ردنا على سليمان وصاحبه الـ”دوني”: قبل أن أدخل في صلب الموضوع، أود أن يعرف القارئ الكريم. قبل أن يتوفى دوني جورج بفترة وجيزة كتب تعليقاً في أسفل إحدى مقالاتي، عارض فيه الكلام الذي أنا قلته في ذلك المقال، فعليه دعوته لمناظرة كتابية عن ذلك الموضوع، إلا أنه لم يرد علي حتى سمعت فيما بعد أنه توفى بسكتة قلبية على ما أظن في إحدى المطارات الأمريكية أو الكندية. وفيما يتعلق بسرقة الآثار في المتحف العراقي، اتهم بها دوني جورج نفسه. لقد شاهدت تحقيقاً عن هذه السرقة الدنيئة في قناة الـ “بي بي سي” وبين التحقيق الصحفي للعالم أجمع، وعرض الخزانات (الدوليب) التي كانت فيها الآثار المعروضة لم تكسر زجاجها؟؟ وعلق الصحفي المحقق قائلاً: يظهر أن الذي قام بسرقة الآثار لديه مفاتيح الخزانات، فلذا لم يقم بكسرها؟؟. عزيزي القارئ،يظهر أن السارق لم يكن صاحب كار؟ فلذا لم يقم بكسر زجاج الخزانات التي كانت تحوي الآثار، حتى يقال أن السارق ليس من داخل المتحف أو دائرة الآثار؟؟. عزيزي المتابع، في الأيام التي كان هذا الـ”دوني” يترأس مديرية الآثار أخرج منظمة اليونسكو مدينة بابل الأثرية من قائمة الآثار العالمية ووضعتها في قائمة المدن السياحية!، لأن صدام حسين قام ببناء جدران لبابل ووضع اسمه على كل آجر (طابوق) ولم يعترض دوني جورج على هذه الجريمة التاريخية بصفته مديراً عاماً للآثار والمتاحف العراقية، فلذا اعترضت اليونسكو على هذا الاعتداء الغاشم، كما أسلفت حدث هذا إبان ترؤس دوني جورج مديرية الآثار والمتاحف العراقية؟؟!!. لاحظ الغباء المركب عند دوني جورج، يريد منا أن النظام العراقي العنصري يعترف بالآثار الكوردية؟؟!!. دعني عزيزي القارئ، أن أسرد لك حادثة واحدة عن ما قام بها النظام السياسي العنصري في العراق ضد الشعب الكوردي الجريح. في لقاء تلفزيوني مع الدكتور حميد عبد الله في برنامجه شهادات للتاريخ قال الدكتور (فؤاد معصوم): إبان المفاوضات بين الاتحاد الوطني الكوردستاني والنظام العراقي حدث في مرة من المرات العديدة التي اجتمعنا فيها مع علي حسن المجيد المعروف بعلي كيماوي، ودار بين وفدينا الحديث عن سياسة التعريب القائمة في مدينة كركوك، وثبت هذا الكلام في محضر الجلسات. إن علي قال: سنسمح لكم بإعادة الأسماء الكوردية إلى أحياء كركوك. هنا انتهى الاجتماع على أمل أن يلتقوا غداً، وأخذ علي حسن المجيد محضر الاجتماع إلى صدام حسين، وحين رأى صدام أنهم وضعوا على الورق بأن النظام العراقي يمنع التسميات الكوردية في كركوك جن جنونه وقال كيف تضعوا مثل هذا الكلام على الورق، اذهبوا وهاتوا المحضر الذي عند الكورد حتى نشطب هذه الفقرة منه. قال دكتور فؤاد: جاء أحدهم وطلب المحضر. لكن دكتور فؤاد بحنكته السياسية عرف السبب وقال للشخص الذي طلب المحضر: لقد بعثناه إلى كوردستان كي يطلع عليه مام جلال الخ. هذا هو حال الكورد مع هذا النظام العروبي القائم بدءاً من فيصل الأول مروراً بكل الحكومات النتنة وانتهاء بسلطة الأشياع الآن، لا يريدوا أن يعترفوا حتى بسياستهم العنصرية تجاه الكورد في المدن المستعربة. الأستاذ سليمان يريد من النظام العراقي أن يدون الآثار الكوردية!!. يا سيد، لقد حدث معي شخصياً في عام 1980حين ألقي القبض من قبل السلطات الأمنية العراقية ليس لشيء فقط لأني كوردي، لقد حققوا معي في مديرية الأمن العامة سحبوا مني كل وثائقي العراقية، الهوية الشخصية، ودفتر الخدمة العسكرية، والجنسية العراقية الخ، ووقعوني بالقوة على كتاب رسمي مدون فيه:” قبض عليه لكونه إيرانيا” وقعت أنا ونصف مليون كوردي آخر رغماً عنا على هذه الوثيقة. عن ماذا تتحدث يا سليمان؟ يظهر أنك لا تعرف ماذا كان يجري في كل من غرب وجنوب كوردستان (سوريا و العراق) للشعب الكوردي الجريح، لا زالت هذه السياسة العنصرية جارية على قدم وساق في المناطق التي تخضع لحكومة بغداد ودمشق. على أية حال. طيب يا سليمان، أن أشهر آثار في العراق هي آثار المدائن (طاق كسرى) عمرها حدود 2000 سنة رسمياً أعطيت هوية غير كوردية، لكن أنا قلت، والآن أقول أيضاً، إنها آثار كوردية، إذا ترفض كلامي في هذا المضمار تفضل ناظرني عليه، حتى أثبت لك ولمن يحمل افكارك… من خلال المصادر الفارسية نفسها أنها آثار كوردية، والساسانيون من الكورد وليسوا فرسا. إنه يزعم: لا توجد وثائق تذكر الأكراد في تاريخ بلاد ما بين النهرين. يا ترى ماذا تسمي ذكر اسم كوردا في ألواح سومر، ماذا تقول عن كلام عالم مختص بالسومريات وهو (طه باقر) الذي يقول في كتابه الشهير (ملحمة كلگاميش) ص (141) طبع وزارة الأعلام العراقية، سنة (1975) قال ما يلي:” اسم الجبل الذي استقرت عليه سفينة نوح، بحسب رواية “بيروسوس” الذي هو (برعوشا، كاتب بابلي،عاش في القرن الثالث ق.م ) باسم جبل الـ “كورديين” أي جبل الأكراد” انتهى الاقتباس. دليل آخر على قدم الكورد في المنطقة. ذكر باحث الآثار الفرنسي، (جان ماري دوران) الذي نشر في باريس، سنة (1997)، ترجمة اللوحات الأثرية السومرية، التي تتعلق بالممالك التي شهدتها (كوردستان) في (الألف الثاني) قبل الميلاد، ويشاهد في هذه الألواح،اسم إمارة (كوردا)، التي كانت في جبل (شنگال- سنجار)، و كوردستان الملحقة بالكيان السوري قسراً، (جان ماري دوران – وثائق مراسلات قصر ماري – المجلد الأول 645 صفحة، مطبعة سيرف باريس، 1997 والمجلد الثاني 688 صفحة عن إمارة (كوردا)، انظر المجلد الأول الصفحات :60، 393، 414، 415، 416، 423، 427، 433، 503، 515، 517، 604، 605، 617، 622 ، باللغة الفرنسية. من الذين ذكروا اسم الكورد في (الموصل) قبل الميلاد،القائد اليوناني (كزينفون)، في كتابه ( رحلة العشرة آلاف مقاتل) الذي مر (بالموصل) أثناء رجوعه من (بابل) إلى (اليونان)، في منتصف القرن الرابع أو الخامس قبل الميلاد، فقد ذكرها هكذا: “موسيلا” وذكر وجود الكورد (كردوخيين) في هذه المنطقة، وصعوبة اجتيازه لمناطقهم، بسبب محاربتهم له، وتكبيد جيشه العديد من الجرحى والقتلى، لكن (كزينفون) لم يذكر في كتابه، وجوداً للعرب لا في ( العراق) ولا في (الموصل)، ولم يذكر وجوداً لآشور والآشوريين أيضاً، الذين يقول عنهم (التوراة) أنهم انتهوا من الوجود إلى الأبد في عام 612 ق.م. والتسمية التي ذكرها (كزينفون) (موسيلا)، هي التسمية الكوردية الصحيحة، لا يزال الكوردي البهديناني الذي موجود إلى الآن في ذات المنطقة يقول: (موسيل –MUSIL). وفي العهد الإسلامي، ذكر العديد من المؤرخين المسلمين الكورد إبان الغزوات الإسلامية، ومن هؤلاء (البلاذري) في فصل كتابه الشهير (فتوح البلدان) (فتح) (الموصل) واستيطان العرب فيها يقول: ولى (عمر بن الخطاب) (عتبة بن فرقد السلمي) الموصل سنة عشرين، فقاتله أهل (نينوى)،فأخذ حصنها وهو الشرقي عنوةً، وعبر (دجلة) فصالحه أهل الحصن الآخر على الجزية. ثم فتح (المرج) وقراه، وأرض (باهذرة)، و(باعذرى)، و(الحنانة)، و(المعلة) ،و(دامير)، وجميع معاقل (الأكراد). قليلاً من الإنصاف يا نصارى. صدقني لو تريد أأتي لك أضعاف ما نشرت الآن من مصادر غير كوردية تذكر الكورد وكوردستان في المنطقة قبل الجميع، أؤكد لك قبل الجميع. هل ذكر مؤرخو العرب في زمن (الفتوحات) الإسلامية، أعني في صدر الإسلام اسم آشور وآشوريين مثلما ذكروا اسم الكورد؟؟ إن وجد عندكم دلنا عليه. ألم تفكر للحظة يا سليمان، لماذا لم يشر لا الإنجيل ولا بعده القرآن لاسم آشور وآشوريين؟؟ بينما ورد اسم آشور في التوراة قبل عام 612 ق.م.؟؟. بكل بساطة لأنهم انقرضوا في عهد الإنجيل والقرآن لذا لم يأتي ذكرهم في هذين الكتابين المهمين؟.
ردنا على ما جاء أعلاه: إن سليمان نسب إلى مدير دائرة الآثار في محافظة دهوك بأن الآثار المكتشفة تعود إلى 7000 سنة. هنا نطلب من سليمان إبراز وثيقة، لأن لا تاريخ من دون وثيقة، هل يستطيع أن يأتي لنا بوثيقة تؤكد وجود الآشوريون في هذه المنطقة قبل 7000 سنة؟؟ إذا توجد لديه لا يبخل علينا بها. دعني عزيزي القارئ أن أضع أمام سليمان نصاً من مصدر عربي ألفه مجموعة من كتاب وعلماء النصارى إلا وهو المنجد العربي طبع بيروت (المطبعة الكاثوليكية) الطبعة (الحادية والعشرون) سنة (1973) يقول في صفحة (49) ما يلي: بلاد آشور، بلاد قديمة في شمالي بين النهرين استوطنها منذ الألف الثاني قبل الميلاد شعب سامي وانشأ فيها دولة ازدهرت في القرن (14) قبل الميلاد. المنجد حدد استيطان الآشوريين في المنطقة بـ4000 سنة لا غير. ثم جاء في نفس المصدر صفحة (31) ذكراً لمدينة (أربيل) بهذه الصيغة: إربل القديمة ورد ذكرها في الكتابات المسمارية الألف الثالث قبل الميلاد عرفت في العهد الآشوري باسم (( اربايلو)). لاحظ يا أستاذ، أن اسم مدينة “إربل” مذكور في الألواح السومرية (1000) سنة قبل مجيء الآشوريين إلى المنطقة واستيطانهم فيها؟. إن هناك مصدراً مهماً وموثقاً يقول أن اسما كهذا (أربيلوم) وجد (2000) سنة قبل الاستيطان الآشوري في سهل (نينوى) أي في زمن السومريين. هذا ما قاله لنا الدكتور (زهدي الداوودي) في مقال ثري بالمعلومات المهمة عن هذا الموضوع، قائلاً:هناك نص سومري منقوش على لوحين سبق لإرنانا الوزير الأكبر للملك السومري سوشين (2037-2029)ق.م.أن أمر بوضعهما تحت مفصلة (قاعدة) الباب العائد لمعبد جديد تم بنائه في جرسو حالياً(تيلو) في جنوب العراق. وبعد أن يذكر إرنانا سلسلة من ألقابه ومناصبه، يذكر بأنه محافظ عسكري لأربيلوم(أربيل). ويضيف الدكتور زهدي: من الجدير بالذكر أن هذين اللوحين المتواجدين في متحف اللوفر في باريس، قد تم تنقيب عنهما من قبل بعثة فرنسية في تيللو في جنوب العراق. ويضيف: لقد ساعدني في العثور على نسخة النص السومري وترجمته إلى اللغة الألمانية كل من ( أ .د. مانفريد ميللر) و (أ .د. أولنسر). انتهى الاقتباس. إن هذين اللوحين يؤكدان أن اسم أربيلوم ليس اسم آشوري، وهذا ما أشار له المنجد حيث جاء فيه هكذا عرفت في العصر الآشوري بهذا الاسم اربايلو ولم يقل أن الآشوريين هم من سموا هذه المدينة بهذا الاسم؟، وجاء كلام الدكتور زهدي، المترجم من نص اللوح السومري ليضع نهاية لهذا الإدعاء الباطل، وبعد قراءتنا لهذين المصدرين أعلاه يتضح لنا أن اسم إربل كما جاء في صدر الإسلام هو مختصر (Brief) لاسم أربيلوم وهذه هي الطريقة الآرية ومنها الكوردية، حيث تختصر الأسماء وهي طريقة متبعة إلى اليوم عند الشعب الكوردي. ثم جاء الآشوريون بعد عشرات القرون احتلوها وحوروا اسمها من (أربيلوم) إلى (إربايلو) ليناسب نطقهم. وفي نهاية الجزئية أعلاه يشكك بتاريخ الشعب الكوردي. لقد نشرنا له في سياق المقال أن علامة (طه باقر) نقلاً عن كاتب بابلي اسمه برعوشا عاش في القرن الثالث قبل الميلاد ذكر جبلاً في كوردستان باسم الكورد وهذا الجبل هو الجبل الذي استوت عليه سفينة نوح. لقد أكد هذه الواقع مع اسم الكورد بعض الكتب الدينية الأخرى. كما أسلفت ذكر الكورد مع النبي إبراهيم الخ. دعني أسرد لك شيئاً عن الأسماء الكوردية. من عادة الكورد يكررون الأسماء على مدنهم وجبالهم ومناطقهم إذا تشابهت في شيء ما مع الآخر، مثال اسم بين النهرين – باليوناني ميزوبوتاميا- باللغة الكوردية يسمى “مەيان دوو ئاو” لقد كرر الكورد هذا الاسم في شرق كوردستان (إيران) هناك مدينة تقع بين نهري “زرينە رود” أي: نهر زرينه و “سيمينه رود” أي: نهر سيمينه، فلذا سميت المدينة بـ”مەیان دوو ئاو= Meyan du aw” أي: بين نهرين.
“الكذب لا يخفي الحقيقة، إنما يؤجل انكشافها” (ألدوس هكسلي)
03 04 2020 يتبع