المثقفون والمُنْتَدَبُوْنَ علينا

كاوار خضر: تجمع الملاحظين
ما يجري اليوم بشدة من مآس في عفرين تدفعنا إلى معاتبة الضمير العالمي ومناشدته! لوقف الجاري بحقنا، من قبل مقتسمينا، وهذا حق طبيعي لكل من تدهمه المظالم والمآسي، ولكن هل سألنا بيننا وبين نفسنا لماذا حلّ بنا هذا؟ فالجواب نعم ولا. في حالة (نعم) نعلم جميعا أن ما حصل هو ما جنته أيدينا علينا، أما (لا) هو حينما نناشد الضمير العالمي لينقذنا!
نعلم جميعا أن المقتسمين منذ إلحاق أراضينا بدولهم، يبذلون قصارى جهودهم في إذابتنا، وتغيير ديمغرافيتنا، إن لم يكن هذا طبيعيا من قبل طليعتنا المتنورة والقائدة، دليل على السذاجة. وهذه السذاجة بانية انبراء الأقلام بمناشدة حقوق الإنسان والضمير والقيم والحرية… من أمثال هذه المناشدة التي لا تفيد سوى ذلا الرماد في عيوننا.
فالدولة أو السلطة ليست في عرفهما الحقوق والضمائر والأخلاق والقيم، إلا بما يتوافق مع مصلحتها. بمختصر القول تشكلت الدول لتحقق مصالح شعوبها، وليست لخدمة مصالح غيرها هكذا كفاعلة خير.
أما بخصوص تبجح الدول المتقدمة بحقوق الإنسان والضمير والقيم الإنسانية، فهو يخص وضعها الداخلي. عندما يتجاوز هذا إلى خارج حدودها لا يكون لوجه الخير، بل لمصلحة لها، لا نكتشفها؛ بسبب جهالتنا، وهي نابعة من تخلفنا. 
لنعد إلى ما تنورنا وتوعينا مقالات مثقفينا ومرشدينا في هذا الخصوص. رغم الوضوح الفاقع من انتهاء مصير السوريين قاطبة إلى يد الدول المتصارعة على هذه الأرض.
يسأل تجمعنا الباكين على عفرين: 
أين كنتم عندما أراد هؤلاء المُنْتَدَبِيْنَ علينا خوض المعركة مع ثاني جيش بري في النيتو؟
كان بعلم الجميع منا أنه دخل عفرين بحجة قرار الأمم المتحدة رقم (51). 
أين كانت مظاهراتكم، ومناشداتكم للمحافل الدولية قبل حدوث الكارثة؟ 
لماذا لم تشكلوا وفودا تزور أولياء المُنْتَدَبِ علينا بقصد منعه من ارتكاب تلك الكارثة؟ 
هل كان الخوف تنخر قلوبكم حينها؟ 
واليوم تذرفون الدموع على عفرين! ما حلمكم عليه وقتها، لا يقل عما فعله المنتدب! 
وثانية أين وطنيتكم الفائضة في مقالاتكم عن شرقي الفرات وعفرين ثانية، عندما أعاد الكرة هذا المنتدب؟ 
لا تبرير لموقفكم بهذه المقالات المنمقة والمعميّة للجماهير! 
ما أجدركم حين تمدحون طرفا وتقدحون آخر، ومرجعها إما خوف أو تملق.
كتاباتكم هذه لا تتعدى أكثر من إحداث الجروح في الجسم الميت. 
صدق المتنبي حين قال عن الحلم والهوان في قصيدته «لا افتخار إلا لمن لا يضام»
كُلُّ حِلْمٍ أتَى بغَيرِ اقْتِدارٍ******حُجّةٌ لاجىءٌ إلَيها اللّئَامُ
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ******ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…