الحوار الكردي – الكردي بين الواقع والمأمول

فاطمة يوسف محمد 

تنفس الشعب الكردي الصعداء ، بمجرد إعلان المرحلة الأولى من الحوار بين المجلس الوطني الكردي ، وأحزاب الحركة الوطنية الكردية ، بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ، تحت الرعاية الأمريكية ، والذي توصل فيه الطرفان إلى صياغة الرؤية السياسية ، كأول خطوة مهمة نحو الاتفاق الشامل ، لتأسيس مرجعية سياسية للشعب الكردي في سوريا ، وتشكيل إدارة مدنية ، و قوة عسكرية مشتركة بين الطرفين ، استناداً على بنود اتفاقية دهوك ، و تحت إشراف قيادة إقليم كردستان العراق ، برئاسة الزعيم الكردي مسعود برزاني.
إن الاتفاق الكردي – الكردي في غرب كردستان ، يشكل حاجة موضوعية ، وذاتية للشعب الكردي ، وقضيته القومية العادلة، وخاصة ان شعبنا قد تعب ، و مل من الصراعات ، والخلافات السياسية بين الطرفين ، في الوقت الذي يتعرض للتهديدات التركية ، باقتحام مناطقه ، كما حدث في عفرين ، وسري كانييه، والتغيير الديمغرافي الكبير الذي نفذته المعارضة العربية في مناطقه، ومارست بحقه انتهاكات خطيرة . 
لذا نعتبر الخطوة المهمة التي أنجزها المجلس الوطني الكردي في سوريا ، وقبوله التفاوض مع حزب الاتحاد الديمقراطي لإنهاء حقبة الصراعات السوداء والتوجه نحو الحل السياسي الشامل بإشراف أمريكي وأوربي ودعم كردستاني خطوة شجاعة وتصب في مصلحة الشعب الكردي في سوريا ، لرأب الصدع ، وردم الهوة الكبيرة بينه وبين pyd ، كما من شانها توحيد الرؤى الكوردية ، و التقارب بين جميع اطراف الحركة الكوردية، ورسم خريطة طريق ، يرتكز عليها نضالها السياسي، لتحقيق تطلعات ، و آمال الشعب الكردي في الحرية ، والديمقراطية في إطار سوريا الاتحادية الديمقراطية ، والتعددية ، والتشاركية ، تكون لكل السوريين ، والعمل في إطار توحيد المعارضة الديمقراطية، والمشاركة معها في المؤتمرات الدولية، لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية، وإنهاء الحروب ، وسفك الدماء في سوريا .
فأي اتفاق ينتج عن هذا الحوار ، سيكون بمثابة انتصار كبير للحركة الكوردية ، ولن يكون ضد أحد من المكونات السورية، ولا ضد الدول الاقليمية، بل سيساهم في إنهاء الازمة مع المعارضة العربية وتركيا وبالتالي سينهي كل التهديدات التي قد يتعرض لها شعبنا الكردي ، وسيعزز السلام ،والاستقرار في المنطقة، وسيعمل جاهداً إلى عودة اللاجئين الكرد إلى ديارهم ، وإنهاء ازمتهم ، و سيكون ايضاً بمثابة فتح الطريق لعودة بيشمركة روج ، للمساهمة في الدفاع عن شعبنا وقضيتنا، وربما يتم انضواء آلاف الشباب الكرد إلى القوة العسكرية المشتركة تحت مسمى كوردي واحد .
إن التوصل إلى إنهاء المرحلة الأولى من المفاوضات ، لايعني بالضرورة بأن الاتفاق الشامل سيكون قريبا، وبالتأكيد لن يكون الطريق مفروشاً بالورود أمام الطرفين ، بل سيكون محفوفا بالكثير من العقبات والعراقيل لإنجاز اهداف هامة تنتظرهم ، لذلك يتطلب منهم المزيد من التنازلات ، وتقديم المصلحة العامة على اهدافهم الحزبية و الشخصية .
ثمة اسئلة كثيرة وعديدة وجوهرية تدور في أذهان الناس ولابد من طرحها بشفافية ليكونوا على بينة وإطلاع على كل ما يجري من حولهم ، و كشف النقاب عن كثير من الامور الهامة التي تخص مستقبلهم ووطنهم وهي:
١- هل سيحقق ذوو المشروعين المتناقضين حلم الشعب الكردي في وحدة المصير ويلتقيان في نقطة التقاء تصب في الصالح العام ؟ وخصوصا أن كلا الطرفين متشبثين بمشاريعهما ، فكما نعلم أن المشروع الذي ينادي به الطرف المستلم لزمام الأمور هو مشروع أخوة الشعوب والأمة الديمقراطية ، وهو مناف ومخالف للفكر القومي والدولة المبنية على اساس قومي متين .
٢- كيف يمكن للمتحاورين ان يتفقوا على تشكيل إدارة مشتركة بعيدة عن المصالح الحزبية تديرها النخب والكفاءات المؤهلة في شؤون الإدارة ؟
٣- كيف يمكن اشراك منظمات ومؤسسات المجتمع المدني في الحوار القائم والاستفادة منها للتوصل إلى اتفاق يخدم الجميع ؟ 
٣- ماموقف المكونات الأخرى الموجودة في المناطق الكوردية ، وكيف سيتم التعامل معها ؟ 
٤- هل سيتمكن الطرفان من صياغة مشروع سياسي يضمن فيه حق الكورد في دستور البلاد مستقبلا؟
ه- كيف يمكن للمتحاورين ايجاد آليات التواصل مع المعارضة والرأي العام السوري وإقناعهم بأن الحوار الجاري سيكون من اجل وحدة الصف الكردي وفي خدمة الشعب السوري كما حصل في كردستان العراق ؟
٦- هل سيتفق الطرفان على مسالة القوة العسكرية بعد قدوم البيشمركة ، وأنها ستكون قوة مشتركة محايدة بعيدة عن الأطر السياسية هدفها الوحيد حماية الشعب الكردي وقضيته وسيكون ولاؤها للوطن والشعب ؟
٦- كيف سيتم اشراك كافة فئات المجتمع السياسية والاجتماعية والدينية والعشائرية في المرجعية السياسية المشكلة لتمثل كل الشعب الكردي .؟
٧- مسألة الغمر والأراضي والبيوت والمناطق التي استولوا عليها ؟ 
٨- النفط والموارد الزراعية و غيرها ، هل ستوزع عائدتها على المواطنين الكورد ؟
وغيرها من الأسئلة الهامة التي يمكن ان تخطر ببال اي شخص مهتم بالسياسة او غير مهتم ، وهي مشروعة بكل الاحوال 
نحن نعلم مدى صعوبة هذه الخطوة ، و ندرك خطورة ومسؤولية الطرفين ، ولكن عليهما استغلال الفرصة في هذا الوقت الحرج و تحمل مشاق واعباء ثقيلة من اجل قضية شعبنا وتحقيق أمنيته في الوحدة وترتيب البيت الكوردي لضمان حقوقه المشروعة و السعي بكل جدية لكسب الدعم الامريكي والدول الأوربية الاخرى الراعية لهذا الحوار ، فهم الرهان الرئيسي لانجاح هذا الحوار رغم معرفتنا بان المصالح هي التي تتحكم في نهاية المطاف ولكن يجب الاستمرار والعمل حتى آخر رمق ، فهي فرصة تاريخية لن تعوض .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…