مات البعث يا أيها الإيتام، المشكلون لـ (التجمع الوطني العربي في المنطقة الشرقية) – الجزء الثاني

 د. محمود عباس
  ما يؤلم هو الأخ الكوردي الذي لا يجد ذاته إلا في أحضان الأخرين، علما أنهم يبتذلونه كمتملق أكثر من الكوردي الذي يواجههم، على منطق التضاد في النماذج، وهي الخيانة للذات، فهذا يبيع قوميته الكوردية لوطن يتاجر به الأخرون، وأولئك، يرتزقون من الأعداء تحت حجة القضاء على الحراك الكوردي الوطني، متناسيا أن هؤلاء المرتزقة العروبيون يبيعون وطنهم قبل أن يلبي رب نعمتهم طلبهم، ويحاربون الكورد أو في أفضله نماذجه يهاجمون الكوردي تحت حجة تخليهم عن الوطن السوري متناسين أنهم باعوا أكثر من ربع سوريا وذاتهم في أسواق أنقره واستانبول، ويتغاضون عما حل بنصف الشعب السوري الذي يعيش الويلات في المهجر وفي أروقة المدن التركية، يقايض بهم أردوغان مرة مع أوربا ومرة في أروقة المؤتمرات الدولية، وأحيانا يعرضهم كقرابين لمصالحه في أزقة مدن ليبيا. 
  وشريحة البيان والنداء و(التجمع اللا وطني العربي في المنطقة الشرقية) على دراية تامة أن مقابل مواجهة الكورد هي تسليم الوطن السوري للطامح التركي، فبيعهم للمفاهيم الوطنية للكورد، والتهجم على المثقف الكوردي تحت الغطاء المهترئ، وتناسيهم خيانتهم للوطن وللشعب السوري، وارتزاقهم لأردوغان، أو لسلطة بشار الأسد، جدلية لا تبتلع إلا من قبل أمثال السياسي الكوردي والذي نأمل أن يستيقظ على ما تجلبه يمناه له ولمفاهيمه ولمن حوله وللقضية، فهو أدهى من أن يسقط في مثل هذا المستنقع.
لم يسكت حراكنا الثقافي على ما يدار من المؤامرات على الوطن السوري من خلال التآمر على الكورد وقضيتهم، ومهاجمة المفاوضات الكوردية، التي ستكون بادرة خير لسوريا المستقبل قبل أن تكون للكورد ومنطقتهم، وستكون بداية بناء سد منيع في وجه الطامعين بسوريا، لأن الساكت على كل ما يصدر من الشريحة المرتزقة، من انتهاكات للوطن، خيانة. وعدم تعرية المتلاعب بمصير المهاجر السوري المعاني، وإرضاخه على الطعن في وطنه سوريا، بتشكيل التجمعات العنصرية في المنطقة الكوردية وبدعم من الدول المتربصة بسوريا، وأخرها ما يسمى بـ (التجمع الوطني العربي في المنطقة الشرقية) المتشكل في غازي عنتاب المدينة الكوردية المحتلة تركيا، بتاريخ 11/7/2020م وبأوامر تركية، وتحت قيادة مجموعة من المرتزقة على رأسهم رياض حجاب، جريمة بحق المجتمع السوري.
 فبيان التجمع المنوه إليه، تتضمن بنودا لا تقل كراهية من مشروع محمد طلب هلال الصادر في الستينات من القرن الماضي وطبقه البعث ضد الشعب الكوردي، فلا رحمة على البعث وقادته الذين كانوا على الأقل لديهم نخوة عروبية عنصرية، مقابل هؤلاء الذين يبيعونها في أسواق النخاسة. 
 لا شك ننتظر من الكاتب العربي الوطني، الذي تباهى وهاجم المثقفين الكورد والحراك الكوردي تحت منطق الوطنية وطالبهم بالابتعاد عن التعصب القومي، وعرض مقارنات فلسفية واهية، بين التعصب العربي الماضي والكوردي الجاري، الرد على هذا التجمع العنصري، وبيانهم، وارتزاقهم، إلا فيما إذا كان هو من بينهم، وله حصة من الطعمة. وهكذا ننتظر من الكوردي السياسي، الذي ونحن على قناعة أنه لم يفرز له نسبة، وعلى الأغلب سيترفع من تقبلها حتى ولو تم، ولكن دون الرد وتبيان الموقف الوطني من تجمع الخيانة هذا، والاعتذار من المثقفين الكورد، عما ذكره بحقهم، الذين وقفوا في وجه المرتزقة السوريين، سيظل مركز شبهة وشكوك، مهما ملئ من الصفحات عن الوطنية والحقوق القومية.
 لربما لم يكن من داع لتصفح البيان، فلغتها العنصرية أكثر من واضحة، ولكن كان لا بد من تبيان وجهها القذر المخفي، للكاتب الوطني والسياسي الكوردي اللذين أقلقهما لغة المثقفين الكورد، فنحن لا يهمنا الشريحة الأخرى من العروبيين الذين هاجوا في بواديهم عندما تم الرد عليهم، وعلى لغتهم المعروفة منذ أيام البعث، وهنا نعرض بعض النقاط، رغم أن معظمه مستنقع موبوء: 
1 سوف لن نتحدث عن النقاط العشرة المردودة عليهم، وهم أدنى من أن يثبتوا ما يلفقونه من الأكاذيب، كما وأن التجاء المكون العربي إلى المنطقة الكوردية، وعيشهم بكرامة تحت سلطة الإدارة الذاتية تعكس انحطاطهم الأدبي، ودونية اتهاماتهم؛ التي لا تصدر إلا من ناكر للجميل؛ على ما قدمه الشعب الكوردي من خدمات للشعب العربي على حساب الشعب الكوردي الذي هجر وهاجر، وعلى الأغلب أنهم ممتعضون من زوال داعش، ويطالبون بإحياء خلاياهم المتواجدة في مخيم الهول. 
2 ففي البند السادس دعوتهم للحرب الأهلية في المنطقة الكوردية، واضحة، ونداءهم لتدمير العلاقات الوطنية بين الكورد والعرب خير مثال. وهي دعوة لإحياء الحرب التي كانت قد بدأت بها داعش ضد الإيزيديين الكورد والمنطقة الكوردية، ومحاولة لأحياء البقية الباقية من خلايا تلك الحثالة، ومشروعهم الذي كان مدعوما من حكومة أردوغان، وتشكليه لهذا التجمع البعثي الداعشي، هو ذاته ولكن باسم مختلف.
3 وفي البند السابع، تتجلى مدى ابتذالهم للثقافة الوطنية، وارتزاقهم لتركيا، من خلال مطالبتهم الإتلاف الوطني طرد المجلس الوطني الكوردي، من التحالف، ولهذا نحن من جهتنا نطالب الإتلاف والمجلس الوقوف في وجه هؤلاء الخونة.
4  البند الأول والثاني والثالث حيث النفاق المفتضح في البند الرابع، وهو ليس سوى إنذار للشعب الكوردي وحراكه للحذر من القادم، ولا بد من الاتفاق والنجاح في المفاوضات الكوردية-الكوردية، وإلا فهؤلاء رأس حربة تركيا ومرتزقتها، أعداء الكورد منذ أن كانوا بعثا وأصبحوا أيتامه.
5 التناقض ما بين أسم التجمع ومقدمة البيان مخجل حقاً، فلو كانوا فعلا وطنيين ويؤمنون بالمساواة، لما انطلقوا تحت أسم التجمع العربي، ولما كان عرابهم تركيا ولما تشكل في غازي عنتاب. فالتدقيق البسيط لمتن البيان، يدحض كل نفاقهم الدارج في المقدمة حول الوطن والوطنية، مثلما يلغيها البنود، وخلفيات محاربتهم للشعب الكوردي.
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
20/7/2020م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…