لن نرتدي رداء الذل الأستاذة فاطمة يوسف محمد

تجمع الملاحظين: كاوار خضر
لنا أرض وزّعت بين عدة دول، ونسعى إلى استعادتها. هذا ما لا نختلف عليه جميعا! أين يكمن الاختلاف إذاً؟ هذه مسألة فيها وجهات نظر، وآراء، وتأملات…
يُستحسن أن نعرف لماذا نريد استعادتها؟ فالأرض بحد ذاتها ليست لها أية أهمية إن لم يمتلكها الإنسان ويستغلها لمعيشته ومنفعته، وإلا ما حاجته بها. فالمرء من دون مصادر تعيله سيهلك، وينقرض، والأرض واحدة منها. 
هُجرنا من أرضنا حتى مال كفة الميزان السكاني لغيرنا. المطلوب منا نحن المهجرين أن نسعى إلى الإبقاء على ما تبقوا منا فيها، وإلا لمَن سنعيدها؟ واليوم يعاني هؤلاء من الموت جوعا وعطشا، وتخطف قاصراتهم وتلحقن بمعسكرات، لا نعلم ماذا سيفعلون بهن؟ هل هن للتجارة: جنسية كانت أم للأعضاء البشرية، أم للبيع كخادمات، وأمّات في دول الخليج وغيرها، أم أنهن سيتدربن على الرقص الشرقي لإحياء ليالي الحانات والبارات… لا يعلم أحدنا لماذا أُلحقن عنوة بالمعسكرات وبالآلاف، وجعلوهن وذويهن وإيانا في قلق تحولت حياتهن وحياتنا جميعا إلى كوابيس. 
يحدث هذا أمام أعيننا، ولكننا ننصرف إلى ما هو بعيد عن محنتهن ومحنة ذويهن. نكتب عن أيا صوفيا، ونتجهبذ في أمور أخرى لا تعني واقعهم المعاش إلا بما يعود إلينا كمثقفين وكتاب بالشهرة والمنفخة… نتجاهل أنه علينا التركيز على ما يحصل لأهلنا. إن استمر الوضع هكذا، لا بد أن يهلكوا، أو يتخذوا سبلا أخرى غير الذي نسعى إليه. 
الأستاذة فاطمة يوسف محمد -جزاها الله خيرا- أفرحتنا بمقال عنوانه «غرب كوردستان …لن يرتدي رداء الذل»؟ ما شاء الله على الرداء الذي نرتديه؟ أخطف القاصرات رداء يرفع الرأس؟ هل العيش في ظل انقطاع الماء والكهرباء هو رداء العزة والكرامة؟ أم إجبار المغلوبين ببيع محصولهم بأثمان لا تسد رمقهم هو رداء الكرم؟ يجب ألا نكون جاحدين لحقها. تتناول في مقالها معاناة أهلنا هناك، ولكن تلقي اللوم والعتب على نظام قيصر؟ كأن قبله كان الأهل في نعيم وترف! بطبيعة الحال، تهاجم النظام وتحمله ذلك، وتردف قائلة: «ومن يقف وراءهم»؟ أهي خائفة أن تشير صراحة عمن يقف وراءهم؟ أم أنها تراعي اللين فيما تستبد الإدارة الذاتية بحق أهلنا؟ بعده تدخل في تساؤلات، واستفسارات عن الفساد المستشري؟ لا بد أنها خائفة أن تقول أن الإدارة بذاتها شلة من الفاسدين والمفسدين، فكيف يكون العدل وبحبوحة العيش ساريتان هناك؟ إنها لمأساة: فالخوف المزروع في نفوسنا، هو من يتحكم فينا، ولن يتركنا طالما لا نقاومه في داخلنا، وننصرف إلى ما دونه!
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم ويوم على سقوط الأسد، لكن الواقع الذي يعيشه السوريون اليوم يتجاوز بكثير الساعات التي مضت. هذه الأشهر الماضية التي تنوف عن الثلاثة كانت مليئة بالتحولات السياسية غير المنتظرة، إلا أن الواقع الأمني والمعيشي للمواطن السوري لم يتحسن بل ازداد تدهورًا. إذ من المفترض أن يكون تأمين الحياة للمواطن السوري هو أولى الأولويات بعد السقوط،…

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…