وليد حاج عبدالقادر / دبي
قد يكون العنوان وحده كاف فيختزل تعاريف ومصطلحات عديدة ومختلفة تأطرت في ذات المعنى ، ولعل وقتنا الحالي وبقلقه المهيمن على مدار كرتنا الارضية وبشريتها جمعاء نتيجة لهجمة فايروس كورونا الشرس وما فرضته من ظاهرة مجتمعية جديدة بالضد مما كانت قد تشكلت عليه وفرضت أسسها بقوانينها التي تأطرت وتقوننت عبر آلاف السنين ، وها هي الحصانة المجتمعية للبشرية ترتد الى عهودها البدئية والحكومات تطبق مبدأ التباعد الإجتماعي على مجتمعاتها كخط دفاعي والهدف الرئيس منه وكعنوان بارز هو الحماية وايضا لذات المجتمع ، والآن قد يتساءل كثيرون عن الدافع لما ورد اعلاه ؟ خاصة ان ما تطبقه حكومات العالم في مواجهة هذا الوباء تثبت نجاعتها إذن !
والحالة هذه هناك قاسم مشترك ومفصلي كعنوان او لربما كمنطلق تم استثماره مسبقا وأصبحت غاية مثلى للأحزاب الراديكالة كما سلاحا فتاكا نخرت أولا في جسد الاحزاب ذاتها من جهة وسعى بكل قوته في ايجاد سبل للتباعد من جهة ثانية ، وعليه تم بناء خنادق محصنة ببيتون مسلح صرفت معها المزيد من الجهد وفائض الجماهيرية في الشارع حيث يصب جهود جميع محازبي ومؤيدي ذلك التوجه لترسيخ مفاهيمهم كيقينية مطلقة ، وبذرائعية وتبرير وكممارسة شبيهة لأساليب مجموعات النقل عن أو من – أي أحزاب اللاهوت والأديان – فتكون والحالة هذه إما كافر ! أو ان تنخرط مع القطيع وتردد معهم كل هتافاتهم ببلاهة . وعليه ! وفي عودة صريحة الى موضوعة الذريعة والتبرير وبعيدا عن سياسة الخلط المتعمد ! أو ليس مفاجئا وكمثال صارخ ما آلت إليه القضية السورية وسط هذا المخاض البشري المؤلم وكورونا بدماره والسوريون هم آخر من يفكر بالبعد الكارثي له فيما تستنفر غالبية المنظمات الإنسانية ومعها دول تغلب على حكوماتها الاهتمام والتركيز على الجوانب الإنسانية بأرقى معانيها ، فيما يلاحظ بأن العديد من الدول المنخرطة في الشأن السوري باتت اهدافهم مكشوفة ومؤطرة في سوريا المفيدة لهم ! تلك الاهداف التي بنت عليها عدة دول سياسات كرؤى استراتيجية لها كانت قد بنت قاعدتها على إعادة فكفكة سوريا بشريا وبنائها مجددا منطلقة من محاولات التغيير الديموغرافي التي بدأت من جبال القلمون والزبداني وريف كما غوطتي دمشق وتمددت لتستهدف بعدا مذهبيا متبادلا كما حدث في الفوعة وكفريا ولتوضح ببساطة وبإنكشاف صريح على أن الغاية كانت – ولا تزال رغم الضربات الموجعة – هي الوصول إلى النقطة الرئيس ، أي إلى لحظة الإستيلاء الكامل على الكعكة أو تقطيعها ، وهنا لن نجد صعوبة في تقديم الأدلة التي ستعزز وجهة النظر هذه حيث أن كل الأطراف المنخرطة بالعمل العسكري نفذت أدوارها وبدقة متناهية ، والحالة هذه أوجدت تلك التسويات على الأرض ، وأصبح هناك لاعبون أساسيون و كذلك رئيسيون وكومبارس بجهوزية عالية وتحت الطلب ، وطبيعي هنا ألا يستغرب احد من النتائج التي أثبتته الأيام بخصوص كل الإنسياحات البشرية التي جرت نتيجة الأعمال الحربية العنيفة أو في إيجاد ظروف تدفع إلى ترك المكان والتي انكشفت غالبيتها على انها كلها مبرمجة كقرص مضغوط ومتحكم بها من قبل غرفة عمليات قوية ، والحيثيات التي عايشناها مؤخرا وكمثال أكدت مدى التورط التركي والإيراني في هذا المجال سواءا لأطماع توسعية ذاتية او ربما كإستدراج ممنهج تم التخطيط له بعناية كما أنموذج حزب الله والميليشيات الإيرانية وفسحة التمدد الواضحة لها ولتستخدم كورقة فيما بعد في إعادة أڜكلة مقاطع رئيسة من الخارطة السورية ، وطبيعي أن إردوغان وأركان نظامه وحزبه الذي يعتاش على بروباغندا شعبوية ما فاتته منذ أمد بعيد – كدولة تركية – في افتعال قضيايا أمنية حدودية مع سوريا وعراق سايكس بيكو – هذا المخططات التي فعلت كورديا حيث وفرنا أرضية خصبة ديموغرافيا لها ولكن ! هل سيسمح لتركيا دوليا تحقيق اهدافها الحقيقية خارج الأهداف الأساسية التي كلفت بها ؟ هذا الأمر الذي أشك فيه بقناعة وإن – كنت أرى – بأنه سيتم معالجة ذلك وفق خطة بومبيو شبه المنجزة وان كانت لا تزال مطروحة للنقاش بين دول وأطراف عديدة نافذة في انتظار وقتها المناسب للتطبيق العملي . وعليه هنا لابد لنا وفق هذه القاعدة المنتجة من العودة الى بنيان حركتنا السياسة وركيزتها البينية التي تأسست على أرضية عكسية ومنحازة ففي حال وجود خلاف كردي / كردي يتوجب وقف اي شكل من الصراع مع العدو الحقيقي – والقصد هنا كل الجماعات والكتل السياسية المتنكرة لقضية شعبنا وحقوقه القومية المشروعة – ويبدأ الصراع في حلقات دموية تستهدف الغاء واحدنا للآخر تماما ، وذلك كبديل في الإرتكاز على هكذا ترهات والإرتقاء بنضالية الحركة السياسية / ؟! / الكوردية لجاذبية معرفية حقيقية إن في الطرح والتعبير رقيا الى بلورة موقف نابض وقوي على عكس ما يمارس ، والتوجه بأخذ منحى الزوبعة تفريغا للمطلوب فعله وتسخيرا لغايات ما ارتقت مطلقا ويستحيل ان ترتقي لتعريفية حقيقية سواء ما يفيد نطاقية محددة فيطلقوا كما يشاؤون من توصيفات بحق الشعب الكوردي وقضيته لأن القضية الكوردية اسمى بشعبه أن يسيء اليها كلمات او تصريحات اناس مهما بلغت بهم براعتهم في إطلاق الشعارات التلميعية المقرفة .. وهنا : أوليست حالة النكران وعدم الإقرار والإعتراف بالقضية القومية هي النقطة الجامعة لهم ؟! أم أننا مختلفون على آلية وأسلوب النكران ؟ كالرفض بنعومة مثلا ؟ أو الإنكار بزعيق أو نفي مع شتيمة ؟ .
وبالمختصر : وكما يقول المثل الشعبي – الماء تكذب الغطاس – والأحداث بمجرياتها الواقعية تزيح القناع جبرا عن خطل وتخبص مواربي الحقيقة ، والوجع عمره ما عالجه مسكن للألم بقدر ما يخدره ، والمصيبة هنا تتجسد في إن بعضهم وبرغائبية عجيبة يرقصون على المتناقضات كهزاز يتمايلون مع الموجات المختلفة التي تبتلعهم ، وذلك في تقليد سواء لإنجاز أو نصر مزعوم لزوم بروباغندا فخمة قد تبدو كما أوسمتها المنتجة والتي قد تقلد بها بعض من مراييعها ! ومع كل هذا يبقى هناك ذلك الأمر المستغرب ذاته وهو : الإصرار بتوصيف ذلك على أنه نبوءة تحقق إلإنجاز العظيم والذي هو غيره النصر لأن ثقافة النصر هي صفة جمعية . هذا المنطق الذي يتجاهل ازدواجية البروباغندا كسلاح أوله مهدئ ساكن والثاني طاقة بنيوية مدمرة كما الماء التي تحمل جينة الحياة وكذلك الطاقة التدميرية العنيفة لها ، والمصيبة أنهم مدركون تماما لماهية البروباغندا بنمطه الفكري المزدوج : حيث يبتدئ بتنويم الوعي وتوليفها مخيالا و .. الإنشراح والتمدد زهوا مبهرجا وقتيا ويبقى الأهم فيه ، هي تلك البصمة التي تتوثق عبر ظاهرة الانفصام عن الواقع كما توفير وتهيئة مبررات الحالة تلك : مخيال مخدر وبأريحية المواقف وخلطها بحيثيات هوليودية وبوليودية وخلق زاوية او توجه ترمى عليها كل النكسات .