قرع الطناجر بين أكتاف الشوفينيين…

فرحان كلش
توطئة عامة:
غريب أمر مثقف الأكثرية السورية،فهو يجهد كي يتسطح ليتمرغ أنفه في العنصرية التي زرعها منظروا الفكر العروبي،بل يحاول حد المياعة أن يتشوفن كي يتحول إلى جزء من سلطة متخيلة لهذه الأكثرية،متخلياً بذلك عن قيم الثقافة العامة وحتى رؤاه التي كان يجهر بها ماضوياً.
ومن سماته المعاصرة أنه لا يكتفي بالقاء الرؤى المتداولة عنصرياً بل يزيد عليها حدية وتقعيراً كي يرضي الذات الشعبوية المتكلسية لدى أكثريته المستهدفة منه فكرياً،يحاول تلطيخ الحقائق التاريخية استناداً على نظرة استعلائية ومعتمداً على تكريس قوالب المستعمرين على إنها الحقائق الفضلى،متناسياً أنه ذاته كان من أشد مناوئيها،فموضوعة سايكس-پيكو أضحت تقلق المثقف العروبي من زاويتين،أولاها أنه يريدها أن تصل نهاياتها خدمة لوحدة عربية متخيلة،ويريدها مستمرة لتكرس تبعية أجزاء هامة من كوردستان لوطنه المحلوم به.
إنه يريد أن يمطمط جغرافيته على حساب جغرافيات الآخرين،حيث وضع لنفسه حدوداً طبيعية على امتداد رؤيته ويقول بأنها حدوده رغم أنه لم يصل أطرافاً منها أبداً،أنه يستمد نظريته الغارقة في ماء التخلف من المحيط إلى الخليج استناداً على فتوحات تحت يافطة دينية معينة توسعاً وتماهياً وتكابراً على الرؤية الصهيونية التي تتجسد في وضع حدود توراتية لإسرائيل من النيل إلى الفرات فكرياً،هذه الرؤية اللاهوتية للجغرافية تثبت حجم الخلل البنيوي في الفكر العروبي والمدى الفاحش من تجذر الفاشية في هذه الرؤى.
بل تتجاوز بهم العنجهية والفوقية حد خلق فضاء انتماء للآخرين ويدعونهم إليه،فيقولون أن فضاء العروبة هو الجامع لكل من يعيش على هذه الجغرافيا،وبالتالي يدعون إلى صهر اللغات والثقافات المتباينة الأخرى في جيب مخمخم لم يستطع الإسلام ولا الإستعمار بكل أشكاله ولا الديكتاتوريات المتتالية أن تعيد الرشد إليه،بداهة أن مثقفاً بهذا التخابر الفاضح مع الجهالة والعنصرية لا يمكن استشفاؤه أبداً،فهو ابن الجيفة التي أعدم فيها ابن الخليفة الصديق.
ولكي لا يتكلس فكره أكثر على النخب الثقافية السريانية والأمازيغية والكردية وخزه دائماً برؤوس أقلامها كي تجلد ذاتها بين الفينة والأخرى وتلتصق أكثر بعوامل الإنحدار التي تحيطه،بل من الضرورة احكام الماء البارد على رأسه كي يجفل من كبوته الفكرية.
وهذا الماء البارد متواجد بكثرة في تكريس الإنتماءات الطاردة خارج مزكزيتهم العروبية،فالكردي عليه تجذير عمقه الكردستاني،والأمازيغي توطيد فكرة لاانتمائه للمحيط المتشكل وهمياً حوله وأنه ابن جغرافية وتاريخ مستعمر من فرسان العروبة الذين قدموا على خيول كمستعمرين.
وبذلك يأكل دود الخل الثقافي العروبي ذاته،أو يعود إلى القيم الإنسانية والحقوقية التي لا يمكن تجاهلها والبناء بخلافها على حساب حقيقة وجود شعوب ينبغي لها أن تحيا وفق رؤاها الثقافية والقيمية التي تؤمن بها.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…