيرمن الآباء والامهات بدؤوا يخافون على فلذات أكبادهم من إغرائهم، وخديعتهم، وأتذكرأنني اكتشفت ذلك بذاتي، عندما علمت أن إحدى العاملات في الحقل الثقافي الإعلامي حاولت إيقاع مقرب مني في شباك الخطف، من خلال تزيين عالم الجبل: جنة- أنترنت- وسهرات- وثقافة- وحفلات وأوتوستراد سريع باتجاه إقامة دولة كردستان العظمى، ماجعلني أتخذ تدابيري، ووضع حد لمن أوليناها الثقة مع مجموعة من باب الشعور القومي، الوطني، الإنساني، بل الشفقة في-زمن قمع النظام ل ب ك ك – وأعتز بوقوفي إلى جانب كل مظلوم، ومنهم أبناء شعبي جميعاً، وأخيار الأحزاب الكردستانية جميعاً.
نظرت بإعجاب جم، إلى تجربتي صديقين شهيدين، هما: مشعل التمو ومعشوق الخزنوي، إذ إن كليهما كان يركز على الاهتمام بالشباب، وأزعم أنني فعلت ذلك قدرالمستطاع، وتمَّ الإعلان عن إحدى هذه التجارب الأولى من منزلنا ” تجمع الشباب الكرد” والذي انضم بعض من هم من نواته فيما بعد إلى تجمع آخر- يمكن مراجعة كتاب مدائح السوط 2005- بل تم دعم إحدى التجارب المهمة الأخرى التي نشأت من قبل بعضنا: جوانين كرد، بالرغم من ملاحظاتي الكثيرة، التي أكدت صوابيتها، ناهيك عن انطلاقة- جوانين كرد 2005 ودور بعض أسرتي والمقربيين في دعمها- وهكذا بالنسبة لاتحاد تنسيقيات شباب الكرد ـ ولعل دوري- كما أراه- أقل عملياً من دوري الشهيدين اللذين كانا ميدانيين، في هذا المجال، وأتذكر مكانة الشهيد معشوق مثلاً عند- جوانين كرد- والعكس.
وإذا كنت قد تحدثت عما هو بعد العام2000، فإنه لابد من أن أذكر حركة- الشباب- في حزب الوحدة الكردي والذي يخيل إلي أنه كان أكثر تنظيماً، وضبطاً، وإن كانت- الأدلجة الحزبية- مهيمنة عليه- مقابل روح التمرد والرفض لدى جوانين كرد التي أسسها شباب أعرفهم، وكانت لهم كلمتهم، لولا تسلل بعضهم في أوساطهم، والملاحظات التي ظهرت من خلال ردود أفعالهم، في أكثرمن محطة بعد العام2004، إلا أن تأسيسهم كان نقطة مهمة، وكان الحزب الكردي يرغب بتقريبه واستيعابه، وتنظيمه وفق معاييره.
وإذا كنت حقيقة- لاأدري- موقع الشباب أكثر، مما أوردت، في أحزاب الحركة الكردية، التي كانت محط أنظارأبناء شعبنا، فإنني كنت على إطلاع على واقع الشباب، الرديف للحزب الشيوعي، الذي كان الشعور القومي مهيمناً عليه، وأتذكر أنني عندما كنت أحصل على الثقة بشكل مميز في المؤتمرات المحلية ولأحضر المؤتمرات العامة، فإن جزءاً مهماً من الأصوات التي كنت أحصل عليها، كنت أحصل عليها نتيجة قربهم مني، وتعاطفهم معي، لما كانوا يظنونه لدي من مساواة بين طرفي المعادلة: كأممي وكقومي، اعتماداً وانطلاقاً من رؤاي، ومواقفي في سبيل خدمة شعبي، ومجتمعي، أولاً وأخيراً، كما أزعم.
كل هذه المخاضات، وحرمان الكردي من لغته، كتابة، وقراءة، ومصادرة وملاحقة من يقتني- ألفباء كردية- ومحاولات الصهرالقومي، ومنع إطلاق الأسماء الكردية على الولادات وتعريب أسماء الأمكنة الكردية، وعدم وجود اسم شارع كردي واحد وأذكر أننا في لجنة جائزة جكرخوين -كمحاولة ذاتية- تقدمنا في العام 2001-2002 بطلب رسمي لبلدية- قامشلي- التقينا رئيس البلدية كابي حنجر وبعض مكتب- لإطلاق اسمه على شارع بيته، من دون جدوى. كل هذه المخاضات وسواها مما ذكرت، أذكت الشعور والوعي في نفوس وذوات الشباب الكردي- مع ملاحظة أن مؤسسي الحركة الكردية الرادة أنفسهم انطلقوا من مراحل شبابهم هنا وهناك- وكانوا بانتظار من يستوعبهم إلى أن ظهر حزب” ب ك ك” الذي زين لهم طريق الخلاص، وكان ذلك في الوقت ذاته تفريغاً وإجهاضاً لهذه الطاقات، بعيداً عن مهادها، في جزء كردستاني أصغر، و أجدر بالعون لا بالاستنزاف، ضمن إطار حالة نزيف الثروة الأعظم لدى هذا الشعب، بعد سرقة خيراته التي لم تكن لتنعكس عليه: فرداً ومكاناً، باعتبارالمناطق الكردية كانت من أفقر المناطق ضمن خريطة سوريا المتشكلة!
وثمة ما يمكن قوله هنا: إنه انحسر حضور “ب ك ك” في كردستان سوريا، بعد اعتقال قائده عبدالله أوجلان – فك الله أسره- إلى الدرجة التي يمكن أن أشير فيها إلى مثالين: إنه في الحي الغربي كله لم يكن من أنصاره الفاعلين في العام2003-2004 إلا قلة، وأتذكرأنني استقبلت لفترات طويلة بعض إعلامياته وإعلامييه في منزل – مقرب مني، لسببين بحسب من كانوا يأتون بهم: عبدالرحمن س ع- المعلم والمربي – و ك . م- وس م. خ- وآخرين، وقد توفي هذا الأخير وهو المناضل الغيري الطيب والمتفاني رحمه الله، وكان قد دعاني لمؤتمر في بيروت مواز لمؤتمر ثقافي كردي يقام في-القاهرة- في محاولة للتشويش عليه، على أن يأخذوني ودحام عبدالفتاح ولاأدري من ومن أيضاً، في سيارة خاصة، فرفضت، وأن الصديق الراحل والصديق ك. ح” القيادي ربما” والذي لاتواصل بيننا، منذ غادرت الوطن، دعواني للقاء مع عبدالله أوجلان في العام1997فرفضت. هذان السببان أولهما: أن الناس انفضوا من حولهم، ومن بينهم من عادوا إليهم بعد الثورة السورية، وثانيهما أن العيون عليهما. عليهم. في تلك الفترة التي كانت تتم ملاحقتهم. إذ لا أحد يدقق علي لأنني بعيد عنهم، فكرياً، وكانوا يعيدون غالباً ما انشره في مجلة لهم ” سور كول”التي كان ضيوفي القادمون من بيروت من أسرة تحريرها وكانوا من- النساء غالباً- والتقاهم ضمن من التقوهم أو رافقوهم الصديق الشاعرإبراهيم بركات، وعرضوا علي ترشيحي لأن أكون من أسرة تحريرها فرفضت، وأضاعوا مقالات لي: عن الشهيدين محمد صابر صالح- عدنان ملك كنت قد أعطيتها لهم، بالإضافة إلى لقاء مهم جداً عن أبي خليل شيخ الشباب الكردي/ الدمشقي، ذكر فيه تجربته مع جلادت بدرخان، وتأسيس النوادي الشبابية الكردية في دمشق، وزياراته لعامودا، وحديث عن عثمان صبري وأعلام بارزين من كرد دمشق، وأذكرأنه كتب عني في أحد كتبه، وكان يزورني ود. سيف داوود!
من خلال تجربتي في حقل التربية، ومن خلال عملي الحزبي، والثقافي، والجماهيري، خبرت الشباب الكردي عن قرب، فهوالأكثر وعياً، والأكثر تقديراً لمحيطه، والأكثر استعداداً للتضحية، إلا أننا ومنذ ظهور قنديل تحت غطاء اسم ب ي د في مشهدنا الجغرافي فإننا بتنا نلمس تفاقم روح العنف لدى كثيرين، بل إن هناك من تم دفعه في العالم الافتراضي ليمارس العنف ضد كل مختلف، وتحت أسماء وهمية وأقنعة، بل ومن دونها في مراحل تالية، ما أدى إلى تمزيق الجسد الكردي، لئلا تنجو أسرة واحدة من الشقاق، أو التفكيك- إلا نادراً- بل إن هناك من لم يكتف بالعنف المعنوي وراح يمارس العنف الفعلي، استمراراً لكار الملثمين، أو حتى رافعي اللثام الذين مارسوا عمليات التصفية بحق المختلفين: مرة بحق صيدلاني ومرات بحق تاركين لصفوفهم أو ناقدين لهم ومنهم الشهيد محمد شنر وقافلة طويلة من أصحاب الرأي ناهيك عن إمام قرية أو سياسي أو غيرهم- رحمهم الله جميعاً- ممن يشكلون معجماً من الضحايا الذين غدت دماؤهم في ذمة بعض قادة- قنديل- ناهيك عن التصفيات في قنديل ذاتها، بحق بعض شبابنا، وهوما لايفتأ يذكره بعض الناجين من قبضاتهم، وأسرهم. مثل هذه النماذج المقيتة من العنف استظهرها تنظيم سمعنا به، لأول مرة بعيد العام2011، وقد مارسوا العنف بحق المتظاهرين، وأوكلت إليهم مهمات كثيرة، منها ماهو مرئي، ومنها ما هوغيرمرئي، من ضمن ذلك: التهديدات بحق المختلفين مع هذه المنظومة:
ثمة رأي لي لا أفتأ أذكره، وهو أننا ككرد سوريين لسنا مع أي تدخل كردستاني في شؤوننا، وليس من حقنا التدخل في شؤون أحد، ولسنا مع أي تدخل كردستاني في طرف ما في شؤون طرف آخر، إلا أنني مع التعاون. مع الدعم. مع المساندة، إلى أن تتشكل كردستان الكبرى- الحلم، ولكن على أن يتم كل ذلك بعون من الجهات التي كانت في واجهة دفع ضريبة الدفاع عن الكرد، ومعهم المستقلون الذين لهم دورهم في ذلك- ويتم تهميش حضورهم الفعلي حتى من قبل المجلس الكردي وسواه- ومن هنا، فإننا ككرد سوريين ندعم دفاع أي طرف كردستاني في تركيا للدفاع عن شعبنا هناك، ضمن نطاق اتفاقهم، ورؤاهم، بما لايخدم أعداء الكرد، وأرى أن كل تدخلات” ب ك ك” في شأن كرد سوريا إنما هي مدانة، وكان بإمكانهم لعب أي دور تحت رعاية وتوجيه ابن المكان غيرالتابع لهم، والانصراف أو التدخل بأمرة هذا الكردي!
لن أستعرض اعتداءات وانتهاكات بعض الجهات الشبابية التابعة لهذه المنظومة، فلها مكان آخر، وثمة من يعرفها أكثرمني، إلا أنني ضد ثقافة استعداء الكردي على الكردي التي فطمها هؤلاء من ضروع فكرهذه المنظومة المؤسسة على إلغاء كل كردي إلى أن يؤدي ذلك إلى إلغاء الذات، وفق متوالية مالتوسية” مالتوس1766-1834″، وقد كان لزاماً على الجهة التي رعت تنظيمها تربيتها على الأخلاق الكردية السامية، لاقداسة الفرد، والفكر، ولو كان تضليلاً، والنضال من أجل تأمين حقوق الكرد، لا من أجل التهديد بإلغاء الآخر لمجرد عدم الموافقة على أفكار ب ك ك الطوباوية، لأن الدم الكردي الذي سيل في جبهات مواجهة داعش لم تسل لأجل رفع صورة أحدهم، أضر ولم ينفع!
كثيراً ما أقول: إنه بعد أن تحط الحرب أوزارها، فإننا كم سنعاني على أيدي من فتحوا عيونهم على العنف، لاسيما في ظل توافر وسائل العنف، في مرحلته مابعد الحداثية، بين أيدي كثيرين؟. من هنا، فإنه لابد من التأسيس للمصالحة . المصالحة مع الذات ومع الآخر، وردم أية هوة مستنشأة، في هذه الفترة الأكثر خطورة. حيث جنرالات القتل في: تركيا- بغداد- دمشق- إيران تسعى لابتلاع الكردي، والإجهاز عليه، لابتلاعنا كلنا. بكل خندقاتنا العرضية، غير المرتكزة على الجوهر، وإن كنا نسمع أحيانا من أعدائنا هؤلاء وهم حفن من الطغاة والفاشيين وليسوا البتة: الكرد أخوتنا إلا الطرف الفلاني أي” ب ك ك”، إذ إن هؤلاء لايريدون الخيرلأي كردي، وأن الكردي كان بطل السنوات العشر الماضية، في مواجهة الإرهاب، إلا أن سياسات قنديل التي حمت المكان- وإن لأجل ذاتها اولاً- والتي طردت داعش كما البيشمركة- والتي حررت مناطق سورية باتت تزج أنفها في مواقع وأماكن لاعلاقة لنا بها، ناهيك عن أن مهمتها كانت في حماية مكاننا-فحسب- لئلا نقدم الذرائع لمن تمت وتتم تغذيتهم وتأليبهم، للاستعداء على الكردي إقليمياً وإسلاموياً ومن قبل بعض الجهات الراعية للإرهاب خليجياً.
حقيقة، إنني لسعيد جداً، في أي صوت يخرج من عمق” ب ي د” في محاولة خلع ماهو غيرمحلي عنه، وقطع أية صلة له بأية جهة وصائية ندعو لها أن تنجح في النضال من أجل حقوق أهلنا في كردستان الشمالية، وإعادة الحياة إلى مناطقهم التي تم تهجيرأهلها منها، وباتت نسبة عالية من الجيل الكردي الجديد في كبريات المدن ضمن خريطة تركيا لاتعرف لغتها، ومن بينها من لايعترف بكرديته، ويتنكرلها، ويعلن عن سعادته لأنه تركي، وأنا احترم ذلك التركي الأصيل، وأخي العربي الأصيل، والفارسي الأصيل، الذي يحافظ على أصالته، ولكن ليس على حساب ابتلاع حقوق سواه، بل ومن له موقفه من مجازر الإبادة الجماعية بحق شعوب المكان الأصلية ومنهم الكرد!