إبراهيم اليوسف
أنا وصديقي إبراهيم
مقارنة “فاشلة”
بينما كنت أبدد وقتي، في العطلة الكورونية الدولية: هواتف، وثرثرات، ومتابعة بعض العمل المؤسسي، وقراءة ما لم أقرأه بعد من كتب متراكمة على الطاولة، وسهرات ممتدة من “البياض إلى البياض” ونوم جد قليل، لأقول في آخر كل ليلة: غداً سأستدرك تضييع وقتي، وأبدأ بمشروعي الفلاني، بعد أن غدت مشاريعي “المنخعة” تحتاج إلى ورش و ورش:
روايات لم تكتمل
مجموعات قصصية أو شعرية عرجاء
كتب ومسرحيات قديمة
بالرغم من أن بعضهم يراني: النشيط، وما أنا هكذا، بل إنني “إنسان الوقت الضائع” كما قلت عني في مخطوط سردي بين يدي لم أنشره، في هذا الوقت، وحيث لم يكتمل على إعلان جلالة الإمبراطور كورونا: قطباً دولياً أوحد، إلا مجرد أسابيع بضعة، فقد فاجأنا الصديق إبراهيم محمود بإصدار كتاب”موسوعي” هو في حقيقته: ثلاثة كتب في كتاب، إن تعاملنا معه، من جهة “حجمه” و”عوالمه المحيطية” إلا أنه قارب موضوعات جد ساخنة، لايزال طرح بعض أطرافها -عالمياً- في مراحل الحبو الأول..؟
توقعت أن الرجل، قال كلمته في – كوفيد19″ وسيعود إلى عوالم مشاريعه الأخرى، بعد أن نشر-منذ شهرين- حتى حوالي سبعين كتاباً إلكترونيا – أكثره مما لم نقرأه- عبر مؤسسة “أمازون”، بل سيشق طريق النشر خلال الأسابيع المقبلة نحو ما بعد المئة كتاب في ما لو توافرت لديه نسخ الوورد من كتبه الورقية، ليسألني عن أحد كتبي فقلت:
ثمة كتاب ونصف أنجزته
ثم يقول لي:
ثمة سرٌّ أبوح لك به، وهو أني بعد أيام قليلة سأعلن عن إصدار ستة كتب أخرى عن كورونا” وهي غير كتابه- المكتبة ” كورونا- كورنر ” المعجزة.
لعلَّ بعضهم يقول: لماذا، هكذا “إطراء” عن إبراهيم محمود؟، ومن حقهم ذلك- مع أني أتناول بعض ما لديه- في ظل ثقافة- المشيخات- التي باتت تهيمن علينا” والمشيخة هنا عشائرية أو دينية أو سياسية”، إلا إن إبراهيم محمود لم ينل حقه، من قبل أحد منا، بمن فيهم أنا، إذ هو- وليعذرني من ترتعد أوصال بعضنا بسبب ذكر اسمه- وقد غدا ظاهرة جدّ مهمة على مستوى أجزاء كردستان، وعلى الصعيد العربي، وأتذكر أنني عندما عملت في القسم الثقافي في جريدة الخليج فإن زملاء صحفيين: مصريين- فلسطينيين- لبنانيين- كانوا يحتفون بي في إحدى الاستراحات “الكيفية” خارج مكاتبنا، وسألني أحدهم:
من أين أنت؟
فقلت له:
من قامشلي……….
فرد علي أكثر من واحد:
آه، من بلد إبراهيم محمود
وكان هناك من يعرف من بينهم سليم بركات ويعطيه مكانته المرموقة، كاسم عملاق، وسأنقل ما دار اليوم في كروب ثقافي لنا “قال فيه د. أمين سيدو مقارناً بين اسمي بركات ومحمود:
إبراهيم محمود: من التراث إلى الحداثة
ويركات : الحداثة أولاً ومن ثم التراث…
ولهذا الكلام امتداداته التي يمكن -لأستاذنا د. سيدو شرحه يوماً ما
إبراهيم محمود، ظاهرة لا أتصور أن لها مثيلاً على الصعيد العالمي، ومن بين ذلك إنجاز كتاب مهم في أسبوع، يعمل عليه على مدار الأربع والعشرين ساعة” سيقول بعضهم:
للكتاب السريع عيوبه، وليست كل كتب إبراهيم بسوية واحدة
أوافقه، ولكن ليس بين ما نقرأ من كتب- للكبار- إلا القليل في مستوى الكتب الأكثر حفراً وبروزاً عند إبراهيم، في مجالاته المتعددة، التي تتقاطع حتى مع “التشكيل”!
كثيراً، ما أفكر بتكريم إبراهيم محمود، ولكن: أية مؤسسة، بمستوى تكريمه، بما يليق بحفره
إبراهيم محمود، سبق واختلفت معه بعمق، ولكنه كان- نبيلاً في خلافه معي، كما أنني لست مع بعض ما كتبه في مواجهة أصدقاء وكتاب، إلا أنه اكثرنا جرأة، خارج ذلك، ولست مع سرعة غضبه، ولكن بعض “الملونين” ناقلي” أحاديث التنانير” وسارقي جهود العمل المؤسسي للآخرين، يستحقون رفع الغطاء عما نعرفه لديهم، ولما نزل ساكتين، وأكرر: لست مع تناول ما هو شخصي لدى أحد، من قبل أحد منا..!
يقيناً، وأنا أهنىء إبراهيم محمود، هنا، فلأنه يفرض نفسه عليَّ مرتين، مرة: كمفكر وباحث وأديب ومبدع عملاق، من عداد قلة من المعاصرين على مستوى العالم، كما سليم بركات، ومرة: لأنه صديق مخلص لي، بيننا تواصل يومي، نتباحث خلاله أمور الكتابة والحياة، بعيداً عن عوالم ” نمنمات أو ثأريات بعضهم”.
وما دمت في إطار الاحتفاء بإبراهيم محمود، هنا، فيقيناً أنني- عندما كانت لدي طاقة- الشباب- قمت بذلك – أي عدم البخل بالاحتفاءات -مع الأسماء المبتدئة “حينها” والمتمكنة” في آن، وأنني إن كنت أختلف مع بعضهم، وأواجههم بردود فعل، آنية، بعد تكرار تعرضي لطعونهم، فإنه سرعان ما أندم عليها، فإن ذلك لم يكن إلا بعد تكرار حملات حروب من واجهتهم، وأمد لهم اليد، وأفتح القلب، وأورد هذا الكلام لأقول: إن أياً ممن اختلفت معهم، أحتفي- كذلك- بمنجزهم، وآمل أن يكونوا من عداد كبار كتاب العالم، أما أنا فراض عما أفعله وهو” محاولة خلق حراك ثقافي وعقل مؤسسي مدني” والعناية بالمواهب، وإن كنا قد وصلنا- الآن- إلى مرحلة عدم الحاجة إلى مثل جهودي، بعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وتكاثر المؤسسات، عمودياً وافقياً، ليكون أوائل العاملين، وفق أخلاقيات محددة، منسيين، وإن كانت مؤسسات ك” منظمة حقوق الإنسان في سوريا-ماف، و” الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد” المؤسستين” التشاركيتين” نتيجة جهود الغيارى من زملاء الأسرة الواحدة المتحابة، من عداد الأرقام التي ظلت الأكثر فاعلية، مع قريناتها، على مستوى واسع!
إبراهيم محمود -إلى جانب بعض أصدقائي- من أكثر الذين ألحوا علي أن أتفرغ للتأليف، في الوقت الذي كنت أرى في تدقيق مخطوط صديق، أو تصحيح قصيدة موهوب أو قصة موهوبة، وإقامة أمسية لهما – في مواجهة منع الأنشطة- أو كتابة بيان أو مقال عن مظلوم، أو إدارة ندوة سياسية ما، هو الأكثر أهمية، لأنه يقرِّبني من الناس، يجعلني أعيش وسطهم، وفق مقتضيات طبيعتي، وتربيتي، ويجعلني أخدم مشروعي الذي عملت وما زلت أعمل ضمنه.
الآن، أرى، لاسيما في حضرة وقتي المضيع ومخطوطاتي الضائعة، أنه كان علي أن أكون أكثر تنظيماً لوقتي، وأن أترك هامشاً منه لأسرتي وحب الأنثى التي لما نزل نخترق حواجز الزمن القذر، ونصنع جنتنا التي تعوض عن أية متعة أخرى، وذلك عبر الاشتغال على مشروعي الثقافي -أكثر- لأن الإبداع هو شأن خاص، قبل أن يغدو عاماً، بيد أنني ذهبت في الاتجاه الآخر: من العام إلى الخاص، وهكذا، فطوبى لإبراهيم، وأمثاله، من المشتغلين على ما هو خاص، صاروا يوسعون دائرة عموميتهم!
*في المتن وليس هامشاً:
ثمة ما يجب قوله:
في الوقت الذي لا وعاء إعلامياً- مدفوع الأجر- لكتابات إبراهيم محمود إلا – ولاتي مه- الشهم الذي سأتناوله لاحقاً، وإن كان هناك في المقابل كثيرون من عديمي الموهبة يديرون مؤسسات” دسمة” للإعلام والثقافة عبر بهلوانيات شخصية، وتقاسم أرزاق، ومافيات، لاسيما في ما يخص جانب و مواقف المؤسسات السورية من أمثاله الذين لا يبيعون حبرهم- ولي مقال غير منشور في ذلك- نجده يكتفي بنشر خبر إصدار ستة كتب له في- هذا الموقع- بينما نملأ الدنيا بنشر مجرد كتاب – عابر- لنا يتم ملء الصحافة والإعلام وفضاءات المنابر به!