1- كيف تحللون سنوات الأزمة العشر من الناحية السياسية للدول المتداخلة في الشأن السوري؟
2- بعد مرور تلك السنوات، هل يمكن القول ان الأزمة وصلت إلى نهايتها، أم ما زال هناك المزيد؟
3- لماذا هذا الكم الهائل من التدخلات للعديد من الدول في الشأن السوري دون غيرها؟
4-هل تؤمنون ان سوريا المستقبل، سوريا اتحادية تعددية ديمقراطية قادمة، أم لا؟ ولماذا؟
الملاذ الآمن للسوريين هو الدولة الاتحادية واضحة المعالم
تحدثت عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بسة عبدي، بالقول: « خُيِّلَ الى الشعب السوري الذي بدأ حراكه الشعبي في بداية هذا العقد انه وصل الى نهاية النفق المظلم الذي يطبق على حياته، ولكن مع استمرارية الأزمة وجد هذا السوري نفسه بين مطرقة حقوقه وسندان الواقع السياسي المرعب لنظام الحكم في دولته الذي استطاع خلال الاربعين سنة السابقة للحراك ان يوظف كامل الطاقات السورية في خدمة بقائه في حكم سورية أطول فترة ممكنة مهما تكون النتيجة، لكن الذي لم يكن في حسبان هذا الشعب المسكين المنهك ان تصل الأمور الى ما وصلت إليه فجأة تحول الشعب السوري الى شعب قاتل، النظام يقتل والمعارضة تقتل، الذي يقف مع النظام يحمل السلاح وبالتالي يقتل، والذي يقف مع المعارضة يحمل السلاح وبالتالي يقتل، باستثناء القسم الأكبر من الشعب الكوردي الذي نأى بنفسه منذ البداية عن الحلول المسلحة، وبالتالي بقيَّ نظيفا من القتل».
وتعتقد عبدي: «ان بداية الازمة كانت عديمة الرؤيا للشعب السوري الذي يرى فقط اعمدة الدخان واصوات القصف وغبار هدم بيوته كل هذا من اجل السلطة، ولكن بعد مرور الوقت بدأت الصورة تتوضح الذي يحمل الطلقة هناك من يدعمه من خارج سورية، تعددت الفصائل المقاتلة، وتعددت اسماء القتلة والغاية واحدة تدمير سورية شعبا وبلدا، اكتشف الشعب اخيرا انه فقط كومبارس رخيص الثمن في اللعبة الدولية التي يديرها الكبار الذين يتصارعون على الثروات وعلى مناطق النفوذ الى مستعمرات مقّنعة، اجل عادت الصورة إلى الوضوح، أنهم يبنون مستعمرة حديثة في هذه الجغرافية، ولكن من المُستعمِر هنا الصراع الحقيقي هل هي دولة بعينها ام يتصارعون على تقسيمها، والمهم من يحصل على حصة الاسد أي الحصة الأكبر من القسمة، واستمرَّ الصراع الى درجة ان يشاهد المواطن السوري الآليات الأجنبية تعترض طريق بعضها على طرق العامة أمام البسطاء وكأنها لعبة الألكترونية.
تضيف عبدي: «لا يوجد أية بوادرة جديدة قد يستشف منها بالاقتراب من وضع حد للصراع رغم مرور الكثير من الوقت، المناورات السياسية مستمرّة، واللعب بمصير الشعب مستمرَّ، ولكن إلى الآن لم يتم الإتفاق على الصيغة النهائية، لذلك لست متفائلة بنهاية قريبة، لأن ما يحدث على الأرض كل طرف دولي سواء أكانت أمريكا أو روسيا لازال يحاول تنفيذ أجنداته منفردا دون الإكتراث بأجندات الدولة الأخرى وكأننا في الشهور الاولى من الأزمة، وهذا يعني برأيي ان نهاية الأزمة لازال أمامها الكثير من الوقت».
تتابع عبدي: «سوريا لم تكن يوما مستقلة بقرارها السياسي، دائما كانت تابعة لمحاور معينة في السياسة الدولية، لأن حُكامها كانوا يدفعون ثمن بقائهم في السلطة بتلك المواقف، والإبقاء على الشعب والدولة السورية مفطوسا، الأزمة السورية لم تكن برأيي منشأةً لتلك التدخلات، وإنما كانت كاشفة للحقيقة التي كانت مغيبة عن الشعب، الصراع الدولي منذ الأزل صراع القوى (العسكرية الجيوسياسية والثروات الطبيعية)، من يمتلك أكبر كمية من تلك المقومات يمتلك مفاتيح القوى، لا ننسى إندلاع حروب عالمية بسبب حوادث صغيرة نسبيا. قد نعتبر سورية صغيرة مقارنة مع مناطق نفوذ تلك الدول إلا أنها ذات أهمية كبيرة لهم في اللعبة السياسية، ولا ننسى أن الأزمة السورية غيرت خارطة القوى العالمية، حيث أعادت روسيا دولة قوية مصارعة بعد أفولها في التسعينيات من القرن الماضي، وكذلك نزلت أمريكا التي كانت أعظم قوة الى مصاف دولة تصارع من أجل البقاء في منطقة معينة من العالم بعد ان كانت الحاكم الأوحد، ونتيجة لذلك انقسمت الدول الى محاور مرة اخرى للحفاظ على علاقاتها التفصيلية مع كل دولة».
تختم عبدي: «سوريا المستقبل لن تكون الدولة الحلم للشعب السوري، ستكون عنوانين المرحلة براقة، ولكن الواقع سيكون مغايرا تماما، لا يمكن ان تحل الأزمة السورية لو لم تكن إتحادية، لأنه لا سورية بسيطة موحدة ستستوعب السورين الجدد، ولا دولة مفككة مقسمة، فالملاذ الآمن الدولة الاتحادية واضحة المعالم».
دولة لا مركزية تعددية ديمقراطية هو البديل المفضل لـ معظم السوريين
تحدث السياسي، اكرم حسين، بالقول: «مع بداية الثورة السورية، وخاصةً إِثْرَ تداعيات الصراعْ المبكّر نحو العنف. برزت المواقف الرسمية للدول، متباينة ومتعارضة، بينَ مُؤيّد للثورة، وبين مناهضٍ لها بشكلٍ علني أو خفي، وفي غُضونِ اكثرَ من تسعِ سنوات، حصلتْ تبدّلاتْ ملموسة في هذهِ المواقف.
وجاءَ تعقيد الوضع السوري كنتيجةٍ طبيعيةٍ لتعدد الاطراف الاقليمية والدولية التي ترتبطُ خلافاتها بقضايا من خارج الارض السورية مثل السيطرة والقطبية والخلاف الامريكي الأوروبي مع روسيّا بسبب احتلالها لشبه جزيرة القرم، ودعم الانفصاليين في شرق اوكرانيا وقضايا النفط والطاقة والسلاح… وبالتالي فان الحل المتوقع لابد ان يأتي كمحصلة لهذه المؤثرات والعلاقات الدولية المتشابكة، في ظل غياب الناظم الوطني الذي يتلمس المصلحة السورية.
إذا أردنا تقييم حصيلةِ المواقفِ الرسميةِ الاقليميةِ والدوليةِ، بشكلٍ عامٍ، سنقف عند استنتاج أساسي، يصعب تجاهله أو القفز عنه، حيثُ لم تستطع هذه الدول، مواكبة حاجات الشعب السوري في سعيه للحرية والخلاص، إذ بقيتْ مواقفُ الاممِ المتحدةِ محدودةً ببعض القرارات مثل بيان جنيف 2012 والقرارين الدوليين 2118 و2254، كما فشلت في اتخاذ قرارات تنص على عقوبات ملزمة بحق النظام الذي أوغل في سفك دماء السوريين، وتدمير مدنهم وبلداتهم، وفي تشريدهم خارج مناطق سُكناهم مثلما إلى خارج سوريا. بسبب تباينات وتعارضات المواقف الدولية واستخدام الفيتو من قبل روسيا والصين تلك التي انحازت الى جانب النظام، ولم تتوقف عند دعمه سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا، بل شاركت عسكريا في القتال ضد الشعب السوري. اقتصر موقف دول اصدقاء الشعب السوري، على الدعم السياسي والإعلامي، وبعض الدعم المادي للاجئين، وإغاثة بعض المناطق التي طالها الدمار، واتّسم موقفها السياسي بالإلتباس بين إسقاط النظام وبين تغييره. اما في الميدان العسكري، فقد كان دعم بعض الدول، لقوى المعارضة المسلحة التي تواجه سلطة الأسد، مبنيا على حسابات خاصة بكل دولة، والأسوأ في كل ذلك اقتصار الدعم المادي والتسليحي على القوى الإسلامية مما ادى الى تعزيز دور القوى الإسلامية كماً ونوعاً وأضحى سمة بارزة في واقع فصائل المعارضة المسلحة التي تواجه النظام. وأصبح المشهد في ميدان الصراع ملتبسا وخطيرا، فقد دفع ذلك الى حرف الثورة من ثورة الحرية والكرامة الى حرب أهلية مركبة, يتمترس فيها الجميع خلف هوياتٍ دون أو فوق وطنية, ما أعطى السلطة المستبدة ذريعة المعركة التي يخوضها ضد السوريين، وقّدم نفسه أمام العالم كجزء من معركة الدول الكبرى ضد “الإرهاب”، وجاء ظهور القاعدة- النصرة- هيئة تحرير الشام، وداعش ليعزز موقعه.
هناك اربع دول فاعلة بالشأن السوري امريكا – روسيا – تركيا – ايران، في حين لا يخرج موقف الأوربيين عن الموقف الامريكي، ويتلخص بشكل اساسي في تلطيف الصراع والمواقف، والاهتمام بالمواضيع ذات الطابع الانساني، ومن ضمنها تقديم المساعدات للاجئين، ودعم منظمات المجتمع المدني، والمساهمة في اعادة الاعمار، وهي امور في غاية الاهمية يحتاجها السوريون.
لنأت على الدور الإيراني في سوريا، فهو الأكثر وضوحاَ، ومنذ آذار 2011، حيث قدمت طهران دعمها للأسد، وأدخلت ميليشياتها الشيعية لتقاتل ضد الشعب السوري. ودفعت المليارات لحليفها، فضلا عن الذخائر والأسلحة. بحيث يمكن القول إن طهران اعتبرت دعمها لنظام الاسد معركتها الاستراتيجية لاستكمال مشروعها التوسعي. وفي هذا المجال تحاول الفوز بدور إقليمي توسعي على حساب شعوب المنطقة، وتكمن مشكلتها في تعارض سياساتها مع امريكا واسرائيل، وجزء منها مع أجندة روسيا التي لها الوزن الأكبر في تقرير السياسات نحو سوريا، حتى هذه اللحظة.
اما الطرف التركي، فله خصوصيته في العلاقة مع قوى الصراع في سوريا. ففي البداية اعلن انحيازه الى الشعب السوري، لكنه وعلى إيقاع السياسات الدولية ولضروراته في العلاقات الإقليمية مع طهران، وجراء تنافسه وتعارضه مع مواقف بعض الدول العربية (دول الخليج بزعامة السعودية)، وعلى خلفية صراعه مع حزب العمال الكردستاني، وموقفه من حزب الاتحاد الديمقراطي، ووحدات حماية الشعب التي تتواجد في شمال وشرق سوريا (المنطقة الكوردية على طول الحدود)، أعاد النظر بمواقفه، وأصبح متقاطعا مع النظام، بطريقة غير مباشرة، حيث تنازل عن مواقفه المتشددة التي اعلنت في بداية الثورة، كما أعاد التموضع والتنسيق مع موسكو.
كانت سوريا عندما تدخّلت روسيا عام 2015 في حالة من الفوضى العارمة؛ حيث تتقاتل على أراضيها الجماعات المسلحة، وبالتالي نظرت موسكو الى الصراع في المنطقة باعتباره أداة لتحقيق الطموحات الذاتية التي تكرّس وضع روسيا كقوة عالمية. وقد اعتبرت موسكو انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من سوريا انتصاراً لها يعزّز رأسمالها السياسي إلى حدٍ يمكنها من التواصل مع القادة الأوروبيّين(فرنسا وألمانيا)، وكذلك مع السياسة الخارجية للاتحاد.
اذاً كان هدف روسيا استعادة وضعها كصانعِ قرارعالميٍ. وقد رأت في هزيمة تنظيم داعش وتزعُّم المبادرة في بناء تسوية سياسية في سوريا، فرصةً لترسيخ وضع روسيا كقوّة عالمية. وكان قتالها إلى جانب الدول الغربية، إضافة إلى علاقات موسكو الخاصة مع النظام السوري وإيران، وقيادة معظم العمليات القتالية على الأرض، كافيا، ان تقدم نفسها كطرفٍ رئيسي في الوضع السوري. بعد ثلاث سنوات من القصف المتواصل، وعلى مدار قِمَمِ سوتشي وأستانا بات واضحاً أن روسيا تسعى إلى تحقيق تسوية سياسية؛ عبر الوصول إلى الأطراف المتنازعة في المنطقة.
ويبقى الموقف الامريكي في سوريا تحت عناوين محاربة الارهاب ومنع التمدد الايراني وتحقيق الاستقرار السياسي في سوريا هو الحاسم كلاعب رئيسي في ظل شراكته مع قوات سوريا الديمقراطية التي تتحكم بحقول النفط وتسيطر على شمال شرق الفرات رغم ان أميركا لم تشأ ومنذ عهد باراك أوباما، أن تطيح بالنظام السوري، أو ان تحمي المدنيين كما تقول، لكن الملف السوري هو ضروري لممارسة الضغوط الأميركية على روسيا، للتخلي عن نظام الأسد وتقليص التواجد الإيراني في سوريا، وتحقيق الانتقال السياسي وفق مبادئ جنيف1 والقرار 2254.
يتابع حسين: «أصل السؤال ما أثارته ثلاثة تصريحات صدرت مؤخرا: اولها تصريح الإسرائيلي إيدي كوهين بأن «خروج الرئيس السوري وللأبد من الحكم بات قريباً، وتحديداً في شهر يوليو (تموز) القادم؛ وأن مهمة الرئيس السوري انتهت وسيتم توكيل شخص آخر مكانه» ثانيها، المقابلة التي نشرتها وكالة ستيب الإخبارية مع كمال اللبواني الذي أكّد صحة هذه التسريبات، كونها صدرت من قوى دولية فعالة ذات صلة بالملف السوري ذكر فيها بأن مستشار الأسد الرئاسي علي مملوك رفض المهمة الرئاسية الموكلة إليه، ما لم يحصل على الدعم الدولي الكافي، لتقليص الوجود الإيراني في سوريا، وثالثها الهجوم الذي شنته وكالة “الأنباء الفيدرالية” الروسية على رأس النظام السوري وحكومته واتهمتها بتعقيد مشكلات سوريا الاقتصادية. ووصفت الأسد بـ ”الضعيف”
ويعتقد حسين: «بان الاطراف الدولية لم تتفق على حتى الآن على حل المسألة السورية التي دخلت حيزاً آخر من التعقيد والتشابك بعد خلافات الاطراف، وتوقف المسار الدولي للحل.
فبدون اطلاق مفاوضات جدية حول كيفية المضي نحو الحل السياسي وفق قرارات الشرعية الدولية لا يمكن انهاء الازمة. وهذا يتطلب انهاء الجانب العسكري من الصراع، وكما تعلم فان هذا الصراع لم ينتهِ بعد. جذور الصراع ما زالت موجودة. هناك الوضع في إدلب وهناك الوضع في شمال شرقي سوريا، وهناك الهجمات الإسرائيلية داخل سوريا، ولا تزال هناك بقايا «داعش». وهناك أيضاً، وضع اقتصادي واجتماعي صعب في سوريا. كل هذه الأمور تضاف إلى التحديات الاخرى مثل هيئة الحكم الانتقالي والدستور والانتخابات».
ويضيف حسين: «يمكن العودة الى اجابة السؤال الاول، فسوريا اصبحت ساحة حرب وتصفية حسابات اقليمية ودولية، والصراع الآن يجري في سوريا وعلى سوريا مباشرة وليس كما كان يجري سابقا عبر وكلاء محليين. بعد العودة الامريكية عن قرار الانسحاب من شمال شرق الفرات والانتشار الروسي في المنطقة شاهدنا تحرشات ومشاحنات ميدانية بين الدوريات كادت ان تؤدي الى حدوث معارك، اضافة الى ان تركيا لها طموح بإحياء الميثاق الملي اما ايران فسوريا اساسية بالنسبة لها في ايصال المساعدات العسكرية الى حزب الله وحماس على حين ان روسيا هي المستفيد الاكبر من التدخل في سوريا».
ويختم حسين: «ساهمت الثورة السورية بعد تطييفها نتيجة التدخلات الاقليمية والدولية وسيطرة الاسلام السياسي في تعميق شروخ الهوية الوطنية نتيجة غياب المقومات الاقتصادية والعسكرية والادارية الواحدة، اضافة الى الإرث الثقيل للاستبداد ولنظام البعث، الذي استفرد بالسلطة واحتكر الثروة وعمل على تكريس الهيمنة والاستبداد، ومنع نشوء المؤسسات الديمقراطية بحيث اصبح مالكاً لكل شيء في الارض السورية، وقد اثبتت الدولة المركزية في سوريا فشلها كدولة متعددة القوميات والاديان يعيش فيها العرب والكورد والمكونات الاخرى، وبالتالي فان الدولة اللامركزية (الاتحادية) هي من تستطيع ان تستوعب حقوق القوميات والإثنيات وتحمي التعدد القومي والثقافي عبر دستور عصري يرسخ التعددية السياسية ويحقق توزيع الموارد والتنمية المتوازنة، ويقطع الطريق على اعادة انتاج الاستبداد، وإلحاق المناطق والقوميات الاخرى بها.
والبديل المفضل لدى معظم السوريين هو دولة لا مركزية تعددية ديمقراطية، وقد يبتدعوا شكلاً اخر لدولتهم، بحيث تكون حقوق الجميع مصانة بالدستور الجديد، هذه الدولة يجب ان تكون قائمة على اسس المواطنة المتساوية بغض النظر عن العرق او الجنس او الدين».
دولة لا مركزية تعددية ديمقراطية أكثر ملائمة للواقع السوري الجديد
تحدث المحامي، معاذ يوسف، بالقول: «عندما تم تحويل الثورة السورية من ثورة تنادي بالحرية والكرامة الى أزمة حقيقية بفعل التدخل الدولي كان ذلك نجاحا باهرا للقوى الدولية والإقليمية المؤثرة. فالحديث عن السياسة الدولية وكيفية تعاطيها مع الشأن السوري يتجلى بوضوح من خلال الاتفاق الدولي على إطالة أمد (الأزمة) وإتاحة الفرصة للدول الاقليمية بالتوغل أكثر في تفاصيل الصراع المسلح السوري، وكذلك تصفية الحسابات على الأرض السورية بنقل المواجهة بين مختلف الأطراف الى المواجهة بين اللاعبين السوريين الذين أجادوا اللعب عن الغير بمنتهى الإخلاص!!».
يتابع يوسف: « ربما تحمل المرحلة المقبلة الكثير من المفاجات ففي التفاصيل الصغيرة قد تختلف الدول الكبيرة, لذلك لن تكون هناك نهاية قريبة للأزمة السورية, ولكن ربما انتهاء مرحلة وبداية أخرى جديدة، وترتيبات قد تُقصي بعض اللاعبين الذين تم اطلاق يدهم في الصراع المسلح. وقد نشهد تغييب رموز وقوى نشطة سوريا لإنتهاء الدور المنوط بها وتفعيل قوى أخرى ستعمل على إدارة مناطق النفوذ وفق أجندات القوى الكبرى ووفقا لمصالحها فقط !!؟».
يعتقد يوسف: «ان الجواب عن السؤال الثاني يحتاج للكثير والكثير، فيقول: «نستطيع أن نقول ان استعداد جميع الأطراف السورية لقبول التدخل الدولي كانت سببا رئيسيا لتشجيع تلك القوى الدولية على التدخل بدون تردد فالسوريون يتحملون أولا نتيجة هذا التدخل. أما السبب الآخر فانه لم تكن هناك من رغبة دولية سواء من الدول العظمى أو الإقليمية في اتاحة الفرصة للشعب السوري في تقرير مصيره، وبالتالي عدم إعطاء المجال لأي تغيير قد يفضي الى اتاحة الفرصة للسوريين في التعبير عن مطالبهم في سوريا ديمقراطية تعددية، وهذا كان يشكل هاجسا لكل الأطراف ابتداء من إسرائيل وتركيا وايران وروسيا واميركا وحتى بعض الدول العربية مع الأسف، ولكل مبتغاه وأهدافه لذلك حصل ذلك التدخل الهائل الذي عبر عن تلك المخاوف».
يختم يوسف: «اذا كنا واقعيين فان سوريا كدولة مركزية لن تعود الى ما قبل عام 2011، سيما وان بعض من أراضيها مازالت خارج سيطرة المركز، وأصبحت تدار بموجب تفاهمات دولية واتفاقات جماعية وثنائية، واذا ما تم استئناف المسار السياسي والدستوري فمن العقل والمنطق أن يتفق السوريون على صيغة لشكل دولة لا مركزية (اتحادية) ستكون افضل بكثير وملائمة للواقع السوري الجديد، وغير ذلك سيكون بالضد من وحدة سوريا ارضا وشعبا، وستعزز من عقلية الاستفراد بالحكم».
ما يشبه الخاتمة:
ان ما حصل ويحصل في السنوات العشر من الأزمة السوريا دليل قطعي على مدى أهمية موقع سوريا الجيوسياسي لدى الدول الكبرى من أجل تعزيز نفوذها في العالم، والوضع السوري لم يعد يحتمل أكثر من ذلك، ومن خلالها يتطلب من جميع السوريين العمل على تحديد مصير وطنهم من خلال ضمان العيش المشترك، ويتم ذلك من خلال دولة لا مركزية تعددية ديمقراطية يضمن حقوق جميع المكونات.