انا وأحد محاميي أوجلان

هوشنك اوسي
بدأت جريدة راديكال التركية تترجم مقالاتي نقلا عن صحيفة الحياة وتعيد نشرها منذ ٢٠٠٧. لم أكن أعلم بذلك. في ما بعد، وأثناء تواجدي في تركيا من صيف ٢٠٠٩ ولغاية صيف ٢٠١٠ عرفت ذلك.
زرت مبنى جريدة راديكال في اسطنبول كي أشكر الجريدة وللتعارف ايضا. استقبلتني امام المبنى مسؤولة صفحة الشؤون الخارجية وتفأجت أنني شاب. كان تظن أنني رجل مسن، أقله عمري ٥٠ سنة.
اصطحبتني الى مكتب مسؤولة صفحة الرأي. شربنا القهوة سوى. كان معي شاب من كوباني اسمه برزان عيسو للترجمة. أقمت عنده وعند صديق آخر اسمه خالد خلو (Halit karahan ) من عشيرة سمعيلي، يسكن قرية مشقوق التابعة الدرباسية في تركيا (şenyort).
صحيفة راديكال بدأت تطلب مني مقالات خاصة للجريدة ستترجمها وتنشرها، وليس مقالات منقولة عن صحيفة الحياة او المستقبل اللبنانية.
طبعا وافقت وسررت بذلك. وقتذاك، كان اردوغان طرح مشروع الانفتاح الكردي.
نشرت راديكال مقالي الأول ولاقى نسبة عالية من القراءة والتعليقات. المقال كان ناقدا لاردوغان والنخب التركية بشكل عام.
عن طريق مدير المعهد الكردي في اسطنبول سامي تان، اتصل بي عرفان دوندار؛ أحد أبرز محامي أوجلان، ومكتب الدفاع عن اوجلان كان مسجل باسم دوندار.
التقينا في احد مقاهي شارع الاستقلال. دار حديث طويل بيننا. أبدى إعجابه الشديد بمقالي المنشور في راديكال وكان يحمل معه نسخة من الجريدة. قال المحامي عرفان انهم سيأخذون نسخة من الجريدة والمقال الى سجن إيمرالي، الى اوجلان. سررت بذلك وقلت له حرفيا: وانقل تحياتي لاوجلان وأخبره انك التقيت بكاتب المقال.
بالفعل، بعض مضي اسبوعين او اكثر، صدر تصريح عن اوجلان عبر محاميه يستشهد فيه بمقالي في راديكال ويشيد به.
وقتها كنت في تركيا. اتصل بي عرفان دوندار مرة أخرى، وطلب مني المساعدة وترشيح بعض الكتاب العرب للكتابة في مجلة أكاديمية يحضرون لها. وصار يتحدث كثيرا عن الاسلوب الأكاديمي في الكتابة. وفجأة خطر في باله ان يسألني عن تحصيلي العلمي وقال: من أين حصلت على إجازتك في الصحافة؟ اخبرته انني لا احمل اجازة في الصحافة. استغرب وقال: طيب اية إجازة جامعية تحمل؟ اجبته: لا احمل اية إجازة جامعية.
اندهش وانكفأ وتراجع وقال: لا. شكرا. نريد ان يكون الذي يكتب لمجلتنا شخص أكاديمي.
ضحكت واستغربت وقلت له: هذه المرة الثانية التي تجالس فيها شخص غير أكاديمي وغير مجاز جامعي. وانت مدحت مقاله. وبل السيد اوجلان مدح مقاله. طيب، انت شخص أكاديمي ومحامي معروف وانا شخص لا احمل اجازة جامعية، أدعوك لكتابة مقال وانا سأكتب مقال. وارسل انت مقالك الى راديكال وانا ارسل مقالي، وسنرى لمن منا ستنشر الجريدة، يا حضرة الأكاديمي؟
نهضت من الكرسي وغادرت المقهى.
عن صفحة الكاتب:

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم ويوم على سقوط الأسد، لكن الواقع الذي يعيشه السوريون اليوم يتجاوز بكثير الساعات التي مضت. هذه الأشهر الماضية التي تنوف عن الثلاثة كانت مليئة بالتحولات السياسية غير المنتظرة، إلا أن الواقع الأمني والمعيشي للمواطن السوري لم يتحسن بل ازداد تدهورًا. إذ من المفترض أن يكون تأمين الحياة للمواطن السوري هو أولى الأولويات بعد السقوط،…

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…