الحقوق القومية للشعب الكوردي … أساس وحدة الصف

أحمد حسن
من المسلّمات والبديهيات المعروفة لدى عامة الناس أن التفرقة ضعف والاتحاد قوة، وما الويلات والنكسات التي تعرّض، ويتعرّض لها الشعب الكوردي على مستوى كوردستان بأجزائه الخمسة إلا نتيجة حتمية للانقسام والتفرقة التي زرعها، ويزرعها أعداء الكورد ومن لا يودّ الخير والأمن والأمان للكورد وكوردستان وممانعة تحقيق أمانيه في الحرية والاستقلال وبناء دولته كوردستان أضف الى ذلك عوامل وسلوكيات ذاتية متجذّرة ومتخلفة موروثة من ذاتنا تساعد الأعداء فيما تصبو، وتذهب اليه لتحقيق مآربه. حيث الجزء الكوردستاني الملحق بسوريا (كوردستان الغربية) صورة مصغّرة من الأجزاء الأخرى ربما الصورة الأكثر تشويهاً نتيجة التشرذم والانقسام الفاحش وتلويث اللوحة السياسية الكوردية والتي تكاثرت (الحزيبات) بشكل سرطاني خاصة بعد الأزمة السورية 2011 مما زاد الوضع الكوردي أكثر تعقيدا. 
كان لا بد البحث عن الحل والبديل لهذه الحالة وقعت اتفاقيات هولير- دهوك بين المجلس الوطني الكوردي و ( تف – دم ) وبمباركة ودعم من إقليم كوردستان وبجهود وإرادة شخصية من الزعيم مسعود البارزاني، ونتجت عنها (الهيئة الكوردية العليا) وانتعشت الأجواء الشعبية والسياسية لكنها لم تدم طويلا وكانت مصيرها الوأد نتيجة تفرد الـ PYD بعقليته التسلطية ورفضه المشاركة (السياسية – الإدارية – العسكرية) وباتت الأوضاع أكثر مأساوية على الشعب الكوردي أحداث كوباني وحروب (عفرين – تل أبيض – سري كانيه) والامتعاض الشعبي من الواقع المرير، فظهرت مرة أخرى مبادرات لوحدة الصف الكوردي (أمريكية – فرنسية) ربما لقرب ترتيبات الوضع السوري وتماشيا مع مصالح هذه الدول، وعلى أية حال للكورد مصلحة في وحدة الصف وتنظيم المجتمع الكوردي كذلك دعم ومصلحة للشعب السوري عامة. فعقدت اجتماعات ولقاءات بإدارة أمريكية وأخرى فرنسية مع الطرفين (ENKS – PYD) وبحضور مظلوم كوباني صاحب مبادرة غير معروفة المضمون وتم التوصل والاتفاق على بعض الجوانب حسب تصريحات بعض المتحاورين في وسائل الاعلام، ولازالت هناك تتمة ولقاءات أخرى ستعقد. لكن هذه اللقاءات والاتفاقيات من أجل وحدة الصف لم تنجح ولا ترى النور إذا لم تستند على الأسس الآتية:
(1 -الانطلاق من المصلحة القومية الكوردية وتثبيت الحقوق القومية للشعب الكوردي بشكل واضح وصريح في وثائق الاتفاق (شعباً وجغرافياً) وكذلك مراعاة المصلحة الوطنية السورية.
(2 -فك ارتباط (PYD) مع حزب العمال الكردستاني (قنديل) فلكل جزء من كوردستان له خصوصيته على كافة المستويات.
(3 -مشاركة كافة الأحزاب والفعاليات والمنظمات والشخصيات الوطنية المستقلة والمثقفين والقانونيين في هذه الحوارات حسب الممكن والطرق المناسبة واشراكهم بنتائج الاتفاق على الأرض.
(4 -استمرارية الحوارات للتوصل الى اتفاق نهائي برعاية دولية ودعم ومساندة إقليم كوردستان التي تلعب دورا إيجابيا يشهد له في هذا الإطار ثم أنه الراعي لاتفاقيات هولير – دهوك.
(5 -كون السياسة فن الممكنات لابدَّ من مراعاة خصوصيات كافة المكوّنات المتعايشة مع الشعب الكوردي كذلك مراعاة مصالح دول الجوار.
(6 -الاتفاق كل متكامل (سياسي – اداري – عسكري).
(7 -كون سوريا بلد متعدد المكونات (عرقية – دينية – مذهبية) فالفيدرالية أفضل حل كنظام حكم على غرار الدول الحضارية التي طبقت النظام الفيدرالي (أمريكا – سويسرا – …………….) 
(8 -الاتفاق الكوردي إذا ما توفّرت فيه الأسس والدعامات السابقة سيكون ضمانة للحقوق القومية للشعب الكوردي من جهة وداعم ومساند لسوريا المستقبل من جهة ثانية. 
إذا لم تستند الاتفاقية على الأسس والدعامات الآنفة الذكر فإنها ستذهب أدراج الرياح كسابقاتها هولير – دهوك وتضاع الفرصة التاريخية والجرح الكوردي سيزداد بالقضاء على ما تبقى من الجغرافية الكوردية وانجاح مشروع التغيير الديمغرافي لكوردستان الغربية، والقضاء على الحلم الكوردي والذي سيؤدي بالمشهد السوري عامة الى مآلات أكثر تعقيداً.
Ahmed.hesen.714@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…