في كل عـرس لنـا… فضيحــة

ديـــار ســليمان

 وأخـيرآ أنفـض مؤتمـر جبهة الخـلاص الوطنـي في برلـين، و كالعادة بدأت التصريحات النارية التي تخلف مثل هكـذا احتفـالات كرنفالية الى أن تخبـو شـيئآ فشيئآ مخلفـة رمـادآ لا تلبث أن تـذره ريـاح الحقيقة التي تتلخـص ببقـاء الحـال على ما هو عليه و على المتضـرر اللجـوء الى تلميع صورته عـبر وسائل الاعـلام.

و إحـدى طـرق التلميـع كانت هنا وحـسبما تسرب من أوسـاط الحاضرين لجـوء رئيـس الوفد الكوردي الى توزيع ورقتـي عمل مختلفتين: الأولى لرئاسة المؤتمر تتناغم مع ما أعلنه صراحة في وسائل الاعـلام من أن الوحدة الوطنية خـط أحمــر، والثانية كما يقال للاستهلاك المحلـي و تصب في إدعاءاته بأنه يطالب بحق تقريـر المصـير للشعب الكوردي في سوريا
و هنا لا بد من الاشارة أيضآ الى أن هناك من سمع تعرض هذه الشخصية بالذات لقصـف ديمقراطي عنيف إبان إدارته لجلسة اليوم الثاني عندما نبه أحد الحضورالى ضرورة الالتزام بنظام الجلسة ، فما كان من الأخير إلا أن قام  بتوجيه الشتائم (للرئيس) قابلها بابتسامات هامسـة وعريضة ظنآ منه بأن لا أحد يسمع!
  و كان نصيبنـا نحن الكورد كالعادة في هكذا مناسبات مجموعـة من ثـوار الكلمة الذين نحسـد أنفسـنا حقيقة على وجـودهم بين ظهرانينـا، و الذين قامـوا بدغدغـة مشاعرنا من خلال تقديم أحـلامهم الوردية على أنها حقائق تبناها المؤتمرون و نكاد نمسك بها.
 و كان أول الغـيث ما صـرح به أحد الحاضرين الكورد في المؤتمر عن أن النظـام يعيش خريفـه الأخـير، و أن سبب تواجد المجموعة الكوردية في جبهة الخـلاص الوطني (ينبع من إيمانهم بضرورة التغيير السلمي الديمقراطي في سوريا لأن النظام القائم غير قابل للتغـيير و لا للدمقرطـة)، و المفهـوم العكسـي لهذا التصريح هو أن شـركاء (المجموعة الكوردية) في هذه الجبهة، أي السيد عبدالحليم خدام و الأخوان المسلمون يعيشـون الآن ربيعهم الذهبي سـواء على المستوى الشخصي أو على صعيد الداخـل السـوري أوالعالم، كما أن هـؤلاء الشركاء ليسوا فقط قابلين للتغـيير والدمقرطة بل هم كذلك فعـلآ، و الدليـل على ذلك بالاضافة الى ما ذكرناه أعلاه من حوار ديمقراطي بين رئيس الجلسة و أحد الحاضرين، التنـازلات العظيمة التي حصلنـا عليها منهم و التي جـاءت على شـكل وعـود بـأنه في حال تغييرهم النظام بشكل سلمي (إن شـاء الله) فسنحصل منهم على تشريع يسمح لنا بالأحتفال بأعيادنا، و كأننـا بأنتظـار تشريعهم البائـس الذي لا زال مع بؤسـه (كما ذكروا) بحاجـة الى نقاشـات مستفيضة للخـروج للاحتفال بعيد نـوروز، علمـآ بأنه حتى هذه المطالـب الأدنى من الحد الأدنى والتي تعامى المطالبين بها عند طرحهـا عن رؤية الواقع، وصفها الآخـرون بالمشمئزة، بالاضافة الى وصفـهم الكورد في سوريا بالمهاجرين، و تبنيهم وجهة النظـر الرسمية فيما يتعلق بعـرب الغمـر وغيرها من القضايـا التي تشكل في المضمـون طعنة نجـلاء لنا بالاضافة الى  دعوتهم الى تأجيل البحث في القضية الكورية الى أن يستقر لهم الأمـر (بعد عمـر طويـل)، و عندها سـيكون من الأسهل إنتزاع حقوقنا منهم كما كان عليه الحال في تركيا الكمالية و ايران الخمينية.
إن عجـز المجموعة الكوردية عن تحصيـل أكثر من مجموعة من العبـارات العامة التي كان من الممكن إيرادها حتى دون تحملها عـناء السفر، ليثير التساؤل عن جدوى حضـورها و صكوك التفـويض التي تحملها، و لكن يبدو أن مرض حب الظهور في وسائل الاعلام الذي أصاب البعض يدفعهم الى تسول بطاقات الدعوة الى مثل هكذا مناسبات حتى وإن كان الثمن باهظآ و ذلك بسماحهم للآخرين باستغلالهم و استخدامهم كديكور لاستكمال بعض النواقص الشكلية و إلا ما الذي يفسر كون محصلة الأعمـال مجموعة من العبارات العامة من قبيل: يتطلب إزالة أسباب و نتائج الظلم و الاضطهاد (التي لا زال الآخرين يدافعون عنها) استمرار النقاش (بين من و من؟) حول أفضل السبل لتحقيق الحل الوطني للمشكلة الكردية (و ليس القضية الكوردية) على قاعدة التوافق (أي تنازل الطرف الضعيف) في إطار الوحدة الوطنية (التي أصبحت كقميص عثمان).
 أن الفوضى العارمة التي تشهدها الساحة الكوردية أدى الى ضبابية الرؤية في شتى المجالات، إذ من المستحيل إيجاد ضوابـط و خطـوط حمـر تشكل دسـتورآ و منهاج عمـل يرضى به الجميـع، و لكن يمكن هنا توجيه نـداء الى أصحاب الضمائر الحيـة بعدم التفاوض على الحقـوق التي هي من البديهيات، فالتفاوض إذا تم يجب أن يكون على الوسائل و ليس الحقوق فلا يجوز مثلآ التفاوض على الاعتراف بالشعب الكوردي، بل يمكن على  كيفية ترجمة ذلك في دسـتور الدولة إستنادآ الى الواقع و الى تجارب الآخرين، ولا يجب التفاوض مثلآ في مطلق الأحوال على حق الشعب الكوردي بالتحدث بلغته أو غيرها من الحقوق الثقافية البسيطة التي هي من البديهيات بل يمكن ذلك على  الوسائل التي تمكن شعبنا من ذلك بشكل مثالي.

23.09.2007     

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…