وليد حاج عبدالقادر / دبي
١
أهو مونولوج داخلي وبعد كل هذه السنين ستعبر عن ذاتها ؟ ام هي انعكاسات أوجاع فتختلط المشاعر كما الكلمات وترانيم لصدى آلام وهانحن ندخل عام ال ٢٩ لرحيلك جمعة ؟ .. ليلة ظلماء كانت كما قلوبهم وقد تحوط بعقل مافيوي لاترى فيمن يقول لا سوى دريئة والجسد كتمرين عمادها طلقاتالمسدسات .. جمعة : ظنوا انهم اغتالوك وما دروا بأنهم زرعوك سنديانة تفي بظلاك مجدا سيتجدد ..
٢
ولد الشهيد جمعة سنة ١٩٥٩ في مدينة ديريك لأسرة تعاطت الشأن العام وكانت قريبة من النشاط السياسي وإن لم تدخل غمارها / الأسرة / الا في فترة جد متأخرة ابتدأت بدخول الشهيد معترك العمل السياسي .. درس في مدارس ديريك الى المرحلة الإعدادية ومن ثم سيق الى الجيش وخدم في دمشق حيث استفاد من فراغ وقته ودخل دورات تدريب على الكاراتيه ونال اعلى الأوسمة .. بعد تسريحه من الجيش بقي في دمشق يزاول مهنة البناء فترة مالبث ان عاد الى مسقط رأسه وتزوج ابنة خالته وفي هذه الفترة كان نشاط PKK قد بدأ في المنطقة ومالبث ان التحق بها واصبح من الكوادر المعروفة في المنطقة وبالتالي ممن اعتمد عليهم هذا التنظيم كثيرا وظل على راس عمله ونضاله الى أوائل عام ١٩٩٢ حيث ظهرت بوادر لخلافات داخل ب ك ك وكعادة هذه المنظومة في هكذا حالات ، وبدل معالجتها بروح ديمقراطية ألا ان النزعة التصفوية وكمنهج كانت ولم تزل هي السائدة ، وكانت هي ذات هذه الليلة من سنة ١٩٩٢ حينما تم استهدافه وبأسلوب ولغة وممارسات المافيات فتم مهاجمته عند باب منزله وكان يحمل بين يديه طفلته روناهي وطوقها بجسده يحميها ، وللشهيد طفلتان وزوجته كانت حاملة بشهرها الثالث او الرابع ، بشاعة الإستهداف ومنظر الشهيد وهو يغطي جسد طفلته ويداه اللتان تقلصتا ضما ودفن بتلك الصورة ظلت مثار حديث ديريك الى الآن كما صدى طلقات المسدسات ومافيوية القتلة الذين – ياما – شربوا واكلوا واحتموا بذات الدار ، براعة واحد من القتلة كانت مميزة ولمجرد انحناءة الشهيد ليضع طفلته ارضا كانت طلقات القاتل تخترق راسه وليسقط الشهيد على يديه يغطي بظهره طفلته .. خلف الشهيد ثلاثة بنات وهن بالتسلسل : بيريفان الكبيرة مواليد ١٩٨٩ روناهي الطفلة التي كان يحتضنها / اوائل ١٩٩٢ وفلك اواخر ١٩٩٢ ..
٣
هو وجع وكسريلية شعبك أيها الألم بقيت جمعة وأضحينا كلنا يعالج ألمه بخاصيته وبعضنا ممن صارت بطونهم كالنار تهد في كينونتهم فتكا وجدانيا وكسهم يحفر بتؤدة في عميق إنسانيتهم .. قطعان هوجاء كمجاميع – بظ كيفي – حينما لا تصادف من تفتك تبدأ بذاتها ، وكخنجر مسموم يتناسى حامله / طاعنه أن قوة دفعه وهيجان غدره أقوى من كل سموم العالم … هم القتلة جمعة يدركون وكانوا يدرون من انت ومن تكن وماذا كنت ستكون وهم القتلة وكروبوت مبرمج ماراعوا مشاعر تلك الأم التي فتحت لهم قلبها بروحية امومية وتلكم الأخوات اللاتي كن تتسارعن لإطعامهم وذلك الباب الذي ما ضاق يوما لانحناءاتهم تلك القامات الممسوخة أنتجت قذارتها وبتلك الجريمة البشعة .. منظر سيظل يتذكرها كل من حضر او شاهد او حتى سمع – ببراعة الروبوت – ولكنه سيبقى الأقذر جرما هو من برمجه … نعم جمعة ! قدمت دمك وهم يدركون وفي قرارتهم ورغم السنين يرتعبون وكالخفافيش لازالوا يرتجفون في عميق ذاكرتهم ويدركون بأنك نلتها الشهادة مرتين : مبادؤك وتلكم القناعات و .. حينما أصبح همك الأوحد وانت تواجه القاتل / القتلة بنظرات وانت تنحني بكليتك تغطي جسد طفلتك وحتى في سقوطك كانت يداك تشدها لئلا تتأذى من الوقعة … انت الحي وستبقى وهم اصبحت عيناك رعبا ازليا تحوطهم القتلة ..
٤
كيف لها أن تنسى ؟! .. كيف لنا أن ننسى ؟! … جرح مؤلم ومستدام وغدرهم المشين ياالشهيد جمعة ..في يوم جريمتهم المشؤومة ستبقى ابتسامتك المستدامة سلاحنا الأروع ترهبهم .. المجد لك الشهيد جمعة .. وستبقى صدى طفلتك الأولى حينها بيريفان وهي الام الآن فاسمعوا الى صرخاتها .. وجعها الطفلة كانت .. الإبنة هي والأم أضحت .. أجل جمعة .. وهانحن وإياك لصراخها ننصت :
( تقول بيريفان جمعة :
جرحك رح يضل بقلبي عم ينزف دمك مابينتسى بعيوني حزن مابتمحيه الأيام بصدري غصه وآهات بتندهلك بكل اللحظات …..بابا …..فقد رحلت شهيدا وتركت صدا ذكراك في قلوبنا وأحلامنا أنا افتخر . نعم افتخر بك لأنك كنت منارة للشهامة والبطولة افتخر واعتز لأني ابنة الشهيد البطل جمعة خليل عبدالغني والله قادر على الانتقام من يلي كانو السبب لأنو دم الشهيد مابيروح سدا. ) *
٥
هل كنت تودعنا بنظراتك تلك ؟! أم كانت هي بداياتك في لومنا ؟! .. هل تقصدت أن تعتصر النظرة وانت ظهرك للمحيط وكأنك تصرخ فيهم القتلة ونحن الذين بهت فينا الصمت لابل وبعض من دموع لا تساوي رجفة عينيك هاتين وانت تحدق كالنسر في من ارتعب منك حتى لحظة الغدر البائسة .. نظرتك هذه وبعد كل هذه السنين التي مضت لاتزال تدك مضاجعهم لأن الغدار يتقمص الغدر و … يعلم الغادر بأن الغدر لابد طائله ايضا … شهيد انت وحق الحقيقة مرتين : اولاها لأنك سقطت دفاعا عن قناعة وثانية لأنك حميت طفلة رضيعة حتى ولو كانت ابنتك … طوبى لك
٦
لا أدري بأية كلمات أرثيك حقا ، فديدننا هو أن الشهادة لا مرثية لها والشهيد طوبى له وانت / جمعة / طوبى لك وتلكما اليدين تحتضنان الطفلة التي ماشفعت لها بكاؤها وهي لا تدري بأن القتلة لا إحساسا لهم … سنظل نستذكر هذا اليوم .. أجل ففي عين ميقاتها السنوي وشهر تموزها البائس بئس الخريف الزاحف كانت ليلة الغدر بك … سنذكرك لطالما هناك شرنقة للحياة تتدفق وسط محبيك وهم يعلمون بأنهم كثر … المجد لك … المجد لك .. وطوبى طوبى للدم الذي نزف وليلة الغدر البائسة **
………..
* منقلة من بوست لإبنة الشهيد بيريفان جمعة عبدالغني ..
** عندما تختلط المشاعر تتداخل معها اشكال الكتابة ايضا .. المجد للشهيد ..